«الشرق الأوسط» في مهرجان دبي السينمائي الدولي (3): دبي تجمع مخضرمي السينما العربية مع نجومها الشباب

‪ أفلام حول الهجرة والوضع في سوريا ‬

الشيخ منصور بن محمد بن راشد سلم جائزة التكريم لعزت العلايلي، الممثلة الفرنسية كاثرين دينوف مع مدير مهرجان دبي السينمائي مسعود أمر الله  في حفل الافتتاح (أ.ف.ب)،  و من فيلم مي المصري «3000 ليلة»
الشيخ منصور بن محمد بن راشد سلم جائزة التكريم لعزت العلايلي، الممثلة الفرنسية كاثرين دينوف مع مدير مهرجان دبي السينمائي مسعود أمر الله في حفل الافتتاح (أ.ف.ب)، و من فيلم مي المصري «3000 ليلة»
TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان دبي السينمائي الدولي (3): دبي تجمع مخضرمي السينما العربية مع نجومها الشباب

الشيخ منصور بن محمد بن راشد سلم جائزة التكريم لعزت العلايلي، الممثلة الفرنسية كاثرين دينوف مع مدير مهرجان دبي السينمائي مسعود أمر الله  في حفل الافتتاح (أ.ف.ب)،  و من فيلم مي المصري «3000 ليلة»
الشيخ منصور بن محمد بن راشد سلم جائزة التكريم لعزت العلايلي، الممثلة الفرنسية كاثرين دينوف مع مدير مهرجان دبي السينمائي مسعود أمر الله في حفل الافتتاح (أ.ف.ب)، و من فيلم مي المصري «3000 ليلة»

عندما حطت المخرجة الهندية ديبا مهتا في مطار دبي قبل أربعة أيام كانت تباشر ثاني زيارة رسمية لها لمهرجان دبي، إذ سبق لها وشاركت في دورة 2005 عبر فيلمها «بوليوود - هوليوود».
بعد عشر سنوات تعود كرئيسة للجنة التحكيم المؤلفة من خمسة أعضاء، إذ يصاحبها كل من المخرجة الإماراتية نجوم الغانم والممثل المصري خالد أبو النجا والمخرجة العراقية ميسون الباجه جي والمخرج الأسترالي توم زويرسكي.
المهمّة دقيقة وإن كانت ليست صعبة على خبراء في حقولهم مهما تعددت آراؤهم. مهتا، التي تعيش وتعمل في مدينة تورونتو حاليًا، كانت خبرت لجان تحكيم مختلفة حول العالم، بما فيها تلك التي شاركت في مهرجاني «كان» و«مراكش»، وهي تعلن، عن صواب، كيف أن المهرجانات تختلف، فتقول لمجلة «سكرين» اليومية هنا: «السمعة السريعة في مهرجان مثل كان وتورونتو قد ترفع الفيلم وقد تهدمه».
هذا ما هو ليس في متناول اليد هنا في حاضرة مهرجان دبي. الجوائز تتوزع على أكثر من قسم. ليس هناك من أنفاس تلاحق المخرجين وترفعهم عنوة أو تودي بهم. هناك مسابقة عادلة شديدة التمسك بمبدأ ديمقراطية التصويت والعمل بها. في بعض الأحيان، كالدورة التي ترأسها المخرج الأميركي مايكل شيمينو، هناك خلافات تستعر بين الأعضاء، لكن ما حدث عام 2007 لم يتكرر بعد ذلك، وإن فعل فقد بقي في حدود فقاعات ضئيلة.
ما ينظر إليه أعضاء لجنة التحكيم التي ترأسها ديبا مهتا (وهناك لجنتان لمسابقتين أخريين) في هذه الدورة هو الحكم بين 19 فيلمًا عربيًا، كل منها يشكل نقطة ضوء على صعيد ما. الفوز يعني الكثير لأفلام متنوعة حيث تلتقي إبداعات مختلفة بعضها، بالضرورة أفضل من بعض. لكن نسبة لعدم وجود سوق عربية تساند الأفلام الفائزة أو غير الفائزة التي تمر في أي من مهرجاناتنا العربية، فإن الخسارة تبقى شخصية، كذلك الربح أيضًا.
