مسلحون يفجرون كنيسة مهجورة في عدن

مكان عبادة شيد في زمن الوصاية البريطانية للأجانب

رجل مسلح يحرس الكنيسة في عدن أمس بعد تعرضها لتفجير من قبل مسلحين (رويترز)
رجل مسلح يحرس الكنيسة في عدن أمس بعد تعرضها لتفجير من قبل مسلحين (رويترز)
TT

مسلحون يفجرون كنيسة مهجورة في عدن

رجل مسلح يحرس الكنيسة في عدن أمس بعد تعرضها لتفجير من قبل مسلحين (رويترز)
رجل مسلح يحرس الكنيسة في عدن أمس بعد تعرضها لتفجير من قبل مسلحين (رويترز)

أقدم مسلحون، أمس الأربعاء، على تفجير كنيسة كاثوليكية مهجورة في عدن ثانية كبرى المدن في اليمن، ومقر حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. وأوضحت مصادر أمنية أن أربعة مسلحين ملثمين اقتحموا، وهم يهتفون «الله أكبر»، حي المعلا السكني، حيث قاموا بتدمير الكنيسة بواسطة المتفجرات وذلك بعد أيام من اغتيال محافظها.
وتتخذ حكومة اليمن من عدن مقرا لها منذ أن أجبرت قواتها المدعومة بقوات عربية خليجية المقاتلين الحوثيين المتحالفين مع إيران على الانسحاب. ويسيطر الحوثيون على صنعاء.
ولم يعد مبنى الكنيسة سوى كومة من الركام، كما أكد مقيمون في قطاع حافون حيث وقع الهجوم. وقال شهود عيان إن المسلحين تمكنوا من مغادرة المكان بعد التفجير.
وأشار سكان إلى أن الكنيسة الواقعة إلى جوار مقبرة مسيحية، هي مكان عبادة صغير شيد في خمسينات القرن الماضي في زمن الوصاية البريطانية ولم تعد مقصودة منذ سنين.
ويشكل المسلمون 99 في المائة من الشعب اليمني. أما مسيحيو اليمن، فهم من الأجانب أو اللاجئين أو المقيمين بشكل مؤقت. كانت عدن خاضعة للإدارة البريطانية حتى عام 1967، وكان تضم عشرات الكنائس والمعابد والكنس. أما اليوم فأصبح عدد الكنائس قليلا جدا في اليمن.
وأوضح شهود أن المسلحين جاءوا بمركبة ومعهم متفجرات داخل صناديق كرتونية، فاعترضهم أحد الفتية القاطنين إلى جوار الكنيسة، فأمروه بالدخول إلى منزله. وأضافوا أنه بعد مغادرتهم، وقع الانفجار وأدى إلى تدمير الكنيسة وإلحاق الضرر بالمنازل المحيطة.
وقال أحد السكان لـ«رويترز»: «المسلحون وهم من المتطرفين على الأرجح فجروا الكنيسة الكاثوليكية في منطقة المعلا بعدن». وأضاف: «سمعنا انفجارا قويا أدى إلى تصاعد عمود ضخم من الدخان في الهواء، وبعد ذلك رأينا المبنى وقد تهدم بالكامل».
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، لكن مسؤولا في الشرطة أشار إلى فرضية قيام إرهابيين من تنظيم القاعدة أو من تنظيم داعش بالتفجير.
وقال مسؤول في شرطة عدن لوكالة الصحافة الفرنسية إن ذلك «تحد واضح لمعركة قادمة بين المحافظ المعين ومدير الأمن، وبين التنظيمات الإرهابية مثل (داعش) و(القاعدة)». وكان يشير بذلك إلى خلف حاكم عدن جعفر سعد الذي قتل الأحد في اعتداء بسيارة مفخخة. وتعهد خلفه عيدروس الزبيدي يوم الجمعة بتطهير عدن من أنصار الفوضى. وقال الزبيدي في بيان أذاعه التلفزيون إنه لن يسمح باستمرار الفوضى والفراغ الأمني اللذين يتيحان لهذه العناصر ارتكاب جرائمهم.
وفي 16 سبتمبر (أيلول) الماضي أحرق ملثمون كنيسة القديس يوسف الواقعة في حي كراتر في عدن. وغادرت الطائفة المسيحية الصغيرة المدينة منذ فترة طويلة. وخرب مهاجمون مجهولون جبانة للمسيحيين في السابق وأحرقوا كنيسة أخرى في عدن هذا العام.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.