النجيفي يتهم المالكي بالانقلاب على الشرعية ويهدد بمقاضاته وسحب الثقة منه

وصف هجوم رئيس الوزراء على البرلمان بـ «غير المسبوق» والمهدد للديمقراطية

غيث إسماعيل يتقدم في مدينة النجف أمس تشييع شقيقه الجندي ليث إسماعيل الذي قتل في الرمادي خلال مواجهة مع عناصر «القاعدة» (أ.ب)
غيث إسماعيل يتقدم في مدينة النجف أمس تشييع شقيقه الجندي ليث إسماعيل الذي قتل في الرمادي خلال مواجهة مع عناصر «القاعدة» (أ.ب)
TT

النجيفي يتهم المالكي بالانقلاب على الشرعية ويهدد بمقاضاته وسحب الثقة منه

غيث إسماعيل يتقدم في مدينة النجف أمس تشييع شقيقه الجندي ليث إسماعيل الذي قتل في الرمادي خلال مواجهة مع عناصر «القاعدة» (أ.ب)
غيث إسماعيل يتقدم في مدينة النجف أمس تشييع شقيقه الجندي ليث إسماعيل الذي قتل في الرمادي خلال مواجهة مع عناصر «القاعدة» (أ.ب)

رد رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي بقوة على الاتهامات التي كالها له أول من أمس رئيس الوزراء نوري المالكي خلال كلمته الأسبوعية والذي اتهمه فيها بتعطيل عمل البرلمان وقيادة مؤامرة ضد العملية السياسية. وقال النجيفي في مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان أمس بأن «اتهام رئيس مجلس الوزراء للبرلمان بعدم إمكانيته على تشريع القوانين يكشف عن جهله للنظام الداخلي للمجلس مقابل أن يوشك على أن ينهي ولايته الثانية دون أن ينضبط عمل مجلس الوزراء بنظام داخلي كما أوجب الدستور». وأضاف: «إننا قد وجهنا بإدراج قانون الموازنة على جدول الأعمال رغم تأخر الحكومة في إرسالها لعدة أشهر خلافا للقانون وبنسخ متعددة وصل آخرها قبل يومين بما يكشف عن اضطراب في رؤية الحكومة وسياستها المالية إضافة إلى عدم إرفاقها للحسابات الختامية خلافا للدستور لكن لم تجر مناقشة الموازنة لعدم تحقق النصاب القانوني بعد انسحاب كتل بكامل أعضائها احتجاجا على ما تضمنته من حقوق تغاضت الحكومة فيها عن طمأنة بعض مكونات الشعب وإغفالها عن حقوق المحافظات التي رسمتها قوانين المجلس لتوسيع صلاحياتها وفقا للدستور».
وخاطب النجيفي المالكي قائلا «نقول لرئيس الوزراء بأن الشعب ليس كتلته فقط وأن احتجاج كتلته على تأخير إقرار الموازنة ريثما يتوصل إلى توافق لا يعني أنه احتجاج للشعب بل إن الشعب ممثلوه الأكثر عددا من نواب كتلته». وعد النجيفي «بأن أي قرار حكومي باستخدام المال العراقي قبل تشريع قانون الموازنة يعد اختلاسا واضحا نحذر من اللجوء إليه وأن تلويحه بهذا الإجراء الذي يعد سابقة خطيرة جدا لم يشهدها أي نظام ديمقراطي أو غير ديمقراطي في العالم المعاصر وأنه سيتحمل مسؤوليته الدستورية والقانونية». وأشار إلى أن «اتهامه للبرلمان بالسعي لإفشال الحكومة ويؤكد أنه قد نجح في ذلك فنحن نتفق معه فيما توصل إليه من نتيجة متمثلة بفشل حكومته إلا أننا نختلف معه تمام الاختلاف في مسببات الفشل الناجمة عن سياسات حكومته».
