سيناريوهات ما بعد «الرفع المتوقع» للفائدة الأميركية اليوم

يُعتقد على نطاق واسع أن يزيدها «الاحتياطي الفيدرالي» لأول مرة منذ ما يقارب عقدًا

رئيسة {الاحتياطي الفيدرالي} أثناء إلقائها كلمة في نادي الاقتصاد في واشنطن تظهر على شاشة تلفزيون كبيرة (أ.ب)
رئيسة {الاحتياطي الفيدرالي} أثناء إلقائها كلمة في نادي الاقتصاد في واشنطن تظهر على شاشة تلفزيون كبيرة (أ.ب)
TT

سيناريوهات ما بعد «الرفع المتوقع» للفائدة الأميركية اليوم

رئيسة {الاحتياطي الفيدرالي} أثناء إلقائها كلمة في نادي الاقتصاد في واشنطن تظهر على شاشة تلفزيون كبيرة (أ.ب)
رئيسة {الاحتياطي الفيدرالي} أثناء إلقائها كلمة في نادي الاقتصاد في واشنطن تظهر على شاشة تلفزيون كبيرة (أ.ب)

من المتوقع على نطاق واسع أن يرفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة القياسي، اليوم الأربعاء، للمرة الأولى منذ ما يقرب من عقد من الزمان، بمناسبة انتهاء استجابة البنك المركزي الطارئة للأزمة المالية، لكنه يثير تساؤلات جديدة حول الخطوات المقبلة.
اندفع الاحتياطي الفيدرالي إلى أرض مجهولة عام 2008 عندما خفض معدل الفائدة إلى الصفر، بسبب انزلاق البلاد إلى الركود. وقد جرب طرقًا غير تقليدية لتحفيز الاقتصاد، فضخ ما يقرب من 3.5 تريليون دولار في الانتعاش لتعزيز الاقتصاد المتعثر.
والآن، تتيقن الأسواق المالية من أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي جاهز للبدء في التراجع، إذ ارتفعت احتمالات زيادة المعدل المستهدف للمجلس عندما يلتقي المحافظون في واشنطن، اليوم، إلى 80 في المائة. وقالت رئيسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جانيت يلين، في وقت سابق من هذا الشهر، إنها ترى مخاطر التوقعات الاقتصادية للمجلس أنها «قريبة جدا من المتوازن» - وهذا ما يعتبره كثير من المحللين رمزًا لرفع أسعار الفائدة. ومن المتوقع أن يعلن المجلس قراره بعد ظهر اليوم.
وكتب الخبير الاقتصادي في بنك باركليز مايكل غابون، في مذكرة عميل: «مع انعقاد الاجتماع، لا نرى أية عراقيل كبيرة لرفع أسعار الفائدة في هذه المرحلة».
ومع ذلك، لا يعد رفع أسعار الفائدة سوى الخطوة الأولى في عودة الاقتصاد - وسياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي - إلى الوضع الطبيعي. ومن المرجح أن تستغرق العملية عدة سنوات، ويثار حاليًا جدل حول إذا ما كانت معايير ما قبل الركود الاقتصادي للحصول على اقتصاد قوي والسياسة النقدية الملائمة هي حتى قابلة للتحقيق.
وعقب اتخاذ قرار رفع أسعار الفائدة، يتمثل التحدي الأول الذي يواجه المجلس في كيفية فعل ذلك بالضبط. فمن الناحية التاريخية، يضع البنك المركزي هدفًا لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية - الرسوم التي تفرضها البنوك لإقراض بعضها البعض بين عشية وضحاها - ويبيع ويشتري سندات الخزينة في السوق المفتوحة لتحقيق ذلك الهدف.
لكن سوف يثبت أن تلك الطريقة غير عملية جدا الآن، نظرا لأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي جمع الميزانية العمومية لأكثر من 4 تريليونات دولار. وبدلا من ذلك، يأمل البنك المركزي في إدارة سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية من خلال تغيير سعرين آخرين: الفائدة التي يدفعها للبنوك على الاحتياطات الموجودة في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والمبلغ الذي تدفعه المؤسسات المالية الأخرى، مثل صناديق أسواق المال، للصفقات قصيرة المدى المعروفة باسم اتفاقيات إعادة الشراء العكسي. ومن المتوقع أن يعمل الأول بمثابة سقف لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية، فيما يكون الآخر بمثابة الأرض.
