مصادر فرنسية: لا يحق لموسكو تعيين فريق التفاوض.. ووثيقة الرياض خطوة متقدمة

تباين الموقف الأميركي مع المعارضة السورية في توقيت رحيل الأسد

قوات من الفصائل العسكرية المعارضة عقدت اجتماعا أمس بعد تحرير قرية قره كوبري في الريف الشمالي لحلب من تنظيم داعش (غيتي)
قوات من الفصائل العسكرية المعارضة عقدت اجتماعا أمس بعد تحرير قرية قره كوبري في الريف الشمالي لحلب من تنظيم داعش (غيتي)
TT

مصادر فرنسية: لا يحق لموسكو تعيين فريق التفاوض.. ووثيقة الرياض خطوة متقدمة

قوات من الفصائل العسكرية المعارضة عقدت اجتماعا أمس بعد تحرير قرية قره كوبري في الريف الشمالي لحلب من تنظيم داعش (غيتي)
قوات من الفصائل العسكرية المعارضة عقدت اجتماعا أمس بعد تحرير قرية قره كوبري في الريف الشمالي لحلب من تنظيم داعش (غيتي)

كشفت مصادر فرنسية واسعة الاطلاع عن طبيعة الأسباب التي تفسر «الملاحظات» الأميركية على وثيقة الرياض التي توصلت إليها المعارضة السورية يوم الخميس الماضي، والتي كانت موضع نقاش في الاجتماع الوزاري لعشر دول غربية وعربية داعمة لها في باريس ليل الاثنين/ الثلاثاء.
وقالت المصادر الفرنسية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إن المأخذ الأميركي الأول على الوثيقة أنها «حادت عن خريطة الطريق التي صدرت عن اجتماع فيينا في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وعادت عمليا إلى بيان جنيف لصيف عام 2012» الذي ينص على أمرين: الأول، وجود مرحلة انتقالية تفصل ما بين النظام السوري القديم والنظام الجديد. والثاني، نقل كل الصلاحيات التنفيذية لـ«هيئة الحكم الانتقالية». والحال أن هذين الأمرين غابا عما صدر من فيينا، و«وثيقة» الرياض أعادتهما إلى الواجهة. فضلا عن ذلك، يعتبر الجانب الأميركي أن تشديد المعارضة المجتمعة في الرياض على ضرورة رحيل الأسد مع بدء المرحلة الانتقالية يتعارض عمليا مع موقف واشنطن «المتساهل» بشأن بقاء النظام «لمرحلة ما» على أن يرحل، في كل حال، مع نهاية المرحلة الانتقالية. أما التحفظ الأميركي الأخير فمصدره «عدم ارتياح» واشنطن لتنظيمات ترى أنها «غير واضحة المعالم»، مثل «أحرار الشام» أو «جيش الإسلام»، التي لواشنطن «تحفظات» عليها.
وتعتبر باريس أنه «ليس من المطلوب» أن تكون مواقف المعارضة التي تحظى بدعم ما سماه مصدر دبلوماسي عربي رافق الاجتماع «مجموعة 3+1»، أي السعودية وقطر وتركيا بالإضافة إلى فرنسا، «متطابقة» مع مواقف واشنطن، خصوصا أن هذه المواقف المتشددة «تفاوضية»، بمعنى أنه لا تستطيع المعارضة أن تظهر ليونة أكثر مما أظهرته قبل بدء المفاوضات وبينما النظام ما زال على تشدده، بل إنه يرفض التفاوض معها ويطالبها برمي سلاحها قبل أي شيء آخر. أما بخصوص التحفظات الروسية، فإن باريس تعبر عن دهشتها من كون موسكو «تريد بنفسها أن تعين وفد المعارضة للتفاوض مع النظام وأن تفرض أشخاصا أمثال قدري جميل أو هيثم المناع الذي رفض الانضمام إلى اجتماع الرياض» أو تنظيمات «مثل الحزب الديمقراطي الكردي الذي يقاتل (داعش) وليس النظام».
وفي السياق عينه، تلوم باريس الدبلوماسية الروسية التي كانت تتذرع باستمرار بـ«تفتت» المعارضة وبـ«الطلاق» بين المعارضة السياسية والتنظيمات العسكرية، لتفسر تمسكها بدعم النظام ولتندد بـ«الفراغ» في الجهة المقابلة. وبرأي المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن روسيا «تخطئ» وبدل أن تتلقف مبادرة المعارضة التي أنتجت وثيقة تنص على أن سوريا المستقبل «دولة مدنية»، فإنها تستمر في قصف مواقع التنظيمات المسلحة التي تقاتل النظام و«داعش» في الوقت عينه.
