من التاريخ : تأملات تاريخية حول العنف الشرق أوسطي الكبير

من التاريخ : تأملات تاريخية حول العنف الشرق أوسطي الكبير
TT

من التاريخ : تأملات تاريخية حول العنف الشرق أوسطي الكبير

من التاريخ : تأملات تاريخية حول العنف الشرق أوسطي الكبير

جمعني لقاء مع بعض المثقفين، حيث طرح أحدهم أطروحة مفادها أن الشرق الأوسط بشقيه الشمالي والجنوبي يعد أكثر منطقة مؤججة بالعنف والحروب والصراعات الآيديولوجية في تاريخ البشرية، وأننا لو أردنا تحديد نقطة لتمركز العنف العالمي عبر التاريخ لأصبحت منطقة الشرق الأوسط، من المحيط لما بعد الخليج بشقيها الشمالي والجنوبي وامتدادها الشرقي، هي أكثر مناطق العالم عنفًا، بينما يمكن أن نستثني القطاع الشمالي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945 من هذه الأطروحة. ولكن حقيقة الأمر أن هذه الأطروحة تمثل نموذجًا فاعلاً للمقولة العربية الشهيرة «كلمة حق يراد بها باطل»، فالفكرة تسعى لتوظيف أطروحة لوجود «جينات عنف» مرتبطة بهذا الإقليم على المستوى الدولي منها ظهور الأديان السماوية فيها كمحرك آيديولوجي للصراعات.
وأذكر أنني ناقشت هذه الأطروحة واضعًا إياها في إطارها التاريخي مستندًا إلى عدد من النقاط الأساسية، وعلى رأسها ما يلي:
أولاً: أنه لا خلاف على صحة هذه المقولة من حيث وتيرة الصراعات بها على مر التاريخ. فهذه المنطقة ممتدة الأطراف شهدت بالفعل حجمًا من الصراعات الممتدة التي لا حصر لها. ونسوق منها حالات من الصراعات بين مصر الفرعونية والقوى الإقليمية الأخرى، وعلى رأسها الحرب مع الدولة الحيثية، ثم بعد ذلك الدولة الفارسية، ثم صراعات الدولة المقدونية (الإسكندر الأكبر)، ثم الصراعات بين الدولة الرومانية والدول الإقليمية في هذه المنطقة. ثم بعد ذلك الصراع بين الدولة الإسلامية والبيزنطية، ثم الحروب الصليبية الممتدة - التي هي في تقديري أول حرب عالمية بمفهومها الواسع - ثم حروب الدولة العثمانية بشقيها الأوروبي والعالم الإسلامي.. إلخ، ولا مجال للاختلاف على أن هذه المنطقة كانت بالفعل بؤرة الصراع الدولي حتى وقت قريب.
ثانيًا: هناك من الأسباب الموضوعية التي تبرر النقطة السابقة، وهي أن هذه المنطقة تمثل بؤرة التحرك التاريخي حتى نهاية الحرب العالمية الثانية. فهي أقدم منطقة معروفة وفيها ظهرت أهم التكتلات السكانية التي كونت أولى الحضارات الإنسانية قبل ظهور الأديان السماوية ذاتها بألفيات. ففي مصر تكونت الحضارة الفرعونية منذ ما يزيد على ست ألفيات من الزمن، كذلك حضارات ما بين النهرين من البابلية إلى السومرية مرورًا بالآشورية، وغيرها، كما تمثل المنطقة المعروفة «بما وراء النهرين» مركزًا حضاريًا له تاريخه الخاص وتفاعل سكانه. وبالتالي فإن الامتداد التاريخي أحد الأسباب الرئيسية التي تدفعنا لترويج أطروحة أنها المنطقة الأكثر عنفًا، على أساس أن الامتداد الزمني بطبيعة الحال يجعلها أكثر عرضة لمنحنى العنف مقارنة بكيانات حديثة أقل منها امتدادًا في الزمن، وهنا يكون العنف داخل الأقاليم أو فيما بيّنا أمرًا يفرضه التفاعل بينها على مر الزمان.
