وزير العدل السعودي لـ {الشرق الأوسط}: ضرر الجماعات والأحزاب تجاوز الحرية

اللواء التركي يصف القرار بـ«بداية اجتثاث جذور الإرهاب» * د. توفيق السديري: السعودية استخدمت سياسة الحلم والعفو والصفح وللأسف ظن البعض أن هذا ضعف

د. محمد العيسى و اللواء منصور التركي
د. محمد العيسى و اللواء منصور التركي
TT

وزير العدل السعودي لـ {الشرق الأوسط}: ضرر الجماعات والأحزاب تجاوز الحرية

د. محمد العيسى و اللواء منصور التركي
د. محمد العيسى و اللواء منصور التركي

قال الدكتور محمد العيسى وزير العدل السعودي لـ«الشرق الأوسط»، إن من واجبات الدولة حفظ أمنها واستقرارها وترتيب كل ما من شأنه الوصول لهذا المطلب الشرعي، ولا يكون ذلك إلا بالتنظيم المؤصل شرعا، وأضاف أن المرسوم الملكي جاء من هذا المنطلق، ولا تضار الدولة أو تنازع في أي تدابير من شأنها في تراتيبها وتدابيرها حفظ أمنها وهذه مسلَّمة دستورية لا جدال فيها.
وأشار العيسى إلى أن المد الأخير لهذه الأحزاب والجماعات أنتج فعلا ضارًّا تجاوز نطاق الحرية إلى التأثير على السكينة العامة في مد ذي حراك، واجه بشدة الوجدان العام المتآلف على منهج واحد استقرت به أوضاعه داخليا وخارجيا منذ تأسس كيان الدولة، وأي تأثير على سكينة المجتمع فإن من الواجب التصدي له، موضحا أن التكييف القضائي لمن استفاد من المهلة المحددة في البيان سيكون في منطقة الصفح والعفو.
وذكر وزير العدل السعودي أن الرفض الشرعي للأحزاب والجماعات داخل الإسلام يعود إلى أن طبيعة الإسلام وفق النصوص القرآنية لا تسمح بالأحزاب والجماعات داخله، حتى وإن أجازت بعض النظريات السياسية ذلك، إلا إذا سمحت تلك الأحزاب بتفرق الجماعة الواحدة، وهذا لا يكون في سيرتها المثلى، مبينا في الوقت ذاته أن الإسلام كيان واحد لا يقبل التجزؤ ولا التحزب، ولم يعرف الفرقة والتناحر والتدابر إلا بعد هذه الأحزاب والجماعات، حتى أثرت على قبول غير المسلمين للإسلام فثمة من يتساءل: أي إسلام تريدون؟!
من ناحيته، قال اللواء منصور التركي المتحدث الأمني للداخلية لـ«الشرق الأوسط» إن القرار يمثلا بداية لمرحلة اجتثاث جذور الإرهاب، وذلك في إطار استراتيجية السعودية لمكافحة الإرهاب، وسيعمل رجال الأمن على تنفيذ مهامهم ذات العلاقة به بحزم.
وفي ما يتعلق بالمتعاونين والدعاة والخطباء، قال الدكتور توفيق السديري، وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف السعودي «جرى لفت نظر بعض المتعاونين، واستدعي بعضهم، وآخرون أوقفوا عن العمل، كما جرى إيقاف داعيات من النساء عن تقديم أنشطة دعوية في وقت سابق»، مؤكدا أنه «ليس هناك من الدعاة الرسميين مع الوزارة من حملوا وتبنوا شعارات».
وأضاف السديري أن «السعودية استخدمت سياسة الحلم والعفو والصفح في فترة من الزمن، إلا أنه وللأسف ظن البعض أن هذا ضعف.. لذلك فقد آن الأوان لأن تقول كفى»، مضيفا «تبين لكل ذي عقل أن هذه التيارات والأحزاب لها أهداف وأجندات خارجية تستهدف الدين والوطن، الأمر الذي يعد خطا أحمر لدى القيادة السعودية، وبالتالي كان لا بد من المواجهة والحسم ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة».
