ماراثون ملاحق خاصة يجتاح المجلات المصرية

أنعشت سوق توزيعها.. وسباق في تنويع مادتها وطرق إخراجها

ملحق خاص عن قيثارة السماء الشيخ محمد رفعت، ملحق الزواج الملكي الصادر عن المصور
ملحق خاص عن قيثارة السماء الشيخ محمد رفعت، ملحق الزواج الملكي الصادر عن المصور
TT

ماراثون ملاحق خاصة يجتاح المجلات المصرية

ملحق خاص عن قيثارة السماء الشيخ محمد رفعت، ملحق الزواج الملكي الصادر عن المصور
ملحق خاص عن قيثارة السماء الشيخ محمد رفعت، ملحق الزواج الملكي الصادر عن المصور

ماراثون ملاحق خاصة بدأ يجتاح المجلات المصرية الأسبوعية في محاولة للتغلب على كساد التوزيع وجذب القارئ، وإحياء تراث صحافي أصيل، على غرار الملاحق التي كانت تزخر بها المجلات قديمًا، بألوانها البراقة وصورها الجذابة وإخراجها المتميز، رغم إمكانيات الطباعة المحدودة في ذلك الزمان.
لا تزيد الملاحق في سعر البيع المحدد للمجلة، وبدأت بالفعل تجذب الجمهور، وكما يقول عدد من أشهر باعة الصحف في وسط العاصمة القاهرة، فإن ملحق مجلة المصور الأسبوعية، والذي خصصته بعنوان «القناطر الخيرية» وتصدر غلافه صورة الرئيس عبد الفتاح السيسي ساهم في نفاد العدد من الأسواق في فترة قصيرة، لافتًا إلى أن اهتمام المجلات بهذه الملاحق سيرفع حجم مبيعاتها، مشيرًا إلى أنه «على المجلات أن تعيد النظر في زيارة حجم توزيعها من جديد»، قائلا بعفوية شديدة: «نفسنا أيام زمان تعود تاني.. وتكون المجلات بالحجز ذي زمان».
ويرى خبراء إعلام أن «اتجاه المجلات لعمل ملاحق تتعلق بأماكن أو شخصيات أو مشاهير، هو محاولة منها للبقاء على الساحة في ظل عدم وجود إقبال على شراء الصحف والمجلات الورقية»، مشددين على ضرورة التنوع في الملاحق، واختيار موادها بعناية فائقة لحث القراء على الشراء. في حين قال رؤساء تحرير ومسؤولون في المجلات لـ«الشرق الأوسط» إن «المجلات اكتسبت قراء جددا عن طريق الملاحق، وما تنطوي عليه من أفكار شيقة وسهلة لتوصيل رسالة معينة تتعلق بأماكن أو أشخاص وليست عشوائية».
من جانبه، قال محمد عبد الحافظ رئيس تحرير مجلة «آخر ساعة» الصادرة عن مؤسسة «أخبار اليوم» الصحافية: «منذ توليت المسؤولية قبل عام وخمسة أشهر، وعقب ذلك فكرت في عمل ملحق للمرأة، أولا لأن سوق المرأة في الإعلانات رائج جدا، ثانيا لأن مؤسسة أخبار اليوم لديها كثير من الإصدارات والمجلات والصحف المتخصصة في كل المجالات، ليست من بينها المرأة»، مضيفا: «بدأنا بعمل ملحق (هي) داخل صفحات المجلة ووجدنا أن مبيعات المجلة رائعة، فقررنا وقتها إصداره كمجلة منفردة مع المجلة، لافتًا إلى أنه من وقت لآخر نصدر ملاحق متخصصة مثل ملحق (كأس السوبر) المصري، والفنان الراحل (عمر الشريف)، وثورة (30 يونيو) ، و(قناة السويس) فضلا عن عدد من الملاحق الشعبية، دون رفع قيمة سعر المجلة أو تحميل القارئ أي أعباء إضافية، إلى جانب قيامنا بإصدار أسطوانة مدمجة (سى دي) مع عدد المجلة».
