العاهل المغربي والرئيس الغابوني يدعوان سلطات بانغي الجديدة إلى إرساء حوار سياسي بين جميع القوى الحية بلا استثناء

ليبرفيل تدعم طلب الرباط الرامي إلى حصولها على صفة ملاحظ في المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا

العاهل المغربي والرئيس الغابوني يدعوان سلطات بانغي الجديدة إلى إرساء حوار سياسي بين جميع القوى الحية بلا استثناء
TT

العاهل المغربي والرئيس الغابوني يدعوان سلطات بانغي الجديدة إلى إرساء حوار سياسي بين جميع القوى الحية بلا استثناء

العاهل المغربي والرئيس الغابوني يدعوان سلطات بانغي الجديدة إلى إرساء حوار سياسي بين جميع القوى الحية بلا استثناء

عبر المغرب والغابون عن تشبثهما الراسخ بالسلم والأمن والاستقرار في جمهورية أفريقيا الوسطى، ودعوا السلطات الجديدة في هذا البلد إلى إرساء حوار سياسي بين جميع القوى الحية، بلا استثناء.
وأوضح بيان مشترك صدر مساء أول من أمس عقب زيارة العمل والأخوة التي قام بها العاهل المغربي الملك محمد السادس لجمهورية الغابون أن قائدي البلدين، وبعدما أبرزا التطابق التام لوجهات نظريهما بشأن الوضع في جمهورية أفريقيا الوسطى، جددا التأكيد على «تشبثهما الراسخ بالسلم والأمن والاستقرار في هذا البلد، ونوها بالدعم الفعال المقدم، بهذا الخصوص، من قبل المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا وفرنسا والمجتمع الدولي».
وأضاف البيان أن قائدي البلدين سجلا التغيير الذي حدث على رأس الدولة في جمهورية أفريقيا الوسطى في يناير (كانون الثاني) الماضي، ودعوا السلطات الجديدة إلى الحفاظ على السلم المدني وإرساء حوار سياسي بين جميع القوى الحية، بلا استثناء، وذلك طبقا لروح اتفاقيات ليبرفيل الموقعة في 11 يناير 2013.
ورحب العاهل المغربي والرئيس الغابوني بالتقدم الذي أحرزته بعض البلدان الأفريقية في تعزيز دولة الحق والقيم الديمقراطية، غير أنهما أعربا عن انشغالهما الشديد إزاء بعض البؤر التي تشهد انعدام الاستقرار والتي تهدد السلام والأمن بالقارة.
وأشاد الغابون بالدور الذي قام به المغرب في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لصالح الاستقرار وتعزيز السلم والأمن في العالم وبالخصوص في أفريقيا.
وجاء في البيان مشترك أن الرئيس الغابوني، أشاد «بالدور الذي قام به المغرب في مجلس الأمن لصالح الاستقرار وتعزيز السلم والأمن في العالم وفي أفريقيا على وجه الخصوص». وهنأ الرئيس الغابوني الملك محمد السادس على انتخاب المملكة المغربية في مجلس حقوق الإنسان، وهو الانتخاب الذي يكرس اعتراف المجموعة الدولية بالجهود التي يقوم بها المغرب لصالح النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها، سواء على المستوى الوطني أو الدولي.
وأضاف البيان أن قائدي البلدين جددا تأكيد عزمهما المشترك على تعزيز الأمن في أفريقيا، من خلال إقامة تعاون وثيق سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي أو الدولي، من أجل مكافحة فعالة للإرهاب والقرصنة البحرية والجريمة العابرة للحدود، والتي تشكل مخاطر تهدد السلام والاستقرار في العالم.
وأعرب قائدا البلدين، من جهة أخرى، عن عزمهما على التشاور وتنسيق مواقفهما في أفق انعقاد مؤتمر القمة المقبل أفريقيا - الاتحاد الأوروبي، الذي ستحتضنه بروكسل، في بداية أبريل (نيسان) 2014، وقمة الولايات المتحدة - أفريقيا المقررة في شهر أغسطس (آب) من السنة ذاتها، من أجل الإسهام في قيام شراكات حقيقية شمال - جنوب تساعد على تحقيق تنمية وازدهار القارة الأفريقية.
من جهة أخرى، أشاد الملك محمد السادس بمسعى الرئيس الغابوني للحوار الدائم مع مختلف الفاعلين السياسيين والسوسيو - مهنيين في الغابون. كما نوه العاهل المغربي بالانتخابات المحلية التي جرت يوم 14 ديسمبر (كانون الأول) 2013 في «جو طبعه الهدوء والتوافق».
