يعد فوز ليستر سيتي على تشيلسي بمثابة انتصار لمبدأ وحدة الصف على الأسماء اللامعة، في الوقت الذي يبقى خط الدفاع البطل الأول بين أبناء كلاوديو رانييري.
في لحظة مبكرة من الشوط الثاني من لقاء الاثنين الماضي بين ليستر سيتي وتشيلسي، عمل ويس مورغان، مدافع ليستر سيتي، على تفادي بيدرو اللاعب المتقدم في صفوف تشيلسي، ليجد نفسه في مواجهة زميله دييغو كوستا.
ومن خلال بعض حركات المراوغة بالجزء الأعلى من جسده، نجح مورغان في خداع كوستا بالتحرك في المساحة الواقعة إلى يساره لينطلق هو بعيدًا - هذا هو ويس مورغان. والعجيب بالأمر أن هذا هو ذات ويس مورغان الذي تحول اسمه العام الماضي لمرادف للأخطاء المتكررة وسوء الحظ الذي بلغ ذروته في سقوطه عن غير قصد خلال لقاء فريقه وليفربول.
بعد تسجيل تشيلسي لهدف قلل النتيجة إلى 1 / 2، كان من المتوقع أن يزيد من الضغط على الخصم. وتشير الأرقام إلى أن مجمل الفترة التي شكل خلالها لاعبو تشيلسي تهديدًا حقيقيًا لخصمهم بلغ الـ18 دقيقة التي كانت متبقية في عمر المباراة، تشمل وقت توقف اللعب لإصابة أحد اللاعبين. وحتى خطر تشيلسي خلال هذه الدقائق جاء متقطعًا. ونجح مورغان في الفوز بضربة رأس تلو الأخرى، حتى تحول اسمه بمرور الوقت من مرادف للضعف البائس إلى رمز للأداء القوي الجاد.
بعد المباراة، تحدث مدرب ليستر سيتي، كلاوديو رانييري عن مدى براعة أداء كل من آندي كينغ وغوخان أينلر، بجانب إشادته بالروح التي سادت الفريق، قائلاً: «إننا فريق يسوده الود». وأشار إلى أن هناك وحدة صف تجمع أفراد الفريق تمتد إلى لاعبي الاحتياط. ورغم الإصابة التي يعانيها بالركبة، لم يتوقع أينلر أن يبعده عن الملعب داني درينكووتر ونيكولو كانتي. وإذا صدق هذا، فإنه يكشف الكثير عن المناخ العام الذي خلقه رانييري داخل الفريق.
وفيما يخص مواجهة الاثنين الماضي، من المستحيل تحاشي عقد مقارنة بين ليستر سيتي وتشيلسي. في إحدى لحظات اللقاء، صب دييغو كوستا جام غضبه على خط دفاعه، في الوقت الذي يبدو واضحًا أن العلاقة بين المدرب جوزيه مورينهو ومهاجم تشيلسي إيدن هازارد وصلت مرحلة متوترة. ورغم أنه بالتأكيد يسود أي فريق روح أفضل عندما يكون فائزًا، لكنه حتى في هذه الأوقات من الصعب التظاهر بأن لاعبي تشيلسي كانت تغمرهم سعادة، فالحالة المزاجية من بين العناصر المهمة بالفريق شيء مؤثر في عالم كرة القدم. ورغم أن الإحصاءات الجامدة تنكر أي دور للروح المعنوية أو عامل الثقة لدى اللاعبين، فإن أي شخص مارس أيًا من أنواع الرياضة يعي جيدًا أن هناك أيامًا يشعر خلالها الإنسان بأنه يجب أن يعمل كل ما بوسعه لتجنب أي خطأ أو هزيمة مهما كان صغيرا، بينما تمر عليه أيام أخرى يشعر بلا مبالاة تجاه كل شيء.
الملاحظ أنه من الأدوات المفضلة لدى محللي كرة القدم هذه الأيام مسألة الأهداف المتوقعة، والتي تعمل بصورة أساسية على تقييم فرص فريق ما من حيث عدد خياراته ومستوى جودتها، ومحاولة تحديد عدد الأهداف التي «كان ينبغي» على فريق ما تسجيلها في لقاء معين. وقد أشار أرسين فينغر، مدرب آرسنال، إلى هذا الأمر مؤخرًا في شرحه لسبب نقله آرون رامزي إلى مركز محوري. أيضًا، أشارت الحسابات الرياضية إلى أن نتائج سوانزي سيتي تفوق مستوى أدائه قبل حالة التراجع التي كبدت المدرب غاري مونك وظيفته.
