جمهورية «ماسبيرو» الإعلامية

تضم 40 ألف موظف.. وأرهقتها الديون

مبنى «ماسبيرو» على كورنيش القاهرة (صورة أرشيفية)
مبنى «ماسبيرو» على كورنيش القاهرة (صورة أرشيفية)
TT

جمهورية «ماسبيرو» الإعلامية

مبنى «ماسبيرو» على كورنيش القاهرة (صورة أرشيفية)
مبنى «ماسبيرو» على كورنيش القاهرة (صورة أرشيفية)

عشرات الممرات الدائرية تمشي فيها بلا دليل، تؤدي بك إلى ممرات دائرية جديدة، من طابق إلى طابق، حتى تشعر بالإرهاق وتبحث عن مرشد. أنت الآن في مبنى ماسبيرو. من الصعب على الموظف الجديد أو الضيف الوصول إلى نهاية في متاهة شبه معتمة دون مساعدة.
جرى تأسيس المبنى على هيئة أسطوانية من الخارج والداخل عام 1959. يشرف على كورنيش نيل القاهرة، وله أبواب ضخمة موزعة على الاتجاهات الأربعة، ومجموعة من المصاعد في كل جانب تقريبا. يقول المثل القديم إن من يتحكم في ماسبيرو يتولى السلطة في أكبر بلدان منطقة الشرق الأوسط سكانا. أحاطت به الدبابات والمدرعات في أيام الحروب وأيام الثورات وأيام الفوضى.
وبينما الزمن يجري ويتغير مثل جريان النهر، ظل ماسبيرو، بجيوش الموظفين فيه، واقفا في ثبات، حتى أدركه سيل إعلام القطاع الخاص والفضائيات التلفزيونية والمحطات الإذاعية العابرة للحدود، إضافة للإنترنت. واليوم، وبينما يستعد أول برلمان منتخب في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتعديل القوانين المنظمة للعمل الإعلامي، بدأ المبنى ينفض غبار السنين عن نفسه ويبحث عن طريق مغاير في عالم مختلف.
يقدر عدد العاملين في ماسبيرو بنحو 40 ألفا. لهذا أغلب الموظفين في الداخل بلا مكاتب. يتبادلون الوقوف في الممرات لشرب الشاي والتدخين. أما في الشوارع المجاورة، وفي الجراجات الثلاثة القريبة، فإنك لا تجد مكانا لصف السيارة، لدرجة أن البعض يطلق على المبنى «جمهورية ماسبيرو الإعلامية». يبلغ عدد القنوات التلفزيونية التي يديرها ويبثها نحو عشرين قناة، والمحطات الإذاعية نحو عشرين محطة. ومع ذلك يعاني ضعف القدرة على المنافسة، ومن ديون بمئات الملايين من الدولارات.
«الزحام فيه أصبح يخنق الإبداع».. هكذا تقول سكينة فؤاد، وهي عضو في لجنة حاولت إصلاح أوضاع ماسبيرو في مرحلة ما بعد مبارك. كما أنها مستشارة سابقة للرئاسة المصرية. وتضيف: «يجب إعادة الهيكلة وتكوين المؤسسات المعنية بالإعلام التي نص عليها الدستور». وتحتفظ السيدة فؤاد بذكريات كثيرة عن المبنى الذي عملت فيه كإعلامية ورئيسة تحرير لعقود من الزمن: «آن الأوان لكي يشترك الجميع في رسم خريطة لمستقبل ماسبيرو».
الاسم الحقيقي والرسمي لهذا الصرح الذي يصل ارتفاعه اليوم لنحو ثلاثين طابقا، هو «اتحاد الإذاعة والتلفزيون». استمد شهرته من شارع يحمل اسم العالم الفرنسي، جاستون ماسبيرو، الذي كان يشغل قبل 130 سنة منصب مدير مصلحة الآثار المصرية. وبالقرب من منطقة بولاق أبو العلا الفقيرة، وقصور الباشاوات المهجورة، والمتحف المصري ذي اللون الأحمر، جرى وضع أولى لبنات المبنى ليكون، منذ بداية ستينات القرن الماضي، علامة على مرحلة جديدة في عمر المصريين، ولتخرج منه، وتنتقل عبر الأثير، خطب عبد الناصر والسادات ومبارك، وبيانات الثورة والتحرير والحرب والهزيمة والتنحي. واليوم تبدو الأضواء عبر الممرات خافتة وكابية.