وانتقد النجيفي رئيس الوزراء «بدعوته أعضاء البرلمان ممن ووصفهم بالشرفاء إلى العصيان وتعطيل مجلس النواب الممثل للشعب في سابقة خطيرة تكشف مدى تدخله في عمل سلطة دستورية مستقلة ثم اتهم المجلس بأنه يدير أكبر مؤامرة ضد الحكومة في محاولة منه للتغطية على فشل حكومته وإيجاد شماعة لإخفاقها في خدمة الشعب وتحقيق مصالحه وكلها تهم ستكون محلا لعرضها على القضاء العادل لينتصف من قذفه واتهاماته للمجلس». وأشار إلى أن «عدة جهات أيدت موقف مجلس النواب ورفضت الانقلاب على الشرعية الذي قام به رئيس مجلس الوزراء يوم أمس ونحذر من الاستمرار بهذا النهج ولا بد على الجميع أن يلتزم بالدستور للحفاظ على العملية السياسية وحفاظا على مستقبل العراق».
ووصف النجيفي هجوم المالكي على البرلمان «بغير المسبوق ويهدد الديمقراطية في العراق وهذا ليس رأيي فقط وإنما غالبية القوى السياسية وهناك أمر واضح بكل التجارب الديمقراطية بأن السلطة الأساسية في مجلس النواب وليس من المعقول أن تنزع الحكومة الشرعية عن البرلمان إلا بانقلاب عسكري وهذا الطريق الوحيد الذي يحقق كل شيء».
من جانبه أكد النائب المستقل في البرلمان العراقي عزة الشابندر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الطريقة التي تعامل بها كل من رئيسي الوزراء (نوري المالكي) والبرلمان (أسامة النجيفي) تؤدي بالضرورة إلى اختصار المؤسسات بأشخاص وبالتالي فإن الشخصنة وبصرف النظر عن أحقية أي طرف فيها من عدمه لا علاقة لها بعمل الدولة وسياقاتها وسبل بنائها الصحيحة». وأضاف الشابندر أن «تحميل المالكي للنجيفي بعدم درج الموازنة في جدول الأعمال أمر غير دقيق لأن هذا ليس قرار النجيفي وحده بل قرار هيئة الرئاسة التي يملك كل عضو فيها الفيتو وطبقا لما هو متداول فإن النائب الكردي لرئيس البرلمان (عارف طيفور) هو من يرفض إدراجها في جدول الأعمال» مبينا أنه «كان من الأفضل على الرجلين وهما يقودان أهم مؤسستين في البلاد أن يسلطا الضوء على ما يجري من حقائق لا اللجوء إلى لغة الهجوم واختزال الدولة بشخص رئيس الوزراء من قبل رئيس البرلمان أو بشخص رئيس البرلمان من قبل رئيس الوزراء ولذلك فإنه مما يؤسف له حقا أن يكون الصراع شخصيا وليس بين مؤسستين تشريعية وتنفيذية لأن الصراع بين المؤسسات هو علامة صحة لكن الصراع بين الأشخاص مهما كانت مكانتهم يعني غياب الدولة». وردا على سؤال بشأن البعد الانتخابي في خطاب كل من المالكي والنجيفي قال الشابندر أن «هذا البعد واضح للأسف وقد يصل في بعض الأحيان لحد التسقيط السياسي المتبادل».
أما عضو البرلمان عن كتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي عبد الحسين عبطان فقد أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «من الواضح أننا وصلنا إلى طريق شبه مسدود ولم يعد ممكنا الآن الحديث عن مبادرات لتقريب وجهات النظر أو غيرها وهو ما عملناه في المجلس الأعلى ولكن الأمور اختلفت الآن تماما». وأضاف: «وصلنا إلى مرحلة اللاعودة ويبدو أن هناك أجندة مدروسة قبل الانتخابات لتحقيق مكاسب أكثر وبالتالي فإنه ليس هناك من حل قبل الثلاثين من أبريل المقبل» وهو موعد الانتخابات العراقية.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».