ثالثًا: تمثل الطبيعة الجيو - سياسية أحد العوامل الحاسمة في هذا الإطار. فإقامة الكيانات حتى وقت قريب كان يعتمد في الأساس على القوة العسكرية، بل إن الإبقاء على السلطة المركزية عبر هذا الزمن كان يحتاج إلى استخدام العنف، وهو أمر طبيعي حتمه التاريخ وظروف تطوره حتى فترة زمنية قريبة للغاية لا تتخطى العقود السبعة في أغلبية بقاع الأرض. ويلاحظ في هذا الإطار أن تمركز السلطة السياسية للدول اعتمد بطبيعة الحال على البؤر الغنية في الموارد، سواء الزراعية أو الرعي حتى قدوم الثورة الصناعية وتغيير أنماط الإنتاج على المستوى الدولي والثورة التجارية في العالم، وهذا التطور هو ما سمح لدولة مثل اليابان أو أستراليا بأن تصبح قوة اقتصادية كبرى رغم افتقارها للثروات الطبيعية الجمعية في العصور الحديثة نسبيًا. والثابت تاريخيًا أن تمركز السلطة في منطقة بعينها كان يضمن نوعًا من السلام الاجتماعي الداخلي لشعوبها، ولكن الإقليم ككل لم يكن يمتلك المناعة ضد الحروب بين هذه الكيانات والدول. فبمجرد تعدد هذه الكيانات وقوتها فإنها ترتمي بشكل طبيعي فيما يمكن أن نسميه آليات توازن القوة، والتي تجعل الحرب والتحالفات وسيلة لصياغة النظام الإقليمي للتفاعل السياسي. والاستثناء الوحيد الذي يقتحم ذاكرة التاريخ في هذا الإطار لدولة استطاعت أن تسيطر على أجزاء كبيرة من هذه المنطقة سيطرة كاملة وفرضت عليها نمطًا من السلام المؤقت بداخلها هو ما عُرف في كتب العلوم السياسية باسم «السلام الروماني» (Pax Romana) عندما فرضت الدولة الرومانية حالة من السلام على قلب هذه المنطقة بحكم سطوتها العسكرية وتفوقها الإداري وفي مجال المواصلات بعد شق الطرق لربط أطراف إمبراطوريتها. وهكذا، يكون لتفتت السلطة المركزية للكيانات السياسية إقليميًا سبب مباشر في خفض وتيرة العنف أو الحروب سواء الداخلية أو الخارجية بنسبة كبيرة لإذعانها طبيعيًا للقوة المهيمنة.
رابعًا: ارتباطًا بكل ما تقدم، فإن هذه المنقطة الجغرافية تمثل إلى جانب صراعات القوة والسلطة والنفوذ عبر التاريخ حقيقة أساسية وهي كونها المركز الرئيسي لانطلاقة ما يمكن أن نطلق عليه «جينات الفكر الدولي». فأغلبية من الآيديولوجية التي تعتنقها الشعوب سواء دينية أو علمانية، فكرية أو وجودية، فلسفية أو شعورية، لجيناتها مكانة في تاريخ تطور شعوب هذه المنطقة الممتدة - وذلك دونما التقليل أو نفي حقيقة وجود ديانات هذا يجب ألا يدفعنا للاعتقاد أن الفكر أو الآيديولوجية أو حتى الديانة هي مصدر للصراعات، ولكنها بكل تأكيد مصدر للاختلاف. وعندما لا تستطيع المجتمعات أن تضع الإطار السلوكي لإدارة الاختلاف الفكري، تبرز خطورة الفكر والاختلاف على مسيرة السلام. وفي تقديري أنه يجب عدم وصم الشق السياسي المعروف اليوم بالشرق الأوسط بأن هذه مشكلته وحده، ذلك أن أسوأ حرب وأكثرها ضراوة وضحايا وخرابًا اندلعت وقادتها أوروبا وهي تحتل الشق الشمالي للمنطقة التي هي بصدد اتهامها بأنها الأكثر عنفًا.
هذه مجرد أفكار للمناقشة، خاصة مع الظروف التي نعيشها اليوم، والتي تدفع البعض لمحاولة التملص من المسؤولية التاريخية لاندلاع العنف الداخلي في الأقاليم المختلفة بهذه المنطقة لصالح فرضيات مغلوطة هي في التقدير بداية لمحاولة تصدير الدين كسبب أساسي للحروب بين الدول وفيما بينها، خاصة الدين الإسلامي. وفي المقابل، يجري التقدم بأطروحات مغلوطة أخرى مفادها أن الديمقراطية أكثر سلمًا كما لو أن الدين هو محرك العنف في منطقة الشرق الأوسط الممتد، وهو أمر نعالجه باستفاضة في الأسبوع المقبل.



