مستشار رئيس البرلمان الليبي: نحتاج إلى دعم دولي لمحاربة الإرهاب وليس «حكومة وصاية»

عبد المجيد قال في حوار مع {الشرق الأوسط} إن لجوء البغدادي إلى سرت «احتمال قائم»

مستشار رئيس البرلمان الليبي: نحتاج إلى دعم دولي لمحاربة الإرهاب وليس «حكومة وصاية»
TT

مستشار رئيس البرلمان الليبي: نحتاج إلى دعم دولي لمحاربة الإرهاب وليس «حكومة وصاية»

مستشار رئيس البرلمان الليبي: نحتاج إلى دعم دولي لمحاربة الإرهاب وليس «حكومة وصاية»

قال عيسى عبد المجيد، مستشار رئيس البرلمان الليبي، الذي يمثل أعلى سلطة في البلاد، إن ليبيا تحتاج إلى دعم دولي لمحاربة الإرهاب وليس لـ«حكومة وصاية»، في إشارة إلى الاجتماع المزمع عقده اليوم (الأربعاء) في مدينة الصخيرات المغربية تحت رعاية الأمم المتحدة لتشكيل حكومة وفاق وطني ليبية.
وأعرب عبد المجيد في حوار مع «الشرق الأوسط»، أثناء جولة له خارج البلاد، عن اعتقاده بصحة ما تردد من أنباء عن هروب قائد تنظيم داعش والخليفة المزعوم، أبو بكر البغدادي، من العراق إلى ليبيا. وقال إن لجوء البغدادي إلى مدينة سرت الواقعة في شمال البلاد «احتمال قائم».
ويأتي اجتماع الصخيرات بعد أيام من اللقاء الوزاري الذي شاركت فيه عدة دول كبرى في روما لبحث المشكلة الليبية وخطر تمدد الإرهاب فيها. لكن عبد المجيد شدد على أن بلاده لا تحتاج إلى اجتماعات لتشكيل حكومة من الخارج، سواء في الصخيرات أو غيرها، ولكنها «ترحب بأي مؤتمرات أو لقاءات لمحاربة الإرهاب».
وقال إن ليبيا تحتاج إلى مواقف عملية لمحاربة الإرهاب، على رأسها رفع الحظر عن تسليح الجيش والعمل على دعم الشرعية، محذرًا من تنامي خطر تنظيم داعش محليًا وعلى دول الجوار والبلدان الغربية، خاصة أوروبا المطلة على الضفة المواجهة لليبيا على البحر المتوسط. وإلى أهم ما جاء في الحوار..
* من المقرر أن يعلن عن حكومة ليبية توافقية في اجتماع بالصخيرات. ما تعليقك؟
- اجتماع الصخيرات يأتي بعد أيام من اجتماع روما الذي شاركت فيه دول مثل بريطانيا وأميركا. وتلك الدول ليست وصية على الشعب الليبي. القرار أولا وأخيرا هو للشعب الليبي. هناك برلمان منتخب من الشعب، من عموم البلاد. أما بالنسبة للحكومة التي يعتزم الإعلان عنها في الخارج، فإنني أتساءل: أين سيكون مقرها في ليبيا. في أي مدينة؟ أم أنها ستباشر أعمالها من إيطاليا؟ هذا كلام ليس في محله. الحكومة لا تشكل إلا عبر البرلمان الليبي، ولا بد أن تحصل على تصديق هذا البرلمان. هل يعقل أن تشكل حكومة في المنفى، ويكون مقرها في روما مثلا. هذا لا يمكن.
* لكن مبعوث الأمم المتحدة التقى بكثير من الأطراف الليبية، سعيًا لحل الأزمة؟
- نعم.. وعليهم متابعة الحوار. نحن مع استمرار الحوار، حتى بعد أن جرى تغيير المبعوث الأممي الخاص بليبيا، برناردينيو ليون، وجاء بدلا منه المبعوث الجديد مارتن كوبلر. لقد اجتمع كوبلر مع رئيس البرلمان، المستشار عقيلة صالح، قبل عدة أيام. واجتمع أيضًا مع أعضاء البرلمان. وذهب إلى طرابلس واجتمع بالمؤتمر الوطني المنتهية ولايته (البرلمان السابق)، ولكن ما أريد أن أؤكد عليه أنه لن يفرض أحد أي شيء على الليبيين. الشعب هو صاحب القول الفصل سواء في مسألة الحكومة أو غيرها.
