روسيا تقصف «داعش» بصواريخ من غواصة في المتوسط

المناورات العسكرية في بحر قزوين تشمل 50 قطعة للبحرية في استعراض للقوة

سفينة الإنزال البحرية الروسية (آزوف) تبحر في البوسفور في طريقها الى المتوسط في اكتوبر الماضي (رويترز)
سفينة الإنزال البحرية الروسية (آزوف) تبحر في البوسفور في طريقها الى المتوسط في اكتوبر الماضي (رويترز)
TT

روسيا تقصف «داعش» بصواريخ من غواصة في المتوسط

سفينة الإنزال البحرية الروسية (آزوف) تبحر في البوسفور في طريقها الى المتوسط في اكتوبر الماضي (رويترز)
سفينة الإنزال البحرية الروسية (آزوف) تبحر في البوسفور في طريقها الى المتوسط في اكتوبر الماضي (رويترز)

قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويجو، أمس الثلاثاء، في اجتماع مذاع تلفزيونيا مع الرئيس فلاديمير بوتين، إن روسيا ضربت للمرة الأولى أهدافا لتنظيم داعش في سوريا، بصواريخ أطلقت من غواصة في البحر المتوسط.
وقال بوتين لشويجو في الاجتماع نفسه إن روسيا يجب ألا تفتح مسجل بيانات الرحلة في الطائرة الروسية التي أسقطتها تركيا في الآونة الأخيرة قرب الحدود السورية التركية ألا في حضور خبراء دوليين.
وأعلنت موسكو عن تحركات ومناورات بحرية عسكرية جديدة في حوض بحر قزوين، الذي طالما كان بحيرة مغلقة تخدم اقتصاد البلدان المطلة عليه. وكانت هذه البلدان وهي روسيا وقزخستان وتركمنستان وإيران وأذربيجان تقتصر في استخداماتها لهذا البحر على كونه أحد أهم مصادر الطاقة بما يكمن في قاعه من ثروات سواء من النفط والغاز أو بما تزخر به مياهه من أسماك. ولذا فقد جاء إعلان قيادة الدائرة العسكرية الجنوبية الروسية حول المناورات التي تشارك فيها أكثر من خمسين قطعة بحرية من مختلف التخصصات كاستعراض للقوة مع عملياتها العسكرية في سوريا. وقالت المصادر العسكرية الروسية إن المناورات الأخيرة «تهدف أساسا إلى التدريب على توجيه ضربات مكثفة على مختلف المسافات وإتقان إجراءات الدفاع الجوي»، فضلا عن الدفع بأحدث الغواصات الروسية إلى شرق البحر المتوسط قريبا من السواحل السورية، ويذكر المراقبون أن موسكو كانت فاجأت العالم ولأول مرة في تاريخ العمليات القتالية باستخدام سفن أسطولها في بحر قزوين في توجيه صواريخها المجنحة بعيدة المدى من طراز «كاليبر»، في قصف أهداف في سوريا، وفي هذا الصدد نشير إلى أن مجموعة من سفن الأسطول الروسي، وتحديدا «داغستان» و«غراد سفياجسك» و«أوغليتش» و«فيليكي أوستيوغ» التي تشارك في المناورات الحالية، هي التي كانت قامت بإطلاق 18 صاروخا من طراز «كاليبر» من مواقعها جنوب غربي بحر قزوين على مواقع تنظيم داعش. ومن اللافت أن روسيا لم تكن أعلنت من قبل عن وجود مثل هذه المنظومات الصاروخية، حيث إنها لم تعرض أيا منها في أية من المناسبات أو المعارض المحلية أو الدولية. وكان المعروض منها على الراغبين في امتلاك صواريخ من هذا النوع في البلدان الأجنبية لا يتعدي مداه 300 كيلومتر، نظرًا لأن نظام منع انتشار تكنولوجيا الصواريخ يحظر على مصنعي الصواريخ تصدير صواريخ يزيد مداها على 300 كيلومتر.
