إسرائيل تتوقع ردًا محدودًا على اغتيال سمير القنطار

قواتها في حالة تأهب على الحدود والسفارات والمرافق في الخارج

درزيات من قرية عين كينيا في الجولان المحتلة يبكين سمير القنطار وفرحان الشعلان في مجلس عزاء أمس (أ.ب)
درزيات من قرية عين كينيا في الجولان المحتلة يبكين سمير القنطار وفرحان الشعلان في مجلس عزاء أمس (أ.ب)
TT

إسرائيل تتوقع ردًا محدودًا على اغتيال سمير القنطار

درزيات من قرية عين كينيا في الجولان المحتلة يبكين سمير القنطار وفرحان الشعلان في مجلس عزاء أمس (أ.ب)
درزيات من قرية عين كينيا في الجولان المحتلة يبكين سمير القنطار وفرحان الشعلان في مجلس عزاء أمس (أ.ب)

في أعقاب اغتيال الأسير اللبناني المحرر، المنتمي إلى حزب الله، سمير القنطار، والاتهام الصريح لإسرائيل بتنفيذ العملية، وضع جيش الاحتلال الإسرائيلي والشاباك (المخابرات العامة) والموساد (المخابرات الخارجية)، على أهبة الاستعداد لمواجهة رد سريع متوقع من حزب الله في أي لحظة. وقالت مصادر إسرائيلية رفيعة، إن «الاغتيال شكل ضربة شديدة لحزب الله وحلفائه، جاءتهم في عز ضعفهم، وهم يتهموننا مباشرة، لذلك فإن المتوقع أن يردوا بقوة لعل ردهم يعيد لهم بعض الهيبة». لكن محللين ومراقبين ممن يلتقون مسؤولي الأمن الإسرائيلي، أكدوا أن الرد المتوقع سيكون محدودا ولن يقود إلى حرب شاملة.
وقد رفض المسؤولون الإسرائيليون، كالعادة، نفي أو تأكيد مسؤوليتهم عن عملية الاغتيال، ولكن الفرح العارم بنجاح العملية، والترحيب الشديد بها علنا، والإشادة بمنفذيها، كانت بمثابة أكثر من تلميح بأن العملية تمت بأيديهم، وقد أبدوا حماسا غير عادي للاغتيال. وفي مستهل جلسة الحكومة العادية، صباح أمس، تعمد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التأكيد على أنه يواصل بذل كل جهد لمواجهة ما سماه الإرهاب الذي تخطط له تنظيمات ضد إسرائيل. وبدت وسائل الإعلام الإسرائيلية محتفلة بالحدث، ولم تكف عن بث التقارير عن القنطار وتاريخه العسكري وخططه للمستقبل، في تحويل الحدود السورية الهادئة طيلة 40 عاما، إلى حدود ملتهبة بالعمليات ضد إسرائيل.
وقال عضو الكنيست إيال بن رؤوفين، من كتلة المعسكر الصهيوني المعارض، وهو جنرال سابق في الجيش تولى، في الماضي، منصب النائب السابق لقائد الجبهة الشمالية للجيش الاحتلال، إن المسؤولين في الجيش الإسرائيلي والاستخبارات وسلاح الجو وآخرين، يستحقون كل المديح بعد تصفية سمير القنطار وقيادي آخر في حزب الله، بعملية عسكرية شائكة ومعقدة فجر اليوم، بحسب مصادر أجنبية. وأضاف: إنه «وبعد تحريره في صفقة ريغف وغولدفاسير (وهما جنديان إسرائيليان أسرهما حزب الله)، واصل (القنطار) نشاطه في حزب الله، وأقام قاعدة إرهابية في هضبة الجولان السورية ضد دولة إسرائيل». وتابع بن رؤوفين: «لا شك في أن الجيش الإسرائيلي يستعد لرد فعل محتمل، وعلى الأرجح أن رد فعل كهذا، إذا حدث، سيكون مدروسا ومحدودا، وليس من أجل إشعال المنطقة بحرب شاملة».
وكانت مصادر إعلامية ورسمية في سوريا ولبنان، ذكرت أن القنطار قتل في غارة إسرائيلية على مبنى قرب دمشق، فجر أمس، كان يوجد فيه مع آخرين. لكن أحدا لم يذكر بشكل محدد، كيف تمت الجريمة. وعرضت ثلاث روايات للقصة:
