السعودية تتأهب لإعلان موازنة 2016.. وسط تقارب متوقع بين «التقديرية» و«الفعلية»

ملامح جديدة لإعادة بلورة اقتصاد البلاد وجودة تنفيذ المشاريع

اعتمدت الميزانية السعودية خلال السنوات الماضية في إنفاقها بنسبة 90 إلى 93 في المائة على إيرادات «النفط» (أ.ف.ب)
اعتمدت الميزانية السعودية خلال السنوات الماضية في إنفاقها بنسبة 90 إلى 93 في المائة على إيرادات «النفط» (أ.ف.ب)
TT

السعودية تتأهب لإعلان موازنة 2016.. وسط تقارب متوقع بين «التقديرية» و«الفعلية»

اعتمدت الميزانية السعودية خلال السنوات الماضية في إنفاقها بنسبة 90 إلى 93 في المائة على إيرادات «النفط» (أ.ف.ب)
اعتمدت الميزانية السعودية خلال السنوات الماضية في إنفاقها بنسبة 90 إلى 93 في المائة على إيرادات «النفط» (أ.ف.ب)

تتأهب السعودية للإعلان بشكل رسمي هذا الأسبوع، عن الميزانية العامة للدولة في عامها 2015، وموازنتها التقديرية في العام 2016. وسط ملامح جديدة تشير إلى أن السعودية لن تخفض معدلات الإنفاق بشكل ملحوظ عن السنوات الماضية، إلا أنها ستمضي قدمًا في توجيه الإنفاق الجديد للمشاريع الأكثر احتياجًا، وسط رغبة جادة في الالتزام بأعلى معدلات الجودة في تنفيذ هذه المشاريع.
ويأتي قرار السعودية بإنشاء هيئة مختصة بقطاع المقاولات، وأخرى تعنى بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وثالثة تهتم بالجانب الإحصائي، في خطوات اقتصادية هامة تدل على أن السعودية تسعى بشكل جاد إلى تنويع قاعدة الاقتصاد من جهة، والاستفادة من الإنفاق العام من جهة أخرى، من خلال مشاريع ذات جدوى، تساهم في رفع معدلات التنمية للبلاد.
وعلى الرغم من أن السنوات القليلة الماضية شهدت معدلات الموازنة التقديرية للسعودية فارقًا ملحوظًا عن المصروفات الفعلية، فإن العام 2016 من المتوقع أن يكون العام المالي الأكثر تقاربا بين الموازنة التقديرية والمصروفات الفعلية، يأتي ذلك في وقت يعمل فيه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية على بلورة خطط التنمية، وإعادة هيكلة الاقتصاد، عبر خطوات أكثر فاعلية ودقة.
وفي الأعوام الثلاثة الماضية، شهدت المصروفات الفعلية بالمقارنة مع الموازنة التقديرية اختلافات كبيرة، ففي العام 2012 بلغ حجم الموازنة التقديرية 690 مليار ريال (184 مليار دولار)، إلا أن المصروفات الفعلية لذات العام بلغت 873 مليار ريال (232.8 مليار دولار)، باختلاف تبلغ نسبته نحو 26.5 في المائة.
وبحسب إحصاءات الأعوام الثلاثة الماضية أيضًا، فقد بلغ حجم الموازنة التقديرية للعام المالي 2013 نحو 820 مليار ريال (218.6 مليار دولار)، إلا أن المصروفات الفعلية لذات العام بلغت 976 مليار ريال (260.2 مليار دولار)، باختلاف تبلغ نسبته نحو 19 في المائة.
وفي العام 2014. بلغ حجم الموازنة التقديرية للسعودية نحو 855 مليار ريال (228 مليار دولار)، إلا أن المصروفات الفعلية لذات العام بلغت 1.1 تريليون ريال (293.3 مليار دولار)، باختلاف تبلغ نسبته نحو 29.8 في المائة، في أعلى مستوى اختلاف بين الموازنة التقديرية والمصروفات الفعلية.