وكان الرئيس فلاديمير بوتين سبق وكشف خلال محادثاته مع نظيره التركماني قربان قولي بيردي محمدوف عن أنه يتفهم قلق الدول الصديقة لروسيا في المنطقة بسبب استخدام الجيش الروسي أجواء منطقة قزوين في محاربة الإرهابيين في سوريا. ونقلت عنه وكالة «سبوتنيك» الروسية تصريحاته حول «أن روسيا تدرك أن هناك أسبابا معينة للإزعاج. ولكن من المعروف في الوقت ذاته أن جميع الجهود التي تبذلها روسيا لمكافحة الإرهاب تثقل أعباؤها كاهلها قبل غيرها.. والتنظيمات الإرهابية مثل (داعش) وغيره لا ترحم أحدا وتمارس أعمالا وحشية، وتستهدف حتى الطائرات المدنية.. لذا إذا كان هناك ما يسبب الإزعاج فلا بد من تخفيف حدته، لكننا سنفعل ذلك خلال وقت نجده ضروريا لمعاقبة المذنبين انطلاقا من خبرتنا المأساوية مع طائرتنا». أما عن أسطول البحر الأسود الذي يعد أحد أهم القوى البحرية الضاربة لروسيا في المنطقة، فقالت مصادر الأسطول الروسي إنه من المقرر أن تنضم إليه حتى نهاية العام الحالي «غواصة جديدة تتمتع بالقدرة على تقليل الضجيج إلى الأسطول الروسي في البحر الأسود». وأشارت إلى أن هذه الغواصة من فئة «636.3 فارشافيانكا» وقد وصلت إلى قاعدة القوات البحرية الروسية في ميناء نوفوروسيسك على البحر الأسود، وهي أولى الغواصات الست الجديدة المطلوب تصنيعها من أجل الأسطول الروسي في البحر الأسود. وفيما كانت مصادر البحرية الروسية كشفت عن احتمالات انضمام الغواصة «روستوف على الدون» إلى أسطول البحر الأسود على غواصة ثانية قبل نهاية عام 2015، نقلت وكالة أنباء وكالة «إنترفاكس» عن مصدر مطلع قوله: «إن غواصة (روستوف على الدون) التابعة لأسطول البحر الأسود الروسي والمسلحة بصواريخ مجنحة وصلت إلى منطقة قريبة من السواحل السورية». وأضافت المصادر في تصريحاتها التي نشرتها الوكالة الروسية أمس الثلاثاء أن «الغواصة وصلت إلى الجزء الشرقي من البحر وباتت قريبة من سواحل سوريا». وقالت إن الغواصة مجهزة بمنظومة «كاليبر بي إل» للصواريخ المجنحة. وأشارت وكالة «سبوتنيك» إلى أن غواصات «فارشافيانكا» تعتبر أمثل وأنسب غواصات البحار غير العميقة مثل البحر الأسود، إذ تستطيع القيام بكثير من المهام في مثل هذه البحار، وتتمتع بالقدرة على تقليل الضجيج وكتم الصوت حتى لا يسمعها الرادار المضاد، وتستطيع اكتشاف الأهداف المطلوب مهاجمتها من على بعد يعادل 3 أو 4 أمثال البعد الذي يكتشفها عليه الرادار المضاد. وأضافت أن الغواصة الجديدة تحمل أسلحة قوية وهي 18 طوربيدا وألغامًا وصواريخ «كاليبر»، وتم تجهيزها بأحدث جهاز ملاحة ونظام التحكم المعلوماتي المؤتمت الحديث المعروف باسم «لاما». وأشارت وكالة أنباء «إنترفاكس» أمس إلى وصول الغواصة «بي - 237» (روستوف على الدون) وهي غواصة ديزل كهربائية روسية حديثة تتصف بتعدد مهامها، إلى منطقة شرق المتوسط قريبا من السواحل السورية. وقالت إن الغواصة تدخل ضمن قوام لواء الغواصات الرابع التابع لأسطول البحر الأسود الروسي، وهي الثانية في مشروع «فارشافيانكا 636.3، فيما كشفت عن بعض خواصها ومنها: الطول 73.8 متر، العرض 9.9 متر، محرك الديزل الكهربائي يولد قوة 190 حصانا، إضافة إلى محركين كهربائيين يولد كل منهما 102 حصان. أما عن تسليحها فتملك على متنها أربع منظومات من صواريخ «كاليبر» المضادة للسفن، وتضم صواريخ باليستية ومجنحة، «ستريلا - 3» و«إيغلا» المضادة للطائرات. ويبلغ عدد أفراد طاقمها 52 فردًا، أما قيمتها فتبلغ ثلاثمائة مليون دولار.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.