مقتل زهران علوش بغارة روسية رسالة برفض القيادات العسكرية على طاولة المفاوضات

استهدفت اجتماعًا سريًا لـ«جيش الإسلام» غداة قصف قيادات «أحرار الشام» في الغوطة

سكان في مدينة حلب يتفحصون الدمار الذي لحق بمنازلهم بعد استهداف الموقع بغارة من طيران النظام (رويترز)
سكان في مدينة حلب يتفحصون الدمار الذي لحق بمنازلهم بعد استهداف الموقع بغارة من طيران النظام (رويترز)
TT

مقتل زهران علوش بغارة روسية رسالة برفض القيادات العسكرية على طاولة المفاوضات

سكان في مدينة حلب يتفحصون الدمار الذي لحق بمنازلهم بعد استهداف الموقع بغارة من طيران النظام (رويترز)
سكان في مدينة حلب يتفحصون الدمار الذي لحق بمنازلهم بعد استهداف الموقع بغارة من طيران النظام (رويترز)

قتل زعيم «جيش الإسلام» في الغوطة الشرقية لدمشق زهران علوش ومساعده وعدد من قيادات التنظيم، في غارات جوية، قال ناشطون إنها روسية، واستهدفت اجتماعًا للتنظيم الذي يعد الأقوى في محيط العاصمة السورية، وهو ما اعتبرته المعارضة السورية «ردًا على اجتماع المعارضة في الرياض»، و«اغتيالاً روسيًا لجنيف3 -، وإطلاق رصاصة الرحمة على جهود الأمم المتحدة لاستئناف التسوية السياسية» في البلاد.
من جانبه أكد محمد علوش، عضو المكتب السياسي في {جيش الإسلام}، وأحد القيادات التي شاركت في اجتماع المعارضة الموسعة في الرياض، خبر مقتل زهران علوش قائد {جيش الإسلام} بغارة روسية في الغوطة الشرقية.
وبدت ملامح الحزن والأسى عليه خلال اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»، وقال «لا نزال في هول الصدمة.. هناك سيصدر بيان رسمي من (جيش الإسلام) يؤكد هذه الحادثة خلال الساعات المقبلة».
وعن طبيعة توقيت هذا الاستهداف لأحد قيادات {جيش الإسلام} خصوصاً أنه يتزامن مع قرب موعد انطلاق المفاوضات مع النظام السوري، اكتفى محمد علوش بالقول «الاستهداف يوميا.. وأن عددا من مرافقي قائد (جيش الإسلام) توفي ونتحفظ على الأعداد». وذكر علوش أنه تم تحديد قائد جديد للجيش الإسلامي، إلا أنه تحفظ على إشهار اسمه.
وأفاد عضو المكتب السياسي في {جيش الإسلام} بأن هذه الغارة الروسية تأتي تقويضا لنتائج مؤتمر المعارضة السورية الموسعة التي اجتمعت في الرياض، وأن النظام السوري يسعى إلى المماطلة في إيجاد أي حل سياسي للأزمة في البلاد.
وأكد مصدران في المعارضة السورية، أمس، أن مقرا سريا للجماعة التي تمثل أكبر فصيل للمعارضة المسلحة في المنطقة ولديها آلاف المقاتلين «استهدف بطائرات روسية»، مؤكدين مقتل علوش في الغارة. وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان والتلفزيون السوري الرسمي، مقتل علوش، كما أكد رئيس الائتلاف السوري المعارض خالد خوجة مقتله في تغريدة له في حسابه في «تويتر». ونقل المرصد عن «مصادر قيادية» في «جيش الإسلام»، أن علوش قتل مع خمس من قيادات التنظيم «جراء قصف من قبل طائرة حربية بضربات جوية عنيفة استهدفت اجتماعا لهم بغوطة دمشق الشرقية». هذا، وقال مصدر عسكري معارض في الغوطة الشرقية لـ«الشرق الأوسط»، إن مساعد علوش المعروف بـ«الزئبق»، قتل في الغارة نفسها، نافيًا مقتل إسلام علوش المتحدث باسم جيش الإسلام، «الذي كان بعيدًا من موقع الغارة». كما تحدث ناشطون عن مقتل حمزة بيرقدار، الناطق في «جيش الإسلام» في الغارة نفسها.
وعلوش، على خلاف فكري مع تنظيمي «داعش» و«القاعدة»، وتبنى توجهًا إسلاميًا أكثر اعتدالاً. وخاض التنظيم، خلال الأشهر الماضية، معارك عنيفة ضد تنظيم داعش في الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي، إلى جانب مشاركة فصيله في معارك ضد القوات الحكومية في الغوطة الشرقية. وتبنى «جيش الإسلام» العام الماضي، إطلاق صواريخ وقذائف هاون ضد مواقع قال إنها «مقرات أمنية وعسكرية» في العاصمة السورية، في حين قال الإعلام الرسمي السوري إنها استهدفت مواقع سكنها مدنيون في العاصمة. ويعتبر «جيش الإسلام»، الذي يضم آلاف المقاتلين المدربين، أكبر فصيل مسلح وينظر إليه باعتباره الأكثر تنظيما ويتولى بالفعل إدارة الغوطة الشرقية. يتحدث ناشطون عن أن عدد المقاتلين المنظمين في صفوف التنظيم، يناهز الـ12 ألف مقاتل، بينها يوجد في الغوطة مناصرون لجيش الإسلام، قادرون على حمل السلاح، يناهز عددهم الـ40 ألف مقاتل.
