وزير الإعلام في جوبا: سلفا كير رفض إجراء محادثات مع رياك مشار

صعوبات تعترض تنفيذ اتفاق السلام المبرم بين طرفي النزاع

وزير الإعلام في جوبا: سلفا كير رفض إجراء محادثات مع رياك مشار
TT

وزير الإعلام في جوبا: سلفا كير رفض إجراء محادثات مع رياك مشار

وزير الإعلام في جوبا: سلفا كير رفض إجراء محادثات مع رياك مشار

رغم مرور عامين على الحرب الأهلية في جنوب السودان، التي قتل فيها أكثر من عشرة آلاف مواطن ونزوح مليون ونصف المليون في معسكرات الأمم المتحدة، ورغم توقيع اتفاقية السلام في أغسطس (آب) الماضي بين الحكومة والمعارضة المسلحة، فإن الاتفاقية تواجه صعوبات كبرى في التنفيذ، وبسبب ذلك تتخوف الأمم المتحدة ومفوضية الاتحاد الأفريقي من انهيار السلام وعودة الأطراف إلى الحرب مجددًا، ولم تنجح الضغوط الدولية، التي مارستها الولايات المتحدة وأطراف أخرى، في دفع الطرفين إلى إنهاء النزاع وتشكيل الوحدة الوطنية الانتقالية.
وحمّل كل طرف من طرفي النزاع مسؤولية عرقلة تنفيذ اتفاقية السلام، وتأخير تشكيل الحكومة الانتقالية الذي كان يفترض أن يُنجز قبل نهاية العام الحالي، إلى الطرف الآخر. بينما أبدى عدد من المواطنين استياءهم من الوضع الحالي الذي تعيشه البلاد، ومن المجاعة التي أصبحت تهدد نصف السكان، وحملوا الحكومة والمعارضة المسلحة مسؤولية الوضع الاقتصادي بعد قرار وزير المالية تعويم العملة المحلية مقابل الدولار.
وقال وزير الإعلام في جنوب السودان والمتحدث الرسمي باسم الحكومة، مايكل مكواي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعارضة المسلحة هي المسؤولة عن عرقلة تنفيذ اتفاقية السلام»، لكنه استبعد انهيار الاتفاق والعودة إلى الحرب مرة أخرى، وقال إن «الاتفاقية ليست مهددة بالانهيار إلا في حالة إبداء سوء النيات والتفسير الخاطئ للاتفاقية، ونحن من جانبنا ملتزمون بكل بنودها»، مشيرا إلى أن حكومته ليست مسؤولة عن تشكيل المفوضيات الخاصة في تنفيذ اتفاق السلام، وأن الهيئة الحكومية للتنمية في دول شرق أفريقيا (إيقاد)، التي قادت الوساطة، رفعت يدها عن متابعة تنفيذ الاتفاق وتشكيل المفوضيات.
وأشار مكواي إلى أن هناك خلافات بين حكومته والمعارضة المسلحة حول وصول وفد مقدمة المعارضة إلى جوبا، وفق جداول تنفيذ الاتفاقية، وقال إن «المعارضة تصر على وصول 609 من أعضائها إلى جوبا، وهذا عدد كبير»، وأوضح أن حكومته طالبت المتمردين بإرسال وفد يضم ما بين ثلاثين وخمسين شخصًا لإجراء محادثات في جوبا حول عدد من القضايا العالقة، خصوصا تشكيل لجنة الدستور والترتيبات الأمنية، وتابع: «إذا لم نناقش هذه القضايا العالقة فليس هناك من فائدة لوفد المقدمة»، مؤكدا أن تشكيل الحكومة مرتبط بإجراء تعديلات في الدستور بإدخال بنود الاتفاقية فيه.
وكشف الوزير عن طلب تقدم به زعيم المعارضة، رياك مشار، إلى الرئيس سلفا كير ميارديت، لإجراء لقاء في العاصمة الكينية نيروبي، وقال إن رئيس بلاده رفض الطلب على اعتبار أن مشار يمكن أن يصل إلى جوبا لمناقشة كل القضايا، وأضاف أن «الرئيس سلفا كير أوضح أنه ليس هناك معنى لإجراء محادثات خارج البلاد»، نافيا علمه بوجود ترتيبات لعقد اجتماع بين الرجلين في الخرطوم.



انتخابات غانا: المعارضة تقلب الطاولة في وجه الحزب الحاكم

أنصار مرشح المعارضة جون دراماني ماهاما يحتفلون بانتصاره في انتخابات الرئاسة في أكرا (أ.ب)
أنصار مرشح المعارضة جون دراماني ماهاما يحتفلون بانتصاره في انتخابات الرئاسة في أكرا (أ.ب)
TT

انتخابات غانا: المعارضة تقلب الطاولة في وجه الحزب الحاكم

أنصار مرشح المعارضة جون دراماني ماهاما يحتفلون بانتصاره في انتخابات الرئاسة في أكرا (أ.ب)
أنصار مرشح المعارضة جون دراماني ماهاما يحتفلون بانتصاره في انتخابات الرئاسة في أكرا (أ.ب)

قلب حزب المعارضة الأول في غانا الطاولة على الحزب الحاكم، وفاز بالانتخابات الرئاسية التي نظمت، السبت، لتؤكد غانا أنها استثناء ديمقراطي في منطقة غرب أفريقيا؛ حيث تنتشر في محيطها القريب الانقلابات العسكرية، ولا تكاد تمر انتخابات دون أزمة أمنية وأعمال عنف.

لكن البلد الأفريقي الغني بالذهب والكاكاو، ظل وفياً لتقاليد ديمقراطية بدأت مع التعددية الحزبية مطلع تسعينيات القرن الماضي، ومكنته من تحقيق التغيير بشكل متكرر، وبشكل هادئ وسلمي، وتنظيم انتخابات تنافسية وشفافة بالمقارنة مع ما هو معهود في أفريقيا.

المرشح الرئاسي لحزب «المؤتمر الوطني الديمقراطي» جون دراماني ماهاما خلال اقتراعه في مدينة بولي السبت (رويترز)

العودة للقصر

وتشير النتائج الأولية غير الرسمية إلى تقدم زعيم المعارضة ورئيس حزب «المؤتمر الوطني الديمقراطي»، جون دراماني ماهاما، بنسبة وصلت إلى أكثر من 56 في المائة من أصوات الناخبين، وهو ما يضمن له العودة إلى القصر الرئاسي، بعد 8 سنوات من العمل المعارض.

وكان ماهاما قد حكم غانا لولاية رئاسية واحدة امتدت من 2012 حتى 2016، حين خسر الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس الحالي نانا أكوفو-أدو، الذي استمر في الحكم ولايتين متتاليتين، مدة كل واحدة منهما 4 سنوات.

وبما أن الدستور يمنع حكم البلاد لأكثر من ولايتين، قرر الرئيس المنتهية ولايته ترشيح ودعم نائبه محمود باوميا، ليخوض السباق مع 11 مرشحاً آخر، ولكنه في الحقيقة كان عليه أن يواجه ماهاما، الخصم القوي وزعيم المعارضة والعارف بدهاليز الحكم.

واستطاع ماهاما أن يستغل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، وارتفاع الأسعار والتضخم والبطالة، ليقنع فئة الشباب والناخبين الجدد بالتصويت له وقلب الطاولة على الحزب الحاكم.

المرشح الرئاسي الجديد للحزب الوطني محمودو بوميا رفقة الرئيس نانا أكوفو أدو خلال تجمع انتخابي في غانا الثلاثاء الماضي (رويترز)

المرشح المسلم

محمودو باوميا خاض الانتخابات من موقعه كنائب لرئيس البلاد، وعينُه على منصب الرئيس، وهو خبير اقتصادي يبلغ من العمر 61 عاماً، خريج جامعة أوكسفورد.

باوميا الذي ينحدرُ من الأقلية المسلمة، كان قريباً من أن يصبح أول رئيس مسلم لدولة غانا، وهي نقطة كانت حاضرة في النقاش الانتخابي داخل البلاد، ولكنها لم تكن حاسمة في النتيجة النهائية.