وأمام هذه الأرقام، خصصت السعودية للعام المالي الحالي 2015 نحو 860 مليار ريال (229.3 مليار دولار) في موازنتها التقديرية، إلا أن المصروفات الفعلية من المتوقع أن تتجاوز حاجز التريليون ريال (266.6 مليار دولار)، فيما من المنتظر أن تشهد موازنة هذا العام عجزًا ماليًا يتجاوز حاجز الـ400 مليار ريال (106.6 مليار دولار)، عقب تراجع متوسط أسعار النفط إلى مستوى الـ51 دولارًا.
ولأول مرة منذ عام 2011 جرى إقرار الميزانية وسط توقعات بأن تسجل عجزا، وذلك بناء على حجم إيرادات يبلغ 715 مليار ريال (190.6 مليار دولار)، ومصروفات تبلغ 860 مليار ريال (229.3 مليار دولار) في العام المالي الحالي 2015. إلا أن حجم الإيرادات الفعلية من المتوقع أن يكون دون مستوى 630 مليار ريال (168 مليار دولار)، بسبب تراجع أسعار النفط.
وفي ضوء ذلك، توقع الدكتور فهد بن جمعة عضو مجلس الشورى السعودي خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن لا يكون هنالك خفض ملحوظ لموازنة 2016 التقديرية، عما كانت عليه في السنوات القليلة الماضية، مبينًا أن الحفاظ على الرتم العالي من الإنفاق يساهم في دعم معدلات نمو الاقتصاد، والمحافظة بالتالي على مسيرة التنمية في البلاد.
وتأتي هذه التطورات، بعد أن أظهرت الميزانية العامة للسعودية في العام 2015 أرقاما تاريخية جديدة تتمثل في ارتفاع معدلات الإنفاق الفعلية فوق مستويات التريليون ريال خلال عام 2014، فيما رصدت البلاد نحو 860 مليار ريال (229.3 مليار دولار) للعام 2015، مسجلة بذلك معدلات إنفاق متزايدة.
وفي ضوء هذه التطورات، تسعى السعودية خلال الفترة الحالية إلى تقليل معدلات الاعتماد على إيرادات النفط، من خلال زيادة مساهمة القطاع الخاص في تحقيق معدلات نمو أكبر لاقتصاد البلاد، بالإضافة إلى رفع مساهمة الإيرادات المالية الأخرى خلال الفترة المقبلة.
واعتمدت الميزانية السعودية خلال السنوات الماضية في إنفاقها بنسبة 90 إلى 93 في المائة على إيرادات «النفط»، إلا أن نسبة الاعتماد هذه من المتوقع أن تنخفض إلى مستويات أقل من 90 في المائة خلال ميزانية 2015 الفعلية، في تطور جديد يعكس مدى حرص السعودية على تنويع قنوات الإيرادات المالية للبلاد.
ويعد تنويع مصادر الدخل خطوة استراتيجية تسعى السعودية إلى إتمامها خلال السنوات القليلة المقبلة، خصوصا أن تقلبات أسعار النفط باتت تشكل هاجسا كبيرا لكثير من دول العالم خلال الفترة الحالية، وهو الهاجس الذي نجحت السعودية في تجاوزه بفضل السياسة المالية المتحفظة التي كانت تنتهجها.
يشار إلى أن السعودية تعد في الوقت الراهن من أكثر دول العالم إنفاقا على ملفات التعليم، والرعاية الصحية، ومشروعات البنية التحتية، إضافة إلى إنفاقها الضخم على ملف «الإسكان».



الشركات البريطانية تخفض التوظيف بأكبر وتيرة منذ الجائحة بسبب الضرائب

حي كناري وارف المالي في لندن (رويترز)
حي كناري وارف المالي في لندن (رويترز)
TT

الشركات البريطانية تخفض التوظيف بأكبر وتيرة منذ الجائحة بسبب الضرائب

حي كناري وارف المالي في لندن (رويترز)
حي كناري وارف المالي في لندن (رويترز)

خفضت الشركات البريطانية أعداد موظفيها بأكبر وتيرة منذ جائحة «كوفيد - 19»، وسجلت أدنى مستوى من الثقة منذ فترات الإغلاق، وفقاً لنتائج مسحين ألقيا باللوم بشكل رئيس على الزيادات الضريبية التي فرضتها الحكومة الجديدة.