وبعد ثورة 2011 جاء للحكم المجلس العسكري، ثم محمد مرسي، ومن بعده الرئيس المؤقت عدلي منصور، إلى أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة منتصف العام الماضي. وخلال السنوات الأربع الأخيرة انخفض عدد العاملين في ماسبيرو بمقدار يتراوح بين خمسة آلاف وتسعة آلاف، لسببين؛ الأول تقليص تعيين موظفين جدد، والثاني خروج القدامى للتقاعد. ويقول مسؤول حكومي إنه إذا استمرت الخطة (أي وقف التعيينات) فقد ينخفض العدد ألوفا أخرى.
من ثنايا اللغط الدائر هذه الأيام حول ماسبيرو ومستقبله تستطيع أن تدرك أن قنواته ومحطاته، رغم الفقر، ما زالت المعبِّر الرسمي عن الدولة، لكن الدكتور أحمد كامل، مستشار الإعلام السياسي بالعاصمة المصرية، يقول إنه وعلى عكس الصحف والإذاعات الرسمية، فقد التلفزيون، وهو جزء من ماسبيرو، قدرته على أن يكون مؤثرا على الجمهور في الداخل والخارج.
«رغم كل شيء ما زال في ماسبيرو ما يرمز للسلطة.. إنه أحد مصادر القوة والبريق التي لم تخفت بعد»، يقول الدكتور ياسر عبد العزيز، الذي عمل في السابق مستشارا لدى هيئة الإذاعة البريطانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويضيف موضحا أن مشكلة ماسبيرو اليوم هي «نتيجة لعقود من التوظيف الدعائي لأدوات الدولة الإعلامية وهيمنة السلطة التنفيذية على تلك الأدوات»، إلى جانب «التوظيف على أسس اجتماعية، أي بالواسطة والمحسوبية والولاء».
منذ غياب مبارك تغيرت أشياء كثيرة، من بينها انفتاح المجال على مصراعيه لقنوات التلفزيون الخاصة، ومنها، وهو الأهم، إلغاء وزارة الإعلام التي ظلت من الوزارات المهمة وذات الحساسية لأنها تشرف على لسان الدولة في الداخل والخارج. وبدلا من ذلك، نصت المادة 213 من الدستور الذي جرى إقراره العام الماضي، على تكوين «هيئة مستقلة تقوم على إدارة المؤسسات الإعلامية المرئية والإذاعية والرقمية المملوكة للدولة، وتطويرها، وتنمية أصولها، وضمان استقلالها وحيادها، والتزامها بأداء مهني، وإداري، واقتصادي رشيد».
وتحتاج المادة الدستورية إلى قانون يحولها إلى واقع. ومن المنتظر أن يقوم البرلمان بهذه المهمة. ومثل ألوف العاملين في اتحاد الإذاعة والتلفزيون، يخشى معد البرامج، محمود، البالغ من العمر 42 عاما، من الإحالة للتقاعد أو النقل إلى وظائف أخرى تابعة للدولة أيضا. وتتضمن تقارير جرى إعدادها من قبل لجان مكلفة من الحكومة ببحث مشكلة ماسبيرو اقتراحات عديدة من بينها المقترح الأصعب، وهو «تخفيض العمالة». لكن موظفين كبارا في المبنى لديهم حلول بسيطة ومعروفة؛ أي «العمل بنفس طريقة القنوات المنافسة».
كما أن التلفزيون والإذاعة كانا قبل 30 سنة يبتكران كل شيء.. المسلسلات، فوازير رمضان، حفلات أضواء المدينة، البرامج الثقافية والسياسية والدينية، فقرات الأطفال التي كان ينتظرها الصغار والكبار.. الخ. ويضيف محمود: «انظر كيف تغير الزمن، بينما أنت تعمل بنفس الآليات القديمة. مثلا حين تتحدث عن انخفاض مستوى ضيوف عدة قنوات تلفزيونية رسمية، يقال لك إن قنوات ماسبيرو لا تعطي مقابل استضافة متحدث سواء كان سياسيا أو معلقا على الأحداث أو خبيرا، بينما القنوات المنافسة، من القطاع الخاص المحلي أو القنوات العربية والأجنبية، تدفع للضيف».
رواتب الإعلاميين والفنيين الزهيدة تدفعهم للعمل مع قنوات أخرى منافسة. «راتبي لا يكفي نفقات المعيشة»، يقول محمود، الذي يعمل بعد دوامه الرسمي، مثل كثيرين من زملائه، لصالح قنوات خاصة تبث برامج دردشة مسائية. ولا يوجد في لوائح ماسبيرو ما يمنع ذلك.
ومن الاقتراحات الأخرى التي تجري دراستها منع موظفي ماسبيرو، من مصورين ومعدين ومخرجين، من التعاقد مع قنوات خاصة طالما هم متعاقدون مع اتحاد الإذاعة والتلفزيون. وتقول السيدة فؤاد إن إحدى مهام المجلس النيابي الجديد «تفعيل القوانين الخاصة بالإعلام.. أتصور أنه يجب النظر أولا في أحوال العاملين، بحيث لا يمكن أن يكون كل من دخل من باب المبنى قد تحول إلى مقدم برامج ومذيع. يجب النظر بحيادية ومهنية بما يحفظ حقوق العاملين والمشاهدين في إعلام حقيقي».
لا أحد ينكر أن ماسبيرو فيه كفاءات كثيرة. بكل بساطة يقال لك إن غالبية المذيعين والعاملين في عشرات القنوات المملوكة للقطاع الخاص هم أبناء ماسبيرو أساسا. وتعلق سكينة فؤاد قائلة: «أرى أن ماسبيرو يمتلئ بالكفاءات، والإعلام الخاص كله أخذ من ماسبيرو، لكن المشكلة تكمن في تنظيم العمل الداخلي.. لا بد من إعادة توزيع العمالة على أسس موضوعية». وتقول: «أثق في وجود القدرة على إعادة الهيكلة وترتيب الأوضاع داخل هذا البيت الضخم».
في الوقت الراهن توجد لجنة وطنية مشكلة من أساتذة وخبراء في الإعلام ومن أبناء المهنة، تقوم بوضع دراسات بشأن ماسبيرو.. «ويجب احترام رأيهم والأخذ به». ومثل كثيرين يرفضون العصف بحقوق العاملين فيه، تقول سكينة فؤاد إن المطلوب ليس المساس بهؤلاء، لكن المشكلة أن كل من يدخل من باب المبنى بصفة وظيفية يتركها ويحمل صفة أخرى.. «هذا أدى لاختلاط الأمور بشدة». وتضيف أن «ما نحتاجه هو أن تتاح فرصة لكل مذيع ولكل مقدم برامج. الزحام يخنق الجميع ويخنق الإبداع. هل هذا يعني العصف بحقوق العاملين؟ لا، لكنْ، مطلوب ترتيب البيت من الداخل بعدالة ومهنية دون واسطة، وألا يكون هناك تمييز إلا بالكفاءة».
من أعلى كوبري السادس من أكتوبر في وسط القاهرة، ومن الكورنيش القريب من مقر وزارة الخارجية المصرية، يمكن أن ترى الهوائي الضخم والأطباق اللاقطة لأجهزة إرسال اتحاد الإذاعة والتلفزيون. وتوجد في مصر ثلاثة أذرع إعلامية رئيسية تعد بمثابة صوت الدولة.. الذراع الأولى تتمثل في «ماسبيرو»، والثانية «وكالة أنباء الشرق الأوسط»، والثالثة «الهيئة العامة للاستعلامات».
وتقدر رواتب العاملين في ماسبيرو فقط بنحو ربع مليار جنيه (الدولار يساوي نحو 8 جنيهات). ويقول الدكتور عبد العزيز إن «ماسبيرو رغم ما فيه من إشكاليات كبيرة فإنه ما زال لديه عدد من مصادر البريق، مثل التعبير عن صوت الدولة وسياستها وقراراتها، لأن ما يقال عبر التلفزيون العام هو يمثل العموم ويخاطب العموم، وهذا الأمر موجود في كل الدول، سواء كانت دولا متقدمة أو غير متقدمة. والمصدر الآخر من مصادر البريق أن ماسبيرو يمتلك ثروة من المصنفات التي تعود لعقود سابقة، وتتميز بالكثير من الأهمية، ولها أبعاد وجدانية ووطنية».
