توقعات بتراجع محدود في قطاع المقاولات السعودي خلال 2016

بسبب تراجع أسعار النفط والأحداث السياسية في المنطقة

توقعات بتراجع محدود في قطاع المقاولات السعودي خلال 2016
TT

توقعات بتراجع محدود في قطاع المقاولات السعودي خلال 2016

توقعات بتراجع محدود في قطاع المقاولات السعودي خلال 2016

تمثل المشروعات الحكومية ما نسبته 70 في المائة من سوق المقاولات في السعودية، وتعتمد شركات المقاولات بشكل أساسي على حجم الإنفاق الحكومي على مشروعات البنية التحتية والخدمات، فالاقتصاد السعودي يعتمد بشكل أساسي على الإنفاق العام، وقبل أيام من دخول عام 2016، ما زالت التوقعات تشير إلى استمرار بقاء النفط تحت حاجز الـ50 دولارا للبرميل، ما يعني توقع انخفاض في مخصصات المشروعات العامة، هذا الانخفاض وفق التقديرات لن يكون كبيرًا، حيث سيتراوح ما بين 10 و15 في المائة في مشروعات القطاع العام.
وتسعى السعودية إلى ضخ مزيد من الاستثمارات لترقية البنية التحتية وتوفير مخصصات مالية لها منذ عام 2008 كبند أساسي في الميزانية العامة للدولة، وأكد مسؤولون سعوديون أن المشروعات القائمة لن تمدد عقود تنفيذها، وهي مشروعات ضخمة مثل مشروع قطار الحرمين ومشروع مترو الرياض.
وبلغ الإنفاق الاستثماري للحكومة السعودية منذ عام 2009 وحتى نهاية عام 2015 نحو 503.7 مليار دولار (1.889 تريليون ريال)، فخلال سبع سنوات استثمرت الحكومة السعودية في المشروعات الخدمية وترقيتها بكثافة هائلة لم تشهد لها البلاد مثيلاً.
وعن تلك التوقعات، قال المهندس فهد النصبان عضو اللجنة الوطنية للمقاولات: «الآثار لن تكون واضحة خلال العام المقبل 2016، فالآثار ستظهر في عامَي 2017 و2018 إذا لم تتعافَ أسعار النفط»، موضحًا أن التغير لن يكون كبيرًا خلال العام المقبل لأن العقود كما أكد ما زالت سارية وما زالت قائمة، فبعض المشروعات تنتهي بنهاية عام 2016، لذا لن يكون التأثر كبيرًا.
وأوضح الدكتور نبيل عباس، وهو ممثل اتحاد عقود فيديك في السعودية والخليج، أن الانخفاض سيقع على قطاع المقاولات وخفض في المشروعات الحكومية سيكون محدودًا خلال عام 2016، وذلك لأسباب عدة، أهمها تراجع أسعار النفط واستمرار بقائها دون المعدلات التي كانت عليها في السنوات الماضية، وكذلك الأحداث السياسية والعسكرية في المنطقة، حيث يتوقع أن يكون لهذه الأحداث تأثيرها على مخصصات المشروعات، مبينا أن التأثير سيظهر بشكل جلي في عام 2017 إذا استمرت انخفاض أسعار النفط دون حاجز الـ50 دولارا للبرميل.
في المقابل، رأى الدكتور بسام بودي نائب رئيس لجنة المقاولات في غرفة الشرقية للتجارة والصناعة، أن التأثير بدأ على قطاع المقالات منذ بداية الربع الأخير للعام الحالي، من خلال إعادة جدولة المشروعات الحكومية، ما يعني تغييرا في التدفقات المالية للمقاولين، واعتبر أن القطاع سيراجع في عام 2016 هياكله التنظيمية والتأقلم مع المتغيرات.
وأشار الدكتور بودي إلى ضرورة أن يصل المستثمرون في القطاع مع الجهات المختصة «وزارة المالية» إلى آلية لتأمين تمويل مؤقت للمقاولين عند تأخر دفعاتهم المستحقة للمشروعات التي ينفذونها.
