لبنان: عوائق ترشيح فرنجية ترتفع وتهدد بفرط عقد التحالفات السياسية

«المستقبل» يؤكد استمرار مبادرة الحريري.. وبكركي تأمل ألا يخيب الأقطاب الموارنة ظنّ اللبنانيين

لبنان: عوائق ترشيح فرنجية ترتفع وتهدد بفرط عقد التحالفات السياسية
TT

لبنان: عوائق ترشيح فرنجية ترتفع وتهدد بفرط عقد التحالفات السياسية

لبنان: عوائق ترشيح فرنجية ترتفع وتهدد بفرط عقد التحالفات السياسية

ترتفع يومًا بعد يوم الحواجز السياسية أمام المبادرة التي يزمع رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري إطلاقها، وتهدف إلى ترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية. وبدا واضحًا أن المبادرة العتيدة أربكت المكونات المسيحية داخل فريقي «8 آذار» و«14 آذار» التي تداعت إلى لقاءات ومشاورات مكثّفة، تصبّ كلّها في خانة رفضها لأسباب وعناوين مختلفة. بينما بدت بكركي (القيادة الدينية للموارنة) مستاءة من هذا الرفض، إذ دعا النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم إلى التفاهم والتشاور للوصول إلى النتيجة المرجوة. وأمل في ألا يخيّب الأقطاب الموارنة الأربعة ظن اللبنانيين وأن يفوا بوعدهم.
مصادر قوى «14 آذار» عبرت عن استغرابها للحملة الاستباقية على المحاولة الجدية لانتخاب رئيس للبلاد بعد سنة ونصف السنة من الشغور القاتل. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: إن «محاولات بعض القيادات المارونية الالتفاف على مبادرة الحريري، لا تحاصر الأخير بقدر ما تحاصر بكركي والطائفة المارونية ورئاسة الجمهورية والبلد». ورأت أن الاعتراض على ترشيح فرنجية يعني إسقاطًا تلقائيًا لحصرية ترشح من يصفونهم بالشخصيات المارونية الأكثر تمثيلاً، وتفتح الباب أمام كل السياسيين الموارنة المؤهلين لتولي المنصب الأعلى في الجمهورية، وهم كثر ممن يتمتعون بالأخلاقية والكفاءة والمناقبية السياسية والوطنية.
وإذا كانت مؤشرات المضي بهذه المبادرة تهدد بفرط عقد الجبهتين السياسيتين الأقوى أي «8 آذار» و«14 آذار» بحسب المواقف العالية النبرة لدى كلا الفريقين، فإن اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميل برئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون في منزل الأخير في الرابيه أمس، أطلق صافرة الانطلاق نحو موقف علني معترض على ترشيح رئيس «المردة»، وهو ما عبّر عنه الجميل بقوله إن الأمور ليست ميسرة بالشأن الرئاسي.
وقبل بلورة نتائج اللقاءات والاتصالات الجارية داخليًا وخارجيًا، ارتفع منسوب الحملات المتبادلة على مواقع التواصل الاجتماعي بين مناصري تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية ضدّ بعضهما البعض، على خلفية ترشيح الحريري لفرنجية الخصم التاريخي لجعجع، وبدا الأخير منهمكًا في لملمة تداعيات هذه الحملات والحدّ من تأثيراتها، حيث رأى أنه في أيام المحن لا يصمد إلا الأبطال. وذكّر بأن «14 آذار» ليست تكاذبًا لبنانيًا كالعادة بل معمودية دم ما فوق العادة. وقال جعجع تصريح له: إن «المصطادين في الماء العكر لن يصلوا إلى مكان، وأكثر ما نحن بحاجة إليه في هذه اللحظة هو الهدوء والسكون». وختم: «14 آذار» باقية لأنها روح لن يتمكن أحد من إطفائها.
في هذا الوقت نفى عضو كتلة المستقبل النيابية (وزير العدل الأسبق) النائب سمير الجسر، أن تكون مبادرة الرئيس الحريري توقفت بفعل الاعتراض السياسي لبعض المكونات المسيحية عليها. وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن المبادرة تسلك مسارها وإن ببطء لكنها لم تتوقف. وقال: الإعلان عنها يبقى رهن الاتصالات التي يجريها الرئيس الحريري مع القيادات السياسية، وهو حريص على تهيئة الظروف التي تقود إلى إنجاحها، لافتًا إلى أن أجواء التشنج وردات الفعل السلبية في الأوساط المسيحية بدأت تهدأ، وهذا يؤشر إلى أن التواصل جدي ومتقدم، مضيفًا أن الحريري لم يطرح مبادرته للتسلية بل هي جدية للغاية، بدليل أنها حركت الركود الرئاسي المستمر منذ 18 شهرًا. مشيرًا إلى أن الإعلان عن المبادرة وتفاصيلها رهن نتائج الاتصالات والمشاورات.
أما الرئيس الأسبق أمين الجميل، فشدد بعد لقائه النائب ميشال عون في الرابية، على ضرورة اللقاء وإيجاد مخرج (للأزمة الرئاسية) في أسرع وقت وهناك مسؤولية على القيادات المسيحية بالتعاون مع كل القيادات لإيجاد أرضية ننطلق منها لإنقاذ البلد، لافتًا إلى أن الحوار مستمر ودائم مع قيادات التيار الوطني الحر ومع النائب سليمان فرنجية والدكتور سمير جعجع والأفرقاء الآخرين لبلورة هذه الأرضية المشتركة التي لا بد من إيجادها لأن الفراغ قاتل لجميع ولن يوفر أحدا.
وحول أسباب التحفظ على ترشيح فرنجية قال الجميل: «القضية ليست شخصية، نحن نحترم كل القيادات، والنائب فرنجية يشكل ضمانة على الصعيدين الوطني والمسيحي واليوم هناك مشروع لا يمكن لشخص أو لحزب وحده أن يضعه ونأمل أن تتبلور هذه الشراكة من خلال الاتصالات الحالية، إذا استطعنا أن نتوصل إلى برنامج مشترك وحلول مشتركة فذلك يسهل قضية الانتخاب».
كتلة المستقبل النيابية دعت في بيان بعد اجتماعها الأسبوعي، أمس، إلى اغتنام فرصة الجهود التي قام ويقوم بها رئيس تيار المستقبل سعد الحريري لإطلاق مبادرة تنهي الشغور في موقع رئاسة الجمهورية.
وليس بعيدًا عن الملف الرئاسي، أعلن النائب البطريركي العام للطائفة المارونية المطران سمير مظلوم في تصريح له، أن المهم في الوقت الراهن هو الحوار والتفاهم والتشاور تمهيدا لحصول لقاء للوصول إلى النتيجة المرجوة. وأمل في ألا يخيّب الأقطاب الموارنة الأربعة ظن اللبنانيين وأن يفوا بوعدهم. وختم الحوار في كل الأحوال ضروري ومفيد، ونأمل أن يصل إلى نتيجة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.