بدأت، ظهر أمس، مشاورات جنيف بين الأطراف اليمنية برعاية الأمم المتحدة، وهي المشاورات التي تعقد في إحدى ضواحي جنيف، في إطار من السرية الكبيرة، في مسعى لإبعاد أطراف التشاور عن وسائل الإعلام، لاعتقادها أن ذلك يشكل بيئة مناسبة للمباحثات أو المشاورات، وذلك بالتزامن مع بدء سريان هدنة وقف إطلاق النار، التي أقرها الرئيس عبد ربه منصور هادي وأبلغ بها الأمم المتحدة والسعودية التي تقود دول التحالف في اليمن، وهي الهدنة التي تعرضت لسلسلة خروقات في يومها الأول من قبل المتمردين.
علمت «الشرق الأوسط» من مصادر موثوقة، أن مشاورات اليوم الأول أسفرت عن انتصار الإرادة الدولية، وذلك بتركيز المشاورات على القرارات الأممية وبالأخص القرار الأممي 2216، وكانت أهم نقاط الحوار في اليوم الأول حول تثبيت وقف إطلاق النار وفتح ممرات آمنة وفك الحصار عن المدن، خاصة الحصار الذي يفرضه الحوثيون على مدينة تعز.
وقالت المصادر إنه جرى الحديث عن المعتقلين في سجون ميليشيات الحوثي، وطلب من الحوثيين الإفراج عن الكثير منهم كبادرة حسن نية، كما تم الحديث عن خطوات تحسين الاقتصاد وإيصال المساعدات للمتضررين وعدم عرقلة وصولها للمتضررين داخل اليمن من قبل تلك الميليشيات.
وأشارت المصادر إلى أن الانقلابيين، من الحوثيين وأتباع المخلوع علي عبد الله صالح، لا يزالون يمنعون دخول المساعدات والصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية لتعز.
وقال مصدر في المشاورات لـ«الشرق الأوسط» إن كلمة وفد الشرعية، في الجلسة الافتتاحية، أكدت على ضرورة تنفيذ القرار 2216، والهدنة ووقف إطلاق النار المؤقت، وإطلاق سراح المحتجزين والمعتقلين وفي مقدمتهم وزير الدفاع محمود سالم الصبيحي، ورفع الحصار عن المدن.
ويرأس عبد الملك المخلافي، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، وفد الشرعية إلى جنيف، إضافة إلى سبعة آخرين، وأربعة مستشارين، بينما يرأس وفد المتمردين عبد السلام محمد، الناطق باسم الحوثيين، وبنفس قوام وفد الشرعية. غير أن وفد الحوثيين يتكون نصف أعضائه من أنصار الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
وللمرة الأولى اجتمع طرفا النزاع في اليمن، الحكومة الشرعية والمتمردون الحوثيون، على مائدة حوار واحدة في الجلسة الافتتاحية، التي دعا خلالها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، كل الأطراف إلى الالتزام و«التقيد الكامل بوقف إطلاق النار الذي يجب أن يكرس انتهاء أعمال العنف في اليمن».
ووفقا لما نقلته وكالات الأنباء، فقد قال ولد الشيخ إن «إقرار السلام ضرورة أساسية لإعادة إعمار اليمن والتعامل مع تداعيات الحرب والعودة إلى الحياة الطبيعية في كامل المحافظات وإعادة تشغيل العجلة الاقتصادية»، مؤكدا أن خبراء من الأمم المتحدة يعملون مع وفدي المشاورات للتوصل إلى اتفاقات تضمن وصول المساعدات الإنسانية إلى البلاد وإلى المناطق المتضررة.
وترعى الأمم المتحدة التي تترأس المشاورات اليمنية – اليمنية، في مكان لم يكشف عنه في إحدى ضواحي جنيف.
وفي بيان صادر عنها تلاه المتحدث باسم المنظمة الدولية، أحمد فوزي، أكدت الأمم المتحدة أن المشاورات هي للتوصل إلى حل دائم للأزمة اليمنية، وأن هذه المشاورات «تسعى للتوصل إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار والسعي إلى تحسين الوضع الإنساني والعودة إلى انتقال سياسي سلمي ومنظم. وتؤكد الحكومة اليمنية أن مشاركتها في هذه المشاورات تأتي لبحث تطبيق القرار 2216، الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 14 أبريل (نيسان) الماضي، والذي ينص على وقف الحرب من قبل الميليشيات الحوثية والانسحاب من المدن ومؤسسات الدولة وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة إلى الحكومة الشرعية والإفراج عن المعتقلين وفي مقدمتهم وزير الدفاع، اللواء محمود سالم الصبيحي، الذي يعتقله الحوثيون. كما يفرض القرار الأممي عقوبات على زعيم المتمردين الحوثيين، عبد الملك الحوثي، ونجل الرئيس المخلوع، العميد أحمد علي عبد الله صالح، سفير اليمن السابق لدى الإمارات وقائد قوات الحرس الجمهوري سابقا، وتشمل تلك العقوبات المنع من السفر وتجميد أرصدة وأموال.
