تجهيزات عسكرية وألبسة مزيفة تباع للعامة في بغداد

ضابط أمني يطالب برقابة عليها حفاظًا على الأمن

جانب من أحد المحلات التي تبيع المستلزمات والبدل العسكرية للعامة في بغداد («الشرق الأوسط»)
جانب من أحد المحلات التي تبيع المستلزمات والبدل العسكرية للعامة في بغداد («الشرق الأوسط»)
TT

تجهيزات عسكرية وألبسة مزيفة تباع للعامة في بغداد

جانب من أحد المحلات التي تبيع المستلزمات والبدل العسكرية للعامة في بغداد («الشرق الأوسط»)
جانب من أحد المحلات التي تبيع المستلزمات والبدل العسكرية للعامة في بغداد («الشرق الأوسط»)

لم تعد التنظيمات المتطرفة بحاجة لجهد للبحث عن محال تقدم لهم بدلا عسكرية وشارات رسمية لاستخدامها في عملياتهم الإجرامية، بل إنك لا تحتاج لإذن لتفصيل زي عسكري رسمي بالشارات التي تريد إذا ذهبت إلى حي علاوي الحلة، بجانب الكرخ وجانب الرصافة من بغداد العراق، فمحال التجهيزات العسكرية والألبسة المزيفة تحاصرك من كل مكان، دون رقيب أو ضوابط تنظم بيع هذه المستلزمات.
«الشرق الأوسط» تجولت في منطقة «علاوي الحلة»، فهناك سوق كبيرة تمتد على مساحة واسعة تقابل الجدار الخارجي للمتحف العراقي، وتتوزع المحلات في أفرع ومداخل ومخارج هذه السوق التي تتعلق في واجهاتها بدلات ورتب وأحذية عسكرية لصنوف القوات المسلحة العراقية وبقية الفصائل المسلحة، بل إن غالبيتهم يضعون لافتات تقول: «لدينا كل الملابس والرتب العسكرية» أو «مستعدون لخياطة كل البدلات العسكرية»، وبإمكان أي شخص أن يشتري ما يشاء من هذه البدل والرتب وبما يكفي لأن يكوّن فصيلا عسكريا كاملا سواء من الجيش العراقي أو بقية الفصائل فالمهم أن «تدفع المال وتشتري ما تريد» حسب إيضاح (أبو لؤي)، الذي تجاوز الخمسين من عمره، صاحب أحد هذه المحلات في سوق «علاوي الحلة».
أصحاب هذه المحلات لم يعترضوا على التصوير أو الإجابة على أسئلتنا طالما أنهم لا يظهرون في الصور أو أن يعطوا أسماءهم الصريحة، ذلك أن في بغداد هناك حساسية من الكاميرا أو الإدلاء بالاسم الصريح، خشية «من المساءلة القانونية التي قد تنتج عن الإدلاء بالمعلومات»، أو نشر هذه الصور والمعلومات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا «فيسبوك»، حسب ما قاله أبو لؤي والذي لا يجد أية ممانعة في نشر الصور والمعلومات في الصحافة «فهذه دعاية جيدة لتجارتنا»، مشيرًا إلى أن «تجارتنا تشبه أية تجارة للملابس الرجالية والفرق هنا هو أننا نبيع الملابس والمستلزمات العسكرية بينما بقية محلات بيع الملابس الرجالية تبيع موديلات مختلفة»، منبها إلى أن البدلات العسكرية أصبحت اليوم إحدى صيحات الموضة ويفضلها كثير من الشباب والشابات.
وعن أسعار الملابس العسكرية، يقول: «تختلف الملابس حسب منشأها وأهميتها، فهناك قطع بعشرة آلاف دينار عراقي (نحو 8 دولارات أميركية)، وتصل إلى 50 ألف دينار (ما يقارب 30 دولار). أما مصدر هذه الملابس والمستلزمات، فيوضح عداي فاخر، صاحب أحد المحلات قائلا: «يجهزنا بهذه الملابس والمستلزمات العسكرية، مثل الشارات والرتب والأحذية والنظارات الشمسية تجار كبار، حالهم حال تجار الملابس الرجالية أو النسائية، وهناك مصادر تصنيع واستيراد مختلفة مثل الصين وتركيا والهند، إضافة إلى مصادر خاصة لا أستطيع ذكرها هنا، وهناك بدلات وبعض الشارات العسكرية أو التي تخص (عصائب أهل الحق) أو (الحشد الشعبي) أو كتائب (حزب الله) أو كتائب (السلام)، فهذه محلية يتم إنتاجها من قبل معامل موجودة هنا ببغداد»، مشيرًا إلى أن «هناك من يفضل أحجامًا وموديلات وأقمشة خاصة وهذه تتم خياطتها هنا في السوق وحسب الطلب ولكن بأسعار أعلى».