ويقاتل التنظيم بقيادة علوش، منذ ثلاث سنوات، في الغوطة الشرقية، ضد القوات النظامية التي تحاصر الغوطة وعاصمتها دوما. وخاض معارك، كان أبرزها التقدم على محور حرستا وضاحية الأسد أوائل الخريف الحالي، في وقت تزايدت فبه الانتقادات لجيشه من قبل فصائل متشددة مثل «جبهة النصرة» خلال الشهر الماضي، على خلفيات ميدانية.
وأكد القيادي السوري المعارض أمجد فرخ، الذي تربطه علاقة شخصية بزهران علوش وعائلته وقيادات «جيش الإسلام»، أن موضوع الاغتيالات «ليس أمرا جديدا ولن يؤثر كثيرا على مسار الحركة وعملها، رغم أن علوش يتمتع بشخصية كاريزماتية استثنائية في المشهد السوري، وقد خسرنا عمودًا من أعمدة الثورة السورية»، مضيفًا: «من معرفتي الشخصية بقيادات جيش الإسلام، هم أصلب مما يعرفه الناس، وخلف علوش هناك قيادات قوية وستمسك زمام الأمور وتتابع العمل».
ويأتي استهداف علوش الذي كان فصيله أبرز المشاركين في مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، بالتزامن مع جهود تُعقد لحل الأزمة السورية سلميًا.
ولا يعزل فرخ استهداف علوش، عن المساعي الآيلة للتوصل إلى حل سياسي في سوريا، معتبرًا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن استهداف علوش «أتي في سياق الرد الروسي المباشر على مؤتمر الرياض» للمعارضة السورية. وأوضح أن «الروس يبعثون برسالة بأنه لا يمكن الجلوس إلى طاولة المفاوضات بشكل مباشر مع القيادات العسكرية، وأنه لا مجال للعودة إلى التفاوض والحل السلمي إلا بعد سحق قيادات المعارضة»، مستدلاً أيضًا إلى استهداف «قادة حركة أحرار الشام في ريف دمشق أول من أمس، وبينهم مشاركون في مؤتمر الرياض»، حيث أسفرت الغارات الجوية عن مقتل جميع المرافقين لقيادة «أحرار الشام»، وإصابة معظم قيادات الحركة إصابات طفيفة. ورأى فرخ أن القرار الدولي 2254 الذي يدعو لوقف إطلاق نار بين الفصائل السورية المتحاربة «ردت عليه روسيا والنظام بتنفيذ خطة لإقصاء جميع الفصائل حول العاصمة»، مشيرًا إلى أن النظام «حاول منذ بداية الأزمة زرع صورة في أذهان المجتمع الدولي بأن الصراع بين الحكومة وإرهابيين، ويحاول إثبات هذا الأمر عبر استهداف الفصائل وقادتها، رغم أن تنظيم داعش يمتد على مئات الكيلومترات، وقلما يتم استهدافه».
وقال فرخ: «الواضح أن محاولات الاستهداف لن تقف عند العسكريين، بل ستطال الناشطين والسياسيين والفاعلين في منظمات المجتمع المدني المعارضة، ذلك أن التدخل الروسي يعتمد على مبدأ الأرض المحروقة والتصفيات الجسدية والإقصاء السياسي»، مشيرًا إلى أن هذه المعادلة «لا يغيب عنها مشهد استخدام النظام للسلاح الكيميائي في معضمية الشام خلال الأسبوع الماضي». وقال: «الواضح أن النظام لا يرغب في أي نوع من التفاوض إلا بعد السيطرة على دمشق ومحيطها، والواضح أيضًا أن الروس حازوا على ضوء أخضر دولي أميركي أو أوروبي لتصفية قيادات المعارضة التي ستجبر النظام على التفاوض».
بدوره، قال عضو الائتلاف السوري أحمد رمضان، «بقراره تصفية علوش، كان واضحًا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرر (اغتيال) جنيف3. وإطلاق رصاصة الرحمة على جهود الأمم المتحدة لاستئناف التسوية السياسية في سوري»، مشيرًا إلى أن علوش وقع على تفاهم الرياض بين قوى الثورة والمعارضة السورية، و«بالتالي فهو ملتزم بالحلِ السياسي، ويعتبر الفصيل الأكثر أهمية في التصدي لتنظيم الدولة».
ورأى أن رسائل بوتين من عملية الاغتيال تتمثل في «تصفية القوى العسكرية التي أيدت الحل السياسي؛ وحضرت مؤتمر الرياض، وهي خدمة كبيرة لرافضي التسوية تكشف نوايا الغزو الروسي الفعلية»، فضلاً عن «تمكين تنظيم الدولة، باستئصال القوى التي تتصدى فعليًا له، بالتزامن مع رعاية روسية لتفاهم يجري الحديث عنه بين نظام الأسد وتنظيم داعش في منطقة اليرموك والحجر الأسود»، إضافة إلى «ترحيل مفاوضات جنيف3 حتى إشعار آخر، أو إنهائها، ودفع الوضع في سوريا إلى مزيد من التصعيد».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.