الرواية الأولى: أصدرها حزب الله، الذي أعلن في وسائل إعلامه والصحف المقربة منه، أن طائرتين إسرائيليّتين اخترقتا الأجواء السورية، أمس، وأطلقتا أربعة صواريخ طويلة المدى، نحو المبنى المكون من ستّة طوابق، ويقطنه القنطار وعدد من جنود وضبّاط الجيش السوري في جرمانا، وتسّبب القصف في انهيار المبنى بأكمله.
الرواية الثانية: وقدمتها وسائل إعلام مقربّة من النظام السوري، قالت إن الطائرات الإسرائيليّة لم تخترق الأجواء السورية، إنما حلّقت، عند العاشرة والنصف مساءً، فوق بحيرة طبريا، وأطلقت صواريخ بعيدة المدى موجّهة نحو المنزل الذي يقطنه القنطار، مما أدى إلى تدمير المنزل ومقتل القنطار فورًا جرّاء الغارة.
أما الرواية الثالثة: التي أعلنها محللون عسكريون إسرائيليون، فقالت إن القصف الذي استهدف المنزل تم بصواريخ أرض – أرض من العمق الإسرائيلي، أو من القواعد العسكرية في الجولان السوري المحتل. وأشاروا إلى أن المخابرات الإسرائيليّة على الرغم من الفوضى في المنطقة، ما زالت قادرة على ملاحقة أعضاء حزب الله وإلحاق الأذى بهم، في استهداف شخصي موضعي مركّز في سوريا ولبنان.
يُذكر أن إسرائيل أعلنت من قبل، أن تنسيقًا للعمليات الجوية في الأجواء السورية، يجري بين سلاحي الجو الروسي والإسرائيلي، في حين أعلنت روسيا، أنها زوّدت سوريا بصواريخ «إس - 400» القادرة على إسقاط الطائرات الإسرائيليّة.
وتعالت في إسرائيل أصوات تعبر عن الفرح باغتيال القنطار واعتبرت اغتياله انتقاما للعملية التي نفذها في نهريا في سنة 1974. وقال وزير الإسكان الإسرائيلي والضابط في الاحتياط برتبة لواء، يوآف غالانت، للإذاعة الإسرائيلية: «لا أنفي ولا أؤكد أن إسرائيل شنت الغارة واغتالت القنطار، ولكن حقيقة أن القنطار لم يعد على قيد الحياة هو أمر جيد». واعتبر رئيس «المعسكر الصهيوني» والمعارضة الإسرائيلية، يتسحاق هرتسوغ، أن «تصفية القنطار هي عدالة تاريخية. لقد كان إرهابيا ولم يتخلَ يوما واحدا عن طريق الإرهاب والقتل. والمنطقة آمنة من دونه».
وقال المحلل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، إن استهداف القنطار في سوريا يشكّل رسالة لإيران لا لحزب الله، وإن الرد، كذلك، يرتبط بإيران لا بحزب الله. وقال هرئيل إن المرحلة المقبلة تتعلق كثيرًا بإيران، فقد عبر حزب الله وإسرائيل أكثر من جولة توتر في السنوات الأخيرة، في الغالب كانت مشتقة من الحرب الأهلية في سوريا، فعلى الأراضي السورية قصفت إسرائيل الكثير من القوافل التي نقلت السلاح والعتاد لحزب الله، بالإضافة إلى استهداف خليّة حزب الله، التي أدّت إلى اغتيال جهاد عماد مغنيّة ورفاقه، وكادت تشعل حربًا في المنطقة بعدما استهدف حزب الله دورية إسرائيليّة على الحدود، ردًا على اغتيال مغنية الابن، مما تسبّب بمقتل جنديّين إسرائيليين. أما على الأراضي اللبنانيّة، فقد قصفت إسرائيل قافلة عتاد عسكري فور دخولها قادمة من سوريا، بالإضافة إلى استهداف شخصيات قيادية في معقل حزب الله، الضاحية الجنوبية لبيروت. وفي الكثير من الحوادث أعلاه، لم تتطرّق إسرائيل الرسميّة للحادث ولم تعلن مسؤوليتها عن أي من الحوادث، لكن في الأشهر الأخيرة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، صراحةً، أن الجيش الإسرائيلي يعمل من أجل إحباط تهريب السلاح لحزب الله.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.