في نفس أول عدد من المكاتب الجديدة، كتب «جي آر ويغنز»، مدير التحرير: «لا توجد أخبار سارة وأخبار سيئة. كل الأخبار سارة. ليس سيئا أن يقرأ الناس عن الحروب والجرائم. لا بد أن نعكس صورة الوطن، بخيره وشره. نخدع أنفسنا، ونخدع الوطن، إذا أخفينا الأخبار غير السارة».
كانت المكاتب في تقاطع شارعي 14 وإف منذ عام 1893، عندما تأسست «واشنطن بوست». في الوقت الحاضر، يشاهد الذي يزور المنطقة (حيث يوجد فندق «ماريوت»)، لافتة صغيرة مكتوبا عليها: «مكاتب واشنطن بوست من عام 1893 إلى عام 1951». هذه ستون عاما تقريبا.
بعد ستين عاما أخرى تقريبا، هذا الشهر، تنتقل «واشنطن بوست» إلى مكان جديد: تقاطع شارعي 14 وكيه.
بعد أن كانت تملكها عائلة غراهام الغنية والعريقة، صار يملكها جيفري بيزوز، مؤسس وصاحب شركة «أمازون» (كان شبه يتيم، وربته والدته بعد أن طلقها والده).
مع بداية العام المقبل، يتوقع أن تنشر الصحيفة صور آلات ورافعات عملاقة تدمر المبنى القديم. تماما، كما نشرت عام 1951 صور آلات ورافعات عملاقة تدمر المبنى القديم الأول.
تنتقل الصحيفة من المكاتب القديمة التي شهدت تطورها لتكون واحدة من أهم الصحف الأميركية (والصحف العالمية). لأنها تصدر في واشنطن، صارت مصدر الأخبار الأول، والمؤثر الأول، والمحقق الأول. وأسقطت أول رئيس أميركي يتنازل عن الحكم وهو الرئيس ريتشارد نيكسون، عام 1975، بسبب فضيحة «ووترغيت» التي حققت فيها، وكشفت أسرارها.
وبعد أن طورت فن طباعة الصحف. في ذلك الوقت، كانت ماكينة «لاينوتايب» هي آخر ما وصلت إليه تكنولوجيا طباعة الصحف (يشاهد الذي يزور المبنى الحالي ماكينة «لاينوتايب» عند المدخل. وربما ستنقل إلى المبنى الجديد).
وبعد أن وضعت قواعد النزاهة الصحافية (يشاهد الذي يزور مكتبة المبنى الحالي لافتة «المبادئ السبعة للصحافي: قل الحق، قل كل الحق، كن محترما، كن قادرا، اخدم الناس، ضحِّ بالثروة المادية، كن عادلا ومستقلا»)، ربما ستنقل اللافتة التي تتضمنها إلى المبنى الجديد.
ليس المبنى الجديد بعيدا عن المبنى القديم. لكنه يختلف عنه في شيئين: المظهر والمحتوى..
أولا: المظهر: هذا مبنى زجاجي عملاق، يمثل الفن المعماري الحديث، ويرتفع إلى السماء عاليا أمام حديقة «فرانكلين». لكن المبنى القديم تقليدي، وأقل ارتفاعا، ولا يختلف كثيرا عن مبان مجاورة، وفي شارع مزدحم. ويبدو «كئيبا» (هذا وصف كاثرين غراهام في كتاب مذكراتها: «تاريخ شخصي»).
ثانيا: المحتوى: بدلا عن الأثاث القديم، والممرات الضيفة (وفئران، وعناكب، وجرذان)، يلمع المبنى الجديد بسبب الزجاج، والضوء، والرخام.
في الأسبوع الماضي، وصفت صحيفة «واشنطن بوست» مبناها الجديد بأنه «رمز تكنولوجيا الصحف الجديدة»: صالة عملاقة ممتدة وواسعة يعمل فيها المحررون (مثل ما في المبنى القديم). لكن، تقل مساحة مكان كل محرر (في عصر الإنترنت، لا توجد رفوف وأدراج، وأقلام، وبرايات، ومساحات، ودباسات).
توجد شاشات تلفزيونية في كل مكان تقريبا، حتى في المصاعد (ليتابع الصحافيون الأخبار أولا بأول). وتوجد كاميرات تلفزيونية في كل ركن (ليتحدث الصحافيون في تلفزيون الصحيفة، بالإضافة إلى عملهم الورقي والإلكتروني).
وقال فريدريك رايان، ناشر الصحيفة (حسب عقد مع مالكها): «هذه مكاتب الصحافة الرقمية، الصحافة المستقبلية. لكن جزءا من إنتاجنا رقمي، وجزءا ورقي». وقال إن «واشنطن بوست» تطبع كل يوم ثلث مليون نسخة (قبل عشر سنوات كانت تطبع ثلثي مليون نسخة).
وقال إن ماكينة «لاينوتايب» عند مدخل المبنى القديم لن تنقل إلى المبنى الجديد (ستوضع في «متحف واشنطن بوست»). لكن، ستوضع «المبادئ السبعة لسلوك الصحافي» عند مدخل المبنى، وستكون «إلكترونية».
مكاتب «واشنطن بوست» من ممرات الفئران إلى حديقة «فرانكلين»
استبدلت اللافتة الصغيرة إلى قواعد النزاهة الصحافية
مكاتب «واشنطن بوست» من ممرات الفئران إلى حديقة «فرانكلين»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة