الدور المتعاظم للحرس الثوري يراكم الخسائر البشرية الإيرانية في سوريا

خبراء: نتائج الحرب السورية على طهران ضخمة جدًا

الدور المتعاظم للحرس الثوري يراكم الخسائر البشرية الإيرانية في سوريا
TT

الدور المتعاظم للحرس الثوري يراكم الخسائر البشرية الإيرانية في سوريا

الدور المتعاظم للحرس الثوري يراكم الخسائر البشرية الإيرانية في سوريا

لم تقف خسائر الحرس الثوري الإيراني في سوريا عند مقتل مئات المجندين الذين قضوا على أرض سوريا، إنما كان هؤلاء مجرّد أرقام في قوائم ضمت عددا كبيرا من الجنرالات الذين عملوا بصفة استشاريين وخبراء عسكريين، أو قادة جبهات لإدارة العمليات العسكرية.
ويكشف تقرير أعدته وكالة «رويترز»، أن «حصيلة ما تم جمعه من معلومات تفيد بأن أكثر من 100 مقاتل ومستشار عسكري من الحرس الثوري من بينهم أربعة على الأقل من كبار القادة، قتلوا في سوريا منذ أوائل أكتوبر (تشرين الأول) الماضي»، مشيرا إلى أن «هذا العدد يمثل رقمًا قليلاً من مجموع الخسائر البشرية التي مني بها الحرس الثوري في سوريا منذ بداية عام 2012».
ويشير التقرير إلى أن مقتل الجنرال حسين همذاني على مشارف مدينة حلب في الثامن من أكتوبر، شكّل حدثًا اعتبر بمثابة بداية تطور جديد في الدور العسكري الإيراني في سوريا، حيث يعتقد خبراء أن طهران أرسلت إليها ما يصل إلى 3000 جندي، ولا سيما أن همذاني هو أرفع قائد في الحرس الثوري الإيراني يلقى حتفه في الميدان السوري حتى الآن.
«الخسائر الإيرانية هي نفسها منذ عام 2012 مع بداية الدخول الإيراني إلى سوريا حتى اليوم»، وفق ما أعلن العميد أحمد رحال، القيادي في «الجيش السوري الحرّ»، الذي لفت إلى أن إيران «كانت تتكتّم على خسائرها ولم تعلن عدد قتلاها، لكن مع الدخول الروسي الحرب في سوريا بدأت تعترف لتقول أنا موجودة على الأرض وأدفع أثمانًا باهظة في هذه الحرب وأريد دورًا مركزيًا في أي حل يطبخ لسوريا».
وأكد رحال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الضباط الإيرانيين الذين يقتلون في سوريا، يتمتعون خبرة قتالية عالية جدًا، لأن معظمهم قاتل في العراق وفي سوريا، وما يؤلم الإيراني أكثر هو خسارته للقادة العسكريين النوعيين إذا صحّ التعبير». وكشف أن «العشرات من الجنود الإيرانيين يقتلون في سوريا شهريًا، وقبل ثلاثة أيام عبرت شاحنة إيرانية محملة بجثث القتلى ممن كانوا في معتقلات طهران وأخرجهم النظام الإيراني من السجون وأرسلهم للقتال في سوريا لقاء 500 دولار، وهؤلاء أتوا من دون خبرة قتالية».
ويعتبر خبراء أن مقتل أفراد في الحرس الثوري يعدّ مؤشرًا على تزايد الدور الإيراني في القتال الدائر في سوريا، ويقول الدكتور هلال خشان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت: «زاد الإيرانيون نطاق مشاركتهم العسكرية المباشرة في الصراع للتعويض عن الاستنزاف الشديد بين وحدات الجيش السوري، ولقد اضطر الجيش السوري في الآونة الأخيرة للعب دور ثانوي، بينما اضطلعت إيران والميليشيات المتحالفة معها بالدور القيادي في الحرب على المعارضة». ويشير خشان إلى أن إيران «ستحافظ على المستوى الحالي لمشاركتها في سوريا، بل وزيادته، لأن الانسحاب في هذه المرحلة المتقدمة في الصراع سيأتي بنتائج عكسية».
إلى ذلك، تم توقيت زيادة المشاركة الإيرانية في الصراع خاصة في القتال من أجل السيطرة على مدينة حلب، عاصمة الشمال السوري، بالتنسيق مع بدء حملة القصف الجوي الروسية في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي. وسمح بتدفق القوات الإيرانية واقترانها بالدعم الجوي الروسي للجيش النظام السوري بكسر حصار قاعدة كويريس الجوية في شرق محافظة حلب في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، غير أن التحالف الجديد لم يحقق مكاسب إضافية حول حلب.
محسن سازجارا، الذي شارك في تأسيس الحرس الثوري وأصبح الآن منشقا يعيش في الولايات المتحدة، أوضح أنه «خلال الحرب الإيرانية العراقية كان الوضع هو نفسه فكان ضباط كبار من الحرس الثوري يتوجهون للخطوط الأمامية وكانوا يقتلون في بعض الأحيان». ويلفت إلى أنه «من بين القادة الذين عمدوا إلى زيارة الخطوط الأمامية في سوريا قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، المكلف تنفيذ مهام الحرس خارج الحدود الإيرانية».
وأعلنت جماعة إيرانية معارضة الشهر الماضي، أن سليماني أصيب بجروح في اشتباكات بالقرب من حلب، رغم أن وسائل الإعلام الإيرانية نقلت فيما بعد عنه قوله إنه لم يصب بسوء.
أما علي الفونة، الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات والخبير في شؤون الحرس الثوري الإيراني، فيقول: «الحرس الثوري يغير نتيجة الحرب في سوريا، لكن هذه الحرب تعمل أيضًا على تغيير طبيعة الحرس الثوري». ويؤكد أن «عواقب الحرب السورية على الحرس الثوري ضخمة، ففيلق القدس اعتاد أن يكون جزءا صغيرا جدا من الحرس الثوري. وأنتم تشهدون الآن تحول الحرس الثوري إلى فيلق قدس كبير».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.