إلا أن «هيكل الموارد البشرية في ماسبيرو لم يتم انتقاؤه وفق أسس أو معايير مهنية»، كما يوضح عبد العزيز، مشيرا إلى أن «آليات الترقي والصعود اعتمدت لسنوات على المحسوبية والولاء. الدولة غضت الطرف عن أساليب الإنفاق الخاطئة، فتراكمت الديون حتى تجاوزت 22 مليار جنيه». وهو يرى أن الدولة أيضا لم تضمن ترقية أدوات التلفزيون العام التنافسية «فبات عاجزا عن الوفاء بدوره الأساسي، وهو أن يكون مصدر الاعتماد الرئيسي للمواطنين في ما يخص الأخبار والمعلومات والتثقيف والترفيه عبر وسائل الإعلام».
رغم كل شيء فإن ماسبيرو ما زال يمتلك دائرة صناعة إعلامية متكاملة، من معدات واستوديوهات، وإشارات البث، وحصص في بعض المشاريع الإعلامية العملاقة مثل «نايل سات»، أو كما يؤكد عبد العزيز: «ما زالت تتوافر فيه بعض مصادر القوة والأهمية، ومنها أن به عددا كبيرا من الإعلاميين المميزين، وإن كانت آليات العمل فيه لا تسمح بإطلاق قدراتهم على النحو المأمول».
و«الحل بسيط»، وفقا للدكتور عبد العزيز، وهو تفعيل المادة 213 من الدستور، لكنه يقول إن تفعيلها «لا بد أن يكون متلائما مع روح الدستور واستحقاقاته في ما يتعلق بوسائل الإعلام العامة، خاصة ما ورد في المادة 72 والتي تنص على التزام الدولة بضمان استقلال وسائل الإعلام المملوكة لها، بما يكفل حيادها، وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية، ويضمن المساواة وتكافؤ الفرص في مخاطبة الرأي العام». ويضيف: «من الممكن أن تكون قريبة من تجربة (بي بي سي)».
المشكلة أن ماسبيرو ليس جسما عاديا. إنه يشبه الأخطبوط بأذرعه الكثيرة، بغض النظر عن قدرته على التأثير أو الربح.. يوجد ضمن شبكة «التلفزيون المصري» كل من «القناة الأولى» و«القناة الثانية» و«الفضائية المصرية» و«الفضائية الموجهة للولايات المتحدة الأميركية». ومن كثرة الأبواب المطلة على الممرات الدائرية من الصعب أن تعرف من أين دخلت وكيف تخرج. ويقول المعد محمود: «كثيرٌ من الضيوف يتوهون. المشي داخل المبنى يحتاج خبرة». وتبث قنوات هذه الشبكة نحو 34789 ساعة في السنة وفقا للجهاز المركزي للإحصاء. وتشمل شبكة «تلفزيون النيل» عدة قنوات متخصصة هي «النيل»، و«سينما» و«الثقافية» و«المنوعات» و«الأسرة والطفل» و«الرياضة» و«التعليمية» و«البحث العلمي» و«التعليم العالي» و«كوميدي». وتبث القنوات المتخصصة في السنة 76409 ساعات وفقا للمصدر نفسه. ومن قنوات شبكة «تلفزيون المحروسة» (خاصة بالأقاليم المصرية)، قناة «القاهرة» و«الدلتا» و«الإسكندرية» و«القنال» و«الصعيد» و«طيبة». وتبث 35856 ساعة في السنة.
أما المحطات الإذاعية فأهمها «الإذاعة العامة» التي تبث من خلالها إذاعات ذات تاريخ مثل «البرنامج العام» منذ سنة 1934، و«صوت العرب»، و«القرآن الكريم» و«الشرق الأوسط» و«الأغاني» و«راديو مصر» و«البرنامج الثقافي» و«الشباب والرياضة» و«البرنامج الموسيقى» و«البرنامج الأوروبي» و«الأخبار والموسيقى»، و«التعليمية»، بالإضافة إلى إذاعات أخرى إقليمية وموجهة.



تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
TT

تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)

شدد تميم فارس، رئيس «ديزني+» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، على أن منصة «ديزني+» مهتمة بالعمل على «تقديم محتوى يلائم ويحترم ويراعي الثقافة المحلية للجمهور» في المنطقة. وأشار إلى أن «ديزني+» ماضية قدماً ليس فقط في تقديم أفلام ومسلسلات مشهورة مع ضمان ملاءمتها واحترامها للثقافة المحلية، بل إن «جميع المحتوى الموجه إلى الجمهور تجري مراجعته بدقة لتحقيق هذه الغاية».

تميم استهلّ اللقاء بقوله «أولاً وقبل كل شيء، يسعدني أننا أطلقنا منصة هنا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهذه المنطقة غنية بالثقافة والتراث والتقاليد. ولقد كان بمثابة حلم يتحقق أن نقدّم هذا المحتوى المميز إلى الجمهور المحلي العاشق للسينما والترفيه».

وتابع، من ثم، ليتطرّق إلى مواجهة بعض التحديات خلال هذه الرحلة فيقول: «ونحن بعد سنتين تقريباً على إطلاق (ديزني+)، نواصل - مثلاً - التعلّم من جمهورنا، وتنقيح محتوى المنصة؛ كي يراعي الثقافة المحلية للمشاهدين في المملكة العربية السعودية. ويشمل هذا نهجنا المحلي للمحتوى، وهذه أولوية كبيرة بالنسبة لنا».

إطلاق «ديزني+»

تميم فارس شرح أن «ديزني+» منصة توفّر خدمة عرض المحتوى الترفيهي حول العالم، منذ إطلاقها في عام 2022 في 16 سوقاً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأنها «تعرض مجموعة واسعة من أشهر القصص من إنتاج شركة (والت ديزني)، بما في ذلك الأفلام والمسلسلات والأفلام الوثائقية والأعمال الأصلية الحصرية من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) وغيرها الكثير».

ثم ذكر أن كثيرين اعتادوا مشاهدة الأفلام الكلاسيكية من «ديزني» بدءاً بـ«الأسد الملك» و«علاء الدين»، ووصولاً إلى «موانا» و«إنكانتو». بالإضافة إلى عرض هذه الأفلام العائلية المفضلة على «ديزني+»، فهي متوافرة كذلك للمشاهدة بخياري الدبلجة باللهجة المصرية أو اللغة العربية الفصحى المعاصرة.