ثمة نقطة إضافية تتمايز فيها مواقف المعارضة عن توجهات واشنطن، وتتناول رفض الأولى السير في هدنة مع النظام من غير الحصول على ضمانات قوية بشأن الوضع الإنساني في المناطق المحاصرة وإطلاق الأشخاص المحتجزين لدى النظام ووقف القصف الذي يستهدف المناطق المدنية، بينما تريد واشنطن أن تبدأ الهدنة بالتوازي مع انطلاق المفاوضات بين وفدي النظام والمعارضة. وحجة واشنطن التي تبدي ليونة يعتبرها بعضهم «مبالغا فيها» في التعاطي مع موسكو، أن هناك «حاجة أساسية تتمثل في أهمية جر روسيا إلى المفاوضات، والطريق إلى ذلك يمر عبر إرضاء الطرف الروسي».
وتعتبر باريس أن المنطق الأميركي يقوم على «قناعة» مفادها أن موسكو أصبحت «جاهزة» لدفع النظام للتحرك والدخول في مفاوضات. ولذلك فإن خريطة طريق فيينا تنص على ستة أشهر للتفاوض، يليها تشكيل «هيئة حاكمة» وليس هيئة حكم انتقالية، ثم كتابة دستور جديد، على أن تجرى انتخابات بعد 18 شهرا من انطلاق المفاوضات. ووفق هذا التصور، يترك مصير الأسد، وهو المسألة الحساسة، لمرحلة لاحقة وربما للمراحل الأخيرة لتجنب «حشر» الطرف الروسي. لكن مشكلة هذه المقاربة أنها لا ترضي المعارضة التي تحتاج إلى رؤية واضحة وليس الغوص في ضبابية عديمة الضمانات لما سيحصل ولما ستكون عليه صلاحيات الرئيس السوري خلال المرحلة الانتقالية. وسبق أن قالت مصادر أوروبية لـ«الشرق الأوسط» إن البحث جار لإيجاد صيغة «يمكن أن يبقى فيها الأسد في قصره، ولكن من غير سلطات على الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة». وبينما يشير المفاوضون الأميركيون إلى أهمية «الغموض البناء» وهو «المبدأ الذي يسير عليه أيضًا المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا وفق باريس»، ينبه الجانب الفرنسي إلى أنه «ليس من أدلة» على أن روسيا غيرت مقاربتها أو أن لديها استعدادا ما لإظهار الليونة، مضيفا أنه «ما دامت لا تظهر ليونة روسية فمن المستبعد تماما أن تظهر ليونة إيرانية».
تبقى مسألة أخرى حساسة لم تجد بعد بداية حل لها، وهي تصنيف التنظيمات المسلحة، الأمر الذي تشدد عليه موسكو وتعتبره شرطا للبدء في المفاوضات بين النظام والمعارضة. والمشكلة أن في سوريا ما لا يقل عن 800 تنظيم مسلح، ما يبين صعوبة المهمة الموكلة للأردن، وخصوصا تحديد المعايير التي بموجبها يمكن أن تتم عملية التصنيف. ومن المسالك الممكنة العودة إلى لائحة الأمم المتحدة التي تضم خمسة تنظيمات بينها «داعش» و«القاعدة» ومعها «النصرة». وتعتبر باريس أن المسألة معقدة ويتعين النظر إليها بعناية، إذ تتساءل: هل المطلوب نبذ عدد من التنظيمات ودفعها إلى أحضان «داعش» و«النصرة»، أم جلبها إلى معسكر الاعتدال؟ ومن الأمثلة التي تطرحها باريس حالة «أحرار الشام» التي تقول عنها إنها تضم ثلاثة تيارات متناحرة، إذ بعض مقاتليها جاءوا من الجيش السوري الحر من أجل توفير راتب والحصول على الذخيرة والسلاح، بينما آخرون أكثر تشددا، وما بين الاثنين مجموعة تنتقل من جانب إلى آخر.
خلاصة باريس أن كيري ذهب إلى موسكو في مهمة واضحة هي إقناع الروس بأهمية ما حصل في الرياض رغم التحفظات، وكونه يشكل أساسا يصلح لإطلاق المفاوضات، الأمر الذي لم يكن واضحا قبل اجتماع باريس. أما السبب الذي لأجله دعا الوزير فابيوس نظراءه من تسع دول إلى الالتقاء ليل الاثنين/ الثلاثاء، فمردّه إلى تكليف الدبلوماسية الفرنسية بأن تقوم بدور المنسق بين مواقف أصدقاء الشعب السوري. ويبدو الجانب الفرنسي متفائلا هذه المرة بعض الشيء لأنه يعتبر أن ما تحقق في الرياض كان «إنجازا حقيقيا»، إذ جمع الأضداد ووفر قاعدة ترضي أكثرية الأطراف وتنزع حجة التشتت والتشرذم. لكن ما حصل لا يعني أن الأمور «باتت على السكة» كما تقول المصادر الفرنسية، بل إن شروط إطلاق المسار السياسي توافرت «شرط أن يبدي الطرف الآخر حسن النية سعيا وراء الخروج من الحرب».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.