وفي ميزانية عام 2015 أكدت الحكومة السعودية دور القطاع الخاص الذي يتوقع له أن ينمو بنسب تصل إلى 5.3 في المائة، حيث يتوقع أن تتجه بوصلة قطاع المقاولات إلى القطاع الخاص وزيادة التنافسية فيه، ما يقلل من الأسعار ويزيد من فرص النمو.
وقال عضو اللجنة الوطنية للمقاولات: «بداية من النصف الثاني من عام 2017، إذا لم تتعافَ أسعار النفط ستبدأ حالة ركود لقطاع المقاولات في السعودية ستؤدي إلى خروج عدد من المقاولين من السوق واتجاههم إلى قطاعات أخرى مثل العقار أو قطاع الصيانة بسبب التراجع في المشروعات الحكومية، ولن يكون تأثر القطاع الخاص بحجم تأثر المشروعات الحكومية كما يؤكد المهندس فهد النصبان، لكن بما أن قطاع المقاولات قائم على وجود مشروعات حكومية فعدم وجود مشروعات كافية سيتسبب في انحسار للقطاع بشكل عام».
وقال الدكتور نبيل عباس: «إن الدور الأكبر سيكون للمشروعات المتوسطة والصغيرة في القطاع الخاص التي لن تتأثر، بل سيتاح لها فرصة أكبر، حيث ستزيد المنافسة عليها».
وكما يؤكد الدكتور بودي فإن مشروعات القطاع الخاص لم تكن مغرية لشركات المقاولات في السنوات الماضية، حيث كانت المشروعات الحكومية أكثر إغراء وجذبًا للمقاولين، لكن الانخفاض في المشروعات الحكومية سيدفع بهذه الشركات للمنافسة على مشروعات القطاع الخاص.
وكانت السعودية قد تحولت إلى ورشة عمل واسعة منذ عام 2004، أي بعد الزيادة الكبيرة في أسعار النفط، فالحكومة تدفع بمخصصات ضخمة لترقية البنية التحتية والخدمات في مختلف مدن ومحافظات البلاد، ونمت الميزانيات بشكل مذهل، حيث تحوّلت مدينة مثل العاصمة الرياض إلى ورشة عمل ضخمة لمختلف المشروعات الخدمية وعلى رأسها مشروع المترو.
وتوقع الدكتور نبيل عباس استمرار المشروعات الخدمية التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر بنفس الزخم الذي كان في السابق، ولن تتأثر هذه النوعية من المشروعات التي تشمل بناء المدارس والخدمات الصحية، في حين يعتقد أن المشروعات التي تنفذ على مراحل وعلى سنوات عدة مثل مشروعات النقل سيجري تمديد تنفيذها لكن لن تتوقف.
في حين توقع الدكتور بسام بودي أن يعوض القطاع الخاص التي سيكون لديه فرصة للنمو الفاقد لقطاع المقاولات في المشروعات الحكومية، وستنمو المشروعات وتزيد التنافسية بشكل أكبر، وأضاف أن مشروعات التطوير العقاري والإسكان والمشروعات السياحية ستنتعش، مثل الفنادق والمجمعات التجارية والترفيهية. ووفق التوقعات فقد يتأثر القطاع الخاص، فقطاع المقاولات يمثل جزءا رئيسا من القطاع الخاص في عام 2016، هذا التأثير سيمثل ما نسبته 30 في المائة وفق التوقعات، لكنه سيستوعب هذا التغير حتى لو استمر إلى عام 2017، وسيواصل النمو.
وفي ميزانية عام 2015 الذي شارف على الانتهاء خصصت الحكومة السعودية 49 مليار دولار (185 مليار ريال)، في حين أعلنت وزارة المالية السعودية أن سياسة السعودية معاكسة للدورات الاقتصادية لتقوية المالية العامة وتعزيز استدامتها على المديين المتوسط وطويل الأجل، وضمان مواصلة اعتماد التنموية والخدمية الضرورية للنمو الاقتصادي.



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».