المتعاطفون الأميركيون مع «داعش» يجدون «صدى قويًا» في وسائل الإعلام الاجتماعي

«تويتر».. البوابة الرئيسية لأتباع التنظيم وقناة تجنيد فعالة

يجد المتعاطفون مع تنظيم داعش الإرهابي دعمًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي
يجد المتعاطفون مع تنظيم داعش الإرهابي دعمًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي
TT

المتعاطفون الأميركيون مع «داعش» يجدون «صدى قويًا» في وسائل الإعلام الاجتماعي

يجد المتعاطفون مع تنظيم داعش الإرهابي دعمًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي
يجد المتعاطفون مع تنظيم داعش الإرهابي دعمًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي

عندما أثار «داعش» فضول الشاب علي أمين من ولاية فيرجينيا، العام الماضي، ودخل على شبكة الإنترنت لمعرفة المزيد عن التنظيم، وجد مجتمعا افتراضيا بانتظاره. كان لذلك المجتمع لغة غريبة خاصة به، ومحفزا للخيال، وإحساسا بالمغامرة، والإخلاص لقضية تدخل حماسا على حياته المملة.
وفي سن 17 عاما، سرعان ما تطورت علاقات الشاب، وهو ابن مبكر النضوج لعائلة مهاجرة يمنية، على الإنترنت بمؤيدي «داعش» في جميع أنحاء العالم. وكان من بينهم الزبير في بريطانيا، وعثمان في جنوب أفريقيا، وعبد الله في فنلندا، الذين حثوه على إنشاء حساب على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» تحت اسم «أميركي ويتنس» (شاهد أميركي). حصل أمين على عدة آلاف من المتابعين، وتشاحن على الإنترنت مع وزارة الخارجية الأميركية، وانخرط مع أبرز دعاة «داعش»، وأصبح معروفا بين مؤيدي التنظيم المتحدثين باللغة الإنجليزية، حتى اُعتقِل في مارس (آذار).
وكتب أمين، في أغسطس (آب) للقاضي الذي يشرف على قضيته، معربا عن أسفه لما وصفه بخطأ شبابي كارثي، وقال: «لأول مرة، لم أشعر فقط أنني أخذت مواضيع مهمة وثقيلة جدا على محمل الجد، وإنما طولبت أيضا بإعطاء توجيهات». وأضاف: «بالانغماس في عالم الإنترنت بدلا من العالم الحقيقي، أصبحت منغمسا في صراع «افتراضي» مع الانفصال عما هو حقيقي: «عائلتي، وحياتي، ومستقبلي».
وفي ظل مواجهة إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، التحدي متعدد الأبعاد الذي يفرضه تنظيم داعش عقب أعمال القتل في مدينة برناردينو بولاية كاليفورنيا، أصبح المجتمع الإلكتروني من المتعاطفين مع «داعش» في الولايات المتحدة بؤرة اهتمام حاسمة. ويقدر الخبراء عددهم بالآلاف. ومن بين هؤلاء الذين أخذوا منحنى خطيرا وارتكبوا جرائم جنائية، يوجد ثلاثة أشقاء في سن المراهقة من ولاية شيكاغو، وميكانيكي سابق في سلاح الجو الأميركي في أواخر الأربعينات من عمره من ولاية نيوجيرسي، وأم لطفلين من ولاية فيلادلفيا.
وفي الواقع، ليس لديهم قواسم مشتركة فيما عدا شيئا واحدا: الأسابيع أو الأشهر التي قضوها في متابعة بلاغة ورمزية «داعش»، والمجاملة على «تويتر»، ومنصات الإنترنت الأخرى. إنه المنزل الإلكتروني الدافئ لدعمهم المشترك، وهو نوع من التجمع الحماسي على مدار الساعة لقضية ينكرها معظم المسلمين.
وينضم الأميركيون للمتحدثين باللغة الإنجليزية الآخرين تحت أسماء لا تمت لأصحابها بصلة، ويكتبون بعض كلمات اللغة العربية التي يتعلمونها، ويسعون للتفوق على بعضهم البعض في مستويات الحماس. ويعرب بعضهم عن الغضب من السياسة الخارجية الأميركية، أو مما يرونه كسوء معاملة للمسلمين في الخارج. ويذهب آخرون إلى ما هو أبعد من ذلك، عن طريق محاولة الوصول إلى الأراضي التي يسيطر عليها «داعش»، أو يتآمرون لتنفيذ أعمال عنف في أوطانهم.