وأضاف عبد الحافظ أن «فكرة الملاحق قديمة.. وقمنا في المجلات المصرية بإحيائها، وتعد سجلا في مكتبة القارئ، مثلما أصدرنا ملحق عن (قناة السويس) الذي يعد من أفضل الملاحق التي تم إصدارها.. ويضم معلومات يمكن الرجوع لها بعد سنوات طويلة».
وصدر العدد الأول من «آخر ساعة» عام 1946 كمجلة أسبوعية. وعن أفكار الملاحق، قال عبد الحافظ: «غالبا ما تكون في المناسبات.. وقريبا سوف نصدر ملحق (مجلة كومكس) أي القصة المصورة للشباب، لأنها الأكثر توزيعا في اليابان، ونحاول بقدر الإمكان مخاطبة لغة وأخلاق المجتمع؛ لكن دون إسفاف، لأننا نعلم أن المجلة تدخل كل بيت ويمسك بها جميع أفراد الأسرة صغارًا وكبارًا»، لافتًا إلى أنه حتى ملحق «هي» ليس به أي صورة خارجة حتى في الأزياء.
وحول مردود هذه الملاحق على توزيع المجلة، قال رئيس تحرير «آخر ساعة»: «التوزيع ارتفع بالفعل، فعندما أصدرنا ملحق (هي) تم زيادة سعر المجلة من جنيهين إلى ثلاثة، ورغم أننا رفعنا السعر؛ إلا أننا لم نخسر، وكسبنا قراء جددًا». لافتًا إلى أن «الملاحق في المجلات لن تعود بمكانتها في الصدارة والتي كانت قديما في عصرها الذهبي؛ لكن نحاول الحفاظ فقط على الوجود، خاصة في ظل المنافسة مع الصحافة الإلكترونية والفضائيات التي أصفها بأننا نواجه (غولا)»، موضحًا أنه على الدولة المصرية أن تحبب الأطفال الصغار في المطبوعة الورقية من الآن، حتى إذا ما كبروا لا يتركون القراءة نهائيا.
وتابع بقوله: «أتمنى منافسة الصحافة الإلكترونية والفضائيات ليس في السرعة؛ لكن أنافسهم في (الديليفري) بأن يجد كل قارئ مجلته (تحت باب شقته) دون أي تكاليف إضافية عليه وعلى أسرته؛ لكن ليحدث ذلك لا بد أن تتوفر التكاليف لذلك، بأن يكون هناك مثلا تكامل بين المؤسسات الصحافية العريقة لعمل كيان واحد كبير حتى تقل التكلفة، فمثلا مؤسسات (أخبار اليوم والأهرام والجمهورية) ملك للدولة وسهل جدا لهم الاندماج في كيان واحد وعمل شركة توزيع، حتى تقل تكلفة توصيل المجلات للمنازل».
من جهته، أكد غالي محمد رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال الصحافية، رئيس تحرير مجلة «المصور»، أن «فكرة الملاحق ليست بجديدة على مطبوعات دار الهلال»، لافتا إلى أنها موجودة منذ فترة؛ لكن تم تأصيلها مع نهاية العام الماضي.. فقد تزامن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي إصدار عدد تذكاري بمناسبة مرور 90 عاما على مجلة «المصور»، مضيفا: «عقب العدد التذكاري قمنا بتأسيس مركز الهلال للتراث الصحافي، وتم من خلاله إصدار ملاحق مختلفة ومتعددة عن شخصيات تاريخية وعن بعض الأماكن».
فيما قال عادل سعد مدير مركز الهلال للتراث الصحافي التابع لمؤسسة دار الهلال، الذي يقوم بإصدار الملاحق: «إن فكرة الملاحق مع مجلة (المصور) بدأت مع مرور 90 عاما على إصدار العدد الأول منها، وأنتجنا عددًا تذكاريًا بعنوان «المصور في 90 عاما» في 630 صفحة»، لافتًا إلى أن «هذا الملحق كان فاتحة خير تم على أثره عمل مركز الهلال للتراث الذي يتولى إصدار هذه الملاحق، وقمنا بإصدار ملاحق (مصطفي كامل) و(أيام سعد باشا زغلول) و(طلعت حرب) و(أيام أحمد عرابي) و(القناطر الخيرية)، فضلا عن (منيرة المهدية) في مجلة (الكواكب)».