* وكيف ينظر البرلمان لاجتماع روما الذي انعقد يوم الأحد الماضي وأوصى بالموافقة على الحكومة التي ستعلن في الصخيرات؟
- هذا الاجتماع الذي شاركت فيه عدة دول منها بريطانيا وفرنسا وروسيا وأميركا ركز على كيفية محاربة الإرهاب. معروف أن ليبيا تقف بقوة ضد الإرهاب وضد الـ«دواعش». لكن للأسف ليبيا تحارب المتطرفين وحدها منذ أكثر من سنتين. ومنذ 2011 حتى اليوم تركت أوروبا الليبيين يواجهون الإرهاب ويحاربونه وحدهم.. ما زالت الأمم المتحدة ومجلس الأمن يفرضان حظرا على تسليح الجيش الليبي. ورغم نقص عتاد الجيش والسلاح، إلا أننا، مع ذلك، نحارب الإرهاب بمفردنا. دول بما فيها بريطانيا وأميركا وفرنسا يعقدون منذ زمن مؤتمرات لمحاربة الإرهاب، ونحن نحتاج إلى مواقف عملية لمحاربة الإرهاب على رأسها رفع الحظر عن تسليح الجيش، والعمل على دعم الشرعية. في الفترة الماضية.. أي قبل أربعة شهور من الآن، قلت للفرنسيين إن إرهاب «داعش» قد يصل إلى فرنسا وأوروبا، وهذا ما حدث بالفعل، كما رأينا في الهجمات التي تعرضت لها باريس. وبالتالي، ولمحاربة الإرهاب في ليبيا، لا بد من دعم الشرعية في البلاد، ورفع الحظر على تسليح الجيش، لمنع توغل المتطرفين في الداخل ولمنع انتشارهم عبر الحدود ووصولهم إلى دول الجوار والدول الغربية.
* نفهم من هذا أنه إذا جرى التوقيع على حكومة توافق، اليوم (الأربعاء)، فلا بد أن تحصل على موافقة البرلمان في طبرق؟
- نعم.. لا يمكن أن تشكل حكومة في المنفى كما فعل ليون في الصخيرات (قبل شهر) حين أخرج ورقة من جيبه وقرأ عدة أسماء، بعضها لتولي مواقع الحكومة المقترحة وبعضها في مجلس الرئاسة.. مثل هذا الكلام صراحة لا يصدقه العقل، ولا يوافق عليه البرلمان ولا الشعب. نعم نحن مع الحوار، لكن على أسس معينة وليس بإملاءات من مبعوث الأمم المتحدة أو من الدول الكبرى. أي حكومة تشكل لا بد أن تنال الثقة من البرلمان أولا. إذا شكلت حكومة في الخارج، فكيف سوف تعمل من الخارج.
* ما نظرتك في الوقت الحالي للميليشيات الموجودة في طرابلس. هل يوجد لديك فرز جديد لهذه الميليشيات، أي متطرفة وغير متطرفة؟
- نحن ضد كل الميليشيات سواء المجموعات المتطرفة المعروفة بالدواعش، أو أنصار الشريعة أو الجماعة الليبية المقاتلة. طرابلس في الحقيقة محتلة من قبل الميليشيات. قبل أسبوعين تم اختطاف نائب من نواب البرلمان حين كان في زيارة إلى العاصمة. وبهذه المناسبة أنا أستغرب كيف تشكل حكومة يكون مقرها طرابلس في ظل هذا الوضع الأمني الذي تعيش فيه العاصمة.
* هل يمكن السيطرة على خطر «داعش» في سرت، أم أنه مرشح للتزايد؟
- خطر «داعش» في ليبيا وفي سرت لن يمكن السيطرة عليه بعقد المؤتمرات. كان على الدول الغربية، وقبل عقد المؤتمرات في إيطاليا أو غيرها، أن تدعم الجيش الليبي، لأنه سيكون قادرا على تخليص ليبيا من «الدواعش» ومن الإرهاب ومن الميليشيات. بدلا من عقد مؤتمرات عن كيفية تشكيل حكومة عليهم عقد مؤتمرات عن كيفية دعم الجيش الليبي. يوجد جيش على الأرض وتوجد له قيادة عامة مكلفة من البرلمان المنتخب من الشعب. الأمن أولى من كل شيء. إذا لم يوجد أمن فكيف ستعمل أي حكومة.
* ما رأيك في الأنباء التي ترددت مؤخرا عن انتقال أبو بكر البغدادي من العراق إلى سرت في ليبيا. هل هناك ما يؤكد هذا الكلام؟
- أعتقد أنه لا يوجد دخان بلا نار.. أعتقد أن أبو بكر البغدادي موجود في ليبيا. أنا لم أر ذلك بعيني، ولكن الحقيقة كما قلت يوجد إرهابيون أجانب في ليبيا وفي سرت. هناك إرهابيون من سوريا ومن العراق. تونسيون ونيجيريون من جماعة «بوكو حرام» (النيجيرية الموالية لداعش). إرهابيون من كل الجنسيات. واحتمال لجوء البغدادي إلى سرت احتمال قائم.
* ما السر في عدم حسم الجيش للمعركة في بنغازي ضد المتطرفين منذ نحو عامين حتى الآن؟
- الجيش متقدم في كثير من المحاور في بنغازي. ما بين 90 في المائة و95 في المائة من بنغازي تحت سيطرة الجيش، ولكن هناك نقص في المعدات العسكرية. وكما قلت.. على الدول التي أطاحت بنظام القذافي وعلى حلف الأطلسي أن يدعم الجيش الليبي قبل عقد أي مؤتمرات في الخارج لتشكيل حكومة ليبية. المطلوب الأمن قبل الحكومة.
* وماذا عن الحوار الذي جرى قبل أيام في تونس بين رئيس لجنة العدل والمصالحة في البرلمان، إبراهيم عميش، والنائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني، عوض عبد الصادق. هل ما زال مستمرا أم أنه فشل؟
- ليس لطرفي هذا الحوار توقيع أي اتفاق، لأن المخول له التوقيع على أي اتفاق نهائي هو رئيس البرلمان، مع الأطراف الأخرى. وفي نفس الوقت البرلمان لا يرفض الحوار، ولكن بشرط أن يكون حوارا صادقا وجادا وليس إملاءات. حوار بين أبناء الشعب الليبي وبين السياسيين الليبيين وليس مع الإرهابيين أو الدواعش. الحوار له أسس، ولن يفرض علينا أحد حكومة وصاية.
* تحدثت بعض الأطراف عن انعقاد لقاء ما بين المستشار صالح رئيس البرلمان، والسيد نوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر الوطني، في مالطا أو في إحدى الدول الأوروبية. هل هذا اللقاء عقد بالفعل؟
- لا.. هذا اللقاء لم يعقد. هذا غير صحيح. لكن لا توجد أي مشكلة في عقد اجتماع بين المستشار صالح وأبو سهمين، إلا أن مثل هذا الاجتماع لم ينعقد بعد.
* وهل متوقع أن يعقد قريبًا؟
- المستشار عقيلة صالح قال من قبل إنه ليس لديه مانع من مثل هذه اللقاءات. أنت تعلم أن أعضاءً من البرلمان وأعضاءً من المؤتمر الوطني التقوا في تونس. وفي الصخيرات. الحوار الليبي–الليبي ليس فيه أي مشكلة، لكن توجد خطوط وثوابت لن نتنازل عنها.. أولا: الجيش الليبي خط أحمر. ثانيًا: أي حكومة لا بد أن تنال ثقة من البرلمان.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».