البيشمركة تتصدى لهجمات شنها «داعش» على مواقعها

التنظيم ينقل غالبية مسلحيه الأجانب إلى الموصل

مقاتلون من قوات البيشمركة أثناء تصديهم لهجوم مسلحي داعش أمس من الاول في محور بعشيقة (الشرق الأوسط).jpg
مقاتلون من قوات البيشمركة أثناء تصديهم لهجوم مسلحي داعش أمس من الاول في محور بعشيقة (الشرق الأوسط).jpg
TT

البيشمركة تتصدى لهجمات شنها «داعش» على مواقعها

مقاتلون من قوات البيشمركة أثناء تصديهم لهجوم مسلحي داعش أمس من الاول في محور بعشيقة (الشرق الأوسط).jpg
مقاتلون من قوات البيشمركة أثناء تصديهم لهجوم مسلحي داعش أمس من الاول في محور بعشيقة (الشرق الأوسط).jpg

تصدت قوات البيشمركة، وبإسناد من طيران التحالف الدولي، لهجمات شنها مسلحو تنظيم داعش، على مواقعها في سبعة محاور بعد معارك ضارية اندلعت مساء أول من أمس، واستمرت في بعض المحاور حتى فجر أمس، وقتل خلالها العشرات من مسلحي «داعش»، بينما جرح أربعة مدربين أتراك، إثر هجوم للتنظيم استهدف معسكر ميليشيات الحشد قرب الموصل.
وقال بيان لمجلس أمن الإقليم، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «قوات البيشمركة قتلت أكثر من سبعين إرهابيًا من (داعش)، خلال تصديها لهجمات شنها التنظيم على مواقعها في محاور ناوران وبعشيقة وتل أسود والخازر وجبل زردك، ودمرت إحدى عشرة عجلة من عجلات التنظيم، ثلاث منها كانت مفخخة»، مضيفًا أن «طيران التحالف الدولي استهدف عناصر التنظيم أثناء الهجوم بنحو ما يقرب من 25 غارة جوية».
من جانبه، قال رزكار عباس، أحد قادة البيشمركة في الخط الأمامي لمحور بعشيقة، لـ«الشرق الأوسط»: «شن مسلحو التنظيم هجومًا موسعًا على مواقع البيشمركة بالراجمات ومدافع الهاون والمدفعية الثقيلة، وحاولوا السيطرة على منعطفات بعشيقة والطريق الرئيسي، ومن ثم صعود الجبل للسيطرة عليه، لكن قوات البيشمركة تصدت لهم وأجبرتهم على الفرار، وقتلت منهم العشرات، وما زالت جثثهم مرمية في ساحة المعركة»، مضيفا أن «التنظيم استخدم في الهجوم أسلحة ثقيلة وحديثة جاء بها من الموصل».
في غضون ذلك، شن مسلحو التنظيم هجومًا موسعًا على معسكر ميليشيات الحشد من أبناء محافظة نينوى، في منطقة زيلكان التابعة لناحية بعشيقة، التي يوجد فيها مدربون أتراك، وقال القيادي في «ائتلاف متحدون»، علي رجب الربيعي، لـ«الشرق الأوسط»: «هاجم مسلحو (داعش) عصر أمس، معسكر (الحشد) في منطقة زيلكان بالعشرات من قذائف المدفعية والهاون، ورافق القصف هجوم عدد من مسلحي التنظيم الانتحاريين القادمين من ناحية بعشيقة على المعسكر»، وأضاف: «لكن قوات البيشمركة و(الحشد) وبإسناد من طيران التحالف الدولي تصدت لهم وقتلت منهم أربعة انتحاريين وألحقت بهم خسائر كبرى، وقتلت وأصابت العشرات منهم».
وأفاد الربيعي بأنه «في المقابل أسفرت المعركة عن مقتل ثلاثة من مقاتلي (الحشد) وإصابة ثلاثة آخرين، بينما أصيب أربعة من المدربين العسكريين الأتراك الموجودين في المعسكر بجروح إثر المعركة».
وتابع: «هذا يثبت صحة وجهة النظر التركية بضرورة وجود قوات مدرعة لحماية المدربين الأتراك، وهذا الهجوم أثبت صحة وجهة نظر قيادة (الحشد) لتحرير نينوى، بأن الحكومة العراقية عاجزة عن توفير الأمن للمعسكرات وللمدنيين، وبالتالي تصبح الضرورة ملحة لانضمام العراق إلى التحالف العربي الإسلامي لتقديم الدعم اللازم لتحقيق الانتصار في هذه المعركة».
وفي سياق متصل كشف حسين يزدان بنا، أحد قادة البيشمركة في محور غرب كركوك، لـ«الشرق الأوسط»: «بحسب المعلومات التي حصلنا عليها، بدأ تنظيم داعش مؤخرا بنقل العشرات من مسلحيه الأجانب الموجودين في قضاء الحويجة (جنوب غربي كركوك)، والنواحي التابعة له إلى مدينة الموصل للدفاع عنها في حال انطلاق عملية تحريرها المرتقبة».
وتابع يزدان بنا بالقول: «التنظيم فقد عددا كبيرا من مسلحيه، إثر استهدافهم بشكل مكثف من قبل طيران التحالف الدولي وقوات البيشمركة، وهو الآن يعاني من تناقص عدد المسلحين، لذا بدأ ومنذ مدة بحملة واسعة لاعتقال أبناء المناطق الخاضعة لسيطرته في جنوب وغرب كركوك، من مختلف الأعمار وتدريبهم على استخدام السلاح. ومن ثم الزج بهم في جبهات القتال، حتى إنهم اعتقلوا خلال هذه الحملة عددا كبيرا من الأطفال».
وأضاف: «التنظيم يريد أن يعوض ما فقده من المسلحين خلال المعارك، وبسبب ما تشهده صفوفه من فرار مستمر للمسلحين، بالإضافة إلى أن المدنيين الموجودين في المناطق الخاضعة للتنظيم يفرون يوميًا إلى المناطق الخاضعة لقوات البيشمركة، فخلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي فر نحو مائة مدني من المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم في جنوب وغرب كركوك باتجاه مواقع قوات البيشمركة وسلموا أنفسهم لها».
وبدوره، قال العميد سرحد قادر، قائد شرطة الأقضية والنواحي في محافظة كركوك، لـ«الشرق الأوسط»: «بعدما تلقينا معلومات عن دخول مجموعة إرهابية إلى كركوك تمكنت قواتنا صباح أمس، من اعتقال هذه المجموعة المكونة من أربعة مسلحين من تنظيم داعش، الذين كانوا يخططون لتنفيذ مجموعة من العمليات الإرهابية في المدينة ومناطق أخرى»، مضيفا: «لكن قواتنا اعتقلتهم قبل أن ينفذوا خططهم، والآن التحقيق مستمر معهم، وهؤلاء المسلحون كانوا من قبل ينتمون إلى تنظيم القاعدة، وبعد ظهور (داعش) التحقوا بصفوفه».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.