الجيش العراقي يطلب من سكان الرمادي مغادرة المدينة

عملية عسكرية كبرى ستبدأ قريبًا

الجيش العراقي يطلب من سكان الرمادي مغادرة المدينة
TT

الجيش العراقي يطلب من سكان الرمادي مغادرة المدينة

الجيش العراقي يطلب من سكان الرمادي مغادرة المدينة

ألقت طائرات الجيش العراقي منشورات على مدينة الرمادي، أمس، الواقعة في غرب البلاد والخاضعة لسيطرة تنظيم داعش، تطلب فيها من السكان مغادرة المدينة خلال 72 ساعة، بحسب ما كشف عنه التلفزيون العراقي.
ولم يذكر التلفزيون تفاصيل أخرى، لكن ضابطا بالجيش طلب عدم نشر اسمه قال لوكالة «رويترز»: «هذا مؤشر على أن عملية عسكرية كبرى لاستعادة المدينة ستبدأ قريبا».
وقال العميد يحيى رسول المتحدث باسم العمليات المشتركة، إن «المنشورات تحدد الطرق الآمنة لخروج المدنيين من المدينة، وتطلب منهم حمل وثائق هوية سليمة». وأضاف أن «قوات الأمن صدرت لها أوامر بكيفية التعامل مع المدنيين الذين يقتربون منها».
وأعلنت قوات الأمن العراقية الأسبوع الماضي، أنها «أحرزت تقدما على جبهتين في الرمادي وطردت مسلحي تنظيم داعش من قاعدة عسكرية رئيسية للقيادة، ومن حي التأميم مترامي الأطراف على المشارف الغربية للمدينة».
وتقدر المخابرات العراقية عدد مقاتلي التنظيم المتحصنين في وسط الرمادي بما يتراوح بين 250 و300 فرد.
ويوجد عشرات الآلاف من المواطنين المدنيين في الرمادي، حيث يهددهم تنظيم داعش ويمنعهم من الخروج ويعتبرهم رهائن يحتمي بهم.
وقال حمد عبد الله من الأنبار لوكالة الأنباء الألمانية، إن «الخبز والمواد الغذائية الأساسية نفدت، وأصبح المواطنون يتناولون الشعير مقابل القمح للطعام»، موضحا أن «عناصر (داعش) يختزنون الطعام من الطحين والسكر والتمر والمواد الغذائية الأخرى في مساكنهم من دون أي مساعدة للمدنيين الفقراء المحاصرين».
وكشف مدنيون في الفلوجة عن خلافات عميقة على حكم «الإمارة» لدى عناصر تنظيم داعش.
وقال سامي أبو فهد، إن «مواجهات مسلحة تدور بين عصابات (داعش) منذ أسابيع بسبب خلافات وتنافس بينهم لتولي مسؤولية الإمارة.. هذه المواجهات خلفت قتلى وجرحى بينهم وهي مؤشرات على انهيارهم».
ووصلت أمس، تعزيزات عسكرية إلى الأنبار لإحكام محاصرتها من الجانبين الشمالي والشرقي استعدادًا لاقتحام مركز المدينة وتطهيرها من عناصر «داعش».
وقال العقيد ياسر خالد من شرطة الأنبار، إن «التعزيزات العسكرية والقتالية التي وصلت إلى محيطي الرمادي الشرقي والشمالي شملت قوات برية من الجيش والشرطة وقوات من مكافحة الإرهاب مع دروع ودبابات وأسلحة ثقيلة.. هذه الإجراءات ستحسم معركة تطهير الرمادي من عناصر تنظيم داعش»، مضيفًا: «مع إدامة زخم المعركة، وتدمير الخطوط الدفاعية والهجومية للإرهابيين وحصر نقاط تحركهم في مناطق الرمادي».
وتخضع مدن الأنبار، غرب العراق، لسيطرة تنظيم داعش، ومنها الرمادي والفلوجة والمناطق الغربية، وخلفت المواجهات بين القوات الأمنية والإرهابيين منذ عامين المئات من القتلى وأضعاف ذلك من الجرحى.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.