عبد الرحمن محمد عبد الله «عرّو»... دبلوماسي يقود «أرض الصومال» في «توقيت مصيري»

يأتي انتخاب «عرّو» في وقت حرج لإقليم أرض الصومال لا سيما مع تحديات استمرار رفض مقديشو توقيع الإقليم مذكرة تفاهم مع إثيوبيا
يأتي انتخاب «عرّو» في وقت حرج لإقليم أرض الصومال لا سيما مع تحديات استمرار رفض مقديشو توقيع الإقليم مذكرة تفاهم مع إثيوبيا
TT

عبد الرحمن محمد عبد الله «عرّو»... دبلوماسي يقود «أرض الصومال» في «توقيت مصيري»

يأتي انتخاب «عرّو» في وقت حرج لإقليم أرض الصومال لا سيما مع تحديات استمرار رفض مقديشو توقيع الإقليم مذكرة تفاهم مع إثيوبيا
يأتي انتخاب «عرّو» في وقت حرج لإقليم أرض الصومال لا سيما مع تحديات استمرار رفض مقديشو توقيع الإقليم مذكرة تفاهم مع إثيوبيا

حياة مغلفة بـ«هم الاستقلال»، سواءً عن المستعمر القديم في السنوات الأولى، أو تشكيل «الدولة المستقلة» طوال فترتَي الشباب والشيخوخة، لم تثنِ عبد الرحمن محمد عبد الله «عرّو» عن مواصلة العمل لتحقيق حلمه. إذ تفتحت عينا «عرّو» في مدينة هرجيسا، عاصمة إقليم «أرض الصومال» وكبرى مدنه، يوم 29 أبريل (نيسان) 1955، على نداءات للاستقلال عن الاستعمار البريطاني، وتحقّق ذلك وعمره نحو 5 سنوات... وهو الآن يأمل باعتراف دولي للإقليم - الذي كان يُعرف سابقاً بـ«الصومال البريطاني» - وهو يترأسه بعمر الـ69 كسادس رئيس منذ انفصاله عن الجمهورية الصومالية عام 1991.

عاش عبد الرحمن محمد عبد الله «عرّو» حياته بين دهاليز الدبلوماسية وسنوات غربة وتقلبات السياسة، وسجل أرقاماً قياسية، أبرزها أنه كان أطول رؤساء مجلس نواب إقليم «أرض الصومال» (صوماليلاند) عهداً مسجّلاً 12 سنة.

وجاء إعلان انتخابه رئيساً للإقليم في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) المودّع، في ظرف تاريخي وتوقيت مصيري يواجهان بلاده وسط توترات حادة، أبرزها مع الحكومة الصومالية الفيدرالية - التي لا تعترف بانفصاله - وترفض اتفاقاً مبدئياً أقرّه سلفه موسى بيحي عبدي مطلع 2024 مع إثيوبيا اعتبرت أنه يهدّد سيادة البلاد.

المولد والنشأة

وُلد عبد الرحمن محمد عبد الله «عرّو» وفق مصادر «الشرق الأوسط»، في عائلة مكوّنة من 7 فتيات و3 أولاد، وهو حالياً متزوج ولديه 5 أبناء.

بدأ تعليمه الابتدائي في مدينة بربرة، ثاني كبرى مدن الإقليم وميناؤه الرئيس. وتابع تعليمه الثانوي في هرجيسا، منتقلاً إلى المدرسة الثانوية عام 1977. وبعد ذلك، انتقل إلى العاصمة الصومالية الفيدرالية مقديشو، حيث التحق بكلية سيدام ومنها حصل على درجة البكالوريوس في المحاسبة، وتضم شهاداته أيضاً درجة الماجستير في إدارة الأعمال ودبلوماً في حل النزاعات.

بين عامي 1978 و1981، عمل «عرّو» في منظمة معنية بالتنمية الاجتماعية في مقديشو. وبين عامي 1981 و1988 شغل منصباً دبلوماسياً في وزارة الخارجية الصومالية بإدارة التعاون الاقتصادي. ومن مايو (أيار) 1988 إلى عام 1996، قبل أن يعمل مستشاراً للسفارة الصومالية في موسكو ثم نائب السفير والقائم بالأعمال.