ومع غياب السوق ومع طبيعة المهرجان الإدارية والتنظيمية وطبيعة اهتمامات مسابقاته فإنه لا مجال لـ«سمعة سريعة» ترفع أو تهدم الفيلم، لأن المعيار هنا ليس كغيره في أي مكان.
أكثر من ذلك أن المودة والألفة وحسن المعاملة التي تشمل الجميع بتوازن مفقود في المهرجانات العربية الأخرى على هذا النحو تمنح المهرجان مراتب عليا، وتؤمن له تلك الأرضية الصلبة التي يتمتع بها كل سنة.
يتجلّى هذا في الكثير من النواحي الإدارية والاحتفالية، من بينها ذلك الاهتمام الكبير بمنح جوائز التكريمات إلى المنتخبين للمناسبة، وهم الممثل المصري عزت العلايلي والممثل الهندي نصر الدين شاه والممثلة الفرنسية كاثرين دينوف.
على المنصّة المزهوة دائمًا بألوانها وشخصياتها، قام الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم بتسليم الممثل المصري عزت العلايلي جائزة تكريمه، ووقف الممثل الذي لمع تحت إدارة مخرجين كثيرين خلال عقود عمله التي تتجاوز الأربعين سنة، محييا الجمهور وشاكرًا هذه اللفتة التي تعيده إلى الحدث من جديد.
الممثل الجزائري سامي بوعجيلة هو أيضًا من بين الذين يشملهم التكريم، لكنه مشغول حاليًا بكونه عضو لجنة التحكيم في مهرجان مراكش، وربما استطاع القدوم لتسلم تكريمه قبل نهاية هذه الدورة في السادس عشر من هذا الشهر.
مهرجان دبي أقيم ليبني سينما جديدة ويهتم في الوقت ذاته بالسينما النوعية الحاضرة. لذلك فإن أفلام مخرجين مخضرمين وذوي تجارب واسعة مثل محمد خان («قبل زحمة الصيف»)، ومي المصري («3000 ليلة»)، وحكيم بلعباس («ثقل الظل»)، تتلاقى على نحو غير متنافر مع أفلام مخرجين جدد مثل نورا كيفوركيان («23 كيلومتر») وليلى بوزيد («على حلة عيني») وفارس نعناع («شبابك الجنة») ورفقي عساف («المنعطف»)، وهالكوت مصطفى («كلاسيكو») وسواهم.
وما يقال عن هذه المسابقة يقال أيضًا عن المسابقتين الموازيتين، مسابقة «المهر الإماراتي»، التي يرأسها المنتج والمخرج الدنماركي كيم مانوسون، ومسابقة «المهر القصير والخليجي القصير»، التي مُنحت رئاستها للآيسلندي فردريك ثور فردركسون.
والمهر القصير والخليجي القصير نهج جديد قد يحتاج إلى اسم آخر موحد («المهر الخليجي القصير») مثلاً، ويبدو أن مسابقته التي تنضوي على ثلاثين فيلما، تشمل مسابقة «المهر القصير» التي كانت تقام منفصلة، ومسابقة الأفلام الخليجية القصيرة، التي كانت مهرجان «الخليج»، الذي توقف في العام الماضي بعدما كان المهرجان المتخصص بعرض كل الإنتاجات الخليجية دون سواها.
هذه، إذن، ثلاث لجان تحكيم يرأس كل منها أجنبي، ما يطلق العنان لسؤال حول لماذا تسند هذه المهام هذا العام لثلاثة أجانب من دون أي عربي في القمة؟ (لم يكن الحال كذلك في بعض الأعوام السابقة ومنها العام الماضي). ليس هناك من جواب جاهز، والمسألة قد لا تعدو أكثر من صدفة، أو نسبة للخوف من جدال لاحق عادة ما يدور بين المشاركين والمتنافسين العرب الذين قد يأخذون على رئيس لجنة التحكيم، إذا ما كان زميلاً عربيًا، ما قد يفسرونه بالتحيّز إذا ما خرج البعض خاسرًا.
في رحى كل ذلك أتت ترشيحات الغولدن غلوبس لتثير نسمة من القبول المريح، كون عدد ملحوظ من الأفلام المرشحة وشخصياتها هي من تلك المعروضة هنا، ومن بينها فيلم «غرفة» الذي افتتح المهرجان، و«سبوتلايت» الذي فاز بثلاثة ترشيحات كأفضل فيلم درامي، وأفضل إخراج (توم ماكارثي)، وأفضل سيناريو (ماكارثي وجوش سينجر). باقي الأفلام الأخرى وجدت طريقها إلى مهرجان دبي وإلى ترشيحات الغولدن غلوبس الـ73 «شباب» و«بروكلين» و«ارتجاج» و«موستانغ».
