هادي: تحالف قوى «التخلف» أدخل اليمن في مرحلة صعبة.. ونجدد دعوتهم للجنوح إلى السلم

«الحراك الجنوبي» يسمح لقياداته وعناصره بتولي مناصب حكومية

صاحبا محلين لبيع التبغ في انتظار الزبائن في المدينة القديمة بالعاصمة صنعاء حيث تأثرت تجارتهم بسبب الأزمة والمعارك الداخلية (إ.ب.أ) وفي الإطار الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (رويترز)
صاحبا محلين لبيع التبغ في انتظار الزبائن في المدينة القديمة بالعاصمة صنعاء حيث تأثرت تجارتهم بسبب الأزمة والمعارك الداخلية (إ.ب.أ) وفي الإطار الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (رويترز)
TT

هادي: تحالف قوى «التخلف» أدخل اليمن في مرحلة صعبة.. ونجدد دعوتهم للجنوح إلى السلم

صاحبا محلين لبيع التبغ في انتظار الزبائن في المدينة القديمة بالعاصمة صنعاء حيث تأثرت تجارتهم بسبب الأزمة والمعارك الداخلية (إ.ب.أ) وفي الإطار الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (رويترز)
صاحبا محلين لبيع التبغ في انتظار الزبائن في المدينة القديمة بالعاصمة صنعاء حيث تأثرت تجارتهم بسبب الأزمة والمعارك الداخلية (إ.ب.أ) وفي الإطار الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (رويترز)

قال الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، إن اليمن يعيش مرحلة صعبة وشديدة الخطورة بسبب تحالف «قوى التخلف»، التي «لا تتحلى بأي وازع من دين أو ضمير، ولا تتحلى بأي ذرة وفاء لأبناء الشعب اليمني الذي يعاني من ويلات الحرب والجوع».
وأكد هادي، أن الدولة اليمنية حريصة على السلام و«العودة لمسار العملية السياسية وعودة الشرعية لمؤسسات الدولة وإحلال الأمن والاستقرار وبناء اليمن الجديد الذي يتوق إليه كافة أبناء الشعب اليمني»، وجدد الرئيس اليمني دعوته إلى «الميليشيات الانقلابية للجنوح للسلم واحترام القرارات الدولية، وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن الدولي 2216، والالتزام بتطبيق مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية دون قيد أو شرط، وإطلاق سراح المختطفين وفك الحصار عن محافظة تعز التي يعيش سكانها أوضاع معيشية وصحية بالغة الصعوبة لا يتخيلها عاقل».
وأضاف هادي أن «شعبنا يعيش هذه الذكرى الجليلة وهو يعاني من الحرب والألم والمآسي التي تسببت بها الحرب الهمجية والظالمة التي فجرتها ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية في عدد من المحافظات وقتلت الأبرياء وشردت المواطنين ودمرت المؤسسات العامة والخاصة، وما تزال مستمرة في غيها وتتهرب من كل ما من شأنه إحلال السلام وإيقاف الحرب وحقن دماء اليمنيين».
وخاطب الرئيس اليمني مواطنيه، في كلمته، وقال إن «هذه الغمة ستنزاح وسيحل الأمن والاستقرار وسنبني اليمن الاتحادي، شاء من شاء وأبى من أبى، وأن المشاريع الكهنوتية مصيرها الاندثار وسيبقى اليمن شامخًا رغم كيد الحاقدين».
في موضوع آخر، قالت مصادر في «الحراك الجنوبي» إن قوى الحراك كافة، أقرت السماح لقياداتها وعناصرها بتولي مناصب حكومية، وذلك إثر قرارات أصدرها الرئيس عبد ربه منصور هادي، مؤخرا، بتعيين قيادات في الحراك في مناصب مهمة في جنوب البلاد وعلى مستوى الحكومة.
وقال القيادي البارز في الحراك، أمين صالح محمد لـ«الشرق الأوسط»، إن على فصائل المقاومة الجنوبية وقياداتها التقاط الفرصة والوجود داخل جميع مؤسسات السلطة، وإن الضابط العام لكل المكونات الجنوبية الميدانية يجب أن يكون سلوكا مدنيا وإنسانيا وأخلاقيا، وأكد ضرورة تقديم صورة مشرفة غير الصورة الاعتيادية الموجودة اليوم باسم المقاومة وفي الطرقات ونقاط التفتيش، لافتا إلى أن هناك أولويات ينبغي الإسراع بتنفيذها، مثل دمج المقاومة في الجيش والأمن وعلاج الجرحى وتطبيع الوضع الأمني ومنع الانزلاق نحو الفوضى وحل مشكلة النازحين وإنهاء معاناتهم.
وأضاف صالح أن «فتح نوافذ اتصال مع العالم مثل تشغيل مطار عدن الدولي وميناء عدن وتكوين سلطة حقيقية بديلة عن السلطة القائمة اليوم في صنعاء وإعادة تطبيع الحياة الاقتصادية وإعادة الخدمات للمحافظات المحررة وتقديم نموذج إيجابي ومغر للآخرين تعد من الأولويات الملحة والعاجلة».
من جانبه، قال القيادي في الحراك الجنوبي، العميد محمد السعدي لـ«الشرق الأوسط» إن على الحراك أن ينتقل «من مرحلة الرفض والاحتجاج إلى مرحلة تسلم الدولة وبناء مؤسساتها، وألا نترك الفرص تمر من أمامنا مرور الكرام، وألا نظل مشدودين إلى نضال مرحلة فاتت وأوصلتنا إلى مرحلة جديدة أكثر تقدما»، وأشار العميد السعدي إلى أن هذه المرحلة المتقدمة لم تأت من فراغ وإنما بفضل صمود وتضحيات مرحلة نضالية ثورية مثل الحراك طليعتها السياسية منذ انطلاقتها، واعتبر السعدي أن «المرحلة تقتضي تحمل المسؤولية وليس في مرحلة رميها على غريم آخر»، وأكد أن «الجنوب اليوم بين أيدي الجنوبيين ومن هم في السلطة جنوبيون، وأن الظروف متاحة ولا عائق أمام الحراك كي يكون موجودا في مواقع القيادة والبناء، منعا لترك الأمور تسير في منحنى آخر، فيما الجنوبيون في الأغلب منشغلون في التنظير واللقاءات والفعاليات البعيدة عن الواقع الذي ينبغي فعله».
وشدد العميد السعدي على المشاركة في السلطة، بقوله: «إننا ما لم نشارك في القرار مع إخوتنا الموجودين في السلطة وبقوة، فإننا سنكون خارج المعادلة السياسية، واحتمال أن نعود إلى نقطة البداية بسبب عدم استيعابنا للمستجدات السياسية على الأرض والواقع الجنوبي»، وقال إن «الحراك الجنوبي العظيم الذي صنع أكبر ملحمة نضالية شهد لها العدو قبل الصديق، يجب ألا يكون متفرجا في مرحلة كهذه، لأنها مرحلة اللحظات الأخيرة للانتصار، وتركها من قبل الحراك لا يعني سوى إضاعتها وتفويتها لآخرين سيجدونها فرصة لشغلها حيث يريدون».
وتشهد الساحة الجنوبية جدلا بسبب رفض بعض الفصائل مشاركة القيادات الجنوبية في السلطة بقرارات وتعيينات من قبل الرئيس هادي. وتأسس الحراك في جنوب اليمن عام 2007، من المسرحين قسرا من وظائفهم العسكرية والسياسية والمدنية، وقاد عملية «تصالح وتسامح» بين الجنوبيين على أثر الصراعات السياسية والعسكرية السابقة، وتحول إلى عدد من المكونات والفصائل التي تهيمن على الساحة الجنوبية، تقريبا.
إلى ذلك أفاد مصدر حكومي يمني، لـ«الشرق الأوسط»، بأن الحكومة الشرعية وجهت وزارة المالية والبنك المركزي في العاصمة صنعاء، بعدم التعامل مع الأشخاص الذين عينهم الانقلابيون في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية، وقال المصدر إن «التعيينات التي أصدرتها ميليشيات الحوثي والمخلوع علي عبد الله صالح، طوال فترة الانقلاب، تعد أعمالاً مجرمة، تضع مرتكبها ومن يشارك فيها تحت طائلة الإجراءات القانونية».
وأوضح المصدر، أن خالد محفوظ بحاح، نائب الرئيس رئيس الحكومة، أمر وزارة المالية والبنك المركزي، بعدم التعامل مع إجراءات الميليشيات المتعلقة بالوظيفة العامة، وعدم اعتماد توقيعات وطلبات تقدم بها المعينون من قبلهم.
ومنذ سيطرة المتمردين على العاصمة صنعاء، في سبتمبر (أيلول) 2014، سارعوا إلى تعيين العشرات من الموالين للحوثي والمخلوع صالح في مؤسسات الدولة، عبر ما يسمى اللجان الثورية التي مارست عملية إقصاء بحق رافضي الانقلاب، وعينت شخصيات غير مؤهلة لإدارة هذه المؤسسات، بحسب المصدر الحكومي.
وأصدر الانقلابيون قبل أيام ما سموه قرارات تمنح الوزراء الذين لم ينضموا إلى الحكومة الشرعية درجة نائب رئيس وزراء، وترقية القائمين بأعمال الوزراء إلى درجة وزير، في محاولة منهم لسد الفراغ الحكومي الذي تعيشه العاصمة بعد سيطرتهم عليها، وتضم حكومة خالد بحاح المعترف بها دوليا، 32 حقيبة وزارية، أعلنوا جميعهم ولاءهم للشرعية، فيما عدا اثنين انضما إلى الحوثيين.
وأكد المصدر الحكومي أن مجلس الوزراء سيتخذ إجراءات عقابية بحق من أصدر القرارات غير القانونية، موضحا أن التعميم الصادر من خالد بحاح، نائب الرئيس رئيس الوزراء، وجه هيئات ومؤسسات وأجهزة الدولة كافة، بوقف التعاملات مع المعينين من قبل الانقلابيين، باعتبارها أعمالاً مجرمة قانونيًا ودستوريًا.
وجاء في التعميم الحكومي، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن دستور الجمهورية اليمنية نص على أن مجلس الوزراء هو الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة، وتتبعه دون استثناء المؤسسات والأجهزة التنفيذية للدولة كافة، مؤكدا أن للحكومة وحدها صلاحية تعيين وعزل الموظفين طبقا للقوانين النافذة والمتمثلة بقوانين الخدمة المدنية والخدمة في القوات المسلحة والأمن والشرطة والسلطة المحلية والمؤسسات المستقلة.
وجرّم بيان التعميم ما تقوم به ميليشيات الحوثي وصالح من إجراءات تتعلق بالوظيفة العامة المدنية والعسكرية وغيرها، وعدها أعمالاً مجرمة، كونها تمثل تعطيلاً للدستور والقوانين النافذة، وهي صادرة من جماعة خارجة على القانون، لا شرعية دستورية لها وليس لأعمالها مشروعية قانونية، مشيرا إلى أن إجراءات الميليشيات هي مجرد أعمال منعدمة الأثر القانوني، ولا يترتب عليها حقوق أو واجبات.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.