تتأهب السعودية للإعلان بشكل رسمي هذا الأسبوع، عن الميزانية العامة للدولة في عامها 2015، وموازنتها التقديرية في العام 2016. وسط ملامح جديدة تشير إلى أن السعودية لن تخفض معدلات الإنفاق بشكل ملحوظ عن السنوات الماضية، إلا أنها ستمضي قدمًا في توجيه الإنفاق الجديد للمشاريع الأكثر احتياجًا، وسط رغبة جادة في الالتزام بأعلى معدلات الجودة في تنفيذ هذه المشاريع.
ويأتي قرار السعودية بإنشاء هيئة مختصة بقطاع المقاولات، وأخرى تعنى بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وثالثة تهتم بالجانب الإحصائي، في خطوات اقتصادية هامة تدل على أن السعودية تسعى بشكل جاد إلى تنويع قاعدة الاقتصاد من جهة، والاستفادة من الإنفاق العام من جهة أخرى، من خلال مشاريع ذات جدوى، تساهم في رفع معدلات التنمية للبلاد.
وعلى الرغم من أن السنوات القليلة الماضية شهدت معدلات الموازنة التقديرية للسعودية فارقًا ملحوظًا عن المصروفات الفعلية، فإن العام 2016 من المتوقع أن يكون العام المالي الأكثر تقاربا بين الموازنة التقديرية والمصروفات الفعلية، يأتي ذلك في وقت يعمل فيه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية على بلورة خطط التنمية، وإعادة هيكلة الاقتصاد، عبر خطوات أكثر فاعلية ودقة.
وفي الأعوام الثلاثة الماضية، شهدت المصروفات الفعلية بالمقارنة مع الموازنة التقديرية اختلافات كبيرة، ففي العام 2012 بلغ حجم الموازنة التقديرية 690 مليار ريال (184 مليار دولار)، إلا أن المصروفات الفعلية لذات العام بلغت 873 مليار ريال (232.8 مليار دولار)، باختلاف تبلغ نسبته نحو 26.5 في المائة.
وبحسب إحصاءات الأعوام الثلاثة الماضية أيضًا، فقد بلغ حجم الموازنة التقديرية للعام المالي 2013 نحو 820 مليار ريال (218.6 مليار دولار)، إلا أن المصروفات الفعلية لذات العام بلغت 976 مليار ريال (260.2 مليار دولار)، باختلاف تبلغ نسبته نحو 19 في المائة.
وفي العام 2014. بلغ حجم الموازنة التقديرية للسعودية نحو 855 مليار ريال (228 مليار دولار)، إلا أن المصروفات الفعلية لذات العام بلغت 1.1 تريليون ريال (293.3 مليار دولار)، باختلاف تبلغ نسبته نحو 29.8 في المائة، في أعلى مستوى اختلاف بين الموازنة التقديرية والمصروفات الفعلية.
وأمام هذه الأرقام، خصصت السعودية للعام المالي الحالي 2015 نحو 860 مليار ريال (229.3 مليار دولار) في موازنتها التقديرية، إلا أن المصروفات الفعلية من المتوقع أن تتجاوز حاجز التريليون ريال (266.6 مليار دولار)، فيما من المنتظر أن تشهد موازنة هذا العام عجزًا ماليًا يتجاوز حاجز الـ400 مليار ريال (106.6 مليار دولار)، عقب تراجع متوسط أسعار النفط إلى مستوى الـ51 دولارًا.
ولأول مرة منذ عام 2011 جرى إقرار الميزانية وسط توقعات بأن تسجل عجزا، وذلك بناء على حجم إيرادات يبلغ 715 مليار ريال (190.6 مليار دولار)، ومصروفات تبلغ 860 مليار ريال (229.3 مليار دولار) في العام المالي الحالي 2015. إلا أن حجم الإيرادات الفعلية من المتوقع أن يكون دون مستوى 630 مليار ريال (168 مليار دولار)، بسبب تراجع أسعار النفط.
وفي ضوء ذلك، توقع الدكتور فهد بن جمعة عضو مجلس الشورى السعودي خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن لا يكون هنالك خفض ملحوظ لموازنة 2016 التقديرية، عما كانت عليه في السنوات القليلة الماضية، مبينًا أن الحفاظ على الرتم العالي من الإنفاق يساهم في دعم معدلات نمو الاقتصاد، والمحافظة بالتالي على مسيرة التنمية في البلاد.
وتأتي هذه التطورات، بعد أن أظهرت الميزانية العامة للسعودية في العام 2015 أرقاما تاريخية جديدة تتمثل في ارتفاع معدلات الإنفاق الفعلية فوق مستويات التريليون ريال خلال عام 2014، فيما رصدت البلاد نحو 860 مليار ريال (229.3 مليار دولار) للعام 2015، مسجلة بذلك معدلات إنفاق متزايدة.
وفي ضوء هذه التطورات، تسعى السعودية خلال الفترة الحالية إلى تقليل معدلات الاعتماد على إيرادات النفط، من خلال زيادة مساهمة القطاع الخاص في تحقيق معدلات نمو أكبر لاقتصاد البلاد، بالإضافة إلى رفع مساهمة الإيرادات المالية الأخرى خلال الفترة المقبلة.
واعتمدت الميزانية السعودية خلال السنوات الماضية في إنفاقها بنسبة 90 إلى 93 في المائة على إيرادات «النفط»، إلا أن نسبة الاعتماد هذه من المتوقع أن تنخفض إلى مستويات أقل من 90 في المائة خلال ميزانية 2015 الفعلية، في تطور جديد يعكس مدى حرص السعودية على تنويع قنوات الإيرادات المالية للبلاد.
ويعد تنويع مصادر الدخل خطوة استراتيجية تسعى السعودية إلى إتمامها خلال السنوات القليلة المقبلة، خصوصا أن تقلبات أسعار النفط باتت تشكل هاجسا كبيرا لكثير من دول العالم خلال الفترة الحالية، وهو الهاجس الذي نجحت السعودية في تجاوزه بفضل السياسة المالية المتحفظة التي كانت تنتهجها.
يشار إلى أن السعودية تعد في الوقت الراهن من أكثر دول العالم إنفاقا على ملفات التعليم، والرعاية الصحية، ومشروعات البنية التحتية، إضافة إلى إنفاقها الضخم على ملف «الإسكان».
السعودية تتأهب لإعلان موازنة 2016.. وسط تقارب متوقع بين «التقديرية» و«الفعلية»
ملامح جديدة لإعادة بلورة اقتصاد البلاد وجودة تنفيذ المشاريع
السعودية تتأهب لإعلان موازنة 2016.. وسط تقارب متوقع بين «التقديرية» و«الفعلية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة