هكذا استخدمت «فارك» النساء في حربها على كولومبيا لخمسة عقود

تقارير تتحدث عن إجبار عشرات المقاتلات على الإجهاض لاستغلالهن في الحروب

اتهمت «فارك» بإجراء عمليات إجهاض قسري بين عامي 1998 و2000 لعدد من مقاتلات الحركة بعد أن قالت عدة سيدات إنهن تعرضن للتهديد بالإعدام رميا بالرصاص
اتهمت «فارك» بإجراء عمليات إجهاض قسري بين عامي 1998 و2000 لعدد من مقاتلات الحركة بعد أن قالت عدة سيدات إنهن تعرضن للتهديد بالإعدام رميا بالرصاص
TT

هكذا استخدمت «فارك» النساء في حربها على كولومبيا لخمسة عقود

اتهمت «فارك» بإجراء عمليات إجهاض قسري بين عامي 1998 و2000 لعدد من مقاتلات الحركة بعد أن قالت عدة سيدات إنهن تعرضن للتهديد بالإعدام رميا بالرصاص
اتهمت «فارك» بإجراء عمليات إجهاض قسري بين عامي 1998 و2000 لعدد من مقاتلات الحركة بعد أن قالت عدة سيدات إنهن تعرضن للتهديد بالإعدام رميا بالرصاص

بموجب سياسة صارمة ظلت تتبعها القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) خلال حربها المستمرة منذ خمسة عقود ضد الحكومة، أُجبِرت عشرات النساء المقاتلات المتمردات على الخضوع لعمليات إجهاض رغم أنوفهن.
وفي هذا السياق، صرح النائب العام الكولومبي إدواردو مونتيليغري لوكالة «أسوشييتد بريس» بأن مكتبه كان يحقق في 150 حالة لمقاتلات متمردات سابقا، قدمن شهادات حول اضطرارهن إلى إنهاء حملهن بالقوة. وقال مونتيليغري لوسائل الإعلام: «إننا نملك أدلة تثبت أن الإجهاض القسري كان سياسة متبعة لدى قوات (فارك) التي تقوم بإجبار المقاتلات على الإجهاض حتى لا يفقدهن كأداة للحرب».
تقول إحدى مقاتلات «فارك»، وتدعى كلاوديا روا، خلال مقابلة أُجرِيت معها بعد انشقاقها عن «فارك» عام 2013، إنها تناولت حبوب منع حمل دون علمها، بهدف إسقاط الجنين رغم مرور ثمانية أشهر على الحمل، وقد حدث ذلك عندما كانت في سن 14 عاما، وكنتيجة لذلك تعرض الطفل للاختناق.
وأعلنت الشرطة الإسبانية اعتقال مقاتل سابق مشتبه به في قوات «فارك»، بتهمة إجرائه أكثر من 500 عملية إجهاض قسري للمقاتلات المتمردات، وأوضحت في بيان أنها اعتقلت هكتور ألبيديس آربوليدا بويتراغو في مدريد، بعد ورود معلومات من السلطات الكولومبية تفيد باحتمال وجوده في إسبانيا.
وكان آربوليدا بويتراغو مطلوبا في كولومبيا بسبب دعاوى إجرائه عمليات إجهاض قسري في الفترة الممتدة ما بين عامي 1998 و2000 لعدد من مقاتلات «فارك»، بعد أن قالت عدة سيدات إنهن تعرضن للتهديد بالإعدام رميا بالرصاص في حال رفضهن إجراء العملية، بينما قالت الشرطة إنه جرى تنفيذ أكثر من 50 عملية إجهاض بالإكراه لفتيات قاصرات من السكان الأصليين.
وحول هذا الموضوع أكد لويز غونزاليس ليون، المتحدث باسم هيئة السلامة العامة الكولومبية، أن الإجهاض القسري تسبب في وفاة كثير من الفتيات، أو مرضهن، بينما قال المدعي العام الكولومبي إن مكتبه وثق أكثر من 150 عملية إجهاض قسري، نفذتها القوات المسلحة الثورية الكولومبية، مشيرا إلى أن العدد قد يكون في ازدياد مضطرد.
ويؤكد إدواردو مونتيليغري أن الأدلة تشير إلى أن «الإجهاض القسري كان سياسة متبعة لقوات (فارك)»، وأن الإجهاض كان أمرا إجباريا على المقاتلات المتمردات حتى لا تفتقد قوات الجيش خدماتهن. إلا أن قوات «فارك» نفت في الماضي إجبار النساء والفتيات على الخضوع لعمليات إجهاض، وقالت إن وسائل منع الحمل متوفرة للمقاتلات في صفوفها.
وحسب مراقبين، فإن جيش «فارك» يضم نحو سبعة آلاف مقاتل في صفوفه، ويُعتقد أن النساء والفتيات يشكلن ثُلث هذه القوات، وفقا لتقديرات حكومية، بينما يقول عسكريون إن هؤلاء الفتيات يتلقين دروسا حول كيفية استخدام بنادق كلاشنيكوف «إيه كيه – 47» الهجومية، ويُتوقع منهن المقاتلة إلى جانب الرجال.
ويأتي هذا التحقيق في ظل اقتراب الحكومة من إبرام محادثات مع القوات المسلحة الثورية الكولومبية، تهدف إلى إنهاء نصف قرن من حرب العصابات التي أدوت بحياة أكثر من 220 ألف شخص وشردت الملايين، بينما يطرح عنصر أساسي في الاتفاق المقترح يتمثل في كيفية معاقبة المتمردين والقوات الحكومية على انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم الأخرى.
وكجزء من محادثات السلام، فقد اتفق الجانبان في سبتمبر (أيلول) على إنشاء محاكم خاصة لمحاكمة المتمردين وأفراد الجيش الكولومبي، مع بلوغ الحد الأقصى للعقوبة السجن لثماني سنوات في حق أولئك الذين يعترفون بارتكاب جرائم حرب.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.