وبعدها علّق من واقع تجربته الشخصية: «أنا مثلاً، نشأت على مشاهدة الكثير منها مدبلجاً بصوت أشهر الممثلين والممثلات مثل محمد هنيدي ومنى زكي وعبلة كامل وخالد صالح، والآن أُتيحت لي فرصة مشاهدتها مرة أخرى مع ابني زين على المنصة».

ثم لفت إلى أن «ديزني+» تقدّم محتوى جديداً باستمرار، بما في ذلك الإصدارات السينمائية الحديثة والضخمة الصيفية، وكان آخرها فيلم «قلباً وقالباً 2» من إنتاج «ديزني» و«بيكسار» على «ديزني+» في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي. وأفاد بأن «هذا الفيلم تصدّر قائمة أفلام الأنيميشن الأعلى تحقيقاً للإيرادات على الإطلاق، وجارٍ الآن عرضه حصرياً على (ديزني+)... وفي الواقع، يجري عرض أعمال (ديزني) السينمائية كافّة على منصة (ديزني+) في نهاية المطاف».

تميم فارس، رئيس "ديزني+" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (ديزني)

التكيّف مع المشهد التنظيمي الإقليمي

من جانب آخر، بالنسبة إلى الامتثال للقوانين المحلية للبث، أكد تميم فارس أن «فريقنا الإقليمي في (ديزني+) يقدّر الثقافة العربية تماماً، وأنا بصفتي أباً عربياً، أشارك تجربة شخصية مع ابني زين البالغ من العمر 7 سنوات؛ إذ نشاهد المحتوى معاً أو يشاهده بمفرده أحياناً. لذلك، أحرص على أن يكون ما يشاهده آمناً ومناسباً لثقافتنا العربية، ويتماشى مع قيمنا وتقاليدنا وأعرافنا».

وأردف: «وكما ذكرت سابقاً... المحتوى هو الركيزة الأساسية لكل ما نقدّمه. ومنذ إطلاق المنصة، أنشأنا فريق امتثال متخصصاً على المستوى المحلي، وهو الفريق المسؤول عن مشاهدة المحتوى المعروض ومراجعته وفحصه بدقة. ولا يُجاز شيء إلا بعد تأكد هذا الفريق من أن كل كلمة تُنطق أو تُترجم أو تُدبلج تتوافق أو يتوافق مع قيمنا العربية وتقاليدنا. ولا بد أن يتوافق المحتوى الموجه إلى الجمهور الأصغر سناً مع هذه الإرشادات ليصار إلى عرضه على (ديزني+)».

وفي الاتجاه نفسه ركّز تميم على أنه «بالإضافة إلى فريقنا، ونظراً إلى أنني أب عربي لابن صغير، أدرك أن ابني يستطيع مشاهدة مسلسلاته وأفلامه المفضلة ضمن بيئة آمنة ومناسبة لكل أفراد العائلة من دون استثناء، وذلك من خلال تمكين الوالدين من ضبط إعدادات المشاهدة بسهولة مطلقة لمراقبة المحتوى الذي يشاهده الأطفال، بما في ذلك خيار إعداد حسابات خاصة بهم وحمايتها من خلال رمز سري».

وأضاف شارحاً: «وحقاً، نحن نولي أهمية قصوى للحفاظ على صدقنا وأصالتنا تجاه جمهورنا العربي، ونلتزم بتقديم محتوى عالي الجودة يتماشى مع قيمنا العربية الأصيلة. وبصفتي أباً، أشعر بالطمأنينة لمعرفة أن أطفالي يستمتعون بمحتوى آمن ومناسب لأعمارهم».

