الحوثيون يرممون هزائمهم بالدعوة لحشد ديني في صنعاء

انتشار أطقم عسكرية خضراء ومسلحين بمكبرات الصوت في الشوارع

الحوثيون يرممون هزائمهم بالدعوة لحشد ديني في صنعاء
TT

الحوثيون يرممون هزائمهم بالدعوة لحشد ديني في صنعاء

الحوثيون يرممون هزائمهم بالدعوة لحشد ديني في صنعاء

تشهد العاصمة اليمنية صنعاء حالة من الاستنفار في أوساط الانقلابيين الذين يستغلون المناسبات الدينية لحشد أنصارهم ورفع معنوياتهم بعد الهزائم التي تلقوها خلال الفترة الماضية، وتحقيق قوات الشرعية والتحالف العربي انتصارات كبيرة في مأرب والجوف وتعز.
وأصدر المتمردون، أمس، تعميما مذيلا باسم مكتب رئاسة الوزراء بصنعاء، دعوا فيه جميع المؤسسات الحكومية التي يسيطرون عليها بقوة السلاح لرفع قصاصات قماش خضراء وشعارات مذهبية بمناسبة المولد النبوي الشريف بعد ستة أيام. وللعام الثالث على التوالي تجاهر جماعة الحوثي بالترويج لأفكارها المذهبية المرتبطة بالمذهب الشيعي، التي تتضمن مراسيم احتفالية لا تمت للموروثات الثقافية والدينية في اليمن بأي صلة، كما يقول السكان، وانتشرت خلال اليومين الماضيين شعارات الحوثيين ولافتاتهم، ورفعوا أعلامهم الخضراء، وقاموا بطلاء جدران الشوارع والمنازل باللون الأخضر، وبحسب شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، فقد جابت سيارات محملة بالمسلحين، وأطقم عسكرية شوارع المدينة، طوال اليوم، وتدعو عبر مكبرات الصوت الناس للاحتفال بهذه المناسبة، على وقع الأناشيد والأهازيج الخاصة بالجماعة، وهو الأمر الذي أثار سخط السكان وغضبهم بسبب ما تحدثه مكبرات الصوت من إزعاج.
كما طافت سيارات تابعة للحوثيين، مطلية باللون الأخضر، وقامت بالتمركز في مناطق مختلفة في شوارع المدينة، محملة بمسلحين من صغار السن، جلبتهم الجماعة من المناطق القبلية المحيطة بصنعاء، مدججين بأسلحة رشاشة وقذائف صاروخية، ويلبسون ملابس رثة.
وأصدر المتمردون، أمس، تعميما مذيلا، باسم مكتب رئاسة الوزراء بصنعاء، دعت فيها جميع المؤسسات الحكومية التي يسيطرون عليها لرفع قصاصات قماش خضراء وشعارات مذهبية بمناسبة المولد النبوي بعد ستة أيام، الذي يصادف مناسبة المولد النبوي حسب الجماعة، وطالب التعميم من أسماهم وزراء ومكلفين بإدارة الوزارات والمصالح الحكومية، برفع رايات ولافتات مكتوب عليها «لبيك يا رسول الله»، على أسطح المقرات الحكومية والمباني، مع إنارتها بالضوء الأخضر.
وقال عبد الله إسماعيل المحلل السياسي لـ«الشرق الأوسط»، إن محاولات الحوثيين وقادتهم بدأوا منذ وقت مبكر اختراق النسيج الاجتماعي اليمني وبث الأفكار المذهبية الدخيلة فيه، موضحا أن الحوثي يهدف من وراء الاستغلال الديني للمناسبات إلى إظهار نفسه بأنه يستجيب لرغبة شعبية، وقد انعكس ذلك في خطابه السياسي وأدائه فيما يخص التعامل مع الآخر، مضيفا أن «هذه المحاولات الفكرية للميليشيا أكسبتها بعدا سلطويا استبداديا يتبنى فرض الأمر الواقع بقوة السلاح».
وأوضح إسماعيل أن الحوثي يريد أن يكرر تجربة حزب الله اللبناني في اليمن، وقال إن «تحركه يتجاوز البعد السياسي إلى الشكل المناطقي ذي الصبغة الفكرية الشمولية التي تحاول التغلغل والتأثير على النسيج الاجتماعي لفرض رؤية أحادية، مستخدما الدين وهذه المناسبات لتحقيق هدفه»، متوقعا أن يسقط مشروع الحوثي قريبا بعد أن شاهد المجتمع الوجه القبيح لهذه الجماعة وحلفائها الذين عاثوا في الأرض فسادا ودمروا النسيج الاجتماعي لخدمة مطامع من يحركهم.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».