وتوقع السديري انحسار الفكر المتطرف، وأفاد بأن القرار سيدفع المنتمين فعليا لمثل هذه التنظيمات للخوف، وهو الأمر الذي سيدفعهم إلى التراجع رغم أن جزءا آخر سيتوارى دون الجهر بتوجهاته. وأوضح أن جهود الوزارة تكمن ضمن منظومة عمل مشتركة مع الأجهزة الحكومية الأخرى في رصد التجاوزات، مفيدا بأن عملية مجابهة هذه التيارات ورصد التنظيمات بدأت منذ وقت مبكر. وتابع «نعتمد وسائل مواجهة وعلاج ومناصحة للكثير ممن يحملون هذه الأفكار، فهناك ومنذ عشر سنوات برامج فكرية تستهدف المنتمين للتنظيمات».
بدوره قال المحامي حمود الناجم القانوني وخبير النظم السعودي، إن ما صدر من وزارة الداخلية يستند إلى الأمر الملكي الصادر الشهر الماضي، الذي قضى بأن ترفع وزارة الداخلية بما تنتهي إليه إلى المقام السامي، وحددت الوزارة جماعات وتنظيمات وذكرتها نصا واسما، وهو على سبيل المثال وليس الحصر، وما يطرأ تسميات أو جهات ينطبق عليها الصفة مستقبلا سيضاف في تقرير دوري كل شهر.
وأضاف الناجم: «لا شك أن ذلك تفعيل جاد وحازم، لأنه لا تهاون في إيقاع العقوبة ومتابعة الجهات والجماعات المنحرفة فكريا وعقديا التي تساهم في زعزعة الأمن القومي وبث الأفكار الهدامة واصطياد شباب البلاد والتغرير بهم تحت أي تسمية وفي أي وقت.. فإن الأمر الملكي جاء ليوقف العبث بالدماء والأرواح وهي مسؤولية ولي الأمر».
وزاد: «استند الأمر الملكي إلى قواعد فقهية وأصول شرعية ومصالح مرسلة انطلق من خلالها في فرض وتقنين وسن هذا الأمر الملكي؛ لأن الحاجة الراهنة والظرف يقتضي الوقوف بحزم ومن دون تردد في وجه هذه الجماعات التي ثبت يقينا أنها تتستر تحت مسميات دينية متفرقة، وتنطلق من أفكار ليس للدين بها صلة تسعى إلى تحقيق مآرب سياسية وأهداف جماعية تخل بأمن الدولة وكيانها ووحدتها... ولا شك أن الداخلية وهي الجهة الأمنية السيادية نفذت الأمر الملكي وحددت هذه الجهات وسمتها بمسمياتها المعروفة حتى لا يلتبس على الناس (المجتمع) أهداف ونوايا وبواعث هذه الجماعات، وكان الأمر الملكي شدد على الرفع بشكل دوري وهذا يغلق الباب في وجه تحديث أسماء قد تظهر مستقبلا فلا ينخدع بها المجتمع».
وبين خبير النظم السعودي أن الأمن القومي يعد الأصل في تحقيق النمو الاقتصادي للدولة ومواطنيها والمقيمين فيها، وأكد أن السعودية حريصة على تتبع وترقب هذه الجماعات ومن ينظر لها من الأفراد ويستغل منابر الدولة ومقاماتها، ويدعو إليها، «فأوقفت هذا وجعلت الأمر واضحا وجليا وأعلنت العقوبات ولم يبق لأحد عذر بعد هذا البيان».
واستطرد الناجم بالقول: «تحقيقا لمبدأ الشفافية والنوايا الحسنة أعطت الدولة مهلة أسبوعين للمراجعة والعودة، وهذا يدل على أن القصد ليس إيقاع العقوبة أو الترصد للغير، وإنما القصد والغاية من ذلك حفظ كيان الدولة ووحدتها ومجتمعها من أي تدخل أو تأثير وهذا هو الواجب الحقيقي للدولة وفق ما نص عليه النظام الأساسي».
وتوضيحا للفرق بين نظام جرائم الإرهاب الذي أقره مجلس الوزراء السعودي قبل شهرين، والأمر الملكي الأخير، قال الناجم: «إن النظام اتخذ القنوات النظامية المعتمدة، فمن هيئة الخبراء إلى الشورى وتداوله، ثم أعيد للجنة العامة في مجلس الوزراء ثم رفع للملك لصدوره، وهو نظام تسلسلي حسبما تسير فيه القنوات النظامية في السعودية... أما الأمر الملكي الذي صدر بهذه العقوبات فقد صدر بإرادة منفردة من الملك، وهو يبين الحالة التي يجب التصدي لها والحزم فيها لأنها متعلقة بأمن قومي يخص الدولة والمجتمع والأفراد، وهو ينطلق من اعتبار الملك هو الإمام الذي انعقدت له البيعة ووجبت له الطاعة فكان لزاما عليه أن يسن أمرا يحدد فيه عقوبات حالة معينة تستوجب الاستعجال في الوقوف من تأثيرها». وأضاف: «نص الأمر الملكي في ديباجته على المقصد الشرعي والمصلحة المرسلة من صدوره، ولذلك جاءت عبارة (حفظا لكيان الدولة)».