وتعد مجلة «المصور» من أعرق المجلات في مصر وصدر العدد الأول منها في عام 1924.. وتضم مؤسسة دار الهلال مجلة «الهلال» الشهرية وصدر العدد الأول منها عام 1892، ومجلة «الكواكب» عام 1932، ومجلة «حواء» عام 1955.
وقال سعد إن «المصور» أصدرت العدد الذهبي بعنوان «الزواج الملكي» الذي يروي تفاصيل زواج الملك فاروق من الملكة فريدة، وكان الغلاف وقتها مُطعمًا بالذهب، لافتًا إلى أن «المركز بصدد إصدار أربعة ملاحق جديدة خلال الفترة المقبلة، الأول في «الكواكب» بعنوان «سيدات الطرب» من أيام المماليك وحتى القرن الماضي، وفي المصور ثلاثة ملاحق هي: «فيروز 80 سنة» و«أيام إسماعيل باشا» و«الزواج الملكي» وهو إعادة إصدار للملحق السابق بشكل جديد.
وكشف عادل سعد عن أن «المصور» بصدد إصدار ملحق عن الملك عبد العزيز آل سعود يتضمن صورا نادرة لزيارة الملك الراحل لمصر عام 1946، وسوف يكشف الملحق عن تفاصيل الزيارة، لافتًا إلى أن المركز أجرى اتفاقًا مع السعودية لإصدار عدد تذكاري يضم الموضوعات عن السعودية قديما.. وسوف يصدر في «المصور» وجاري الاتفاق على هذه المواد الآن.
وقال سعد: «إن هدفنا إعادة إصدار الإصدارات القديمة للمؤسسة ليتعرف عليها القارئ، ونحاول أن نحقق من خلالها مكاسب كبيرة».
وعن اختيار أفكار الملاحق، قال سعد: «إن الأفكار ليست عشوائية؛ بل نقدمها لتوصيل رسالة معنية، فمثلا تعمدنا إلقاء الضوء على (سعد زغلول) و(مصطفي كامل) لتتعرف الأجيال الجديدة عن تاريخهما، و(أحمد عرابي) لعرض المخاطر التي تعرضت لها مصر في عهده، وهي تتشابه الآن مع ما تتعرض له من مخاطر خارجية، وفي ملحق (القناطر الخيرية) أردنا توجيه رسالة للمطالبة بإنقاذها لتصبح مثل الريف الأوروبي، فهدفنا ليس تقديم الماضي فقط؛ بل توصيل رسالة معينة مثل ملحق (أيام إسماعيل) لنقول كيف كانت القاهرة قديما، للمطالبة بأن يكون فيها الآن تنسيق حضاري، لتكون أجمل عاصمة في العالم».
وحول مردود هذه الملاحق على القارئ، قال سعد: «لو أن هذه الملاحق كانت تخسر كانت لن تكمل الطريق؛ لكن توزيعها كبير جدا، فالعدد التذكاري قد حقق نجاحا كبيرا في التوزيع والعائد المالي على دار الهلال»، لافتا إلى أن من يدعي أن «الناس لا تقرأ أكذوبة.. فالكثيرون يشترون الملاحق لقراءتها».
من جهتهم، قال خبراء الإعلام إن «اتجاه المجلات إلى إصدار الملاحق المتخصصة لم يكن وليد الصدفة، وإنما جاء بعد دراسة متأنية للسوق»، مؤكدين أن «الملاحق باتت عنصر جذب للطبقة الشعبية والمثقفين، فضلا عن كونها تأريخا لحقب زمنية معينة يمكن الرجوع إليها في أي وقت».
في المقابل، نرى مجلة مثل «روز اليوسف» بمؤسسة «روز اليوسف» تحاول الحفاظ على شكلها المعتاد دون إصدار ملاحق، وقال إبراهيم خليل رئيس تحريرها، إن «المجلة تعد منتجًا متنوعًا في جميع أبوابها»، لافتًا إلى أن من طابع المجلة عدم إصدار أي ملاحق؛ «لكن قد تكون هناك أبواب جديدة نواجه ذلك بزيادة عدد الصفحات.. وصدر العدد الأول من (روز اليوسف) عام 1925 كمجلة أسبوعية».



فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
TT

فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)

قد يكون من الواجب المهني الاعتراف بأن الجميع أخطأ في قراءة مجريات المعركة الانتخابية، والمؤشرات التي كانت كلها تقود إلى أن دونالد ترمب في طريقه للعودة مرة ثانية إلى البيت الأبيض. وترافق ذلك مع حالة من الإنكار لما كانت استطلاعات الرأي تُشير إليه عن هموم الناخب الأميركي، والأخطاء التي أدّت إلى قلّة التنبُّه لـ«الأماكن المخفية»، التي كان ينبغي الالتفات إليها.

لا ثقة بالإعلام الإخباري

وبمعزل عن الدوافع التي دعت جيف بيزوس، مالك صحيفة «واشنطن بوست»، إلى القول بأن «الأميركيين لا يثقون بوسائل الإعلام الإخبارية» لتبرير الامتناع عن تأييد أي من المرشحيْن، تظل «الحقيقة المؤلمة» أن وسائل الإعلام الأميركية، خصوصاً الليبرالية منها، كانت سبباً رئيسياً، ستدفع الثمن باهظاً، جراء الدور الذي لعبته في تمويه الحقائق عن الهموم التي تقضّ مضاجع الأميركيين.

صباح يوم الأربعاء، ومع إعلان الفوز الكاسح لترمب، بدا الارتباك واضحاً على تلك المؤسسات المكتوبة منها أو المرئية. ومع بدء تقاذف المسؤوليات عن أسباب خسارة الديمقراطيين، كانت وسائل الإعلام هي الضحية.

وفي بلد يتمتع بصحافة فعّالة، كان لافتاً أن تظل الأوهام قائمة حتى يوم الانتخابات، حين أصرت عناوينها الرئيسية على أن الأميركيين يعيشون في واحد من «أقوى الاقتصادات» على الإطلاق، ومعدلات الجريمة في انخفاض، وعلى أن حكام «الولايات الحمراء» يُضخّمون مشكلة المهاجرين، وأن كبرى القضايا هي المناخ والعنصرية والإجهاض وحقوق المتحولين جنسياً.

في هذا الوقت، وفي حين كان الجمهوريون يُسجلون زيادة غير مسبوقة في أعداد الناخبين، والتصويت المبكر، ويستفيدون من التحوّلات الديموغرافية التي تشير إلى انزياح مزيد من الناخبين ذوي البشرة السمراء واللاتينيين نحو تأييد ترمب والجمهوريين، أصرّت العناوين الرئيسية على أن كامالا هاريس ستفوز بموجة من النساء في الضواحي.

جيف بيزوس مالك «واشنطن بوست» (رويترز)

عجز عن فهم أسباب التصويت لترمب

من جهة ثانية، صحيفة «وول ستريت جورنال»، مع أنها محسوبة على الجمهوريين المعتدلين، وأسهمت استطلاعاتها هي الأخرى في خلق صورة خدعت كثيرين، تساءلت عمّا إذا كان الديمقراطيون الذين يشعرون بالصدمة من خسارتهم، سيُعيدون تقييم خطابهم وبرنامجهم السياسي، وكذلك الإعلام المنحاز لهم، لمعرفة لماذا صوّت الأميركيون لترمب، ولماذا غاب ذلك عنهم؟

في أي حال، رغم رهان تلك المؤسسات على أن عودة ترمب ستتيح لها تدفقاً جديداً للاشتراكات، كما جرى عام 2016، يرى البعض أن عودته الجديدة ستكون أكثر هدوءاً مما كانت عليه في إدارته الأولى، لأن بعض القراء سئِموا أو استنفدوا من التغطية الإخبارية السائدة.

وحتى مع متابعة المشاهدين لنتائج الانتخابات، يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر، ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق. وبغضّ النظر عن زيادة عدد المشاهدين في الأمد القريب، يرى هؤلاء أن على المسؤولين التنفيذيين في وسائل الإعلام الإخبارية وضع مهامهم طويلة الأجل قبل مخاوفهم التجارية قصيرة الأجل، أو المخاطرة «بتنفير» جماهيرهم لسنوات مقبلة.