وتبعًا لموقع (11 ضد 11) الهولندي، كان ينبغي أن يفوز تشيلسي بما يتراوح بين 2022.077 هدف تبعًا لمقياس الأهداف المتوقعة. وهنا تحديدًا تظهر أهمية الحالة المزاجية للاعبين، فبمجرد انطلاق ليستر سيتي لم تمر لحظة في المباراة بدت خلالها إمكانية لفوز تشيلسي. ورغم الضغط الذي مارسه الأخير خلال النصف ساعة الأخيرة من المباراة وتحوله للاعتماد على ثلاثة مهاجمين للضغط على حارس مرمى ليستر سيتي، فإن وهج هذه الموجة الحماسية سرعان ما تلاشى. وبوجه عام، بدا ليستر سيتي أكثر حدة ورشاقة وإبداعًا، بينما بدا تشيلسي ثقيل الخطى ويفرط في التفكير قبل كل خطوة.
من جانبه، تحدث مورينهو عن افتقار كوستا إلى الثقة والتأثير الذي خلفه ذلك ليس على قدرته على تحويل الفرص إلى أهداف فحسب، وإنما كذلك على حركته. وأشار إلى أن كوستا تحرك بعيدًا عن المنطقة التي تصل فيها خطورته لذروتها. لهذا، بدا تشيلسي أكثر تهديدًا مع تحرك ريمي نحو الأمام وتوفيره لزملائه وجودا داخل منطقة جزاء الخصم. ومع ذلك، أبدى مورينهو ترددًا حيال تأييد فكرة تكرار هذا الأمر لأن الدفع بلاعب إضافي للأمام سيمثل عبئًا على خط الوسط.
في الواقع، غياب كوستا عن المستوى المناسب يثير التساؤلات حول جدوى سياسات النادي في شراء اللاعبين. كما أن شراء راداميل فالكاو بالنظر إلى مستواه الموسم الماضي وسجله الحديث في الإصابات، يعتبر على أقل تقدير مخاطرة كبيرة. وترتب على ذلك أن مورينهو، بالنظر إلى تردده حيال الاعتماد على لاعبين صغار، لم يجد أمامه خيار سوى الاعتماد على كوستا. بيد أن الحالة المزاجية ليست المشكلة الوحيدة التي تواجه المهاجمين، وإنما هم معرضون في أي لحظة لحالة من فقدان التركيز أو الحماس أو الثقة.
من ناحية أخرى، فإنه يمكن تفهم حديث مورينهو (قبل إقالته) عن شعوره بالتعرض لـ«الخيانة»، وخاصة أنه عمل على إعداد فريقه على مواجهة هذا النمط تحديدًا من الحالة المزاجية، ومع ذلك لا يزالون يقعون في الأخطاء. ورغم ذلك، يبقى من الواجب على مورينهو تحمل المسؤولية عن الحالة المزاجية للاعبيه، وإعلان أنهم خانوه يبدو أكثر احتملاً لأن يثير السخط في نفوسهم عن إثارته لاستجابة إيجابية.
لقد تزايدت التشابهات بين مسيرة مورينهو في ريال مدريد وتشيلسي، ويبدو أن اللجوء للحديث عن الخيانة أصبح الملاذ الذي يلجأ إليه المدرب لإبعاد نفسه عن اتهامات الفشل والمسارعة بإلقاء اللوم على آخرين.
على النقيض، نجد أن فريق رانييري الأكثر هدوءًا وثقة بالنفس كان باستطاعته تسجيل مزيد من الأهداف. وبدت نتيجة لقائه الأخير بتشيلسي أشبه بانتقام قادم من صديق، فبعد 11 عامًا من تخلي مورينهو عنه لافتقاره إلى الشدة اللازمة، يجد رانييري نفسه متقدمًا عنه في جدول ترتيب الأندية بفارق 20 نقطة.
ويس مورغان يجسد «معجزة» ليستر سيتي
رانييري نجح في إعادة الثقة للاعبين وصفوا بالفاشلين
ويس مورغان يجسد «معجزة» ليستر سيتي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة