إشكال أمني بين حزب الله والجيش اللبناني قرب الحدود السورية

احتدام القتال حول يبرود.. وخبراء يتوقعون حربا قد تطول لعشر سنوات

رجل يبكي مقتل أربعة من أبنائه في قصف يعتقد أن قوات النظام نفذته في حلب أمس (رويترز)
رجل يبكي مقتل أربعة من أبنائه في قصف يعتقد أن قوات النظام نفذته في حلب أمس (رويترز)
TT

إشكال أمني بين حزب الله والجيش اللبناني قرب الحدود السورية

رجل يبكي مقتل أربعة من أبنائه في قصف يعتقد أن قوات النظام نفذته في حلب أمس (رويترز)
رجل يبكي مقتل أربعة من أبنائه في قصف يعتقد أن قوات النظام نفذته في حلب أمس (رويترز)

اصطدمت عناصر من حزب الله اللبناني، أمس، مع أفراد من الجيش اللبناني في البقاع (شرق لبنان)، في أول حادثة منذ إعادة حزب الله نشر عناصر أمنيين له على مداخل بلدة عرسال الحدودية مع سوريا، التي يتهمها الحزب بأنها ممر للسيارات المفخخة من يبرود السورية إلى الداخل اللبناني.
وقع الإشكال بين موكب رئيس فرع استخبارات الجيش اللبناني في البقاع العميد عبد السلام سمحات وعناصر من الحزب في المنطقة، من دون الكشف عن أسباب الحادث من مصادر مستقلة. واكتفت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، بالقول إن الإشكال وقع بين الضابط «وبعض الأهالي في بلدة اللبوة على خلفية توقيف المخابرات لأحد الأشخاص»، مشيرة إلى أنه «لم يفد عن حصول أي إطلاق نار».
وسارعت الجهات الرسمية اللبنانية، أمس، إلى تطويق ذيول الإشكال. ونقل موقع «لبنان 24» الإخباري عن مصادر أمنية رسمية تطويق الإشكال كاشفة عن توقيف أحد عناصر الحزب الضالعين في الإشكال.
وأوضحت المصادر ذاتها أن الإشكال حصل بين سيارتين إحداهما تابعة لاستخبارات الجيش وأخرى تبين لاحقا أن سائقها من المنتمين إلى حزب الله، وأشارت إلى أن دورية من الاستخبارات قامت بتعقب السيارة واعتراضها ومن ثم جرى توقيف سائقها، مشددة على أنه «حادث عرضي ولا أبعاد أمنية أو سياسية له».
وأعاد حزب الله نشر حواجز أمنية له في اللبوة ذات الغالبية الشيعية والمجاورة لعرسال ذات الغالبية السنية، إثر وقوع تفجيرات بالسيارات المفخخة في مناطق نفوذه في لبنان، رغم انتشار الجيش اللبناني في المنطقة.
وكان الحزب سارع إلى نشر حواجز له بعد وقوع ثاني تفجير استهدف منطقة الرويس في ضاحية بيروت الجنوبية في أغسطس (آب) الماضي، قبل أن يسلمها إلى السلطات الرسمية اللبنانية التي نفذت خطة الانتشار في الضاحية والبقاع. وإثر استهداف مدينة الهرمل (شمال شرقي لبنان) بثلاثة تفجيرات، أعاد الحزب حواجزه، وهو ما دفع بوزير العدل اللبناني اللواء أشرف ريفي للاعتراض على وجودها.
وتتركز حواجز الحزب في البقاع في منطقة اللبوة، التي تعد ممرا إلزاميا للعبور باتجاه بلدة عرسال، المؤيدة للمعارضة السورية. وادعت تقارير سابقة إلى أن السيارات المفخخة تعبر من يبرود بريف دمشق الشمالي، عبر جارتها اللبنانية عرسال، إلى المناطق حيث شهدت تفجيرات.
ويظهر عناصر الحزب في تلك المناطق بأسلحتهم، بشكل علني، حيث يدققون بهوية العابرين من عرسال إلى اللبوة، قبل اتجاههم شمالا نحو الهرمل، أو جنوبا باتجاه بعلبك. وتقول مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن هؤلاء العناصر «هم من أبناء المنطقة، ومهمتهم تتلخص بمعرفة الغرباء المشتبه بهم، بهدف الحد من وصول السيارات المفخخة من يبرود السورية إلى الأراضي اللبنانية».
وكشفت المصادر عن أن هذه الحواجز «عادت بعد التفجير الثاني الذي ضرب الهرمل في فبراير (شباط) الماضي، في مهمة لمساعدة حواجز الجيش اللبناني»، علما بأن عناصر الحزب الذين يقيمون بسيارات خاصة بهم، أو يقفون على جانبي الطرقات، لا يبعدون عن حواجز الجيش اللبناني أكثر من مائتي متر.
وتعد تلك الحواجز جزءا من التدابير الأمنية المشددة التي يتخذها حزب الله في المناطق الحدودية مع سوريا بالبقاع، بهدف منع وصول السيارات المفخخة إلى مناطق نفوذه. علما بأن تلك الحواجز أثارت اعتراض شخصيات من بلدة عرسال، نظرا لما وصفته بـ«التضييق على حركة سكانها خارج البلدة». وكانت مصادر إسلامية أكدت لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق، أن أهالي عرسال مستاءون من تلك الحواجز التي تقوض حركتهم، وقد سجلوا اعتراضا لدى مرجعيات سياسية حولها.
وحركت تلك الحواجز وزير العدل أشرف ريفي لبحثها مع مسؤول لجنة التنسيق والارتباط بحزب الله وفيق صفا، في أول اجتماع عقد بينهما، منتصف الشهر الماضي، إذ طلب من صفا إزالة الحواجز الكائنة بين اللبوة وعرسال.