العيش في الخارج

بعد انهيار الحكومة الصومالية، انتقل «عرّو» عام 1996 إلى فنلندا، التي كانت عائلته تقيم فيها منذ سنوات عدة وحصل على جنسيتها وظل مقيماً فيها حتى عام 1999.

للعلم، خلال عامي 1997 و1998 كان مساعد المنظمة الدولية للهجرة في فنلندا. بيد أنه عاد إلى إقليم أرض الصومال عام 1999، وبعد أقل من سنتين، أصبح «عرّو» أحد مؤسسي «حزب العدالة والتنمية» UCID - حزب المعارضة البارز - مع فيصل علي وارابي منافسه في الانتخابات الرئاسية هذا العام، وحينذاك شغل منصب نائب الأمين العام للحزب.

إقليم أرض الصومال شهد انتخابات لمجلس النواب، المكوّن من 82 نائباً، يوم 29 سبتمبر (أيلول) 2005. وكانت تلك أول انتخابات برلمانية متعددة الأحزاب تنظَّم في الإقليم منذ انفصاله عن جمهورية الصومال (الصومال الإيطالي سابقاً) عام 1991. ولقد انتخب «عرو» نائباً عن منطقة ساحل بربرة، وانتُخب لاحقاً رئيساً للبرلمان (مجلس النواب)، وإبّان فترة ولايته سُنّت معظم قوانين الإقليم وتشريعاته.

لكن، بعد نحو 6 سنوات، وإثر خلاف تفجّر مع وارابي، أسّس «عرّو» الذي يتكلم اللغات الإنجليزية والعربية والروسية، «الحزب الوطني» - أو حزب «وداني» (الوطني) - المعارض الذي يميل إلى اليسار المعتدل ويحمل رؤية تقدمية في قضايا الأقليات والحريات كما يدعم المزيد من اللامركزية.

يوم 2 أغسطس (آب) 2017، استقال «عرّو» من رئاسة البرلمان بعدما شغل المنصب لمدة 12 سنة، وهي أطول فترة لرئيس برلمان بتاريخ الإقليم، معلناً أنه يتهيأ لدور أكثر أهمية كرئيس لأرض الصومال. غير أن آماله تحطمت على صخرة موسى بيحي عبدي، مرشح «حزب السلام والوحدة والتنمية» في المرة الأولى.

لكنه حقق مراده بعدما أعاد الكرَّة وترشح في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أجريت يوم 13 نوفمبر 2024، وحصل فيها على 63.92 في المائة من الأصوات متغلباً على عبدي الذي حل ثانياً بـ34.81 في المائة، لجنة الانتخابات الوطنية الرسمية بالإقليم.

الرئيس السادسانتخابات عام 2024 هي الانتخابات المباشرة الرابعة منذ عام 2003، ومع فوز «عرّو» غدا الرئيس الرابع حسب الانتخابات الرئاسية المباشرة لفترة تمتد إلى 5 سنوات، وكذلك أصبح الرئيس السادس في المجمل منذ انفصال الإقليم 18 مايو 1991. ويذكر أنه عقب إعلان انفصال إقليم أرض الصومال، انتخب السفير عبد الرحمن أحمد علي، رئيس الحركة الوطنية بالبلاد حينها، ليكون أول رئيس للإقليم عبر انتخابات غير مباشرة. وفي 1993 انتخب السياسي محمد إبراهيم عقال رئيساً، وفي عام 1997 وجدّد له لفترة ثانية.

وبعد وفاة عقال عام 2002 أثناء رحلة علاج في جنوب أفريقيا، انتًخب نائبه طاهر ريالي كاهن؛ رئيساً للبلاد لتكملة الفترة الانتقالية. ثم في عام 2003، أجريت أول انتخابات رئاسية مباشرة في الإقليم، أسفرت عن فوز حزب «اتحاد الأمة» بقيادة الرئيس طاهر ريالي كاهن على السياسي أحمد محمد سيلانيو.

وفي يونيو (حزيران) 2010، أُجريت ثاني انتخابات رئاسية مباشرة، وتمكن سيلانيو من الفوز بالرئاسة لفترة خمس سنوات. وانتهت الانتخابات الثالثة التي أجريت في 13 نوفمبر 2017، بفوز موسى بيحي عبدي، الذي حصل على 55 في المائة من الأصوات.

