الخلاف الروسي ـ الإيراني يتعاظم ومعلومات عن قصف موسكو تجمعًا لـ«الحرس الثوري»

مصادر قالت إن مسؤولا إيرانيا رفض استقبال قائد عسكري روسي.. قتل فيما بعد مع القنطار

الخلاف الروسي ـ الإيراني يتعاظم ومعلومات عن قصف موسكو تجمعًا لـ«الحرس الثوري»
TT

الخلاف الروسي ـ الإيراني يتعاظم ومعلومات عن قصف موسكو تجمعًا لـ«الحرس الثوري»

الخلاف الروسي ـ الإيراني يتعاظم ومعلومات عن قصف موسكو تجمعًا لـ«الحرس الثوري»

يبدو أن الصراع الخفي بين موسكو وطهران في سوريا أخذ يظهر شيئا فشيئا، خصوصا بعدما قلّص الدور العسكري الروسي النفوذ الإيراني إلى حدّ كبير وجعله ثانويا. عدا عن تقليص الدور السياسي لطهران في كل المفاوضات السياسية التي تبحث أفق حلّ الأزمة السورية، لا سيما ما يتعلّق بمصير الرئيس السوري بشار الأسد. ومعلوم أن موسكو وضعت قضيته على طاولة البحث في حين لا يزال الأسد «خطا أحمر» - على الأقل علنا - بالنسبة للإيرانيين الذي تكبدوا خسائر بشرية وعسكرية ومالية في سبيل حماية هذا النظام ورمزه.
لقد جاهرت طهران على لسان أرفع قادتها العسكريين بأن موقفها غير متطابق مع الموقف الروسي حيال مستقبل الأسد ودور حزب الله في سوريا. كذلك سبق للقائد العام للحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري، أن أعلن عن وجود خلاف بين بلاده وروسيا حول بشار الأسد، وقال في كلمة ألقاها في طهران في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي: «إن جارتنا روسيا تساعد في سوريا، لكنها ليست سعيدة بوجود حزب الله»، وليس من الواضح أن مواقف روسيا تتطابق مع إيران بشأن بشار الأسد».
هذا الخلاف الروسي الإيراني لمس فيه أحد القادة الميدانيين في «الجيش السوري الحرّ» تطورا نحو الأسوأ بين الطرفين، معتبرا أن «مضاعفة الخسائر البشرية للقوات الإيرانية في سوريا سببها القصف الروسي الذي يطال تجمعات وجود المقاتلين الإيرانيين على الأرض». وعزا العميد أحمد رحال، أحد قادة «الجيش الحر»، أسباب سقوط عدد كبير من القتلى الإيرانيين بينهم ضباط برتب عالية، إلى «القصف الروسي الذي فعل فعله في الأسابيع الأخيرة بذريعة الخطأ». وكشف رحال، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الطيران الروسي قصف منذ أيام حاجز ملوك في ريف محافظة حمص الذي توازي مساحته مساحة ملعب كرة قدم، وقتل فيه عدد كبير من الإيرانيين، بالإضافة إلى قصفه مقرا إيرانيا في ريف حلب الجنوبي».
وأعلن رحال أيضا أن «قائد العمليات العسكرية الروسية في سوريا طلب زيارة مقر القوات الإيرانية في ريف دمشق المتخصّصة بعمليات التدريب، لكن المسؤول الإيراني رفض استقباله وغيّر مكان إقامته، فكانت المفاجأة أن هذا المسؤول الإيراني قتل مع سمير القنطار في جرمانا (إحدى ضواحي العاصمة السورية) يوم الأحد الماضي»، لافتا إلى أن إيران «تتهم روسيا ضمنا بالتنسيق مع إسرائيل من أجل قتل القادة الإيرانيين وقادة من حزب الله».
من جهة ثانية، رأى الدكتور سمير التقي، الخبير الاستراتيجي السوري، أنه «لا خلاف على أن روسيا تمتلك قدرات كبيرة جدا في التأثير على الوضع السوري، لكن في المقابل لا تزال إيران هي الممسكة بالأرض». ولفت التقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الدخول الروسي في الحرب السورية حدّ من النفوذ الإيراني بعض الشيء»، موضحا أنه «منذ الدخول الروسي توقفت إيران عن الدفع بقوات إضافية على الأرض خصوصا في النقاط التي تعتبرها خاسرة، لكن هذا لا يلغي استمرار التنسيق بين الطرفين، بحيث تكون السماء للروس والأرض للإيرانيين».
وأضاف التقي: «لا ننسى أن ما تبقى من جيش النظام السوري والميليشيات العراقية واللبنانية (حزب الله) والأفغانية التي ما زالت تقاتل على الأرض كلها ممسوكة من إيران. وهذا يؤشر إلى أن الروس ليسوا في وارد فتح صراع مع الإيرانيين في سوريا، أقله حتى الآن، إنما يريدون أن يكونوا هم أصحاب القرار، والدليل أنهم (الروس) هم الذين يفاوضون نيابة عن النظام». واعتبر الخبير الاستراتيجي أن «مسألة اغتيال سمير القنطار أمر آخر»، إذ قال: «علينا أن نعترف بأن هناك خروقا إيرانية - روسية على الأرض، والضربة التي وجهتها إسرائيل تضع الروس أمام سؤال جوهري، هو: هل هم مع إسرائيل أم مع إيران؟ والجواب واضح بالطبع.. إنهم علنا مع إسرائيل ويقدّمون مصلحتها على مصلحة إيران وحزب الله والنظام السوري». إلا أن التقي استدرك فقال: «صحيح أن اللوحة فيها بعض الخلافات وصراع النفوذ، لكنها لا توحي راهنا بفرط عقد التحالف الروسي - الإيراني».
وحول التناقض الروسي - الإيراني بشأن الأسد، أوضح التقي أن الروس «يعرفون أن بشار الأسد هو الحاجز الأساسي أمام أي حل سياسي في سوريا، لكنهم يدركون كما الإيرانيون أن إضعاف ورقة الأسد والتشكيك بشرعيته يعني أن الوجود الروسي والإيراني غير شرعي، وهذا لا خلاف عليه بين موسكو وطهران». وأشار إلى أن الروس «يصرّون على أن مصير الأسد يجب أن يبحث بعد المرحلة الانتقالية، مما يعني أنهم يريدون إطالة عمر الحرب 15 سنة على الأقل، ولذلك علينا ألا نتفاءل كثيرا بإمكانية إقناع الروس بالتفاوض على بشار الأسد».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.