رئيس إقليم كردستان يوعز بإعلان حلبجة محافظة جديدة

مسعود بارزاني دعا حكومته أن لا تنتظر رد بغداد

مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق
مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق
TT

رئيس إقليم كردستان يوعز بإعلان حلبجة محافظة جديدة

مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق
مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق

دعا مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق حكومة الإقليم رسميا «باتخاذ الإجراءات الإدارية وعلى وجه السرعة لرفع المستوى الإداري لقضاء حلبجة وتحويلها إلى محافظة دون انتظار إجراءات الحكومة العراقية في بغداد».
وقد نشر الموقع الرسمي لحكومة إقليم كردستان العراق أول من أمس بيانا أكد فيه أن رئيس الإقليم «وبالاعتماد على آراء كثير من رجال القانون الذين استشارهم تأكد أن قضية تحويل حلبجة إلى محافظة مسألة تقع ضمن حلقة الصلاحيات الإدارية لإقليم كردستان العراق، وبعدم وجود أي استجابة من قبل بغداد حول هذا الموضوع، وطالب (رئيس الإقليم) حكومة الإقليم بالبدء سريعا باتخاذ الإجراءات الإدارية لرفع المستوى الإداري لحلبجة بناء على طلب جماهير المدينة».
وقد شهدت حلبجة في الأسابيع الماضية «الكثير من التظاهرات التي أمهلت حكومة إقليم كردستان حتى السادس عشر من مارس (آذار) لهذا العام لاتخاذ القرار بتسمية حلبجة محافظة رابعة ضمن الإقليم».
وجاء قرار رئاسة الإقليم «متزامنا مع الكلمة التي ألقاها بارزاني أثناء استقبال رفات 93 مؤنفلا من البارزانيين، حيث تم جلبهم من صحاري البصية التابعة لمحافظة السماوة في جنوب العراق إلى أربيل ليدفنوا في بارزان معقل رئيس الإقليم، حيث أكد فيها على أن موقف الإقليم ورده على ما تفعله الحكومة العراقية ضده لن يكون متوقعا، مما أدى إلى الاعتقاد أن بارزاني قد اتخذ الخطوة الأولى في تنفيذ ما أكد عليه ردا على بغداد».
وأكد النائب عن قائمة الحزب الديمقراطي الكردستاني في برلمان الإقليم نوري حمه علي «أن هذا الموقف من قبل بارزاني يؤكد على جديته في حل المشكلات التي تستمر بغداد في المماطلة واللعب بورقة الوقت بشأنها لا سيما أنها لم تف بوعودها التي قطعتها على الإقليم فيما يخص هذا الموضوع».
وبين علي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن محاولات الحكومة العراقية ورئيس وزرائها نوري المالكي شخصيا لتأخير أو تعطيل هذا القرار «يأتي ضمن حملة يقوم بها الأخير بهدف بث روح العداوة بين جماهير حلبجة والقيادة السياسية للإقليم وبالأخص الحزب الديمقراطي الكردستاني».
وأوضح علي أن تصرفات بغداد «هي التي دفعت برئيس الإقليم أن يوعز للحكومة بالعمل على رفع المستوى الإداري لهذه المدينة دون الرجوع لبغداد والتي لو انتظرناها طويلا لما نفذت أيا من وعودها في حين أنها تعتبر المسؤولة الأولى من الناحية القانونية لحل كافة مشكلات هذه المدينة والكثير من المدن التي تعرضت للإبادة الجماعية في زمن النظام السابقة كوريثة قانونية للحكومة السابقة».
وقد تعرضت حلبجة في السادس عشر من مارس (آذار) 1988 لقصف بالأسلحة الكيماوية من قبل النظام العراقي السابق مما أدى إلى مقتل أكثر من 5000 شخص وإصابة الآلاف بجراح لا أمل لأصحابها في علاجها، وقد أكد بارزاني في أكثر من لقاء مع جماهير المنطقة وفي تصريحاته الصحافية أن حلبجة هي (مفتاح الحظ) للشعب الكردي والتي فتحت أبواب العالم ليطلعوا على المآسي التي تعرض لها هذا الشعب».
ورفض النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني في برلمان الإقليم سالار محمود «حل المشكلات العالقة بين الإقليم وبغداد عن طريق التصعيد أو ردود الأفعال كون هذا الأسلوب لن يصب في مصلحة الإقليم».
وأوضح محمود أن «كثيرا من المشتركات تجمع بين الإقليم والحكومة الاتحادية ولا يمكن إهمال بعض المسائل على حساب المسائل الأخرى، رافضا أن تكون مسألة اتخاذ حلبجة محافظة من قبل الإقليم فقط إحدى ردود الفعل المتبعة من قبل إقليم كردستان ضد بغداد، مؤكدا على أن كل قرار انفرادي من الإقليم سيعطي فرصة لبغداد للتعنت أكثر».
ودعا محمود أن يتخذ الإقليم قراراته المصيرية «بالمشاورة بين الأحزاب جميعا وأن لا تتخذ من قبل طرف واحد». نافيا أن تكون هناك أية منافسة سياسية بين حزبه والديمقراطي الكردستاني حول مسألة حلبجة ومؤكدا على أن «الاتحاد الوطني الكردستاني له قوته ووزنه على مستوى العراق وله مبادراته الوطنية».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.