وفيما يتعلق بموضوع مبايعة غير ولي الأمر، قال الناجم إن هذه الجماعات الإرهابية يبايعون رؤوسا وقادة لهم على السمع والطاعة، وبيعتهم بيعة باطلة شرعا لأنه لا يبايع إلا إمام المسلمين المعروف لكل المسلمين، بل إن هذه المبايعة خروج على جماعة المسلمين التي حث عليها النبي على لزومها وهذه الجماعات معروفة، مثل «القاعدة» وجماعة الإخوان المسلمين والجبهات القتالية الأخرى، يجعلون لهم كبيرا مغمورا لا يعرف ثم بين عشية وضحاها يصبح إماما لهم يبايعونه، وقد تصدت هيئة كبار العلماء والمجامع الفقهية بتحريم مثل هذه التصرفات التي يقصد بها تفريق جماعة المسلمين لمصالح سياسية معروفة.
وقال الدكتور فهد العنزي، عضو مجلس الشورى، لـ«الشرق الأوسط»، إن البيان حدد بالاسم بعض الجماعات الإرهابية التي يعد الانتماء لها ودعمها أو تأييدها محظورا، مثل جبهة النصرة و«داعش» وجماعة الإخوان المسلمين وحزب الله، وغيرهم ممن تضمنهم البيان. وكذلك حدد الأفعال التي تقع تحت طائلة المسؤولية لمن يرتكبها، مثل الدعوة للفكر الإلحادي وخلع بيعة ولاة الأمر لهذه البلاد أو المشاركة والدعوة للتحريض على القتال في أماكن الصراعات وتأييد التنظيمات والتيارات والتجمعات والأحزاب أو الانتماء لها، وزعزعة اللحمة الوطنية واستعداء الدول والهيئات والمنظمات ضد السعودية.
وزاد عضو مجلس الشورى «هذا يقودنا إلى القول بأن هناك شمولية في معالجة الفكر الإرهابي والدعوة له تتمثل في إعطاء مهلة قدرها 15 يوما، وهي خاصة بعودة من يشاركون في أعمال قتالية خارج البلاد، وذلك لضمان عدم مساءلتهم إذا عادوا خلال هذه المدة»، مشيرا إلى وجود قاعدة تربط بين نظام جرائم الإرهاب والبيان الصادر اليوم تتمثل بـ«نص نظامي» يجري الإعلان عنه، وهو تبليغ المغرر بهم ومن تورطوا في نزاعات خارج السعودية، وإعطاؤهم فرصة للرجوع عن الأفعال التي تعتبر من ضمن جرائم الإرهاب، وأنهم لا عقوبة لهم إذا رجعوا خلال الفترة المحددة، وعند حصول عكس ذلك يتم اعتبارهم جناة وفقا لنظام جرائم الإرهاب الذي جرى اعتماده حديثا.
من ناحيته، أكد الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ، رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، عبر اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن هذا البيان جاء في وقته بعد أن استفحل الأمر وأصبح خطيرا، وبانت النوايا للأشخاص الذين يتبنون هذه الأفكار وأصبحت واقعا ملموسا في كثير من الأوطان، مبينا أن بيان الداخلية صدر بعد ترو، وهذا من باب الرفق بالرعية وعدم مؤاخذتهم بكل صغيرة وكبيرة، وهو تحذير مباشر وصريح لأبناء هذا الوطن من أصحاب المناهج الضالة حتى يكونوا على بينة وحتى يكونوا ضمن قاعدة من أنذر فقد أعذر.
