كارتر يزور بغداد لإعادة النظر في الاستراتيجية الأميركية.. والمحور الإيراني يهاجمه

بايدن يؤكد استمرار بلاده في دعم العراق لمحاربة الإرهاب

كارتر يزور بغداد لإعادة النظر في الاستراتيجية الأميركية.. والمحور الإيراني يهاجمه
TT

كارتر يزور بغداد لإعادة النظر في الاستراتيجية الأميركية.. والمحور الإيراني يهاجمه

كارتر يزور بغداد لإعادة النظر في الاستراتيجية الأميركية.. والمحور الإيراني يهاجمه

هاجم المحور الإيراني في العراق، أمس، زيارة وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر إلى بغداد، التي تأتي بناء على إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما إيفاد وزيري الخارجية جون كيري إلى روسيا، والدفاع آشتون كارتر إلى منطقة الشرق الأوسط، بهدف مباشرة استراتيجية جديدة ضد الإرهاب.
وأكد كارتر خلال لقائه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي حرص بلاده على سيادة العراق ووحدة أراضيه.
وقال بيان لمكتب العبادي أمس إن «رئيس مجلس الوزراء استقبل كارتر والوفد المرافق له، وجرى خلال اللقاء بحث الحرب على عصابات (داعش) والانتصارات المتحققة على العدو في جميع القطعات، وتعزيز التعاون بين البلدين في مجالات التسليح والتدريب، إضافة إلى الأوضاع في المنطقة والتأكيد على وحدة وسيادة العراق».
وأضاف البيان أن «كارتر بارك الانتصارات المتحققة على عصابات (داعش)، مبديا دعم بلاده الكامل لوحدة العراق والسيادة على أراضيه، والتأكيد على حرص أميركا على سيادة العراق وتقديم كل الدعم للقوات العراقية في جميع المجالات ومنها التدريب والتسليح».
في السياق ذاته، أكد نائب الرئيس الأميركي جو بادين استمرار بلاده في دعم بغداد لمحاربة الإرهاب، وذلك خلال مكالمة هاتفية مع العبادي بالتزامن مع مباحثات كارتر في بغداد.
وقال مكتب العبادي في بيان له إنه «تلقى مكالمة هاتفية من بايدن، أكدا خلالها على سيادة العراق ووحدة أراضيه ومناقشة تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات والانتصارات المتحققة على (داعش) والأوضاع السياسية والأمنية في العراق والمنطقة».
وأضاف البيان أن «بايدن أكد حرص بلاده الشديد على سيادة العراق، وأن الولايات المتحدة مع العراق في حفاظه على سيادته ووحدة أراضيه»، مشددًا على أن «الولايات المتحدة مستمرة في دعمها للعراق في جميع المجالات وبالأخص الحرب على تنظيم (داعش)».
وقال رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي والقيادي البارز في التيار الصدري، حاكم الزاملي، الذي يعد أحد أكبر منتقدي السياسة الأميركية في العراق منذ تشكيل الولايات المتحدة التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، إن «الزيارات المتكررة للشخصيات الرسمية أو غير الرسمية للاحتلال الأميركي إلى العراق لا تفضي إلى نتائج إيجابية، وهي غير مرحب فيها».
مبينًا أن «الاحتلال الأميركي يعول على إطالة أمد الحرب على الإرهاب لتنفيذ مشاريعه الاستعمارية في المنطقة»، وأوضح الزاملي أن «الهدف الحقيقي من إطالة فترة الحرب على المجاميع الإرهابية هو الحفاظ على أمن الكيان الصهيوني وتقسيم العراق ومصادرة موارده النفطية»، لافتًا إلى «وجود دلائل تشير إلى تعاون دولة الشر أميركا مع المجاميع الإرهابية وتقويتها، للتقليل من حجم الانتصارات التي تحققها القوات الأمنية العراقية بمساندة (الحشد الشعبي) و(سرايا السلام)»، على حد قوله.
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة التغيير الكردية وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، هوشيار عبد الله في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الولايات المتحدة باتت اليوم في وضع صعب على صعيد قيادتها للتحالف الدولي، بسبب الأخطاء التي ارتكبتها منذ بداية احتلالها العراق عام 2003». وأضاف: «وحتى اليوم، وبالتالي فإنها تسعى اليوم، إلى إعادة النظر بهذه الاستراتيجية في ظل تحولات دولية وإقليمية متسارعة من بينها تشكيل تحالفات جديدة في المنطقة آخرها التحالف الإسلامي بقيادة السعودية». وأضاف عبد الله: «والتحالف الرباعي الذي يضم العراق وإيران وسوريا وروسيا، في وقت لم يتمكن فيه التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة، وتشرف عليه منذ سنة، من تحقيق انتصار جدي ضد تنظيم (داعش)».

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يستقبل وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر في بغداد أمس (أ.ف.ب)



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.