وأكد الملك محمد السادس أن نجاح هذه الانتخابات يعد ثمرة للانخراط الشخصي للرئيس بونغو أونديمبا، الذي اختار اعتماد مسعى توافقي وشامل مكن مجموع الفاعلين في الطبقة السياسية من الانخراط في المسلسل الانتخابي.
كما أشاد الملك محمد السادس بالدور الريادي للرئيس بونغو أونديمبا والتزامه القوي والدائم لفائدة إعادة تأسيس نظام الحكامة الدولية في مجال البيئة وحماية الأنواع الحيوانية المهددة.
من جهتها، أشادت الغابون باعتماد المغرب سياسة جديدة في مجال الهجرة تروم تشجيع اندماج الأجانب، لا سيما منهم المنتمون للبلدان الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء، في المجتمع المغربي.
وأوضح البيان أن الرئيس الغابوني «أشاد بحرارة باعتماد المغرب سياسة جديدة في مجال الهجرة تروم تسوية وضعية الأجانب، لا سيما منهم المنتمون للبلدان الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء، وذلك لتشجيع اندماجهم في المجتمع المغربي». وعبر الرئيس الغابوني عن دعمه لإطلاق التحالف الأفريقي حول الهجرة والتنمية، الذي يرمي إلى إعادة وضع النقاش حول مسألة الهجرات في سياقه الطبيعي للاستقبال والضيافة والكرم.
وعلى الصعيد الإقليمي، أعرب الرئيس الغابوني عن «دعم بلاده القوي» للطلب الذي تقدمت به المملكة المغربية والرامي إلى حصولها على صفة ملاحظ في المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا.
وعبر الملك محمد السادس عن شكره للرئيس بونغو أونديمبا على دعمه لإرساء شراكة بين المجموعة الاقتصادية والنقدية لدول وسط أفريقيا والمغرب.
وأكد المغرب والغابون على ضرورة الإسراع بإحداث مجلس مغربي - غابوني للأعمال من أجل إضفاء دينامية على العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وذكر البيان أن العاهل المغربي والرئيس الغابوني «جددا تأكيدهما القوي على ضرورة الإسراع بإحداث مجلس مغربي - غابوني للأعمال».
وأضاف البيان أن مجلس الأعمال من شأنه أن يشكل «آلية تتوخى إضفاء دينامية على العلاقات الاقتصادية بغية الرقي بها إلى مستوى جودة العلاقات السياسية القائمة بين الغابون والمغرب».
على صعيد ذي صلة، تعتزم الحكومة المغربية خلال مجلسها الأسبوعي يوم الخميس المقبل المصادقة على اتفاقية تقضي بإلغاء تأشيرات الدخول لجوازات السفر العادية بين المغرب والغابون تنفيذا لبروتوكول الاتفاق الذي جرى بين الرباط وليبرفيل في الخامس من سبتمبر (أيلول) 2013.
وتهدف الاتفاقية إلى تبسيط مسار التنقل بين مواطني البلدين، وتسمح لمواطني البلدين دخول المغرب والغابون من دون أن يكونوا ملزمين بالحصول مسبقا على تأشيرة السفر شريطة أن يكونوا حاصلين على جواز سفر ساري الصلاحية.
وبموجب هذا الاتفاق فإنه لا يمكن للمواطنين المغاربة والغابونيين الراغبين في دخول حدود أحد البلدين من أجل ممارسة مهنة أو أي نشاط مدر للربح الاستفادة من مقتضيات الاتفاقية، فهم ملزمون بالحصول مسبقا على التأشيرة من قنصليات وسفارات البلدين.
وتحتفظ السلطات في البلدين بحق رفض دخول الأشخاص الذين لا يستطيعون توفير إمكانيات العيش أو جرى اعتبارهم أشخاصا غير مرغوب فيهم أو يمارسون نشاطا من شأنه أن يخل بالنظام العام. واشترطت الاتفاقية قبل اتخاذ أي من الطرفين قرارا بتعليق تطبيق إلغاء التأشيرة إخطار الطرف الآخر عبر القنوات الدبلوماسية.
ولا تعفي اتفاقية إلغاء التأشيرة بين البلدين من واجب الامتثال لقوانين وأنظمة المغرب والغابون بخصوص دخول وإقامة الأجانب. وحددت الاتفاقية مدة سريان إلغاء التأشيرة في خمس سنوات قابلة للتجديد تلقائيا لفترات مماثلة. ونصت الاتفاقية على ضرورة إحداث لجنة مشتركة بين البلدين تسهر على مراقبة بنود الاتفاقية وتقييمها.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.