وشدد رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على أبناء الوطن أن يتحملوا هذه المسؤولية التاريخية ومسؤولية الحفاظ على هذه الأرض، والتمسك بعقيدة التوحيد الخالص، وأن يأخذوا العلم من العلماء الربانيين، وأن يحذروا كل الحذر من الأخذ من دعاة الفتنة والشر وأصحاب الاستعراضات والذين يتلونون حسب درجة الحرارة السياسية. وقال «يجب أن يكون أبناؤنا على علم ويقين بأن الفتن مآلها عظيم، وأن ما يحدث في الدول الأخرى من هلاك في الزرع والنسل إنما جاء بسبب الفتن التي تأتي من دعاة الفتنة الذين غرروا بكثير من البسطاء من الناس الذين منهم من قتل ومنهم من تشرد وسجن، وتسببوا في ترميل النساء وتيتيم الأطفال وتفريق الأسر، ويجب أن نحذرهم وأن نعلم أنهم دعاة فتنة وشر ويجب نبذهم من المجتمع، وأن يعاملوا كأعداء للأمة وأعداء للإسلام والمسلمين، وألا يعاملون كالناصحين لأنه مضى الوقت الذي يغررون به العامة بما فيه سفك للدماء، تاركين إياهم وراءهم في السجون وهم يتنعمون مع ذويهم بمأكل ومشرب وملبس».
من جانبه، عد الدكتور عبد الله العسكر، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى، لـ«الشرق الأوسط»، هذا التوجه يصب في المقام الأول لمصلحة الوطن والمواطنين وحمايتهم من الأهواء والدعوات التي تهدد السلم الوطني وتسيء إلى الدين الإسلامي الوسطي، وكذلك للحد من تدفق الشباب السعودي في حروب خارجية عبثية تحت مسميات دينية، تضم جماعات سنية وشيعية حادت عن مسار الاعتدال والوسطية وتوجهت إلى التطرف والتكفير.
وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى السعودي «هذه التطورات المتضمنة تصنيف جماعة الإخوان والجماعات المرتبطة بها ضمن قائمة الإرهاب، جاءت لحاجتنا لمعرفة حقيقة هذه الجماعات على وجه الدقة، خصوصا أنها عندما تبنت أطروحات فكرية متطرفة أصبحت الآن أمام العالم فئة إرهابية، وبالتالي يجب عدم التعامل معها من تقديم لمساعدات أو غيره». وأضاف «نحن بحاجة لمعرفة هذه الحقائق الدامغة لكي نحصل على الأمن والتنمية وليس الهدم والانتحار والتكفير، وآن الأوان لأن يعمد أصحاب القرار السياسي للعمل معا لمواجهة الإرهاب الذي ضرب البلاد في فترة سابقة، ولا بد من تعرية هذه الجماعات، وأملي أن تتحقق الحماية للوطن».
وقال الدكتور صالح الوشيل، عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام، إن «مثل هذه الانتماءات مخالفة شرعية، وأغلبها تنحو منحى مختلفا عن سلامة العقيدة وصفائها، فكان الواجب الابتعاد عن هذه الأمور حتى قبل أن تصدر هذه الأوامر، ولا يحق لأحد ولا يسوّغ له أن يخالف مثل هذا الأمر في أي حال من الأحوال».
من جانبه، قال مصطفى العاني، المستشار الأول مدير برنامج الأمن والدفاع ودراسات مكافحة الإرهاب بمركز الخليج للأبحاث، إن هذا البيان سيحد بشكل كبير من عملية الانتماء إلى الجماعات. وأضاف «هذه أول مرة تتبع فيها السعودية طريقة تختلف، وهي إعلان جماعات وتنظيمات وليس أشخاصا وحسب، على غرار المتبع في عدد كبير من الدول؛ فالآن الإدانة من المفترض أن تتجه لكل من ينتمي لهذه الجماعات أوتوماتيكيا». وتابع «السعودية أكثر دولة كافحت الإرهاب، وهي بهذه القرارات ملتزمة بمكافحة الإرهاب بغض النظر عن الحدود الجغرافية».
وعرج العاني على جانب «الاتفاقية الأمنية العربية التي تلزم الدول العربية الأخرى بالأخذ بالاعتبار عندما تصنف دولة مجموعة إرهابية، حيث إن الدول الأخرى تكون ملتزمة بذلك»، مضيفا أن البيان جرم الأعضاء الفاعلين للتنظيم وأعضاء الإسناد أي الداعمين للتنظيم فجرم عملية التنظيم والإسناد وليس فقط الانتماء. وأضاف «هناك دول لا تملك هذه التشريعات التي تدرجها وتستحدثها الرياض، ولا المحاكمات الجارية الآن بالسعودية. العمل كثير في مكافحة الإرهاب بعدة مستويات في السعودية، ويحتاج قدرة إعلامية للترويج لهذه القضية والوقوف أمام الحملات المضادة لهذا الجهد».