وتعتبر آليات التنفيذ معقدة، وعالية التقنية - وغير مجربة على نطاق واسع. ومع ذلك، يجري مجلس الاحتياطي الفيدرالي تجارب أصغر للعامين الماضيين، وهو واثق من أن التجربة ستنجح.
وقال سيمون بوتر، رئيس عمليات السوق المفتوحة بمجلس الاحتياطي الفيدرالي ومقره نيويورك، في خطابه الأخير: «يعتبر تنفيذ السياسة النقدية مجرد وسيلة لتحقيق غاية. لا توجد طريقة واضحة وحيدة (صحيحة) لفعل ذلك».
وبمجرد تحقيق مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الزيادة في أسعار الفائدة، سيتعين عليه تقرير مدة الانتظار قبل رفع أسعار الفائدة مجددا. ويؤكد المسؤولون على أن المجلس سينتقل تدريجيا لاختبار استجابة الأسواق المالية والاقتصاد، سواء في الداخل أو في جميع أنحاء العالم. وأظهرت تكهنات الاحتياطي الفيدرالي خلال الخريف توقع المسؤولين رفع أسعار الفائدة القياسية إلى متوسط قدره 1.4 في المائة في نهاية العام المقبل، مما يعني زيادة أسعار الفائدة بربع نقطة مئوية في كل مرة أخرى يجتمع فيها البنك المركزي خلال عام 2016.
ومع ذلك، يعتقد المستثمرون أن تلك التوقعات متفائلة للغاية. وتراهن الأسواق المالية بشكل كبير على أن الزيادة في أسعار الفائدة ستكون أقل من ذلك في نهاية العام المقبل. ويحاول مسؤولو البنك المركزي إقناع الرأي العام بأنهم لا يخططون لزيادات متتالية، مؤكدين على أن بإمكانهم التحرك بسرعة أكبر أو ببطء أكثر، اعتمادًا على التقدم المحرز في الانتعاش.
لكن خط تغيير المسار ليس واضحًا، وقالت يلين إنها تريد التأكد من أن التضخم، الذي ينخفض عن هدف البنك المركزي المحدد عند 2 في المائة لعدة سنوات، يرتفع بالفعل. وفي غضون ذلك، يعارض ثلاثة من كبار المسؤولين الآخرين رفع أسعار الفائدة اليوم، ومن المرجح أنهم سيواصلون الدفع للحصول على أدلة ملموسة حول التضخم لتبرير الزيادات الإضافية في أسعار الفائدة. ويشعر الآخرون بالقلق من أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يمكن أن يكون في النهاية مفرط الحذر ولا يتصرف بقوة كافية لكبح جماح الاقتصاد المحموم.
وكتب ميلان مولرين، نائب كبير المحللين في «تي دي سكيوريتيز» للأوراق المالية، في مذكرة بحثية قبل الاجتماع: «لا تزال هناك مهمة حساسة تقود التوقعات للمسار المستقبلي لأسعار الفائدة. وستكون إدارة الرسالة أمرًا محوريًا في جهود التواصل للمجلس الاحتياطي الفيدرالي مع الأسواق».
وحتى مع الوتيرة التدريجية للزيادات، قد لا يعود سعر الفائدة القياسي إلى متوسطه طويل المدى التاريخي عند 4 في المائة. وانخفضت توقعات الاحتياطي الفيدرالي خلال الخريف حذرًا من ذلك الهدف عند متوسط 3.5 في المائة. ويعتقد بعض الاقتصاديين أن نقطة التوقف يمكن أن تكون أقل من ذلك، بسبب الضربة المزدوجة من التباطؤ في الإنتاجية وتقلص قوة العمل التي خفضت الحد الأقصى للسرعة للاقتصاد الأميركي.
يخطط مجلس الاحتياطي الفيدرالي في النهاية أيضًا إلى تقليص ميزانيته العمومية، لكنها قد لا تعود إلى مستوى ما قبل الأزمة. وفي استراتيجية محددة وضعت العام الماضي، التزم المجلس بالحفاظ على حجم ميزانيته العمومية إلى ما بعد أول زيادة في أسعار الفائدة. لكن تبقى المدة بالضبط بعد ذلك موضع نقاش.
قال البنك المركزي إنه يخطط لتقليص ميزانيته العمومية عن طريق عدم استبدال الأصول عند استحقاقها، وهي عملية تعرف باسم إعادة الاستثمار. وخلال هذا الشهر وحده، يلتزم المجلس الاحتياطي الفيدرالي بإعادة استثمار 21 مليار دولار. ومن المرجح أن ينهي المجلس هذه العملية ببطء، ومن ثم يسمح لسنداته التجارية بالانخفاض بشكل طبيعي. وذكر المجلس صراحة أنه لا يتوقع بيع حيازاته من السندات المدعومة بالرهن العقاري.
*خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»