هناك تيمات كثيرة في هذه الدورة، من بينها الأفلام التي تتحدث عن الهجرة، وتلك التي تتناول الإسلام، والأخرى التي تدور حول الوضع في سوريا، وذلك بالإضافة إلى الأفلام التي تعاود طرح القضية الفلسطينية من زوايا كثيرة، كونها ما زالت ماكثة على كاهل المنطقة والعالم بلا حل.
عندما يأتي الأمر إلى الوضع السوري فإن وجود فيلم سوري في مسابقة «المهر العربي»، بدوره نتاج تمويل مشترك من جهات سورية ولبنانية وإماراتية وتركية بعنوان «جلد»، وبوجود فيلم يمثل بريطانيا عنوانه «قصة حب سوريا» في برنامج «ليالي عربية»، يقدّم المهرجان في هذه الدورة نموذجين لما يمكن اعتباره أعمالاً تطرح الوضع السوري الحالي من جوانب مختلفة، من دون الابتعاد عن السياسة ذاتها.
بالطبع لا يفوتنا نموذج ثالث كان حصد جائزة مهرجان القاهرة السينمائي الأخير، وهو «بانتظار الخريف» لجود سعيد، الذي ينتمي إلى الداخل أكثر من النموذجين الآخرين، إن لم يكن بموضوعه الأكثر تآلفًا مع الواقع المعيش على نمط عريض، فمن حيث إنه يمثل، إلى حد كبير، وجهة النظر الرسمية في مجريات الأمور الواقعة داخل ذلك الوطن الذي يعيش حربًا طاحنة منذ خمس سنوات.
كما في كل وضع مشابه، هناك ثلاثة أنواع من الأفلام يمكن أن يُمارسا من قِبل السينمائيين الراغبين: النوع المؤازر لوجهة نظر الدولة، والنوع المعارض لها، والنوع الذي يريد أن يهرب من المسؤوليتين الأولى والثانية بشق طريق يبدو الأمر فيه كما لو كان تخلصًا من أعباء كل ما يدور، حتى وإن أدّى ذلك إلى تهميش الفيلم نفسه.
وعلى نحو طبيعي، تكاثرت الأفلام التسجيلية (أو غير الروائية) المصنوعة في داخل سوريا أو في خارجها خلال السنوات الثلاث الأخيرة. فيلم رشيد مشهراوي «رسائل من اليرموك» هو أحد أفضلها ويربط بين كيف يعيش الفلسطينيون وقع المأساة السورية في مخيم اليرموك وبين كيف عاشوا الوضع ذاته خلال الحقب التي أطاحت بقراهم وبلداتهم الفلسطينية، ومثل «مشوار» للمخرج ماير الرومي المبتعد عن الجاهز من المواقف لكن من دون أن يخطو إلى السذاجة. إنه دراما عاطفية ذات رقّة ورغبة في تجاوز المألوف من الحكايات: سائق تاكسي شاب (عمّار الحاج أحمد) وفتاة عاشقة (ألكسندرا قهوجي) يقرران السفر إلى طهران في رحلة بعيدًا عن دمشق، فيركبان القطار في رحلة إلى الساحل ومن ثم في باخرة تعبر اليم بعيدًا، ثم يعودان إلى العاصمة المثقلة بأحزانها من دون أن تتقدّم علاقتهما أو تطرد. أراد المخرج ميار الرومي توظيف الرحلة كتجربة وجدانية لها سوابق ومثقلة بمتاعب مختلفة. كل شخصيات الفيلم القليلة تعاني من ذلك الثقل الاجتماعي الملقى عليها، وفي المقدّمة بطلا الفيلم اللذان يدركان أن الوجهة الصحيحة لعلاقة كهذه تحت عبء التقاليد الاجتماعية صعبة. في هذا الإطار ما قدّمه مهرجان دبي في الدورة قبل الماضية عندما عرض محمد ملص فيلمه «سلم إلى دمشق» الذي تميّز بقدرته النقدية، مستخدمًا سلاح الرمز.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».