الاستثمار في التعليم العالي جزء من التنمية المستدامة بالسعودية

منتدى دراسات الخليج: دول المجلس حققت قفزات متتالية في مجال تعليم المرأة

جانب من الجلسة الختامية لمنتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية في العاصمة القطرية الدوحة
جانب من الجلسة الختامية لمنتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية في العاصمة القطرية الدوحة
TT

الاستثمار في التعليم العالي جزء من التنمية المستدامة بالسعودية

جانب من الجلسة الختامية لمنتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية في العاصمة القطرية الدوحة
جانب من الجلسة الختامية لمنتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية في العاصمة القطرية الدوحة

بعد ثلاثة أيام من العروض والنقاشات، اختتم منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية أعماله يوم الاثنين الماضي في العاصمة القطرية الدوحة، والتي ناقشت بالأساس محورين رئيسين، هما: التعليم في دول مجلس التعاون الخليجي، وتحديات البيئة الخارجية والعلاقات الدولية للخليج.
وفي جلسة عن «سياسات التعليم واستراتيجياته في دول مجلس التعاون»، تحدثت الباحثة عهود العصفور، في ورقة عنوانها «سياسات الخصخصة والضغوطات على التعليم العالي في دولة الكويت»، عن مبررات توجه الكويت ودول مجلس التعاون الأخرى نحو خصخصة التعليم العالي، وناقشت حقيقة إن كان فعلا قد استجاب للطلب الداخلي المتزايد، أم لا. وخلصت إلى أن تقييم تجربة الخصخصة بعد ما يقرب من 15 سنة من تطبيقها يشير إلى أن مبرراتها الداخلية لم تكن هي المحفز الرئيسي؛ إذ إن هذا الحل لم يفد سوى في تأجيل العجز في تلبية الطلب الداخلي على التعليم. وهذا ما حذا بالباحثة إلى الإقرار باحتمال أن الكويت والعديد من دول الخليج الأخرى قد نهجت خصخصة التعليم العالي استجابة لضغوط خارجية.
وقالت الباحثة إن إقرار سياسة الخصخصة في عام 2000 جاء في المقام الأول استجابةً لضغوطٍ داخلية وخارجية معًا. ومع أنّ الوقائع المحلية للتعليم العالي أثّرت في قرار الحكومة اعتماد الخصخصة خيارًا، فإن تحليل مدى نجاح قانون الجامعات الخاصة في معالجة مشكلة العجز في تلبية الطلب الداخلي يقود إلى التشكيك في السبب الفعلي أو الحقيقي الذي جعل الكويت وكذلك بلدان الخليج الأخرى تتبع اتجاهًا متماثلا في خصخصة التعليم العالي في الفترة الزمنية نفسها. وأضافت أن خصخصة التعليم العالي في الكويت لم تقم سوى بتأجيل الطلب الكبير المتزايد بضع سنوات دون أن تعالج المشكلة بصورة منظمة.
ومن جانبه، حاول الباحث علام حمدان وضع نموذج إحصائي لقياس «العلاقة بين الاستثمار في التعليم والنمو الاقتصادي» في السعودية. وأوضح أن الرياض أولت الاستثمار في التعليم العالي وخلق المعرفة اهتمامًا متزايدًا منذ زمن بعيد، على أساس أنّه جزء من عملية التنمية المستدامة. وقد مثّل الإنفاق على التعليم العالي جزءًا كبيرًا من ميزانية السعودية، وصولا إلى تطوير منظومات التعليم فيها لكي تلبّي متطلبات خططها التنموية.
وقال الباحث إن الدراسة، واستنادًا إلى أدوات الاقتصاد القياسي، لم تظهر للاستثمار في التعليم العالي دورا واضحا في التنمية الاقتصادية في السعودية، وإنّما على العكس من ذلك؛ تبين أنّ الوفورات النفطية كانت المحرك للاستثمار في التعليم العالي.
وفي سياق قريب، تناولت ورقة الباحثين عدنان جوارين وبشير هادي العلاقة السببية بين سياسات التعليم وسياسات التوظيف. وخلص الباحثان إلى عدم اعتماد سياسات منسّقة بين مخرجات التعليم وحاجة سوق العمل إلى التوظيف، مما أدّى إلى ارتفاع نسبة بطالة المتعلمين من فئة الشباب في بعض دول الخليج العربي.
وقدم الباحثان في ورقتهما مجموعة من المقترحات، أهمّها ضرورة تحسين جودة التعليم العالي ونوعيته، والحرص على مواءمته لمتطلبات المجتمع وسوق العمل المحلية من خلال وضع معايير وأسس للاعتماد وضبط الجودة تطبَّق على مؤسسات التعليم العالي كافةً في دول المجلس، وتتطابق مع المعايير الدولية، وبناء خريطة طريق مستقبلية تبين متطلبات سوق العمل للكوادر الشابة المتعلمة بحسب التخصص والكفاءة العلمية والعملية من جهة، ومن جهة أخرى بناء نظام تعليمي يحاكي التطورات العلمية والتقنية المتسارعة في مختلف المجالات؛ بحيث تكون المناهج التعليمية قادرة على استيعاب المنجزات التكنولوجية الحديثة في مختلف ميادين الإنتاج.