وأظهرت البيانات الصادرة عن مؤشر مديري المشتريات العالمي الأولي لشهر ديسمبر (كانون الأول)، إلى جانب استطلاع ربع سنوي أجرته هيئة التصنيع «ميك يو كيه»، مزيداً من الإشارات على تباطؤ الاقتصاد المرتبط بموازنة وزيرة المالية، راشيل ريفز، التي أُعلنت في 30 أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

وبالإضافة إلى الامتناع عن استبدال الموظفين الذين غادروا، قامت بعض الشركات بتقليص ساعات العمل، واستكمال عمليات إعادة الهيكلة المخطط لها مسبقاً. وباستثناء الوباء، يعد هذا أكبر انخفاض في التوظيف منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2009.

ورغم تراجع التوظيف، ارتفع مقياس مؤشر مديري المشتريات للأسعار التي تفرضها الشركات، مما قد يثير قلق لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا، التي تراقب تأثير زيادات مساهمات الضمان الاجتماعي على أرباب العمل. وعقب نشر البيانات، شهد الجنيه الإسترليني زيادة مؤقتة، حيث ركز المستثمرون على الضغوط السعرية التي وردت في التقرير.

وقال توماس بوغ، الخبير الاقتصادي في شركة المحاسبة «آر إس إم يو كيه»: «تواجه لجنة السياسة النقدية الآن معادلة صعبة بين النمو البطيء وارتفاع التضخم، مما سيضطرها إلى خفض أسعار الفائدة بشكل تدريجي العام المقبل». وأضاف: «من غير المرجح أن يقدم بنك إنجلترا هدية عيد الميلاد المبكرة هذا الأسبوع»، في إشارة إلى قرار البنك بشأن أسعار الفائدة لشهر ديسمبر، الذي يُتوقع أن يبقي تكاليف الاقتراض ثابتة.

واستقر مؤشر مديري المشتريات الرئيس عند 50.5 متجاوزاً بقليل مستوى الـ50 الذي يشير إلى الاستقرار، لكنه جاء أقل من توقعات الخبراء التي كانت تشير إلى ارتفاعه إلى 50.7.

وفيما يتعلق بالقطاعات، انخفض نشاط التصنيع إلى أدنى مستوى له في 11 شهراً، رغم تحسن قطاع الخدمات. ومع ذلك، تراجعت معدلات التوظيف في كلا القطاعين بأكبر قدر منذ يناير (كانون الثاني) 2021، وفي المقابل، شهدت الأسعار التي تفرضها الشركات أكبر زيادة خلال تسعة أشهر، مدفوعة بارتفاع تكاليف المدخلات، بما في ذلك الأجور.

وقال كريس ويليامسون، كبير الخبراء الاقتصاديين في «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركتس إنتليجنس»: «لقد فقد الاقتصاد الزخم الذي شهده في وقت سابق من العام، حيث استجابت الشركات والأسر بشكل سلبي لسياسات حكومة حزب (العمال) المتشائمة».

من جانب آخر، أظهرت مسوحات «ميك يو كيه» انخفاضاً أشد في الثقة بين الشركات المصنعة منذ بداية الجائحة، حيث قال فاهين خان، كبير خبراء الاقتصاد في «ميك يو كيه»: «بعد مواجهة الارتفاع المستمر في التكاليف طوال العام، يواجه المصنعون الآن أزمة حقيقية في التكاليف».

بالإضافة إلى زيادة قدرها 25 مليار جنيه إسترليني (32 مليار دولار) في مساهمات الضمان الاجتماعي التي فرضها أصحاب العمل وفقاً لموازنة ريفز، من المقرر أن يرتفع الحد الأدنى للأجور في بريطانيا بحلول أبريل (نيسان) بنسبة 7 في المائة.

وأظهرت استطلاعات حديثة أيضاً انخفاضاً في نيات التوظيف من قبل أصحاب العمل، في حين أظهرت البيانات الرسمية الأسبوع الماضي انكماش الاقتصاد البريطاني في شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ عام 2020.