استراتيجيات «ديزني+» في المنطقة

وحول استراتيجيات «ديزني+» في منطقة الشرق الأوسط، أوضح أن المحتوى الذي تقدمه المنصة كفيلٌ بالتأكيد على مدى نجاحها، وقال: «منصة (ديزني+) تعرض ثمانية من أفضل عشرة أفلام تحقق أعلى مستوى مبيعات حول العالم التي تُعرض تقريباً معظمها بشكل حصري على (ديزني+)، ويمكن لمشاهدي المنصة مشاهدة آلاف المسلسلات والأفلام من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) والمحتوى الترفيهي للبالغين من (ستار). إننا نقدم حقاً المحتوى الذي يناسب تفضيلات الجميع من الفئات العمرية كافّة ومختلف شرائح المجتمع».

وزاد: «إننا نحرص دوماً على عرض الأعمال الجديدة على منصتنا، لكننا ندرك في الوقت نفسه أن خيارات مشاهدينا المفضلة تتغيّر وتتوسع لتشمل رغبتهم في مشاهدة المحتوى العالمي أيضاً». وتابع: «لقد بادرنا مثلاً إلى تنظيم مجموعات متخصصة في الكثير من المدن السعودية، للتفاعل مع المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي والوقوف على المحتوى الذي يشاهدونه عبر المنصة. وفي الوقت نفسه، نحرص دوماً على الاستفادة من عملائنا المحليين والارتقاء بإمكاناتنا والمحتوى الذي نقدمه إليهم؛ كي ننجح في توفير خدمات تلبي احتياجات المنطقة».

المحتوى المحلي

تميم فارس قال إن «ديزني+» تتطلع لمزيد من الأعمال والإنتاجات التي تعزّز مكانتها في المنطقة، وبالتحديد على المستوى المحلي، «على سبيل المثال، أعلنا شعارنا الجديد الذي يضم للمرة الأولى على الإطلاق كلمة (ديزني) باللغة العربية. وبادرنا إلى إطلاق أول حملة إعلانية ننتجها محلياً على الإطلاق، ويشارك فيها فريق عمل سعودي بامتياز يضم أشهر صناع المحتوى المحليين، لتعزيز شعور المشاهدين على مستوى المنطقة بالشمولية والانتماء».

ثم أضاف: «وثانياً هناك المحتوى الذي تقدّمه المنصة؛ حيث نؤكد مواصلة التزامنا بتقديم محتوى جديد ومتنوع والحفاظ على مكانتنا الحالية، من خلال إضافة أعمال جديدة إلى مكتبتنا الضخمة من المحتوى الذي نعرضه للمشاهدين كل يوم... ونحرص على تقديم المحتوى الترفيهي الذي يرتقي إلى مستوى تطلعات المشاهدين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتفضيلاتهم، بدءاً من الأعمال العالمية التي تحقق نجاحاً كبيراً وصولاً إلى المحتوى المحلي المدبلج باللغة العربية».

ومع تشديده على أن جميع الأفلام والمسلسلات والبرامج التي تُعرض على «ديزني+» تتوافق بالكامل مع المتطلبات التنظيمية المحلية السعودية، أوضح تميم أن المنصة تسعى باستمرار إلى عقد مزيد من الشراكات مع أبرز الشركات المزودة لخدمات الاتصالات، مثل شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة «دو»، وشركة اتصالات «زين» في الكويت، لتوفير مجموعة من خيارات الاشتراك، وتتطلّع إلى مواصلة عقد مزيد من الشراكات خصوصاً في السعودية في المستقبل القريب.

واختتم بتسليط الضوء على عروض الأفلام الوثائقية المرتبطة بالمنطقة، فقال: «نعرض حالياً فيلم (كنوز الجزيرة العربية المنسية) على منصة (ناشيونال جيوغرافيك)، لتمكين المشاهدين من رؤية ثقافتهم الغنية وتراثهم العريق من زاوية مختلفة، وننظر أيضاً في فرص توسيع نطاق المحتوى الذي نقدمه إلى المشاهدين، من خلال بناء شراكات واتفاقيات تعاون مع مجموعة محلية من صناع المحتوى وشركات الإنتاج».