وكان من المقرر أن تُجرى انتخابات الرئاسة الرابعة في الإقليم عام 2022، لكن لجنة الانتخابات الوطنية أجّلتها إلى 2023 ثم إلى نوفمبر 2024 بعد تمديد نيابي لولاية الرئيس عبدي الذي يتولى الرئاسة منذ 2017. وأرجعت اللجنة التأجيلات إلى «قيود زمنية وتقنية ومالية»، وسط انتقادات من المعارضة، قبل أن يفوز «عرّو».

التزامات وتحديات

جاء انتخاب «عرّو» في وقت حرج لإقليم أرض الصومال، لا سيما مع تحديات استمرار رفض مقديشو توقيع الإقليم مذكرة تفاهم مع إثيوبيا مطلع 2024، تسمح للأخيرة بمنفذ بحري على سواحل البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف بالإقليم بصفته دولةً مستقلة، الأمر الذي عدّته الحكومة الصومالية «اعتداءً على سيادتها وأراضيها».

إذ بجانب تحدّي الميناء، يشكّل الملف الداخلي تحدّياً ثانياً - بالذات - في أبعاده الأمنية والاقتصادية والعشائرية. كذلك تعدّ العلاقات الخارجية، وبخاصة مع إثيوبيا، تحدياً ثالثاً. ويضاف إلى ما سبق تحديان آخران، الرابع يتصل بملف المفاوضات المعلّقة مع الحكومة الصومالية الفيدرالية، والخامس بملف «حركة الشباب» الإرهابية المتطرفة.

هذه التحديات الخمسة، تقابلها التزامات أكّدها الرئيس المنتخب أثناء حملاته الانتخابية، منها التزامه بإعادة فتح وتنفيذ الحوار بين الإقليم والحكومة الفيدرالية الصومالية، وفق ما ذكرته إذاعة «صوت أميركا» باللغة الصومالية عقب مقابلة معه. وخلال حملاته الانتخابية أيضاً، قال «عرّو» إن حزبه سيراجع «مذكرة التفاهم» مع إثيوبيا، من دون أن يرفضها. في حين نقلت «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) عن محمود آدم، الناطق باسم حزب «عرّو»، أن «الاتفاقية لم تُعرض على الحزب أثناء العملية، وأن الحزب لم يراجعها منذ ذلك الحين». وأردف: «بشكل عام، نرحب بأي تعاون عادل ومفيد مع جيراننا. ولقد كانت إثيوبيا على وجه الخصوص صديقاً عظيماً على مرّ السنين. وعندما نتولّى السلطة، سنقيّم ما فعلته الحكومة السابقة».

لكن سبق هذه التعهدات والتحديات برنامج سياسي لحزب «وداني» تضمن خطوطاً عريضة متعلقة بالسياسة الخارجية لانتخاب الرئيس «عرّو» في عام 2024، أبرزها أن تكون الإجراءات القانونية والدبلوماسية لأرض الصومال مبنية على المصالح الوطنية ولا تتورط في نزاعات سياسية واقتصادية مع دول أخرى.

وتتضمن النقاط نقطتي:

- العمل على انضمام أرض الصومال إلى المنظمات الدولية الرئيسة، كالاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة، والكومنولث، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، وغيرها.

- وإجراء مراجعة سنوية للسياسة الخارجية، لتعكس التطورات العالمية وتضمن التوافق مع المصالح الوطنية.

خبراء حاورتهم «الشرق الأوسط»، قالوا إنه من الصعب التكهن حالياً بتداعيات فوز مرشح المعارضة على مسار مذكرة التفاهم مع إثيوبيا، لكنهم اعتبروا أن الرئيس المنتخب سيسلك استراتيجية أخرى لنيل الاعتراف الدولي، تقوم على تهدئة الخطاب السياسي تجاه مقديشو، وإرسال رسائل تطمينية لها؛ بغية حثّها على الاعتراف بـ«أرض الصومال» دولةً مستقلة، مقابل الوصول لصيغة قانونية جديدة معترف بها دولياً تحكم العلاقة بين المنطقتين، كصيغة الاتحاد الفيدرالي مثلاً.