رئيسا برلمان طرابلس وطبرق يجددان رسميًا معارضتهما لاتفاق الصخيرات

احتفال كبير بالعاصمة اليوم بمناسبة عيد الاستقلال بحضور ولي عهد ليبيا في المنفى

رئيسا برلمان طرابلس وطبرق يجددان رسميًا معارضتهما لاتفاق الصخيرات
TT

رئيسا برلمان طرابلس وطبرق يجددان رسميًا معارضتهما لاتفاق الصخيرات

رئيسا برلمان طرابلس وطبرق يجددان رسميًا معارضتهما لاتفاق الصخيرات

صعد رئيسا البرلمانيين الحالي والسابق في ليبيا التي تحتفل اليوم بعيد استقلالها عام 1951، من وتيرة موقفهما المشترك والرافض لاتفاق السلام الذي وقعه ممثلون عن الجانبين في منتجع الصخيرات بالمغرب الأسبوع الماضي برعاية بعثة الأمم المتحدة، وأبلغا في رسالة مشتركة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمبعوث الأممي، رفضهما لهذا الاتفاق.
وأعلنت الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني من مقرها بمدينة البيضاء في شرق البلاد، في بيان لها أن اليوم عطلة رسمية بمناسبة حلول الذكرى 64 لاستقلال ليبيا ودعت الجهات والمؤسسات التي يستلزم عملها وجود العاملين بها لاتخاذ الترتيبات اللازمة لضمان سير العمل بصورة اعتيادية. وأعلن المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته والموجود في العاصمة الليبية طرابلس، عن توجيه الدعوة إلى الأمير محمد الحسن الرضا للمشاركة فيما وصفه بالاحتفال الكبير الذي سيقام اليوم بالعاصمة بمناسبة عيد الاستقلال.
وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي توجه فيها دعوة رسمية مماثلة إلى ولي عهد ليبيا في المنفى، علمًا بأن نوري أبو سهمين رئيس برلمان طرابلس كان قد كشف النقاب عنها أول من أمس في تصريحات تلفزيونية، ضمن دعوات أخرى لشخصيات في الشرق والجنوب.
وأطاح الانقلاب العسكري الذي قاده العقيد الراحل معمر القذافي بالنظام الملكي السابق عام 1969، قبل أن تعيد الحكومة الليبية العام الماضي الاعتبار رسميًا للعاهل السابق محمد إدريس السنوسي، بما في ذلك الجنسية الليبية للملك الراحل وعائلته وإعادة الممتلكات السابق مصادرتها من العائلة.
إلى ذلك، قال نوري أبو سهمين رئيس برلمان طرابلس، والمستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرًا له، في رسالة موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمبعوث الأممي لدى ليبيا، أن غياب الاتفاق على الحكومة المعلنة برعاية الأمم المتحدة سيعقد المشهد الليبي بشكل أخطر.
واعتبرت الرسالة أن تجاهل رأي الطرفين يعد إخلالا واضحًا بمعنى التوافق ونتائجه، مشيرة إلى أن البعثة الأممية مضت قدما بمراسم التوقيع في مدينة الصخيرات، على الرغم من مطالبتهما بضرورة التريث لإعطاء فرصة للاتفاق الذي أبرم بينهما في مالطا الأسبوع الماضي.
وقالت الرسالة إن فكرة تكوين المجلس الرئاسي لم يتكن وليد توافق ليبي، بل نتاج اجتهاد شخصي من المبعوث الأممي السابق برناردينو ليون.
ونقلت وكالة الأنباء الليبية الرسمية عن ناطق باسم رئيس مجلس النواب أن مشايخ وأعيان وحكماء برقة أعلنوا رفضهم لحكومة الصخيرات، لافتًا إلى أنهم في المقابل أكدوا تأييدهم لرئيس المجلس وللحوار الليبي.
في المقابل، أعلن جهاز حرس المنشآت النفطية فرع الوسطى عن حالة الاستنفار بالدرجة القصوى بعد معلومات حول احتمال شن تنظيم داعش هجومًا للسيطرة على الهلال النفطي، حيث نقلت قناة النبأ الإخوانية عن الناطق باسم الجهاز علي الحاسي، أن القوة الموجودة في الهلال النفطي ستُدعم بقوة إضافية للتصدي لأي اعتداء.
وفى مدينة درنة معقل المتطرفين في شرق البلاد، أعلن الجيش الليبي أنه قصف مواقع تابعة لجماعات إرهابية، وقال الناطق الرسمي باسم غرفة عمليات الكرامة ناصر الحاسي أن الطيران الحربي بقاعدة الأبرق التابع لسلاح الجو الليبي نفذ غارات جوية استهدفت تجمعات الميليشيات الإرهابية بالمدخل الغربي للمدينة.
وتحدث أمس مصدر عسكري عن مقتل أفراد كتيبة التوحيد السلفية وإصابة ثلاثة آخرين جراء اشتباكات بين قوات الجيش والقوات المساندة له ضد ميليشيات ما يسمى مجلس شوري ثوار مدينة إجدابيا.
واتهم المصدر الميليشيات الإرهابية بانتهاك إعلان وقف إطلاق النار وقصف المدينة بالأسلحة الثقيلة، مما أدى إلى إلحاق أضرار بشرية ومادية في صفوف المدنيين.
من جهة أخرى، كشفت تقارير طبية عن إصابة أكثر من مائة شخص في العاصمة طرابلس ومدينة مصراتة بجروح أدت إلى بتر بعض الأطراف نتيجة استعمال الألعاب النارية في احتفالات المولد النبوي الشريف.
وقال مسؤول إعلامي بمستشفى جراحة الحروق والتجميل بطرابلس إنه تم استقبال 98 مصابا ومصابة بحروق وجروح متفاوتة الخطورة، مشيرًا إلى أن هناك 15 حالة بتر ما بين جزئي وكامل لليد والأصابع.
ومع ذلك، اعتبر أن هذه الإحصائيات تمثل نجاحا لحملة محلية لمكافحة ظاهرة المفرقعات، علمًا بأن نفس المستشفى استقبل العام الماضي أكثر من 400 حالة مصابة بحروق وجروح متفاوتة.
كما أعلنت مستشفى مصراتة المركزي عن استقبال 15 مصابًا نتيجة استعمال الألعاب النارية في احتفالات المولد النبوي الشريف.
في غضون ذلك، أعلنت إيطاليا أن قوات الشرطة في باليرمو (جنوب)، اعتقلت باحثة جامعية ليبية بتهمة التحريض على ارتكاب جرائم إرهابية.
وقالت مصادر أمنية لوكالة أنباء «آكي» الإيطالية إن «المواطنة الليبية، وهي أستاذة مساعدة في جامعة صقلية، كانت على اتصال مع عدد من المقاتلين الأجانب»، فضلا عن «ممارستها نشاطًا دعائيا لتنظيم داعش على شبكة الإنترنت».
وطبقًا لوسائل إعلام إيطالية، فقد دعت الليبية المعتقلة على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إلى «تأييد إقامة دولة إسلامية في بنغازي»، فيما قال قاضي التحقيق إن المتهمة في تعليق آخر، مطلع العام الحالي قبل أقل من 24 ساعة من هجوم شنه تنظيم داعش في طرابلس، وأودى بحياة كثير من المواطنين والأجانب، أنها «أظهرت دعمها للميليشيات المتطرفة».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.