وزير مغربي: مواجهة الرشوة في بلادنا ما زالت مجرد خطاب

«ترانسبارانسي المغرب» تحمل الحكومة مسؤولية الفشل في محاربتها

محمد مبديع، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة
محمد مبديع، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة
TT

وزير مغربي: مواجهة الرشوة في بلادنا ما زالت مجرد خطاب

محمد مبديع، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة
محمد مبديع، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة

ما زال استفحال الرشوة يؤرق مضجع الحكومة التي يقودها الإسلاميون بعد مرور نصف ولايتها، واعترف محمد مبديع، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، بمحدودية البرامج والتدابير التي اتخذتها الحكومة لمواجهة الرشوة والفساد في الإدارات العمومية.
وقال مبديع، الذي كان يتحدث مساء أول من أمس، خلال ندوة تحت عنوان «أي استراتيجية بالمغرب لمحاربة الرشوة؟»، نظمتها المدرسة الوطنية للإدارة بالرباط «على الرغم من كل المجهودات الحكومية المبذولة فنتائج محاربة الرشوة لم تكن في مستوى التطلعات»، مضيفا أن «رقعة الفساد لم تتراجع مقابل تزايد الآمال المجتمعية في القضاء عليها».
وأكد مبديع أن محاربة الفساد لا تجري فقط بالترسانة القانونية، موضحا أن «تجدره في المجتمع يستدعي تفعيل الوقاية من الفساد». وقال إن المعركة ضد الفساد تتطلب نفسا طويلا من المجتمع والدولة، عادا «قضية الرشوة قضية مجتمع وليست قضية وزارة أو حكومة».
من جهته، حمل عبد الصمد صدوق، الكاتب العام لجمعية «ترانسبارانسي المغرب» مسؤولية استفحال الرشوة والفساد للحكومة، منتقدا دفاع وزير الوظيفة العمومية عن تساوي المسؤولية في محاربة الرشوة، مشيرا إلى أن هناك تفاوتا في حجم المسؤولية، وقال «أول مسؤول عن محاربة هذه الظاهرة هو الحكومة التي تتوفر على الإمكانيات والصلاحيات لذلك».
واتهم صدوق الحكومة الحالية بإضفاء طابع التسييس على حملات محاربة الرشوة لتحقيق مكاسب سياسية، وقال إن مواجهة الرشوة بالمغرب ما زالت «مجرد خطاب».
في السياق ذاته، اشترط عبد السلام أبو درار، رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة، وهي مؤسسة دستورية، توافر مجموعة من الشروط لضمان نجاح استراتيجية وطنية لمحاربة الرشوة والفساد. وقال أبو درار إن «نجاح أي استراتيجية لمحاربة الفساد مرتبط بالتوفر على إرادة سياسية، من جهة، ونجاعة التدخل الحكومي والتوفر على الموارد البشرية والمالية، من جهة أخرى».
ودعا أبو درار إلى «إطلاق نقاش وطني حول الممارسات الجيدة وكيفية محاربة الفساد»، وقال إن ذلك من شأنه أن «يدفع المواطنين إلى الانخراط في محاربة الفساد». وأكد أبو درار على «ضرورة احترام القوانين الجاري بها العمل، حتى يتسنى خلق ثقافة جديدة لمحاربة الفساد»، مشيرا إلى أن «الوقاية والتحسيس من أهم آليات محاربة الرشوة».
وكانت وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة قد أطلقت السنة الماضية تحت إشراف رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران برنامجا حكوميا وطنيا على مرحلتين للتحسيس بمخاطر الرشوة، تحت شعار «إياكم من الرشوة»، وذلك بهدف تعزيز ثقافة الوقاية منها، وشرح أسباب وعواقب هذه الآفة من خلال تعبئة كل وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والوسائط الإعلانية بما يناهز 400 وصلة تلفزيونية، و1400 وصلة إذاعية. بيد أن التقارير الدولية أكدت استمرار تدهور مرتبة المغرب في سلم محاربة الفساد حيث تراجع بثلاث درجات في عهد حكومة ابن كيران، حسب آخر تقرير لمنظمة الشفافية الدولية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.