ليبيا: بريطانيا تستبق مؤتمر روما بالتلميح لعمل عسكري.. ولقاء مصالحة في مالطا

ظهور معارضة شعبية لاتفاق الأمم المتحدة في المنطقة الشرقية

ليبيون يتظاهرون في أحد شوارع طرابلس أمس للتعبير عن رفضهم لحكومة الوفاق الوطني المقترحة  (أ.ف.ب)
ليبيون يتظاهرون في أحد شوارع طرابلس أمس للتعبير عن رفضهم لحكومة الوفاق الوطني المقترحة (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: بريطانيا تستبق مؤتمر روما بالتلميح لعمل عسكري.. ولقاء مصالحة في مالطا

ليبيون يتظاهرون في أحد شوارع طرابلس أمس للتعبير عن رفضهم لحكومة الوفاق الوطني المقترحة  (أ.ف.ب)
ليبيون يتظاهرون في أحد شوارع طرابلس أمس للتعبير عن رفضهم لحكومة الوفاق الوطني المقترحة (أ.ف.ب)

فيما استبقت مصادر حكومية بريطانية مؤتمرا دوليا سيعقد اليوم حول ليبيا في العاصمة الإيطالية روما، بالحديث عن احتمال شن بريطانيا لعمل عسكري في ليبيا، كان مقررا أن يجتمع أمس في مالطة للمرة الأولى ممثلو طرفي الصراع في ليبيا، قبل التوقيع على اتفاق سلام نهائي برعاية الأمم المتحدة يوم الأربعاء المقبل.
وسيستضيف اليوم مقر وزارة الخارجية الإيطالية بروما مؤتمرا على المستوى الوزاري، بمشاركة أميركا، وروسيا، والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وتركيا، ومصر، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، والسعودية، وتونس، والمغرب، والجزائر، بالإضافة إلى الجامعة العربية.
وطبقا لما أعلنته الخارجية الإيطالية، فسيحضر اللقاء الذي سيبدأ في الساعة العاشرة صباح اليوم بتوقيت روما، ممثلون عن مجلس النواب الموجود في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي والمؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته الموجود في العاصمة طرابلس.
ومن المقرر أن يختتم المؤتمر أعماله بمؤتمر صحافي مشترك لوزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني، ونظيره الأميركي جون كيري، ومارتن كوبلر رئيس بعثة الأمم المتحدة.
وعلى الرغم من أن وزير الخارجية الإيطالي رحب بإعلان البعثة الأممية عن التوصل لتوقيع الاتفاق السياسي المقترح منها، ووصفها بـ«المقدمة الجيدة»، لكنه اعتبر في المقابل أن «الطريق إلى الاتفاق ليس سهلا».
وقال بحسب وكالة أنباء آكي الإيطالية أن رسالة مؤتمر روما بسيطة: «هي أن أي اتفاقية يجب أن تخرج من تفاهم بين الليبيين، شاملة بما فيه الكفاية لكي تبقى»، مشددا على أنه «لا يمكن أن تكون هناك حكومة ثالثة في المنفى».
من جهتها، كشفت صحيفة «ديلي تليغراف» البريطانية النقاب عن إن وزارتي الخارجية والدفاع في بريطانيا تدرسان خططا للتدخل العسكري في ليبيا لمواجهة تهديد تنظيم داعش، ونقلت عن مسؤول حكومي قوله إن «الوزراء يتحركون صوب وضع خطة لإرسال دعم عسكري إلى جانب الحلفاء الأوروبيين لهزيمة (داعش) في ليبيا».
وكانت وزيرة القوات المسلحة البريطانية، بيني مورداونت، قد أبلغت أعضاء البرلمان البريطاني مؤخرا أن حكومتها «تراقب عن كثب تهديد المتطرفين، معتبرة أن «هذه الجماعات تهدد ليبيا والدول المجاورة لها والمصالح البريطانية في المنطقة». بدوره لفت وزير الدولة البريطاني لشؤون الدفاع مايكل فالون إلى ضرورة «إبقاء العين مفتوحة على ليبيا».
ونقلت الصحيفة عن وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر أنه «بينما يتم تدمير (داعش) في سوريا والعراق، لن نسمح لهذا الورم الخبيث بمعاودة الانتشار في ليبيا أو في أي مكان آخر». إلى ذلك، تحدثت مصادر ليبية عن لقاء محتمل في مالطة سيعقد للمرة الأولى بين المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الموجود في طبرق ونوري أبو سهمين رئيس برلمان طرابلس. وقالت المصادر إن اللقاء الذي تم الترتيب له خلال اجتماعات سرية بين ممثلين عن الطرفين في تونس مؤخرا، قد يفتح الطريق نحو إنهاء النزاع المحتدم على السلطة في البلاد منذ العام الماضي.
وأعلنت دار الإفتاء الموالية لبرلمان طرابلس تأييدها للاتفاق الأممي، فاتحة بذلك الباب نحو توقيع البرلمان على الاتفاق الذي يتضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية وفترة انتقالية لمدة عامين. لكن وكالة الأنباء الموالية لبرلمان طبرق، أوردت في المقابل تقارير تتحدث عن بوادر معارضة شعبية للاتفاق المزمع التوقيع عليه برعاية الأمم المتحدة.
وبحسب الوكالة، فقد خرج المئات من أهالي مدينة المرج بالمنطقة الشرقية، حيث مقر الفريق خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي، في مسيرة طافت الشوارع الرئيسة بالمدينة المرج للمطالبة بحكومة طوارئ وطنية ومجلس عسكري بقيادة حفتر.
كما نقلت عن شباب ونشطاء مدينة بنغازي في بيان لهم رفضهم لحكومة الوفاق الوطني المقترحة برئاسة فائز السراج عضو مجلس النواب عن العاصمة طرابلس، كما طالبوا بإعلان حالة الطوارئ لحين تحرير البلاد من الميليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية.
واقترحت الأمم المتحدة مؤخرا على الفرقاء الليبيين تشكيلة حكومة وحدة وطنية لإنهاء الصراع في البلاد بعد نحو ثلاثة أشهر من توقيع اتفاق سياسي بالأحرف الأولى في مدينة الصخيرات المغربية. وتحفظ مجلس النواب وبرلمان طرابلس، على القائمة الأممية المقترحة لتشكيل الحكومة، بينما أصر المبعوث الأممي الجديد مارتن كوبلر على مواصلة جولات الحوار.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.