بعد العائلة البريطانية.. مسلمون يكشفون عن منعهم من زيارة الولايات المتحدة

مسؤول أميركي لـ {الشرق الأوسط}: الدين ليس معيارًا في تحديد أهلية المسافرين

بعد العائلة البريطانية.. مسلمون يكشفون عن منعهم من زيارة الولايات المتحدة
TT

بعد العائلة البريطانية.. مسلمون يكشفون عن منعهم من زيارة الولايات المتحدة

بعد العائلة البريطانية.. مسلمون يكشفون عن منعهم من زيارة الولايات المتحدة

بعد أن تصدرت قصة العائلة البريطانية المسلمة التي منعت من السفر إلى الولايات المتحدة عناوين الأخبار، خرج مسلمون آخرون من صمتهم وكشفوا أنهم منعوا بدورهم من السفر إلى أميركا دون سبب واضح، معتبرين أن للأمر علاقة بتصريحات المرشح المحتمل للرئاسة الأميركية دونالد ترامب.
وقال الإمام أجمل مسرور، المقيم في بريطانيا، إنه منع من السفر إلى نيويورك الأسبوع الماضي، قبل دقائق من موعد رحلته، لافتا إلى أن ما لا يقل عن 20 حالة أخرى تعرضت لموقف مماثل، وفق ما ذكرته صحيفة «تلغراف» البريطانية. وقال مسرور: «أعلم بوجود 20 حالة أخرى تعرضت لمواقف مماثلة، لكن العائلات تخشى الحديث عن الموضوع». وأوضح مسرور أنه منع من السفر في رحلة عمل إلى نيويورك، رغم سريان تأشيرة العمل الخاصة بدخوله إلى الولايات المتحدة، التي استخدمها بالفعل في رحلة إلى أميركا في وقت سابق من العام الحالي.
أما بالنسبة إلى العائلة البريطانية المسلمة، المكونة من أخوين وأبنائهما الـ9، الذين منعوا من السفر في رحلة إلى ولاية كاليفورنيا الأميركية، فقد ذكر مسؤول في وزارة الأمن الداخلي الأميركية لـ«سي بي إس نيوز» أن أحدهما منع من دخول إسرائيل قبل نحو عامين، معتبرا أن هناك روابط تربطهم بمواقع إلكترونية «إرهابية»، على حد قوله.
وأكد مسؤول أميركي في وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الوسط» أن «الولايات المتحدة ملتزمة بتسهيل سفر الأشخاص المؤهلين، وترحبّ بمسافرين من جل الأديان والجنسيات، والانتماء إلى ديانة معينة لا يعتبر جزءا في تحديد أهلية المسافرين»، مشيرا إلى أن «عدد الزائرين يصل إلى مليون يوميا». ولفت المسؤول إلى أن «الموسم السياسي في أميركا لن يؤثر على معايير الأمن الداخلي، والمسؤولون الأميركيون يحافظون على القيم والقوانين الأميركية»، مشدّدا على أن «دور مكتب الجمارك وحماية الحدود التابع لوزارة الأمن الوطني لا يقتصر على تطبيق قانون الهجرة والجمارك فحسب، وإنما أكثر من 400 قانون باسم 40 جهة رسمية أخرى».
من جهتها، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين في وزارة الأمن الوطني أن «أي مسافر إلى الولايات المتحدة لا يمكن أن يمنع بسبب الدين، أو العرق، أو الجنس، أو الجنسية، أو الميول الجنسية»، مشيرين إلى أن قانون تأشيرات الدخول يحتوي على أكثر من 60 عاملا يتسبب في المنع، تشمل: الأوبئة، والسوابق الجنائية، والاعتمادات المالية، وتزوير الوثائق. كما أكدت مصادر مطلعة لمواقع إخبارية أميركية أن ما حدث للعائلة البريطانية «حالة من حالات استثنائية»، وأن وزارة الأمن الوطني «لا بد أنها حصلت على معلومات بأن في زيارة هذه العائلة ما يهدد الأمن الداخلي». وأشاروا إلى أن الميزانية التي أجازها الكونغرس، قبيل عطلة الميلاد، تسمح بدخول وتوطين قرابة ثلث مليون شخص من دول إسلامية خلال العام القادم، ويشمل ذلك اقتراح الرئيس باراك أوباما بقبول عشرة آلاف لاجئ من سوريا.
وحسب تقرير أصدرته وزارة الأمن الداخلي في عام 2013، منحت الوزارة مائة وعشرين ألف مهاجر من دول إسلامية إقامة دائمة، المعروفة بـ«البطاقة الخضراء»، قابلة للتحول إلى جنسية أميركية. كما منحت خمسين ألف لاجئ من دول إسلامية تأشيرة اللجوء، مما يؤهلهم في وقت لاحق للحصول على إقامة دائمة.
وبينما أكد مسؤولون في وزارة الأمن الوطني أن منع عائلة بريطانية مسلمة من دخول الولايات المتحدة لزيارة «ديزني لاند» لم يكن لأسباب دينية، احتجت منظمات إسلامية أميركية على القرار وربطته بتصريحات دونالد ترامب، أبرز مرشحي الحزب الجمهوري لرئاسة الجمهورية. وأرسل مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير)، أكبر المنظمات الإسلامية في أميركا، خطابا إلى جي جونسون، وزير أمن الدولة، للتحقيق فيما إذا «كانت الوزارة تنفّذ تصريحات ترامب بطريقة غير رسمية». وقال إبراهيم هوبر، متحدث باسم «كير»، لـ«الشرق الأوسط»: «لم يقدم لنا المسؤولون في وزارة أمن الدولة أي تبرير لما حدث في لندن. قدمت العائلة طلبا إلكترونيا، حسب القانون الذي تنفذه السفارة الأميركية في لندن. وبعد أن استعدت العائلة للسفر، فوجئت بالمنع. كان رد الفعل على العائلة، وخصوصا الأطفال، سيئا للغاية. قال الوالد إنه أحس بالاحتقار، وإن الأطفال صدموا بسبب رفض سفرهم إلى ديزني لاند». وأضاف هوبر أن ما حدث للعائلة المسلمة في بريطانيا يعكس قلقا عاما وسط المسلمين سببته تصريحات ترامب التي حثّ من خلالها إلى منع المسلمين من دخول البلاد، وتساءل هوبر عما إذا كان المسؤولون الأميركيون يطبّقون تصريحات معادية للمسلمين من مرشح جمهوري متطرف.
في سياق متصل، كان هوبر قد عبر عن قلقه أخيرا من ارتفاع التهديدات ضد المسلمين، ووصف حدّتها بـ«غير المسبوقة» منذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001. ولعلّ أبرز أسباب تنامي «الإسلاموفوبيا» ضد المسلمين في أميركا وخارجها هي حملة اليمين الأميركي المعادية للإسلام، وخصوصا منها حملات مرشحي الحزب الجمهوري، ترامب وبين كارسون، اللذين يتنافسان للفوز بترشيح الحزب لرئاسة الجمهورية.
وأشار هوبر إلى هجمات باريس وكاليفورنيا كسبب ثاني، وأضاف أن هناك سببا ثالثا رئيسيا، وهو استغلال بعض حكام الولايات وأعضاء الكونغرس الأحداث الأخيرة لزيادة الخوف العام، ونشر معلومات مضللة. وقال هوبر: «خلال الأيام القليلة الماضية، وصلت إلى علمنا معلومات إضافية عن حملات معادية للمسلمين في الولايات المتحدة. منها حملات تفرقة، وتخويف، وتهديد، وأعمال عنف».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.