ومثل معظم الرومانسيات الأميركية العنيفة مع «داعش»، انهارت علاقة أمين مع التنظيم. ففي أواخر أغسطس (آب)، تلقى حكما بالسجن لمدة 11 عاما بعد إدانته بتقديم الدعم المادي لتنظيم إرهابي. ويعاني الأميركيون الذين تمكنوا من الوصول إلى سوريا من مصير أكثر قتامة، بالموت في ساحة القتال البعيدة. وخلال الأسبوع الماضي في كاليفورنيا، قُتل اثنان من المعجبين بـ«داعش» برصاص قوات الشرطة إثر هجومهما على مركز رعاية اجتماعية، ما أسفر عن مقتل 14 شخصا.
ولا تزال القصة الكاملة لتطرف المهاجمين، رضوان فاروق وتاشفين مالك، تتكشف في ظل استرجاع مكتب التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي) السجلات من محركات الكومبيوتر والهواتف الجوالة المحطمة. لكن قرار مالك - قبل بدأ إطلاق النار - بكتابة منشور على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» تتعهد فيه بالولاء لـ«داعش» يدل على أن الزوجين اطلعا على عالم الإنترنت الذي خلقه المؤيدون والمجندون للتنظيم.
وذكر سيموس هيوز، المؤلف المشارك لتقرير «داعش في أميركا»، الذي نشره برنامج التطرف في جامعة «جورج واشنطن» الأسبوع الماضي: «إنه مجتمع مغلق». وتابع: «يتبادلون نكاتا داخلية ومصطلحات وعبارات لن تفهمها إلا إذا كنت تابعا لهم».
ويبرز تقرير جامعة جورج واشنطن تنوع 71 شخصا في الولايات المتحدة متهمين بارتكاب جرائم تتعلق بتنظيم داعش منذ مارس (آذار) 2014؛ حيث نسبة 40 في المائة منهم من معتنقي الإسلام، وهو ما يتحدى اقتصارهم على الوضع العرقي. إنهم شباب، مع متوسط عمر 26 عاما، وهم مواطنون أميركيون أو مقيمون بصفة قانونية. ونسبة 14 في المائة منهم نساء.
لكن جميعهم تقريبا قضوا ساعات على الإنترنت للتعبير عن مشاعرهم الجيدة تجاه التنظيم، بجانب الانخراط مع المتحدثين باللغة الإنجليزية الآخرين من بلدان أخرى. واعتقلتهم السلطات كلهم تقريبا بعدما جذبت المنشورات على الإنترنت انتباه مكتب التحقيقات الفيدرالي.
ويمكن لمستخدمي شبكة الإنترنت التعرف بسهولة على الأيقونة المميزة التي يتبناها مؤيدو التنظيم. وينتشر العلم الأسود الذي يستخدمه الكثير من الجماعات المتشددة، وغالبا ما يتخلله كتابة الشهادة باللون الأبيض. كما تظهر صور أبطالهم غالبا، وخاصة الداعية لتنظيم القاعدة الأميركي أنور العولقي. وكذلك يُفضل استخدام الطيور الخضراء (رمز للجنة)، والأسود في إشارة إلى المحاربين باسم «أسود الله». وتلقت كيونا توماس، 30 عاما، وهي أم لأطفال من فيلادلفيا، اتهاما هذا العام بمحاولة الانضمام لتنظيم داعش، وكانت تكتب منشورات على «تويتر» تحت اسم «لبؤة شابة».
ومثل أتباع السياسة ومشجعي الرياضة، ينشر مؤيدو «داعش» مقاطع فيديو، ويكتبون شعارات لمشاركتها مع أصدقائهم عبر الإنترنت. لكن غالبا ما تظهر الفيديوهات عمليات قطع رؤوس أو إعدام أو محاضرات غاضبة. وتعلن الصور ولاءهم «كلنا داعش»، أو تمجد الشباب المتشددين الذين يحملون أسلحة آلية.
ويتعلم المبتدئون حتى إدخال بعض التعبيرات العربية على منشوراتهم بحروف إنجليزية: مثل «كفار» (kuffar)، و«شهيد» (shahid)، و«خلافة» (khilafa). ولا يزال موقع تويتر هو البوابة الرئيسية لهؤلاء المفتونين بـ«داعش»، رغم أن مواقع «يوتيوب» و«فيسبوك» و«أسك دوت كوم» «وتمبلر» و«إنستغرام» وغيرها متاحة لوجود مجتمع للتنظيم على الإنترنت. ونظرا لغلق «تويتر» بقوة أكبر حسابات المؤيدين لـ«داعش» علنا، يتوجه المؤيدون غالبا إلى «تلغرام» و«كيك» و«واتساب» والتطبيقات الأخرى التي تسمح بالاتصالات الخاصة، بحسب حميرة خان، المديرة التنفيذية لمؤسسة «مفلحون» غير الربحية، المعنية بدراسة التطرف وكيفية مواجهته.
وأوضحت خان أن مروجي «داعش» الأكثر تطورا يراقبون المواقع العامة، ويعممون أسماء الأشخاص الذين يتحدون مزاعم التنظيم، ويحثون الآخرين على حظر منشوراتهم. وتكون النتيجة، وفقا لخان: «غرفة صدوية تملأ بشعور عدم مشروعية أي رأي آخر».

* خدمة «نيويورك تايمز»



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.