هادي يشهد انضمام أول دفعة من المقاومة إلى صفوف الجيش الوطني

دمج 30 ألفًا من مقاومة المحافظات المحررة في الجيش

الرئيس هادي خلال الحفل العسكري في عدن أمس ({الشرق الأوسط})
الرئيس هادي خلال الحفل العسكري في عدن أمس ({الشرق الأوسط})
TT

هادي يشهد انضمام أول دفعة من المقاومة إلى صفوف الجيش الوطني

الرئيس هادي خلال الحفل العسكري في عدن أمس ({الشرق الأوسط})
الرئيس هادي خلال الحفل العسكري في عدن أمس ({الشرق الأوسط})

شهد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أمس، حفل تخرج دفعة جديدة من كتائب الجيش الوطني والمكونة من طلائع شباب المقاومة الملتحقين بمؤسسة الجيش الوطني والذين شاركوا في معارك تحرير عدن والمحافظات المجاورة.
وألقى الرئيس هادي كلمة في الحفل، الذي حضره مستشار الرئيس هادي اللواء صالح عبيد أحمد، وقائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء أحمد سيف اليافعي، وقائد قوات التحالف في عدن العميد ناصر مشبب العتيبي، أشاد فيها بجهود ودور الشباب المتخرج وتحملهم عناء البرنامج التدريبي الذي خضعوا له، وأظهروا فيه استيعابهم لكل الدروس النظرية والتطبيقية، الذي سيكون أثره ومردوده إيجابيا في مسيرتهم العسكرية العملية.
وقال الرئيس هادي مخاطبا الخريجين: «إن قطرات العرق في ميدان التدريب توفر الدماء في ميدان المعركة»، مثمنا دور فريق التدريب المشرف على الدورة العسكرية، مشيرا إلى ما يجترحه «هؤلاء الأشقاء في مضمار معارك الدفاع عن الوطن وكرامة الإنسان اليمني في مواجهة ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، ومشروعها الظلامي الفئوي المناطقي الضيق».
وأضاف: «إنكم اليوم تمثلون نواة الجيش الوطني الحق الذي ولاؤه لله والوطن، وليس لفرد أو لأصحاب المشاريع الصغيرة»، مؤكدا أن هناك عددا من الدورات في طريقها إلى التخرج و«ستستمر العملية تباعا لبناء جيش وطني خال من العقد ورواسب الماضي البغيضة.. جيش وطني عصري يمثل اليمن الاتحادي الجديد».
وأشاد بالمستوى العالي الذي أظهره المقاتلون الشباب من خلال لوحات التخرج الاستعراضية «التي رسموها وأجادوا تأديتها بصورة مبهرة عكست مستوى الإعداد واللياقة والروح المعنوية التي يتمتعون بها».
ولفت إلى المهام المنوطة بالخريجين على صعيد الواقع العملي والميداني الذي أتوا منه، منوها بـ«فارق المعرفة والخبرات التي اكتسبوها، والتي ستكون عونا لهم، وإضافة نوعية في تأدية وسلاسة تنفيذ المهام المقبلة في مواجهة قوى الشر والطغيان التي تتلبس بأشكال وأوجه مختلفة لزعزعة الأمن والاستقرار».
وقال: «حتما ستنتصرون على تلك القوى التي تحمل أجندة دخيلة على وطننا ومجتمعنا وعقيدتنا لخدمة أطراف خارجية من خلال عملها بالوكالة لتدمير البلد واستعداء محيطنا وعمقنا الأخوي والاستراتيجي العربي، ولكن في النهاية سننتصر لأننا أصحاب قضية وندافع عن مصير أمة ومستقبل بلد يرفض أبناؤه الأفكار الدخيلة، ومصيرها في النهاية الزوال».
وقام الرئيس هادي بتكريم أوائل الخريجين، موجها بترقيتهم إلى رتبة مساعد أول وعددهم سبعة أفراد.
إلى ذلك، كشف اللواء الركن عبد القادر العمودي، مساعد وزير الدفاع اليمني، أن المقاومة الشعبية في المحافظات المحررة وهي عدن، ولحج، وأبين، والضالع، سترفد الجيش الوطني بقرابة 30 ألف مقاتل من المقاومة الشعبية. وقالت مصادر عسكرية في الجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط» إن لجانا شكلت في هذه المحافظات المحررة لعملية دمج شباب المقاومة في مؤسسة الجيش، مؤكدة أن مهمة هذه اللجان ستقتصر على نواح إجرائية تتعلق بتسلم قوائم الشباب التي سترفع لقيادات المقاومة في هذه المحافظات الأربع بالتنسيق مع قيادات السلطة المحلية فيها.
وأشارت إلى أن توزيع الـ30 ألف مجند سيكون على النحو التالي: عدن 9 آلاف مجند، فيما بقية المحافظات الثلاث اعتمد لكل محافظة 7 آلاف، مشيرة إلى أنه سبق أن حددت معايير وشروط الالتحاق بمؤسسة الجيش؛ منها السن الذي حدد بما بين 19 و28 سنة، وبالنسبة لأولئك الذين تجاوز عمرهم السن المقررة، فسيتم استيعابهم في وظائف مدنية ضمن الجهاز الإداري للدولة.
وأكدت أن لجانا عسكرية أخرى بدأت عملها لصرف المرتبات الشهرية التي تأخر صرفها نظرا لإشكاليات عدة برزت خلال الأشهر التالية لتحرير هذه المحافظات، وأوضحت أن هذه اللجان تكونت من قيادات عسكرية جنوبية سابقة وأنها الآن بصدد الترتيبات النهائية للقيام بعملية التسليم لهذه المستحقات المالية يدا بيد وخلال الأيام القليلة المقبلة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.