خبراء: صعوبات تعترض تطبيق قرار مجلس الأمن حول إنهاء النزاع السوري

قالوا إن الوضع الميداني قد ينسف كل شيء

خبراء: صعوبات تعترض تطبيق قرار مجلس الأمن حول إنهاء النزاع السوري
TT

خبراء: صعوبات تعترض تطبيق قرار مجلس الأمن حول إنهاء النزاع السوري

خبراء: صعوبات تعترض تطبيق قرار مجلس الأمن حول إنهاء النزاع السوري

يشكل تبني مجلس الأمن وبالإجماع لقرار دولي حول سوريا خطوة غير مسبوقة في إطار المساعي السياسية المبذولة لإنهاء النزاع المستمر منذ نحو خمس سنوات، لكن صعوبات عملية تعترض بدء تطبيق بنود هذا الاتفاق، وفق ما يؤكد محللون ومعارضون لدمشق.
ومررت القوى الكبرى في مجلس الأمن وبينها روسيا قرارا دوليا الجمعة الماضي يدعو إلى وقف لإطلاق النار على كل الأراضي السورية، وبدء مفاوضات رسمية حول عملية انتقال سياسي بين ممثلين عن النظام والمعارضة اعتبارا من مطلع يناير (كانون الثاني) المقبل.
ويقول مدير الأبحاث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية كريم بيطار لوكالة الصحافة الفرنسية: «هذه خطوة أولى هامة جدا، ولكن هناك كثير من النقاط الغامضة والدوافع الخفية». ويرى بيطار أن «اللحظة الراهنة ملائمة للتوصل إلى حل والإجماع في مجلس الأمن خير دليل، لكن الوضع الميداني قادر على نسف كل شيء»، موضحا على سبيل المثال أن «القرار ينص على وقف لإطلاق النار ومرحلة انتقالية، ولكنه لا يعتبر وقف إطلاق النار شرطا ملزما».
ويرى نشار أنه «انطلاقا من الوضع الميداني القائم حاليا ومن تجاهل القرار التطرق إلى مصير الأسد، يمكن القول إن الاتفاق ليس قابلا للتطبيق عمليا». وتتمسك المعارضة السورية والفصائل المقاتلة بمطلب رحيل الأسد عن السلطة وبمقررات مؤتمر «جنيف- 1» الذي نص أبرز بنوده على تشكيل هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة. ويعني هذا البند وفق المعارضة والقوى الدولية الداعمة لها أنه لا يوجد دور محتمل للأسد في المرحلة الانتقالية، في حين تتمسك موسكو ببقاء الأسد. ويشترط اتفاق الرياض الذي تم التوصل إليه بعد مؤتمر استمر ليومين، وشاركت فيه قرابة مائة شخصية سياسية وممثلة لفصائل عسكرية، رحيل الأسد مع «بدء المرحلة الانتقالية».
وفي 14 نوفمبر (تشرين الثاني)، توصلت الدول الكبرى في فيينا إلى خريطة طريق تنص على تشكيل حكومة انتقالية، وإجراء انتخابات، وعقد مباحثات بين الحكومة والمعارضة بحلول بداية يناير، من دون الاتفاق على مصير الأسد. لكن المواقف الدولية الصادرة في الأسابيع الأخيرة بدت أكثر مرونة تجاه مشاركة الأسد في الجهود المبذولة لإنهاء الصراع في سوريا.
ويقول بيطار: «بقدر ما يبدو أن الروس والأميركيين مستعدون للتوصل إلى تسوية مؤقتة، بقدر ما تستمر خشية قوى إقليمية من أن تؤدي هذه البراغماتية إلى إطالة أمد الوضع الراهن، وتسمح ببقاء الأسد خلال فترة انتقال طويلة». وعبرت دول مجلس التعاون الخليجي الخميس الماضي عن دعمها لحل سياسي في سوريا وفقا لبيان «جنيف- 1»، تزامنا مع تأكيد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أنه على الأسد أن يترك السلطة عبر «التفاوض» أو «القتال». ويرى نشار أن «ما حصل في مجلس الأمن هو أن الأميركيين والروس أعطوا الأولوية لمصالحهما وقاما بفرضها على الدول الأخرى». في المقابل، تصر دمشق على أن «نجاح أي مسار سياسي في سوريا يتطلب انخراط الحكومة السورية فيه كشريك أساسي» على حد تعبير مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري في مجلس الأمن. وقال الأسد في مقابلة مع قناة تلفزيونية هولندية الخميس الماضي إن الحرب الدائرة في بلاده يمكن أن تنتهي «خلال أقل من عام» بشرط أن يركز الحل على مكافحة الإرهاب عوضا عن محاولة «التخلص من هذا الرئيس أو الإطاحة به».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.