الألماني فولكر براون يفوز بـ«جائزة الأركانة العالمية للشعر»

لأنه ظل وفيًا لجوهر الشعر بحثًا عن التوازن داخل عالم مهتز

الشاعر الألماني فولكر براون
الشاعر الألماني فولكر براون
TT

الألماني فولكر براون يفوز بـ«جائزة الأركانة العالمية للشعر»

الشاعر الألماني فولكر براون
الشاعر الألماني فولكر براون

أعلن «بيت الشعر» في المغرب، عن فوز الشاعر الألماني فولكر براون، بجائزة «الأركانة» العالمية للشعر لعام 2015، في دورتها العاشرة.
وجاء في بيان لـ«بيت الشعر» أن منح الجائزة للشاعر الألماني جاء لاعتبارات عدة، بينها أنه «ظلّ وفيًا على مدى نصف قرن لجوهر الشعر، بكتابة قصيدة مُتفاعلة مع زَمنها، مُنتصرَة للأمل، تبثّ شعاعه، بحثًا عن التوازن داخل عالم مُهتزّ».
وضمت لجنة تحكيم الجائزة، التي تنظم بشراكة مع مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير، وبتعاون مع وزارة الثقافة، الشاعر رشيد المومني (رئيسًا)، والناقد عبد الرحمن طنكول، والشاعر حسن نجمي، والشاعر نجيب خداري، والشاعر محمد بودويك، والناقد خالد بلقاسم، والشاعر محمد أهروبا (أعضاء).
وأكد «بيت الشعر»، في شرح حيثيات اختيار المتوج، برسم دورة 2015، أن براون «يكتبُ قصيدة تنعتِقُ من أشكال التقليد من دون أن تتنكّرَ لروح التراث الشعري أو تنجرّ وراء حداثة مبتورة». كما أشاد «بيت الشعر» بتجربة هذا الشاعر الذي «يتأمّلُ قضايا الإنسان والمجتمع والعالم، انطلاقًا مِنْ رُؤية شعريّة وفلسفيّة ثاقبة تتجدّدُ باستمرار، وهو ما أمّن له الإسهام في إثراء الشعر الألماني والأوروبي والإنساني بتجربة عميقة تجمعُ بين حيويّة الوعي النقدي ورهافة الحسّ الشعريّ، الذي يغتذي لديه بخبرة أدبيّة مكينة، أهّلتْه للكتابة في أكثر من جنس أدبيّ».
وتوسع «بيت الشعر» في تعداد مناقب الشاعر الألماني، مشيرا إلى أن أعماله الشعريّة والمسرحيّة والنثريّة، التي صدَرت قبْل وحدة الألمانيتيْن: «كانت تعكسُ وعيًا ثقافيًّا وسياسيا عميقًا، غير أنّها كانت تُثيرُ، في الوقت نفسه، حفيظة الشيوعيين وأصحاب القرار السياسي في ألمانيا الشرقيّة؛ لأنّها كانت تنتقدُ الاشتراكية الواقعيّة وتناقضات الدولة، وتدعو إلى الإصلاح ومُراجعة الذات، وترفضُ الإذعان لواقعٍ سياسي هشّ تُمْليه أجهزة الدولة المُستبدّة».
وأثنى «بيت الشعر» على تجربة براون الشعرية، هو الذي «لمْ يكن يُدافعُ عن آرائه ومواقفه، وهو يتوارَى عن الواقع، وإنّما كان مُثقفًا فاعلاً يُؤمنُ بقوّة الإبداع والاختلاف في مُجابهة اليأس وغواية الأفكار الجاهزة، فانضم إلى نادي القلم الدولي في عام 1970. وإلى رئاسة اتّحاد الكُتّاب في عام 1983. وإلى أكاديمية الفنون في عام 1983».
ولد براون في السابع من مايو (أيار) 1939 في دْريسْدَن، ماتَ والدُهُ في الأيام الأخيرة من الحرب العالميّة الثانية، فعاشَ طفولة يَتيمة إلى جانب إخوته الأربعة ووالدته في مدينة دمّرَتها قواتُ التحالف. درسَ الفلسفة في جامعة كارل ماركس في لايبزغ بين 1960 و1964. وانتقل بعد تخرّجه في عام 1965 إلى برلين الشرقية، وفي نفس العام صدرَ له ديوانه الأوّل «استفزاز لي»، وعمل بدعوة من هيلينه فايْغِلْ، زوجة برتولْدْ بريشت، في مسرح «برلينرْ أونْسومبلْ»، أحدِ أكثر المسارح شهرة في برلين، ثمّ عملَ لاحقًا، بين 1972 و1977. في مسرح «دويْتْشسْ تياترْ» قبْل أن يعود إلى «برلينرْ أونْسومبلْ» حيث عملَ كاتبًا مسرحيًّا بين 1977 و1990.
وسبق لبراون أن حازَ قبل سقوط جدار برلين جوائزَ كثيرة؛ بينها «جائزة هاينريش هايْنه» في عام 1971. و«جائزة هاينريشْ مانْ» في عام 1980، و«الجائزة الوطنيّة» في عام 1988، وهي أعلى جائزة تمنحُها ألمانيا الشرقيّة، رغم أنّه كان مُراقَبًا من جهاز مُخابَراتها. كما لقيت أعماله، التي صدَرت بَعد الوحدة الألمانية في عام 1990 وتُرجمت إلى لغاتٍ كثيرة، ترحيبًا كبيرًا من القرّاء والنقاد، فحازَ «جائزة ذاكرة شيللر» في عام 1992. و«جائزة النقد» في عام 1996. قبْل أن تُتوِّجَهُ الأكاديمية الألمانيّة للّغة والشعر في عام 2000 بـ«جائزة بوشنر»، وهي أهمّ جائزة أدبيّة في ألمانيا على الإطلاق.
وأحدثت جائزة «الأركانة» العالمية للشعر من طرف «بيت الشعر في المغرب»، عام 2002. واستوحت اسمها من شجرة «الأركان» الشهيرة، التي لا تنبت إلا في المغرب.
وسبق لكل من الشاعر البرتغالي نونو جوديس، والشاعر الفرنسي إيف بونفوا، والشاعر الصيني بي داو، والشاعر المغربي محمد السرغيني، والشاعر الفلسطيني محمود درويش، والشاعر العراقي سعدي يوسف، والشاعر الإسباني أنطونيو غامونيدا، والشاعرة الأميركية مارلين هاكر، والشاعر المغربي الطاهر بن جلون، أن فازوا بالجائزة، في دوراتها التسع الماضية.



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.