وعلى صعيد اخر، حذر خبراء من أن الحرب في سوريا قد تستمر 10 سنوات إضافية مع دعم إيران وروسيا لنظام الرئيس بشار الأسد وسيطرة مجموعات متطرفة على أرض المعركة.
وقال هؤلاء الخبراء إن الأسد اختار عمدا استراتيجية عدم القيام بأي شيء في وقت تعزز فيه مجموعات معارضة متطرفة مثل جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) نفوذها على حساب المعارضة المعتدلة التي تقاتل على جبهتين. وقال المحلل ديفيد غارتنشتاين روس «الآن أصبح الأمر واضحا بأن سقوط الأسد لم يعد حتميا كما كان يعتقد الكثير من المحللين قبل عام». وأضاف أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ أول من أمس أن «السيناريو الأكثر احتمالا هو الذي تتوقعه الاستخبارات الأميركية حاليا: الحرب سوف تستمر لعشر سنوات إضافية وحتى أكثر من ذلك».
وأوضح غارتنشتاين، وهو من المؤسسة من أجل الدفاع عن الديمقراطية، أن وضع الأسد تعزز في هذا الوقت، ليس فقط بالسلاح والمال من روسيا وإيران وإنما أيضا بسبب رغبته في عدم التدخل ضد الحركات المتطرفة. وقال أيضا إن «الدور الرئيسي الذي يلعبه الجهاديون (داخل المعارضة) دفع بالدول الغربية ودول أخرى إلى العدول عن زيادة الدعم للمعارضة».
وعد المحلل أن سياسة واشنطن التي امتنعت حتى الآن عن تسليم أسلحة ثقيلة إلى المعارضة مع تقديم مساعدات إنسانية، هي «ملتبسة» وتنقصها «الرغبة الحقيقية في إنهاء الحرب». وأضاف أن «الحرب السورية مأساة كبرى، ويرجح أن تكون نهايتها مأساوية أيضا. ومن المرجح أيضا أن تكون الولايات المتحدة غير قادرة على تجنب ذلك حتى إذا اخترنا التدخل بشكل إضافي».
من جهته، قال ماثيو ليفيت، الخبير في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إن تدفق المقاتلين الأجانب في النزاع يطرح مخاطر فعلية أيضا في العالم، لأن «غالبية المقاتلين المتشددين سيعودون إلى بلدانهم ويشنون هجمات قبل أن يضربوا في أوروبا أو الولايات المتحدة». وأشار على سبيل المثال إلى انتحاريين أرسلوا إلى تونس وهم من مجموعات ليبية ومغربية تقاتل حاليا داخل سوريا. وقال «في الوقت الذي يمكن أن تكون فيه الحرب قابلة للتفاوض فإن الطائفية ليست كذلك، وهي بالتأكيد سوف تخلق شروط عدم الاستقرار خلال السنوات العشر المقبلة»، حسب وكالة الأنباء الفرنسية.
ونفى نائب وزير الخارجية بيل بيرنز أن تكون الإدارة الأميركية تعتقد حاليا أنه من الأفضل أن يبقى الأسد في السلطة، لأن المتطرفين يشكلون تهديدا أكبر للأمن الوطني الأميركي. وقال بيرنز أمام أعضاء مجلس الشيوخ «أنا أبقى على قناعة قوية، والإدارة كذلك، بأن الأسد يشكل عامل جذب للمقاتلين الأجانب والتطرف العنيف». وأضاف «ما دام الأسد باقيا فستستمر الحرب الأهلية، وستتدهور، كما أن مخاطر توسع رقعتها ستزيد أيضا». وأقر بيرنز بأنه «في الملف السوري، شعرنا باستياء شديد من الأبعاد الواسعة للسلوك الروسي وتصرفاته». لكنه شدد على أن واشنطن لا تزال تعمل مع شركائها مثل السعودية لمعرفة ما يمكن القيام به، وكذلك بحث «السبل التي يمكننا فيها تقوية دعمنا للمعارضة المعتدلة».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».