كلينتون: تصريحات ترامب عن الإسلام خدمت «داعش» لاستقطاب مجندين جدد

أوباما: متابعة كل إرهابي داخل أميركا ليست أمرًا سهلاً

هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية السابقة خلال مناظرة الحزب الديمقراطي في نيو هامبشاير أول من أمس (رويترز)
هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية السابقة خلال مناظرة الحزب الديمقراطي في نيو هامبشاير أول من أمس (رويترز)
TT

كلينتون: تصريحات ترامب عن الإسلام خدمت «داعش» لاستقطاب مجندين جدد

هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية السابقة خلال مناظرة الحزب الديمقراطي في نيو هامبشاير أول من أمس (رويترز)
هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية السابقة خلال مناظرة الحزب الديمقراطي في نيو هامبشاير أول من أمس (رويترز)

في مناظرة الحزب الديمقراطي ليلة السبت في تلفزيون «إيه بي سي»، هاجمت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، ملياردير العقارات الجمهوري دونالد ترامب، وقالت إن تصريحاته عن منع دخول المسلمين الولايات المتحدة «تزيد غضب المسلمين علينا، وتزيد عنف تنظيم داعش»، وفي المناظرة نفسها، هاجم السيناتور بيرني ساندرز الرئيس باراك أوباما، وقال إنه «تردد، وتلكأ» في مواجهة تنظيم داعش.
وقالت كلينتون إن «داعش» يستغل تصريحات ترامب عن منع المسلمين، و«يستخدم تسجيلات ومقاطع دونالد ترامب، ويستغلها». وأضافت: «السيد ترامب يملك قدرة كبيرة للتأثير على الناس، ولدفعهم للاعتقاد بأن هناك إجابات سهلة لأسئلة معقدة للغاية». وانتقدت كلينتون تصريحات منع المسلمين، وقالت: «في هذا الوقت خاصة، ربما أكثر من أي وقت آخر، نحتاج كأميركيين أن نكون متحدين ضد التهديدات التي نواجهها. لهذا، نحتاج كأميركيين للتأكد من أن المسلمين الأميركيين لا يشعرون بأنهم مهمشون، أو أننا تخلينا عنهم في الوقت الذي نحتاج فيه لمساعدتهم». وأضافت: «يقدر ترامب على أن يكون أفضل مجند لتنظيم الدولة الإسلامية. ها هي الأخبار تقول إن تنظيم داعش ينشر تسجيلات لترامب وهو يهاجم المسلمين ويهينهم. يستغل (داعش) إهانة ترامب للمسلمين في تجنيد مزيد من المتطرفين».
في المناظرة نفسها، تعرضت كلينتون نفسها إلى انتقادات من المرشح الديمقراطي ساندرز، والذي قال إن كلينتون، عندما كانت وزيرة للخارجية، وبالتعاون مع الرئيس أوباما «تلكأت، وترددت»، في مواجهة نظام الرئيس بشار الأسد، وأن هذا كان «بداية المآسي التي نشهدها في سوريا اليوم».
في التعليقات التي أعقبت المناظرة، تعرضت كلينتون لانتقادات من معلقين جمهوريين، لأنها قالت، في تفاؤل: «نحن الآن في المكان الذي نحتاج أن نكون موجودين فيه منذ البداية». وقال هؤلاء إن كلينتون، عندما كانت وزيرة خارجية، لم تفعل ما تريد أن تفعل الآن، وإن تصريحاتها الأخيرة جاءت «بعد فوات الأوان».
وخلال المناظرة، قال ساندرز الرأي نفسه تقريبا. وأضاف أن كلينتون والرئيس أوباما مسؤولان عن تدهور الوضع في سوريا. وقال: «عندما صار أوباما رئيسا، وصارت هيلاري كلينتون وزيرة خارجيته، كانت سوريا هادئة ومستقرة».
خلال المناظرة، دافعت كلينتون عن أوباما دفاعا قليلا، ومحسوبا. قالت إنها تتفق مع أوباما على ضرورة استخدام «اسبيشال فورسيز» (القوات الخاصة) لمواجهة «داعش» في سوريا والعراق، وعلى ضرورة عدم نشر كبير للقوات البرية الأميركية في الشرق الأوسط، لأن ذلك «سيؤدي إلى نتائج عكسية».
وعندما انتقلت المناظرة إلى الحرب الأهلية في ليبيا، اتهم السيناتور ساندرز كلينتون بتشجيع «التطرف الإسلامي في ليبيا»، وبـ«ترسيخ وجود تنظيم داعش» في ليبيا. وقال إن كلينتون كانت وزيرة للخارجية عندما هجم إرهابيون على القنصلية الأميركية في بنغازي. وقال ساندرز عن نفسه: «صوت ضد حرب العراق، ووزيرة الخارجية كلينتون صوتت مع تلك الحرب. كما أنها أشعلت نار الإرهاب في دولة أخرى، في ليبيا».
لكن، دافعت كلينتون عن دورها في الضربات الجوية ضد الرئيس الليبي القذافي، عام 2011. وقالت إن القذافي كان «ديكتاتورا قاتلا، خضبت يديه دماء الأميركيين».
قبل المناظرة بيوم، وفي آخر مؤتمر صحافي قبل إجازة الكريسماس، اعترف أوباما بأن هزيمة «داعش» لن تكون سهلة، سواء في سوريا، أو في العراق. كما أن متابعة كل إرهابي داخل الولايات المتحدة ليست أمرا سهلا. وقال إن ظاهرة «لونلي وولف» (ذئب منعزل) تشكل تحديا أمنيا جديدا. وركز على «طمأنة الأميركيين» بأن «داعش» يمكن أن يُهزم.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.