اجتماع باريس الدولي التشاوري بشأن الأزمة السورية يحمّل كيري «موقفًا جماعيًا» لموسكو

افتراق بين موقف المعارضة الرافض دورًا للأسد ومواقف الغربيين القابلين بقاءه «لفترة ما»

وزير الخارجية السعودي لدى ترؤس وفد بلاده في اجتماع باريس أمس (واس)
وزير الخارجية السعودي لدى ترؤس وفد بلاده في اجتماع باريس أمس (واس)
TT

اجتماع باريس الدولي التشاوري بشأن الأزمة السورية يحمّل كيري «موقفًا جماعيًا» لموسكو

وزير الخارجية السعودي لدى ترؤس وفد بلاده في اجتماع باريس أمس (واس)
وزير الخارجية السعودي لدى ترؤس وفد بلاده في اجتماع باريس أمس (واس)

عشر دول بمن فيها فرنسا «الولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا، والسعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، والأردن، وتركيا»، التقى وزراء خارجيتها مساء أمس في العاصمة الفرنسية بدعوة من الوزير لوران فابيوس، لتقويم الاتصالات الحالية بشأن الحرب في سوريا والانطلاق في المسار السياسي الذي تنص خريطة الطريق المتضمنة في بيان فيينا أن استحقاقها الأول هو اجتماع وفدي المعارضة السورية والنظام في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل. ورأس عادل الجبير وزير الخارجية السعودي، وفد بلاده في اجتماع مجموعة باريس المعنية بالأزمة السورية، المنعقدة حاليًا بالعاصمة الفرنسية.
ويأتي اجتماع باريس الذي تم التعتيم عليه حتى ظهر أمس (وانطلق في السابعة مساء)، لأسباب لم تتضح في سياق الاتصالات السياسية والدبلوماسية المتسارعة في الأيام الأخيرة وعشية الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى موسكو اليوم. وقد تم التمهيد للقاء في اجتماع ثلاثي في جنيف «بحضور المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا».
وبحسب مصادر دبلوماسية غربية في باريس، فإن «العقد» التي أشار إليها الوزير كيري يوم السبت، في معرض تناوله نتائج مؤتمر المعارضة السورية يومي الخميس والجمعة في الرياض، «لم تحل»، الأمر الذي يهدد انعقاد «فيينا 3» الذي كان منتظرا يوم 18 الحالي في نيويورك بحضور 17 بلدا بمن فيهم روسيا وإيران إضافة إلى الأمم المتحدة.
وأفادت مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط»، بأن اجتماع باريس الوزاري بحضور كيري الذي سبقه لقاء كبار الموظفين واتصالات ثنائية وغير ثنائية سريعة يسعى لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية، أولها تنسيق المواقف بين البلدان الحاضرة، بما في ذلك نتائج مؤتمر الرياض بحيث يكون الموقف الذي سينقله كيري إلى موسكو اليوم هو تعبير عن «موقف جماعي» للدول الرئيسية «العربية والغربية» الداعمة للمعارضة السورية.
أما الغرض الثاني، فهو التباحث في ما آل إليه المسار السياسي وتوفير الدعم للمبعوث الدولي والبحث في الخطوات اللاحقة، وأخيرا التداول بشأن عملية وقف إطلاق النار التي يرى الغربيون ومعهم المعارضة السورية، أنها يجب أن تترافق مع انطلاق المباحثات بين وفدي النظام والمعارضة.
تعتبر باريس، وفق ما قالته مصادرها لـ«الشرق الأوسط»، أن مؤتمر الرياض جاء بنتائج «إيجابية»، وألغى حجة النظام وحلفائه القائلة إن المعارضة عاجزة عن التفاهم على وفد موحد وعلى خط سياسي، فضلا عن أنها «غير ممثلة» للتنظيمات التي تقاتل النظام. وبرأي باريس، فإن المعارضة «حسنا فعلت بإعادة التأكيد على المبادئ الأساسية لتصورها للحل ولمستقبل سوريا والتمسك ببيان جنيف واحد الذي رسم خريطة الطريق للخروج من الأزمة السورية». فضلا عن ذلك، فإنها تعتبر نجاح المعارضة بمثابة «حجر رمي في الحديقة الروسية، لأن روسيا نفسها قبلت، من جهة، مبادئ جنيف، وطالبت من جهة، لا بل سعت، لتوحيد صفوف المعارضة من خلال عدة اجتماعات جرت في موسكو».