 



تعويم أول سفينة قتالية سعودية ضمن مشروع «طويق»

جانب من مراسم تعويم سفينة "جلالة الملك سعود" في ويسكونسن (واس)
جانب من مراسم تعويم سفينة "جلالة الملك سعود" في ويسكونسن (واس)
TT

تعويم أول سفينة قتالية سعودية ضمن مشروع «طويق»

جانب من مراسم تعويم سفينة "جلالة الملك سعود" في ويسكونسن (واس)
جانب من مراسم تعويم سفينة "جلالة الملك سعود" في ويسكونسن (واس)

في مراسمَ خاصة جرت في ولاية ويسكونسن الأميركية تم تعويم سفينة «جلالة الملك سعود»، وهي الأولى ضمن أربع سفن قتالية سعودية في إطار مشروع «طويق».

وشهد الفريق الركن محمد الغريبي، رئيس أركان القوات البحرية السعودية، تدشين السفينة، بحضور عدد من كبار الضباط والمسؤولين من الجانبين السعودي والأميركي.

ونوّه الفريق الغريبي بالدعم غير المحدود الذي تحظى به القوات المسلحة بوجه عام، والقوات البحرية بوجه خاص، من القيادة السعودية؛ مما أسهم في تحقيق إنجازات نوعية في مجالَي التحديث والتطوير. وأوضح أنَّ مشروع «طويق» يجسّد توجه السعودية نحو بناء قوة بحرية حديثة واحترافية تعتمد على أحدث التقنيات العسكرية، إلى جانب برامج التدريب والتأهيل المتقدمة لمنسوبيها.


إجماع دولي في جدة على دعم فلسطين... ورفض الإجراءات الإسرائيلية الأحادية

صورة جوية لقبة الصخرة والمسجد الأقصى في القدس (رويترز)
صورة جوية لقبة الصخرة والمسجد الأقصى في القدس (رويترز)
TT

إجماع دولي في جدة على دعم فلسطين... ورفض الإجراءات الإسرائيلية الأحادية

صورة جوية لقبة الصخرة والمسجد الأقصى في القدس (رويترز)
صورة جوية لقبة الصخرة والمسجد الأقصى في القدس (رويترز)

صدر في مدينة جدة السعودية البيان المشترك للاجتماع التشاوري بشأن التطورات في دولة فلسطين المحتلة، بمشارَكة وفود رفيعة المستوى من الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، في اجتماع عكس تصاعد التنسيق السياسي بين المنظمات الـ3 حيال مسار القضية الفلسطينية وتداعياتها الإقليمية والدولية.

وأكد البيان أن خطة السلام التي أعلنها رئيس الولايات المتحدة الأميركية، وجرى التوقيع عليها خلال قمة السلام الدولية التي عُقدت في شرم الشيخ في أكتوبر (تشرين الأول) 2025، برعاية مصرية - أميركية وبمشاركة قطرية وتركية، واعتمدها مجلس الأمن الدولي في قراره رقم 2803، تمثل نقطة انطلاق أساسية لوقف نزف الدم، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي، وتهيئة الظروف لعودة الحياة الطبيعية، وصولاً إلى فتح مسار لا رجعة عنه لتجسيد «حل الدولتين».

وفي هذا السياق، شدَّدت المنظمات الـ3 على رفضها القاطع لأي محاولات أو خطط تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية، عادّةً ذلك جريمة حرب وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، وتهديداً مباشراً للأمن والسلم الإقليميَّين والدوليَّين. كما أدانت بشدة التصريحات الإسرائيلية المتعلقة بفتح معبر رفح في اتجاه واحد، محذِّرة من تداعيات السياسات الرامية إلى جعل قطاع غزة منطقةً غير قابلة للحياة.

وندَّد البيان بسياسة الحصار والتجويع الممنهج، التي تفرضها سلطات الاحتلال على قطاع غزة، مطالباً بإجبار إسرائيل على فتح معبر رفح وجميع المعابر البرية والبحرية بشكل دائم وآمن، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون قيود. كما حذَّر من خطورة الممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، من خلال التوسُّع الاستيطاني، والاعتقال التعسفي، ومخططات الضم، وفرض السيادة الإسرائيلية المزعومة، واقتحام المدن والمخيمات، وتدمير البنية التحتية، وتهجير السكان.