ويشير الخبراء إلى أن باوميا تضرر كثيراً من الأزمة الاقتصادية الحادة التي تضرب غانا، وكان يراه الناخبون ذلك الخبير الاقتصادي الذي عجز كنائب للرئيس عن إيجاد حلول للأزمة.

رغم كل الانتقادات التي واجهها باوميا خلال الحملة الانتخابية، فإنه دافع بشراسة عن سياسات حزبه، وقال إنه رغم الأزمة الاقتصادية الخانقة، فإن البلاد أصبحت على «أعتاب تحول اقتصادي عميق».

ومع ظهور النتائج الأولية للانتخابات، لم يتأخر باوميا في الاعتراف بالهزيمة، والاتصال هاتفياً بخصمه وتهنئته بالفوز، وعقد مؤتمراً صحافياً بعد ساعات من إغلاق مكاتب التصويت، قال فيه: «لقد اتصلت للتو بفخامة جون ماهاما لتهنئته كرئيس منتخب لجمهورية غانا».

تحديات كبيرة

ورغم أجواء الاحتفالات التي عمت غانا، وخروج أنصار ماهاما للشوارع، فإن حالة من الترقب الحذر تسود البلاد، فالرئيس الجديد «القديم» وإن كان يعود إلى القصر الرئاسي وهو يعرفه، فإن الغانيين يتذكرون الأزمات التي عاشتها البلاد خلال 4 سنوات من حكمه.

يتذكرون أزمة التيار الكهربائي الخانقة التي ضربت البلاد خلال حكم ماهاما، حتى إن الشارع والصحافة المحلية أطلقت عليه لقب «رجل انقطاع الكهرباء».

حاول ماهاما أن يصرف النقاش عن ماضيه في الحكم، وركز على انتقاد السياسات الاقتصادية «الفاشلة» للحزب الحاكم، مع وعود بحل قضايا جوهرية مثل قضية التنقيب الأهلي عن الذهب بطريقة غير قانونية، وهو ملف شائك ومعقد في بلد يصنف كأكبر منتج للذهب في أفريقيا.

يحتدم النقاش في غانا حول قطاع التنقيب الأهلي عن الذهب، وأضراره على الاقتصاد والبيئة والأمن، في الوقت الذي كان الحزب الحاكم يقترح «دعم» المنقبين الأهليين لتحويل أنشطتهم إلى «مناجم صغيرة»، مع إلزامهم باحترام البيئة وعدم استخدام مواد كيماوية سامة.

أما ماهاما، فتعهد خلال الحملة الانتخابية بتنظيم صارم للتنقيب الأهلي عن الذهب، والتوقف الفوري عن منح أي تراخيص جديدة للمنقبين، وهي وعود يتوقع المراقبون أن تفتح عليه أبواباً هو في غنى عنها؛ بسبب اعتماد قطاعات واسعة من السكان على نشاط التنقيب عن الذهب.

وبذلك يخاطر ماهاما بالدخول في مواجهة مع أصحاب المناجم الصغيرة، الذين كثيراً ما يتهمون الحكومات المتعاقبة بالانشغال بالتضييق عليهم، في حين تكون عاجزة عن مواجهة الشركات العالمية التي تستغل مناجم الذهب الكبيرة في البلاد.

معركة البرلمان

ومن أجل الوفاء بالكثير من وعوده، خاصة لتنظيم قطاع التنقيب الأهلي عن الذهب، يحتاج ماهاما إلى أغلبية مريحة في البرلمان، الذي جرى التصويت عليه، يوم السبت، بالتزامن مع انتخابات الرئاسة.

وتشير أغلب التوقعات إلى أن المعارضة في طريقها لتحقيق أغلبية «مريحة ومفاجئة»، خاصة بعد أن تراجعت نسبة الحزب الحاكم في انتخابات الرئاسة إلى أقل من 41 في المائة.

وخلال السنوات الأربع الأخيرة، كان الحزب الحاكم يتمتع بأغلبية بسيطة جداً، من أعضاء البرلمان البالغ عددهم 275 نائباً، ما أدخله في أزمات سياسية عاصفة، خاصة حين فتح النقاش حول قوانين مثيرة كقانون الحرية المثلية.