لكن هل يحتاج هؤلاء إلى تراخيص أمنية للتجارة أو البيع؟ يقول عداي فاخر: «لا.. لا نحتاج إلى أي موافقات أو رخص أمنية، منذ متى كان بيع الملابس بحاجة إلى ترخيص أمني؟ ثم إن مهنتنا هذه قديمة ووالدي وعمي كانا يعملان في نفس هذا المحل، وهذه السوق مشهورة منذ سنوات طويلة ببيع الملابس العسكرية، بل كان هنا الخياطون الذين يخيطون البدلات العسكرية منتشرين في هذه السوق، واليوم عددهم أصبح أقل بكثير من السابق كون الملابس تصل من الخارج أكثر متانة وأناقة وأرخص سعرا من خياطتها».
ويضيف فاخر قائلا: «في عهد النظام السابق كان التجنيد إلزاميًا وكان الجيش يجهز الجنود والضباط ببدلاتهم ومستلزماتهم ورتبهم العسكرية مجانا، خاصة خلال سنوات الحرب العراقية الإيرانية (1980 _ 1988)، وكان هناك غالبية من الضباط أو الجنود يفضلون شراء أو خياطة بدلات خاصة بهم كملابس إضافية أو لأغراض التباهي بها، ولم يكن أي شخص يجرؤ على ارتداء بدلة عسكرية ويحمل رتبة ضابط إذا لم يكن بالفعل هو ضابط بالجيش العراقي ويحمل الرتبة ذاتها، كما أننا كنا نطلب، عندما نشك في الشخص الذي يريد شراء رتبة عسكرية، إبراز هويته العسكرية لنتأكد من الرتبة، وكان هناك تقليد اجتماعي هو أن يهدي صديق أو أب رتبة عسكرية نحاسية مذهبة لصديقه أو ابنه عندما تتم ترقية هذا الضابط أو ذاك، وكان ذلك يتم مرتين في السنة، في 14 يوليو (تموز) الذي كان يعد اليوم الوطني في العراق، و6 يناير (كانون الثاني) بمناسبة عيد الجيش العراقي، حيث تصدر جداول ترقية الضباط وبعد 2003 انتشرت محلات بيع الملابس العسكرية وشاعت الملابس والمستلزمات الخاصة بالقوات الأميركية وصرنا نتاجر بها دون أي ممانعة من أية جهة كانت».
ويرى ضابط في الجيش العراقي أن ظاهرة بيع الملابس والمستلزمات والشارات والرتب العسكرية بهذه الطريقة «السائبة» ودون رقيب أو تراخيص أمنية سواء من قبل وزارة الدفاع أو وزارة الداخلية يشكل ظاهرة خطيرة وتستحق الوقوف عندها حفاظًا على سمعة الجيش العراقي والأجهزة الأمنية وكذلك على الوضع الأمني في البلد.
ويقول المقدم حسن راهي، الضابط في إحدى دوائر وزارة الدفاع العراقية لـ«الشرق الأوسط»: «كان بيع الملابس والرتب والشارات والمستلزمات العسكرية في عهد النظام السابق يخضع لرقابة صارمة من قبل الاستخبارات العسكرية والانضباط العسكري، كما أن هذا الموضوع برمته كان من اختصاص حوانيت الجيش التابعة لوزارة الدفاع والتي كانت تنتشر في عموم العراق، وهي عبارة عن أسواق كبيرة تبيع كل المستلزمات الحياتية بأسعار مخفضة للضباط والمراتب، كما أن هذه الحوانيت كانت متوفرة في جميع الوحدات العسكرية». مضيفًا: «اليوم صار بإمكان أي شخص أو مجموعة تكوين فصيل مزيف من أي صنف في الجيش العراقي، أو انتحل صفة ضابط بأية رتبة أو ادعاء الانتماء لأي فصيل مسلح مثل الحشد الشعبي أو بقية الفصائل وتنفيذ عمليات خطف أو اغتيال أو سرقة أو عمليات إرهابية، خاصة وأن موضوع تزييف الوثائق الرسمية صار شائعا، للأسف، في عموم العراق، أي أن أي شخص يستطيع الحصول على هوية ضابط أو هويات ووثائق تؤيد الانتماء للجيش أو الشرطة أو الحشد الشعبي والمرور من خلال نقاط التفتيش بواسطة سيارات رباعية الدفع».
ويطالب المقدم راهي، الجهات المختصة في وزارتي الدفاع والداخلية بفرض رقابة مشددة ومنح تراخيص لأصحاب محلات بيع المستلزمات العسكرية ومراقبتها «وأن لا يترك الحبل على الغارب، حفاظًا على أمن المواطنين».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.