وأكدت المنظمات عدم قانونية جميع المستوطنات الإسرائيلية، وضرورة تفكيكها وإخلائها، محذِّرة من تصاعد عنف المستوطنين المتطرفين تحت حماية قوات الاحتلال، ومطالِبةً المجتمع الدولي بمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم وفق القانون الجنائي الدولي، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 904، بسحب سلاح المستوطنين.

وفي الشأن المقدسي، رفض البيان كل الإجراءات الإسرائيلية الهادفة إلى تغيير الوضع السياسي والجغرافي والديموغرافي في مدينة القدس المحتلة، مؤكداً ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني للمقدسات الإسلامية والمسيحية، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك.

كما أدان البيان الانتهاكات الجسيمة بحق الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، بما في ذلك الإخفاء القسري، والتعذيب، والإعدام، والتنكيل، مشيراً إلى اقتحام الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير زنزانة الأسير القائد مروان البرغوثي وتهديد حياته، وداعياً إلى الضغط الدولي للكشف عن مصير الأسرى وضمان حمايتهم والإفراج عنهم.

ودعت المنظمات المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات عملية لمساءلة إسرائيل عن جميع انتهاكاتها، وإنهاء حالة الإفلات من العقاب، عبر المحاكم الوطنية والإقليمية والدولية، لا سيما المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، مع التأكيد على ضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني. كما شدَّدت على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، داعيةً إلى دعم حكومة دولة فلسطين لتولي مسؤولياتها كاملة في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك قطاع غزة، والمطالبة بالإفراج الفوري عن أموال الضرائب الفلسطينية المحتجزة.

ورحّب البيان بالتحالف الطارئ من أجل الاستدامة المالية للسلطة الفلسطينية، الذي أعلنت عنه المملكة العربية السعودية خلال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) 2025، داعياً الدول كافة إلى الانضمام إليه ودعم الحكومة الفلسطينية مالياً. كما رحّب بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 12 سبتمبر 2025، الذي أقرَّ مخرجات مؤتمر التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، والذي عُقد في نيويورك برئاسة مشتركة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية.

وأشادت المنظمات بالرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما رحبت بتمديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) 3 سنوات، مؤكدة ضرورة توفير الدعم السياسي والقانوني والمالي للوكالة، ورفض أي محاولات تستهدف تقويض دورها أو ولايتها.

وفي ختام البيان، ثمّنت المنظمات مواقف الدول التي اعترفت بدولة فلسطين خلال سبتمبر 2025، داعية بقية الدول إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية ودعم عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة، بوصف ذلك ركناً أساسياً لتحقيق «حل الدولتين». وأكدت أن السلام العادل والدائم في المنطقة لا يمكن أن يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتجسيد دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.


السعودية تُدين مصادقة إسرائيل على بناء وحدات استيطانية جديدة في الضفة الغربية

جندي إسرائيلي يقف لحماية المشاركين في جولة أسبوعية للمستوطنين في الخليل بالضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - رويترز)
جندي إسرائيلي يقف لحماية المشاركين في جولة أسبوعية للمستوطنين في الخليل بالضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - رويترز)
TT

السعودية تُدين مصادقة إسرائيل على بناء وحدات استيطانية جديدة في الضفة الغربية

جندي إسرائيلي يقف لحماية المشاركين في جولة أسبوعية للمستوطنين في الخليل بالضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - رويترز)
جندي إسرائيلي يقف لحماية المشاركين في جولة أسبوعية للمستوطنين في الخليل بالضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - رويترز)

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة المملكة لقرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي القاضي ببناء 19 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، مؤكدة أن هذه الخطوة تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

وفي بيان رسمي، شددت الوزارة على أن السعودية تجدّد دعوتها للمجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته تجاه وضع حد لهذه الانتهاكات المتواصلة، التي تقوّض فرص السلام، وتُسهم في تعقيد المشهد السياسي، وتعرقل الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية.

وأكدت الخارجية السعودية ثبات موقف المملكة الداعم للشعب الفلسطيني الشقيق، وحقوقه المشروعة، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لمبادرة السلام العربية، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.