«إفتاء» طرابلس ترفض اتفاق الصخيرات وحزب الإخوان يطالب الحكومة بالعمل

الجيش يواصل معاركه ضد المتطرفين في إجدابيا و«داعش» يهدم القبور في سرت

تلاميذ بمدرسة إبتدائية في مدينة بنغازي أثناء الحصة الأولى أمس بعد انقطاع عن الدراسة لأكثر من عام ونصف بسبب الاشتباكات بين الميليشيات وقوات الجيش (رويترز)
تلاميذ بمدرسة إبتدائية في مدينة بنغازي أثناء الحصة الأولى أمس بعد انقطاع عن الدراسة لأكثر من عام ونصف بسبب الاشتباكات بين الميليشيات وقوات الجيش (رويترز)
TT

«إفتاء» طرابلس ترفض اتفاق الصخيرات وحزب الإخوان يطالب الحكومة بالعمل

تلاميذ بمدرسة إبتدائية في مدينة بنغازي أثناء الحصة الأولى أمس بعد انقطاع عن الدراسة لأكثر من عام ونصف بسبب الاشتباكات بين الميليشيات وقوات الجيش (رويترز)
تلاميذ بمدرسة إبتدائية في مدينة بنغازي أثناء الحصة الأولى أمس بعد انقطاع عن الدراسة لأكثر من عام ونصف بسبب الاشتباكات بين الميليشيات وقوات الجيش (رويترز)