وهنا يرى فرانك سيزنو، الأستاذ في جامعة «جورج واشنطن» ورئيس مكتب واشنطن السابق لشبكة «سي إن إن» أنه «من المرجح أن يكون عهد ترمب الثاني مختلفاً تماماً عمّا رأيناه من قبل. وسيحمل هذا عواقب وخيمة، وقيمة إخبارية، وينشّط وسائل الإعلام اليمينية، ويثير ذعر اليسار». ويضيف سيزنو «من الأهمية بمكان أن تفكر هذه القنوات في تقييماتها، وأن تفكر أيضاً بعمق في الخدمة العامة التي من المفترض أن تلعبها، حتى في سوق تنافسية للغاية يقودها القطاع الخاص».

صعود الإعلام الرقمي

في هذه الأثناء، يرى آخرون أن المستفيدين المحتملين الآخرين من دورة الأخبار عالية الكثافة بعد فوز ترمب، هم صانعو الـ«بودكاست» والإعلام الرقمي وغيرهم من المبدعين عبر الإنترنت، الذين اجتذبهم ترمب وكامالا هاريس خلال الفترة التي سبقت الانتخابات. وهو ما عُدَّ إشارة إلى أن القوة الزائدة للأصوات المؤثرة خارج وسائل الإعلام الرئيسية ستتواصل في أعقاب الانتخابات.

وفي هذا الإطار، قال كريس بالف، الذي يرأس شركة إعلامية تنتج بودكاست، لصحيفة «نيويورك تايمز» معلّقاً: «لقد بنى هؤلاء المبدعون جمهوراً كبيراً ومخلصاً حقّاً. ومن الواضح أن هذا هو الأمر الذي يتّجه إليه استهلاك وسائل الإعلام، ومن ثم، فإن هذا هو المكان الذي يحتاج المرشحون السياسيون إلى الذهاب إليه للوصول إلى هذا الجمهور».

والواقع، لم يخسر الديمقراطيون بصورة سيئة فحسب، بل أيضاً تحطّمت البنية الإعلامية التقليدية المتعاطفة مع آرائهم والمعادية لترمب، وهذا ما أدى إلى تنشيط وسائل الإعلام غير التقليدية، وبدأت في دفع الرجال من البيئتين الهسبانيكية (الأميركية اللاتينية) والفريقية (السوداء) بعيداً عنهم، خصوصاً، العمال منهم.

يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق

تهميش الإعلام التقليدي

لقد كانت الإحصاءات تشير إلى أن ما يقرب من 50 مليون شخص، قد أصغوا إلى «بودكاست» جو روغان مع ترمب، حين قدم تقييماً أكثر دقة لمواقفه ولمخاوف البلاد من المقالات والتحليلات التي حفلت بها وسائل الإعلام التقليدية، عن «سلطويته» و«فاشيته» لتدمير المناخ وحقوق الإجهاض والديمقراطية. ومع ذلك، لا تزال وسائل الإعلام، خصوصاً الليبرالية منها، تلزم الصمت في تقييم ما جرى، رغم أن توجّه الناخبين نحو الوسائل الجديدة عُدّ تهميشاً لها من قِبَل الناخبين، لمصلحة مذيعين ومؤثّرين يثقون بهم. وبالمناسبة، فإن روغان، الذي يُعد من أكبر المؤثّرين، ويتابعه ملايين الأميركيين، وصفته «سي إن إن» عام 2020 بأنه «يميل إلى الليبرالية»، وكان من أشد المؤيدين للسيناتور اليساري بيرني ساندرز، وقد خسره الديمقراطيون في الانتخابات الأخيرة عند إعلانه دعمه لترمب. وبدا أن خطاب ساندرز الذي انتقد فيه حزبه جراء ابتعاده عن الطبقة العاملة التي تخلّت عنه، أقرب إلى ترمب منه إلى نُخب حزبه، كما بدا الأخير بدوره أقرب إلى ساندرز من أغنياء حزبه الجمهوري.