رغم التقارب بين باريس وموسكو منذ العمليات الإرهابية التي ضربت العاصمة الفرنسية أواسط نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسعي الرئيس هولاند لبناء تحالف دولي «واسع» أو موحد، لا تزال باريس تنظر بعين الحذر للسياسة الروسية ولأهداف موسكو في سوريا. وترى باريس أن أحد المسائل البالغة الأهمية لو ذهب النظام والمعارضة إلى طاولة المحادثات مع الوسيط الدولي، يتناول صلاحيات الحكومة الانتقالية، خصوصا الإشراف على الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة.
وهنا تبرز نقطة افتراق بين موقف المعارضة السورية الرافض لأي دور للأسد بعد بدء العملية الانتقالية، وبين مواقف الغربيين القابلين بقاءه «لفترة ما» شرط أن يترك المشهد السياسي عقب انتهائها. ولذا، فإنه كان من المتوقع للمجتمعين في باريس أن يبحثوا عن تصور أو صيغة تفضي لئلا يكون فيها للأسد الصلاحيات نفسها التي يمارسها عادة على الأجهزة الأمنية والجيش.
وتربط باريس بين تسهيل العملية السياسية وبين الموقف الذي ستلتزم به روسيا والنابع من قراءتها لتطور الأحداث الميدانية في سوريا. وبحسب هذه المصادر، فإن «عقب أخيل» في السياسة الروسية أنها لا تمتلك قوات أرضية تكون قادرة على مواكبة الضربات الجوية المكثفة التي يقوم بها طيرانها، بينما الجيش السوري مصاب بالإنهاك، و«النجاحات» التي حققها ليس من شأنها قلب الموازين العسكرية جديا. وتلاحظ باريس أنه بعد شهرين من العمليات العسكرية الروسية المكثفة لم يحصل تغير جذري ميدانيا، الأمر الذي يدفع باتجاه النظرية القائلة بإن روسيا «ستغرق» في المستنقع السوري عسكريا وماليا، لأن كلفة العمليات مرتفعة.
من هنا، فإن «قراءة» روسيا للوضع الميداني هي الذي ستحكم بالدرجة الأولى بتحركها السياسي ورغبتها في تسهيل الحل وإيجاد مخرج للنظام من ضمن «أساسيات» موقف موسكو؛ أي المحافظة على وحدة البلاد والمؤسسات وتوفير انتقال هادئ ومنظم ووجود ضمانات بشأن المصالح الروسية في سوريا والمنطقة. وتتساءل المصادر الفرنسية عما إذا كانت القراءة الروسية للتطورات الميدانية تتطابق مع القراءة الغربية. يدفع هذا التساؤل إلى أن تطرح المصادر الفرنسية جملة أسئلة أولها إذا كانت روسيا «راغبة وجاهزة» من أجل دعوة النظام إلى تسمية وفده والقبول ببدء المباحثات مع المعارضة، علما بأن الرئيس السوري سارع إلى قطع الطريق على أي تطور إيجابي عندما رفض التفاوض إلا بعد أن تلقي ما سماها المجموعات المسلحة سلاحها.
وأمس، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر فرنسية قولها إن هناك رغبة وبالإسراع في إطلاق المفاوضات وتعيين محدداتها من خلال قرار من مجلس الأمن الدولي.
يشارك الاجتماع بجانب السعودية، كل من أميركا، وفرنسا، وبريطانيا، وإيطاليا، وألمانيا، وتركيا، وقطر، والإمارات، والأردن. ويضم الوفد المرافق لوزير الخارجية السعودي، كلاً من الدكتور خالد العنقري سفير خادم الحرمين الشريفين لدى فرنسا، والدكتور خالد الجندان وكيل الوزارة للعلاقات الثنائية، والسفير أسامة نقلي مدير الإدارة الإعلامية بالوزارة.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.