ورغم بدء سريان هدنة وقف إطلاق النار، فقد قام الحوثيون بعدد من الخروقات المباشرة، وأقر الحوثيون بخرق الهدنة من خلال عمليات قصف لمواقع في نجران داخل الأراضي السعودية، وذلك عند الساعة الثانية وخمس وأربعين دقيقة بتوقيت صنعاء، أي بعد أقل من ثلاث ساعات على بدء سريان وقف إطلاق النار. ووفقا لمصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» فقد امتد القصف ليشمل منطقة كرش الحدودية بين محافظتي تعز (الشمالية) ولحج (الجنوبية)، بينما سقط قتيل وعدد من الجرحى في صفوف المقاومة الشعبية في مدينة تعز، جراء قصف لميليشيات الحوثيين. وتباينت ردود فعل الأطراف اليمنية على مشاورات السلام بين الأطراف المتنازعة، ورغم الترحيب بالتوصل إلى سلام فإن معظم الأوساط اليمنية لديها مخاوف حقيقية وما يشبه اليقين بأن المتمردين الحوثيين لا يسعون إلى السلام وسيقوضون أية محاولة للتوصل إليه. وفي هذا السياق، قال مصدر رفيع في مقاومة «إقليم آزال»، الذي يضم صنعاء العاصمة والمحافظة ومحافظات صعدة وعمران وذمار، لـ«الشرق الأوسط» إن «السلام يتحقق فقط حينما يتمكن آلاف المواطنين، في محافظة صعدة، الذين شردتهم عصابات الحوثي والمخلوع من ديارهم وصادرت ممتلكاتهم منذ أكثر من 10 سنوات، من العودة إلى بيوتهم آمنين ويستعيدون حقوقهم كاملة ويتم الاقتصاص لهم ويتلقون العدالة والإنصاف».
وفي حين أكد المصدر أنه «لا يمكن الحديث عن سلام مع عصابات الموت والدمار ومئات الأسر المهجرة من صعدة ودماج وعمران وصنعاء وغيرها تنتظر حق العودة منذ سنوات»، فقد رحب بـ«أية مفاوضات أو اتفاقات تفضي إلى عودة المظلومين والمهجرين إلى ديارهم آمنين وبسلام يضمن إعادة الحقوق الكاملة لهم والاقتصاص العادل لذوي المظالم وتعويض المتضررين وبسط سلطات الدولة على كل شبر من الأراضي اليمنية وتسليم الميليشيات الأسلحة المنهوبة التي سخرتها لقتل اليمنيين، والإفراج عن جميع المختطفين ورد الاعتبار لهم».
وشكك المصدر القيادي في «مقاومة آزال» في التزام المتمردين الحوثيين بالاتفاقات.
وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا نثق في التزام عصابات الموت بأية اتفاقات»، وذلك «لأنه لا عهد لهم ولا ذمة، وقد خانوا سلسلة من الاتفاقيات والعهود منذ كانوا في مران في صعدة وحتى احتلالهم العاصمة صنعاء وعدن وانقلابهم على الدولة». وفي ما يتعلق بموضوع وقف إطلاق النار، أكد المصدر أن «عمليات المقاومة سوف تستمر على الأرض للتصدي لأية خروقات من قبل المتمردين وللدفاع عن العرض والأرض».
وتعد هذه هي جولة المشاورات الثانية التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف للتوصل إلى تسوية سياسية في اليمن، فقد فشلت جولة المشاورات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) الماضي، بعد خرق الحوثيين لهدنة وقف إطلاق النار وسيطرتهم على محافظة الجوف بشرق البلاد.
مشاورات جنيف تنطلق وسط تعتيم إعلامي وهدنة «متأرجحة»
وفد الشرعية يطالب بضرورة تنفيذ القرار 2216
مشاورات جنيف تنطلق وسط تعتيم إعلامي وهدنة «متأرجحة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة