البدلات «المقلمة» تخرج من التقليدي وتدخل العصري

لكي تقرأ خطوطها جيدًا تذكر أن الرفيعة رسمية والسميكة أكثر مرونة

من عرض رالف لورين -  من عرض رالف لورين لربيع وصيف 2016  -  من عرض «بيري إيليس» لهذا الخريف والشتاء
من عرض رالف لورين - من عرض رالف لورين لربيع وصيف 2016 - من عرض «بيري إيليس» لهذا الخريف والشتاء
TT

البدلات «المقلمة» تخرج من التقليدي وتدخل العصري

من عرض رالف لورين -  من عرض رالف لورين لربيع وصيف 2016  -  من عرض «بيري إيليس» لهذا الخريف والشتاء
من عرض رالف لورين - من عرض رالف لورين لربيع وصيف 2016 - من عرض «بيري إيليس» لهذا الخريف والشتاء

ما يعرفه أي رجل أن البدلة «المقلمة» ترادف الأناقة الكلاسيكية التي لا تعترف بزمن من جهة وتنجح دائما في إضفاء عنصر القوة على أي إطلالة يتوخاها، لهذا ظلت في الواجهة منذ ظهورها أول مرة في العشرينات من القرن الماضي. فعندما ظهرت البدلة «المقلمة» في تلك الحقبة، كانت عنوان الأناقة ووسيلة فاعلة للفت الأنظار وفتح الحديث، لأنها كانت جديدة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهذا ما شجع نجوم «هوليوود»، من أمثال كاري غرانت، على تبنيها، وفيما بعد كل أبطال سلسلة أفلام «جيمس بوند» من شون كونري إلى دانيال كريغ.
وعلى مدى العقود لم تخف جاذبيتها، وظلت مرافقا للرجل بشكل عادي، إلى أن شهدت نهضتها الثانية في الثمانينات من القرن الماضي، حين أصبحت جزءا لا يتجزأ من البدلة الرسمية لرجال الأعمال وأصحاب البنوك. للأسف لم يكن هذا الارتباط في صالحها، وأدى إلى عزوف الرجل في التسعينات عنها، لا سيما أن أفلام، مثل «وول ستريت»، الذي ظهر فيه مايكل دوغلاس ببدلات «مقلمة»، خلفت طعما مرا لم تتخلص منه الموضة سوى في السنوات القليلة الأخيرة. ما ساعدها على نفض هذه الصورة السلبية وعلى تسويقها مرة أخرى، تخلصها من اتساعه ومن طول سترته، ليصبح أكثر نعومة.
من ناحية أخرى، وبالنسبة إلى الشباب الذي لم يعش فترة الثمانينات، فإن ارتباطها بالآباء والأسلوب الإنجليزي التقليدي جعلهم يشعرون بالشك تجاهها، وهو ما استدعى تدخلا عاجلا من الخياطين والمصممين لتذويب هذا الشك، أو بالأحرى لمسح هذا الانطباع من الذهن. أول عنصر لجأوا إليه ولعبوا عليه هو الخامات المترفة التي استعملوها بسخاء، سواء كانت الخطوط المستعملة في هذه البدلات، رفيعة مثل الإبرة، أو أسمك مثل خط مرسوم بالطباشير. نجحت العملية وفتحت لهم أبواب خزائن الشباب، خصوصا أن نوعية هذه الخامات أثرت على التصاميم التي اكتسبت هي الأخرى مرونة غير مسبوقة. جدير بالذكر أن عمليات التجميل هذه، بدأت منذ بضع سنوات، عندما شعر خياطو شارع «سافيل رو» تحديدا، بالخطر، وأدركوا أنه بات عليهم أن يتعلموا لغة جديدة أكثر شبابية إن هم أرادوا الاستمرار والوقوف في وجه زحف بيوت الأزياء العالمية التي دخلت مجال الخياطة والتفصيل الرجالي بقوة، بل وأصبحت تنافسها في عقر دارها. فبعض هذه البيوت افتتحت محلاتها في الشارع نفسه لتأكيد أنها لا تقل مهارة عن خياطي الشارع الشهير، مثل «لانفان» و«ألكسندر ماكوين» وغيرهما.
كل هذا صب في صالح الرجل، لأنه حصل في الأخير على بدلات كلاسيكية عصرية اكتسبت كثيرا من الحيوية انعكست على إطلالته. عملية التجميل هذه تركزت على غزل الخطوط من الصوف بطرق أكثر دقة وألوان جديدة حتى تناسب شابا أنيقا يريد أن يستمتع بالموضة ويتميز في كل الأوقات، بعد أن كانت هذه الخطوط في الماضي تعني بدلات رسمية موجهة إما للطبقات الأرستقراطية وإما للرجل التقليدي وإما للذي يعمل في بنك. الآن كل تفاصيلها تقول بأنها ديمقراطية وعالمية، يعانقها شاب في العشرينات كما يخلص لها رجل في الستينات، سواء كانت رفيعة أو سميكة. تجدر الإشارة إلى أن التقليمات الرفيعة جدا مثل الإبرة هي نتاج خيوط بالأبيض والرمادي، وفي معظم الأحيان مغزولة من الحرير أو القطن عوضا عن الصوف. وحسب المصمم هاردي إيميس فإنها مثل نقط صغيرة جدا متراصة بعضها فوق بعض. ويعد هذا النوع من الخطوط هو «الأصلي والحقيقي» بالنسبة إلى خياطي «سافيل رو». وتبقى أكثر رسمية من غيرها، لهذا يفضلها رجال الأعمال والعاملون في البنوك لحد الآن.
أما الخطوط السميكة، التي تبدو وكأنها مرسومة بواسطة طباشير بيد الخياط في مرحلة تفصيلها، فهي مغزولة من خيطين إلى خمسة خيوط، مما يجعلها أكثر عرضا. حسب الخياطين، ليس من الضروري أن تكون بدقة خطوط الإبرة التي لا تعرف الخطأ، بل يمكنها أن تختلف بعض الشيء، وهو ما يراه الخياط أكثر من الزبون، لأنها تتماهى مع باقي خيوط البدلة بشكل طبيعي. هذا النوع من التقليمات يخرج البدلة من الرسمية ويدخلها عالم الشباب والأناقة من أوسع الأبواب. فهي في هذه الحالة تجمع بين الكلاسيكية والرسمية، على شرط أن تأتي في قماش مثل صوف «الفانيلا»، يكون بنوعية جيدة مثل ذلك الذي يصنع في معامل «بييلا» بشمال إيطاليا. كثير من خياطي «سافيل رو» يفضلون هذا النوع ويستعملونه في تصاميمهم، ونذكر منهم ريتشارد جيمس، الذي يطرحه في بدلات بالأزرق يقدر سعرها بـ855 جنيها إسترلينيا تقريبا، وتتوفر أيضا على موقع «مستر بورتر». ما يميز تصاميم ريتشارد جيمس، ونظرائه من خياطي «سافيل رو»، أن خطوط «الإبرة» الرفيعة التي يطرحونها تبدو جزءا من التصميم وتدخل في بدلات تتمتع بلمعة خفيفة أحيانا، بينما عندما تكون سميكة فإنها تبدو أكثر فنية كأن الخياط خطها بيده. إذا كنت تميل إلى الأزياء الجاهزة، أو ليس لديك الوقت لزيارة شارع «سافيل رو» اللندني، فإن شركة «هيو بوس» تستعمل نفس التقنيات في بدلات باللون البني الغامق والكحلي كذلك بألوان الرمادي والكحلي أو الأزرق الغامق.
بيوت أزياء عالمية أخرى تبنت هذا الأسلوب وطرحته كل واحدة منها بطريقتها، من «هيرميس» إلى «ديور». التصاميم التي اقترحها كريس فان آش، مصمم «ديور أوم»، مثلا جاءت فيها هذه الخطوط أكثر سمكا من خط الطباشير، وبتصميم مفصل على الجسم، بسعر يقدر بألفين و600 جنيه إسترليني. ورغم أن الخطوط الرفيعة كانت دارجة في عروض الأزياء وتعرف إقبالا في المحلات، فإن الغلبة هذا العام كانت للسميكة، لأنها أكثر عصرية وتسمح بتنسيقها بجرأة أكبر مع باقي الإكسسوارات، خصوصا أنها تأتي بتصاميم محددة على الجسم، مما يجعلها تضفي على الجسم رشاقة وأناقة في الوقت ذاته. فمما لا شك فيه أن التصميم أكد أن له دورا لا يقل عن أهمية الأقمشة في إخراجها من الرسمية والمفهوم التقليدي، وكلما كان معانقا للجسد اكتسب عصرية وراق الجيل الجديد، إلى جانب باقي الإكسسوارات، وهو ما عبر عنه كريس فان آش، مصمم «ديور أوم» بقوله إنه كان من بين مصممين أرادوا خلق ما يشبه «حركة تفصيل مستمدة من الشارع ومتوجهة إليه في آن واحد»، على أمل أن يتبناها الرجل، بغض النظر عن مركزه الاجتماعي وثقافته وأسلوب حياته. ففي أماكن العمل تبدو مناسبة مع قميص وربطة عنق، كذلك في المناسبات العادية، عندما يلبسها تحت جاكيت «باركا» ومع حذاء رياضي.



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.