اعتبرت أمس دار الإفتاء الموالية للسلطات غير الشرعية في ليبيا، أن التوقيع على اتفاق الصخيرات برعاية بعثة الأمم المتحدة بين البرلمانيين الحالي والسابق، «غيرَ مُعتدٍّ بهِ شرعًا لأنّه صادرٌ عن جهة ليست لهَا ولاية شرعية، ولا هي مُخولَة بالتوقيعِ على هذه الوثيقة».
ورأت الدار في فتوى أصدرها مجلس البحوث والدراسات الشرعية التابع لها ونشرتها صحفتها الرسمية على موقع التوصل الاجتماعي «فيسبوك»، «أنّ مَن حضرَ مِن غيرِ أعضاءِ المؤتمرِ والبرلمانِ، ليست لهم ولاية أصلاً، فلا يُمثلون أحدًا شرعًا، أمّا أعضاءُ المؤتمرِ والبرلمانِ الموقعونَ على الوثيقة، فإنهم غيرُ مخوّلينَ مِن طرف المؤتمرِ، ولا مِن طرفِ البرلمانِ، ولذا فإنّ توقيعَهم على هذا الاتفاقِ بهذه الصفة، هو أمرٌ لا يجوزُ شرعًا، ولا قانونًا، ويلزمُهم الرجوعُ إلى جماعة المسلمين».
وطالبت الموقعينَ على هذه الوثيقة بـ«مراجعة مواقفِهِم، والإنصاتِ إلى صوتِ العقلِ، وألا يكونوا سَببا في مزيدٍ مِن الاقتتالِ والفوضَى، بينَ أبناء شعبهم».
ودعت في المقابل المجتمعَ الدولي إلى الوقوفِ مع الشعبِ الليبيّ، في مطالبِهِ العادلة، كما وَقَفَ عندَ قيامِ الثورة، دونَ تدخلٍ في شُؤونِهِ، وقالت: إنها تحمل كلَّ الأطرافِ الموقعة على الوثيقة، مسؤولية التعجّلِ في توقيعِ الاتفاقِ، دونَ توافقٍ حقيقيّ، وما قدْ يحصلُ مِن تداعياتٍ خطيرة، ناشئة عن عدمِ قَبولِ الشعبِ الليبي لهذه التسوية المفروضة عليهِ.
وقال المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته المتواجد في العاصمة طرابلس، في بيان له إن لجنته السياسية ناقشت أمس مجددا آخر التطورات على المشهد السياسي الليبي في ضوء إعلان التوقيع على مسودة الأمم المتحدة من أطراف غير مخولة «لا بالمشاركة ولا بالتوقيع» على هذه المخرجات غير التوافقية، على حد تعبيره.
من جهته، حث حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، على مباشرة أعمالها، وفتح قنوات تواصل مع جميع أطياف الشعب الليبي دون استثناء.
وقال الحزب في بيان أصدره أمس إنه «سخّر كل طاقاته وإمكانياته من أجل الوصول إلى هذه اللحظة التاريخية»، لافتا إلى أنه يدرك أن «هذا الاتفاق هو الممكن في ظل الظروف التي تمر بها البلاد، وأنه الخطوة الأولى للبدء في بناء الدولة وصناعة دستورها».
ودعا الحزب كافة أبناء الشعب «لدعم الاتفاق والأجسام المنبثقة عنه، وإعطاء الفرصة الكافية لحكومة التوافق الوطني لأداء عملها، وعدم إطلاق الأحكام عليها قبل البدء في تنفيذ برنامجها المتفق عليه».
من جهتها، أعلنت قبيلة العبيدات في طبرق بأقصى الشرق التي يتخذها مجلس النواب مقرا مؤقتا له، عن تأييدها لحكومة السراج، وتعهدت بحماية الحكومة وأعضاء مجلس النواب.
وينص الاتفاق على تشكيل حكومة وفاق وطني، تقود مرحلة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات تشريعية في حدود عامين كحد أقصى، وتوسيع المجلس الرئاسي ليتكوّن من تسعة أشخاص، رئيس وخمسة نواب وثلاثة وزراء دولة.
وبموجب الاتفاق السياسي الذي تمت المصادقة عليه، فإن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني يضع فايز السراج رئيسًا للحكومة، وخمسة نواب للرئيس (أحمد معيتيق، فتحي المجبري، علي القطراني، موسى الكوني، عبد السلام كاجمان)، بالإضافة إلى ثلاثة وزراء دولة (عمر الأسود لشؤون مجلس الوزراء والتشريع، محمد عماري زايد لشؤون المجالس المتخصصة، أحمد المهدي لشؤون المجتمع المدني).
ورحبت الدول الغربية والمنظمات الدولية وعلى نطاق واسع، بالاتفاق السياسي الليبي الذي تم توقيعه برعاية الأمم المتحدة في الصخيرات المغربية، معتبرة أن الاتفاق يمهد لإنهاء حالة الانقسام والفوضى التي عصفت بالبلاد.
عسكريا، واصل الجيش الليبي قصف مواقع للمتطرفين في مدينة إجدابيا بشرق البلاد، بينما جرت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة في منطقة 7 أكتوبر السكنية، بين قوات الجيش المدعوم بشباب المنطقة ضد مجلس شورى ثوار إجدابيا المتطرف.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن مسؤول عسكري، أن الجيش قصف منزل القيادي في مجلس شورى ثوار إجدابيا الإرهابي المدعو أبريك الزوي المعروف بـ«أبريك المصرية».
كما أعلن أن سلاح الجو استهدف تجمعًا لميليشيات «داعش» في منطقة سوق الحوت في مدينة بنغازي.
لكن الجماعات الإرهابية ردت بقصف مقر كلية الهندسة بجامعة بنغازي الذي أظهرت لقطات مصورة له تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها اشتعاله بالكامل وسط تصاعد لألسنة اللهب وللدخان الكثيف.
وفى مدينة سرت الساحلية مسقط رأس الراحل معمر القذافي، وزع المكتب الإعلامي (ولاية طرابلس) التابع لتنظيم داعش، تقريرا مصورا، يظهر قيام عناصر التنظيم وهي تتجول داخل أحد المقابر في سرت، ويحملون بأيديهم معاول وفؤوسا ومطارق حديدية، وتظهرهم أيضا يقومون بهدم القبور ذات البناء المرتفع. كما تظهر الصور سيارتين لمركز الحسبة، ويقوم عناصر بإنزال عدد من المعدات منها، وهو الجهاز الذي شكله التنظيم والمعني بمحاربة الظواهر المخالفة للشريعة. وكان «داعش» قد أعلن أنه ماض في «طمس التماثيل والمشاهد والمزارات والمراقد الشركية وتسويتها بالأرض»، في إشارة للمظاهر المخالفة للإسلام المنتشرة في ليبيا.
وفرض التنظيم سيطرته بالكامل على مدينة سرت التي تبعد نحو 450 كيلومترا شرق العاصمة طرابلس، بعد أن تمكن من طرد ميليشيات فجر ليبيا في يونيو (حزيران) الماضي الماضي، إثر معارك طاحنة استمرت لنحو 4 أشهر.
واستغل التنظيم المتشدد الذي يسيطر على مساحات من أراضي العراق وسوريا، الفراغ الأمني في ليبيا حيث تتصارع حكومتان على السلطة بعد أربعة أعوام من إسقاط حكم القذافي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.