ومن زاوية المحتويات والبرامج في السياسات التعليمية، قدمت الباحثة سامية قسطندي ورقة بعنوان «إهمال الإنسانيات ومخاطر التدهور الفكري في جامعات الخليج العربية». وقالت إنه بالنظر لازدهار التفكير النقدي في أقسام العلوم الاجتماعية (الإنسانيات)، فإن الجامعات في منطقة الخليج على وضعها الراهن تواجه تحديًا خطيرًا يتمثل بتوليد «معرفةٍ محلية أصيلة» تستند إلى ثقافة المنطقة وتاريخها وجغرافيتها، وتلبّي الاحتياجات الخاصة لمواطني هذه المنطقة.
وخصصت آخر جلستين في محور التعليم لمناقشة تأثيرات السياسات التعليمية في دول مجلس التعاون وانعكاساتها على التنمية والمجتمع. وتحدث يعقوب الكندري، في ورقة عنوانها «التعليم والتكوين المعرفي الدستوري والتاريخي ودوره في تعزيز قيم المواطنة»، حيث أوضح الباحث أنّ شعور المواطنة ينطلق من خلال مشاعر وانفعالات تستمد من خلال تأكيد الفرد الثوابت التاريخية للوطن الذي ينتمي إليه، والاهتمام بتنمية الوعي السياسي، والذي يفترض أن يكون راسخًا في تكوين الطالب المدرسي ويتلقاه في تعليمه من المدرسة بوصفها إحدى أبرز مؤسسات التنشئة الاجتماعية.
ولهذا ركزت دراسته على التكوين المعرفي للطالب الجامعي، الخاص بالجوانب التاريخية والدستورية للمجتمع الذي يعيش فيه، وعلاقة ذلك بتعزيز مفاهيم المواطنة لديه. ومن خلال دراسة ميدانية على عيّنة من طلبة جامعة الكويت، كشفت نتائج الدراسة عن وجود خللٍ واضح في التكوين المعرفي الدستوري والتاريخي لدى عيّنة البحث يعزى إلى دور المؤسسات التعليمية السلبي في هذا التكوين؛ وهو الأمر الذي أثّر في مفهوم المواطنة.
وبعنوان مشابه، قدم الباحثان سيف المعمري وزينب الغريبية ورقة «التعليم الخليجي: من تعزيز الهوية الوطنية إلى بناء المواطنة». وبعد تحليل نظم التعليم في البحرين والإمارات العربية المتحدة، خلص الباحثان إلى أن المواطنة لا تُعد المشروع الرئيسي للمدرسة الخليجية على الرغم من التطورات السياسية المتنامية الرامية إلى تحقيق مزيد من الشراكة بين المواطنين وحكوماتهم بشكل يعزز من قيمة المواطنة في بناء الدولة.
من جانبها، اهتمت الباحثة شريفة اليحيائي بدراسة «العلاقة بين التعليم وتمكين المرأة الخليجية». وأوضحت أن دول الخليج حققت قفزات متتالية في مجال تعليم المرأة بدايةً من محو الأمّية إلى مستويات مرتفعة من الشهادات العلمية، مما جعل هذه الدول تتقدّم على دول عربية وعالمية في مستويات التعليم ومخرجاته، وعليه، دخول المرأة سوق العمل وخلق تمكين اقتصادي واجتماعي وسياسي. إلا أن فجوات تظهر جليّةً بين المستوى المتقدم لتعليم المرأة وحصولها على أعلى الدرجات العلمية من جهة، وانخفاض مستوى مشاركتها الاقتصادية والسياسية كأحد مخرجات ذلك التعليم من جهة أخرى، مما يمثّل حرجًا واضحًا في مسيرة تمكين المرأة الخليجية، ويدعو إلى إعادة التفكير في سياسات التعليم ومفهوم التمكين الحقيقي. إذ يشير التقرير العالمي للفجوة النوعية لعام 2014 إلى تدنّي المشاركة السياسية والاقتصادية للمرأة الخليجية، فهي تحتل أدنى الدرجات على مستوى العالم.
وفي السياق ذاته، جاءت ورقة الباحثة كلثم الغانم بعنوان استفهامي: «هل يسهم التعليم في تمكين المرأة في المنطقة العربية؟». وقالت إنه على الرغم من واقع تعليم المرأة وحريتها في الذهاب إلى العمل في المجتمعات العربية، فهي لا تزال خاضعةً للنظام الأبوي الذي تكون فيه المرأة تابعةً للرجل. وبينت في دراستها أنّ تعليم المرأة لا يعني أنّها باتت تتمتع بالقدرة على تغيير موقعها. ونتيجةً لذلك، فإنّ عوامل القوة مثل العمل والاستقلال الاقتصادي وتمكين المرأة التي تقتضي غرس التعليم وتغيير طبيعة القانون، قد لا تؤدي دومًا إلى حصول المرأة على مصادر القوة.



تحقيق يكشف تردي أوضاع 1500 مدرسة غير مرخصة في لندن

تحقيق يكشف تردي أوضاع 1500 مدرسة غير مرخصة في لندن
TT

تحقيق يكشف تردي أوضاع 1500 مدرسة غير مرخصة في لندن

تحقيق يكشف تردي أوضاع 1500 مدرسة غير مرخصة في لندن

أثار تحقيق تربوي مستقل، صدر منذ أيام، موجة جدل في بريطانيا بعد كشفه عن تردّي أوضاع أكثر من 1500 مدرسة غير مرخصة في مقاطعة هاكني اللندنية.
هذا التحقيق الذي استغرق عاماً من العمل، انتقد سلامة الطلاب والمناهج التعليمية في تلك المدارس اليهودية «المتشددة دينياً»، وأسند معلوماته إلى إثباتات وبيانات من وزارة التعليم، وهيئة تقييم المدارس البريطانية (أوفستيد) إلى جانب شهادات من بلدية هاكني ورابطة المدارس العبرية، ودعا بإلحاح إلى تحرك حكومي.
وقال التقرير إن القوانين البريطانية لا تتعامل بحزم مع المدارس غير المرخصة، معبراً عن استيائه من رد الفعل اللامبالي من الحكومة.
ووفقاً لما نقلته «بي بي سي» على موقعها الجمعة الماضي، فإن القائمين على التحقيق أجروا استفتاءً بين أهالي الجالية اليهودية «المتشددة» لمشاركة تجاربهم، من دون الكشف عن هوياتهم. ووجدوا أنّ التعليم الذي يتلقاه طلاب أبناء الجالية لا يتماشى مع معايير التدريس في البلاد.
وكشفت هيئة «أوفستيد» أنّ نحو 6 آلاف طالب في إنجلترا يدرسون في مؤسسات تعليمية غير مرخصة معظمها مدارس دينية، يهودية ومسيحية وإسلامية.
من جانبها، طالبت بلدية هاكني في العاصمة البريطانية، بتشديد القوانين على تلك المدارس، لكنّ وزارة التعليم في البلاد لم تبد نيّة لإجراء أي تعديلات. ودعا التقرير المستقل بتشديد القوانين على التدريس المنزلي، ومنح البلديات الصلاحية لضمان تعليم ذات جودة تتماشى مع الأسس البريطانية لمرتادي هذه المدارس، ولمن اختار أهلهم تدريسهم في المنزل. كما حثّ البلدية أن تطوّر آلية موحدة للتعامل مع الكم الهائل من مدارسها غير المرخصة التي تزيد من التفرقة الاجتماعية في البلاد، وتؤدي بالتالي إلى إنتاج فكر متشدد.
وهذه ليست المرة الأولى التي تُوضع فيها المدارس الدينية في بريطانيا تحت المجهر، حيث أفاد تقرير لأوفستيد في فبراير (شباط) 2016، بأنّ أداء تلاميذ مدرسة «بيس أهارون» الابتدائية، يُجمعون على فكرة أنّ دور المرأة يقتصر على «الاهتمام بالأطفال وتنظيف المنزل وتحضير الطعام»، منتقداً مستوى التعليم في المدرسة الذي «لا يرقى إلى المستوى المنتظر من مدرسة مستقلة»، ويقدّم «الشعائر الدينية على المعايير التعليمية» المتعارف عليها. واعتبرت الهيئة الحكومية أنّ هذه المدرسة الابتدائية الخاصة التي تكلّف ما يقارب الـ3000 جنيه إسترليني في السنة (أي نحو 4300 دولار أميركي)، لا تحضّر تلاميذها بشكل مناسب للانخراط في «الحياة البريطانية الحديثة».
وفي السياق ذاته، قال مفتشو هيئة «أوفستيد» إن نقاشاتهم مع التلاميذ كشفت أن «معظمهم عبّروا عن آراء في الأدوار التي يلعبها كل من المرأة والرجل في المجتمع، لا تتوافق ومبادئ المجتمع البريطاني الحديث»، كما «فشلوا في إظهار الاحترام والتسامح تجاه أشخاص من ديانات مختلفة»، فضلاً عن أنّ معرفتهم بديانات أخرى وثقافات مغايرة «محدودة للغاية».
يذكر أن الهيئة نفسها كانت قد انتقدت 7 مدارس إسلامية مستقلة في منطقة «تاور هاملتس»، شرق لندن، لفشلها في أداء واجبها لحماية الأطفال من التطرف. وأشارت «أوفستيد» في تقريرها الذي نشر بتاريخ 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، إلى تساهل بعض هذه المدارس مع ممارسات قد تعتبر مشجعة للتطرف، وعبرت عن مخاوف جدية تجاه تدابير حماية التلاميذ ورعايتهم من خطر الانجرار وراء الفكر التطرفي، حسبما أفادت «الشرق الأوسط» سابقاً.