هدنة الوعر: الجرحى سينقلون إلى تركيا.. والمقاتلون التحقوا بفصائلهم

إدلب تحتضن العائلات المبعدة وتوفر لها المأوى ومستلزمات الحياة

أعضاء من الهلال الأحمر السوري يرافقون مرضى عند معبر كراج الحجز بمدينة حلب خرجوا من المناطق  التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة باتجاه مناطق سيطرة النظام (أ.ف.ب)
أعضاء من الهلال الأحمر السوري يرافقون مرضى عند معبر كراج الحجز بمدينة حلب خرجوا من المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة باتجاه مناطق سيطرة النظام (أ.ف.ب)
TT

هدنة الوعر: الجرحى سينقلون إلى تركيا.. والمقاتلون التحقوا بفصائلهم

أعضاء من الهلال الأحمر السوري يرافقون مرضى عند معبر كراج الحجز بمدينة حلب خرجوا من المناطق  التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة باتجاه مناطق سيطرة النظام (أ.ف.ب)
أعضاء من الهلال الأحمر السوري يرافقون مرضى عند معبر كراج الحجز بمدينة حلب خرجوا من المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة باتجاه مناطق سيطرة النظام (أ.ف.ب)

احتضنت مدينة إدلب السورية العائلات التي خرجت من حي الوعر في حمص إلى شمال سوريا، بعد وصولهم في حافلات إلى المدينة، بالإضافة إلى 300 مسلّح غادروا الحي المذكور بحماية الأمم المتحدة، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم بين المعارضة والنظام السوري برعاية المبعوث الدولي ستيفان دي مستورا، وأفضى الاتفاق أيضا إلى فكّ الحصار الذي يفرضه النظام على هذا الحي منذ أكثر من سنتين، وسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى العائلات المحاصرة.
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن نحو 750 شخصا «غادروا حي الوعر بمدينة حمص ومن ضمنهم مجموعة من مقاتلي (جبهة النصرة)، وصلوا إلى مدينة إدلب خلال ليل أول من أمس من بين نحو 15 حافلة غادرت حمص، فيما وصلت باقي الحافلات يوم الخميس (أمس) تباعًا».
وكشف ناشط ميداني في إدلب لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل الذين غادروا حي الوعر في حمص من مدنيين ومسلحين وصلوا سالمين إلى مدينة إدلب». وأكد أن «المصابين سينقلون إلى تركيا تباعًا لاستكمال علاجهم بعد إجراء الترتيبات الطبية واللوجيستية وتأمين سيارات الإسعاف التي ستتولى نقلهم. أما بعض العائلات فهي مخيّرة بين البقاء في إدلب أو المغادرة إلى تركيا». وأوضح أن «أهالي إدلب والجمعيات المحلية الناشطة في ميدان الإغاثة، أمنوا مساكن مقبولة للمدنيين وبدأوا بتوفير مستلزمات الحياة من مواد غذائية وتدفئة، وأدوية لأصحاب الأمراض المزمنة، وحليب للأطفال وغيرها».
وتشرف الأمم المتحدة على تطبيق الاتفاق الذي قال محافظ حمص إنه يتضمن مغادرة 300 مقاتل و400 فرد من أسرهم في حي الوعر، وهو آخر منطقة تسيطر عليها المعارضة في حمص التي كانت أحد مراكز الانتفاضة على حكم الرئيس السوري بشار الأسد.
مصادر في «تنسيقيات الثورة في إدلب»، أوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن «المقاتلين الذي أبعدوا من حمص بموجب الاتفاق التحقوا بالفصائل التي يتبعون لها في إدلب، وهي الفصائل التي تنضوي في (جيش الفتح) مثل (جبهة النصرة) و(أحرار الشام) وبعض كتائب الجيش الحرّ». وقالت المصادر: «إن انتقال بعض مقاتلي حي الوعر (300 مقاتل) إلى إدلب لن يخلق أي استفزاز للفصائل الموجودة هناك، لأن بعض الفصائل المقاتلة في إدلب وريفها وفي ريف حلب وأجزاء من ريف حماه، هم من أبناء مدينة حمص وريفها، وهناك فصيل (جيش السنّة) الذي يعدّ إحدى الكتائب المعتدلة بقيادة أمجد بيطار، يتحدّر معظم مقاتليه من مدينة حمص». وأشارت مصادر التنسيقيات إلى أن «البعض الآخر من المقاتلين الخارجين من حمص، هم من حلب وحماه، ويتطلعون إلى الالتحاق بمناطقهم في الأيام المقبلة، طالما أن إدلب محررة بالكامل وهي لا تحتاج حاليًا إلى مقاتلين على أرضها، ويجب أن تستفيد منهم الجبهات الساخنة».
ويقول دبلوماسيون إن اتفاقيات وقف إطلاق النار المحلية التي تطبق في مناطق بعينها قد تكون أفضل طريقة لإحلال السلام تدريجيا في البلاد التي يمزقها صراع مستمر منذ نحو خمس سنوات أودى بحياة أكثر من 250 ألف شخص. مع ذلك اعتبر كثيرون اتفاقا من هذا النوع طبق في حمص عام 2014، كان عبارة عن استسلام إجباري.
ولا يزال حي الوعر يخضع لسيطرة قوات المعارضة المعتدلة وعلى رأسها كتائب الجيش السوري الحرّ، الذين يرابطون في مواقعهم على أطراف الحي ومداخله، في وقت بدأت المساعدات الإنسانية بالدخول إلى الحي، وبوشرت عملية توزيع المواد الغذائية على المدنيين الذين يقدّر عددهم بأكثر من 75 ألف مواطن رفضوا ترك حيّهم رغم قساوة الحصار، وحرمانهم من أبسط مقومات العيش بداخله.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.