رئيس وفد برلمان طبرق للحوار مع المؤتمر الوطني: وثيقة تفاهم للعمل بالدستور الملكي

إبراهيم عميش في حوار مع {الشرق الأوسط} : لا مساس بالجيش الوطني وقائده حفتر

صورة تجمع ممثلين عن برلمان طرابلس وطبرق بعد توقيعهم على وثيقة التفاهم التي جرى التوصل إليها في تونس مؤخراً (أ.ف.ب) وفي الإطار إبراهيم عميش
صورة تجمع ممثلين عن برلمان طرابلس وطبرق بعد توقيعهم على وثيقة التفاهم التي جرى التوصل إليها في تونس مؤخراً (أ.ف.ب) وفي الإطار إبراهيم عميش
TT

رئيس وفد برلمان طبرق للحوار مع المؤتمر الوطني: وثيقة تفاهم للعمل بالدستور الملكي

صورة تجمع ممثلين عن برلمان طرابلس وطبرق بعد توقيعهم على وثيقة التفاهم التي جرى التوصل إليها في تونس مؤخراً (أ.ف.ب) وفي الإطار إبراهيم عميش
صورة تجمع ممثلين عن برلمان طرابلس وطبرق بعد توقيعهم على وثيقة التفاهم التي جرى التوصل إليها في تونس مؤخراً (أ.ف.ب) وفي الإطار إبراهيم عميش

قال النائب إبراهيم عميش، رئيس لجنة العدل والمصالحة الوطنية في مجلس النواب (البرلمان) الليبي، الذي يعقد جلساته في طبرق في شرق البلاد، إن اللقاء الذي التأم قبل يومين في تونس، مع ممثلين عن المؤتمر الوطني في طرابلس، وضع اتفاق مبادئ يتضمن العمل بدستور عام 1951 وتعديلاته في 1963 (الدستور الملكي)، مع إدخال بعض البنود إذا كانت لازمة لعمل السلطات الثلاث في الدولة.
وأضاف في حوار مع «الشرق الأوسط» عبر الهاتف عقب انتهاء اللقاء، أنه لم يتم التطرق إلى قضية القوات المسلحة وقائدها خليفة حفتر، لكنه شدد على أن الجيش «خط أحمر» وحفتر باق، إلى أن يتم التشاور حول المستقبل في مرحلة لاحقة.
وشارك عميش، على رأس وفد من اللجنة البرلمانية التي يرأسها في لقاء «وجها لوجه»، هو الأول من نوعه، مع نواب من المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق الموجود في طرابلس). وكشف عن أن أطرافا دولية حاولت قبيل انعقاد الاجتماع في تونس نقله إلى واشنطن أو باريس، كما قدمت تلك الأطراف عرضا لرعاية هذا الاجتماع، إلا أن الجانب الليبي رفض أي تدخل خارجي وأصر على أن يكون اللقاء «ليبيًا - ليبيًا».
وأضاف أن اتفاق المبادئ ينتظر التصديق عليه من رئيس البرلمان عقيلة صالح، ورئيس المؤتمر الوطني، نوري أبو سهمين، خلال الأيام القليلة المقبلة. وقال إنه، من المقترح، عقب ذلك ترتيب لقاء بين الرجلين داخل ليبيا وليس خارجها، والاتفاق على أسماء رئيس الحكومة والوزراء، وإعادة بناء مؤسسات الدولة وإقامة انتخابات تشريعية جديدة.
وإلى أهم ما جاء في الحوار..
* من صاحب اقتراح لقاء تونس؟ هل هو برلمان طبرق أم المؤتمر الوطني في طرابلس؟
- لا البرلمان، ولا المؤتمر الوطني. كل ما هنالك أن أطرافا وطنية ليبية تعيش في ليبيا قامت بمساع من بينها مبادرات كثيرة، منها مبادرة أبناء الجنوب، ومبادرة شيوخ وقبائل ليبيا في البيضاء. المهم كانت هناك مبادرات كثيرة، وفي النهاية تشكل وفد وبدأ يتحرك ما بين طرابلس وطبرق والبيضاء، وحدث اللقاء في نهاية المطاف. هم دعوا إلى لقاء ليبي ليبي، على عكس المساعي السابقة للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، برناردينيو ليون، التي أخَّرت موضوع التوافق الليبي، ولم يحدث في عهده أي لقاء يجمع بين الليبيين وجها لوجه.
* وما الجديد؟
- الجديد هو أن المبادرة هذه المرة كانت من أطراف ليبية بشكل صرف، دون تدخل من أي أطراف إقليمية أو دولية. هذا متغير مهم.. على كل حال استجبنا لهذا اللقاء وذهبت أنا بموجب قرار رسمي صادر عن رئاسة البرلمان، باعتباري رئيس لجنة العدل والمصالحة الوطنية فيه. شكلت وفدا من اللجنة وذهبت. ومن جانبه جاء، وبتكليف من المؤتمر الوطني، الدكتور عوض عبد الصادق، على رأس وفد أيضا. التقينا في الحقيقة أولا، وجلسنا سويا. وفي تلك الأثناء جرى إبلاغنا بأن هناك جماعة من الأميركيين قادمين إلينا، وأن هناك أميرا بلجيكيا يريد مقابلتنا وكذلك عددا من الفرنسيين. قابلناهم وأبلغناهم تعازينا وأسفنا لما حدث من أعمال إرهابية في باريس. وقلت لهم بالحرف الواحد إن ما يحدث في بلادكم هو آثار للانتهاكات الواقعة على حدودنا، ونتيجة لنشاط الإرهاب وتنظيم داعش في ليبيا. وقلت لهم أيضا: عليكم أن تساعدونا في كبح جماح هذا التنظيم الرهيب الذي بدأ يسيطر على أجزاء في ليبيا. ويشكل قلقا لنا ولكم.
* ماذا كانوا يريدون؟
- قالوا نحن نرعاكم ونرعى اتفاقكم، فقلنا لهم: لا.. لا نريد رعاية أجنبية. ثم قاموا بدعوتنا لكي نعقد هذه اللقاء الليبي في باريس أو في واشنطن، بدلا من تونس، فرفضنا أيضا، وقلنا لهم: نحن في بلد عربي مجاور لنا ويعاني نفس المأساة التي تعاني منها بلادنا.. نعقد لقاءنا في تونس وسواء اتفقنا أو اختلفنا فنحن هنا ولن ننتقل إلى مكان آخر. ونرفض كافة الأجندات وكافة الوساطات الأخرى.
* ما بنود الاتفاق التي كانت في هذا الحوار؟
- بنود الاتفاق صدرت في وثيقة اسمها «وثيقة تفاهم». وهي عبارة عن إعلان مبادئ اتفاق وطني لحل الأزمة الليبية. وموجهة إلى السادة رئيس وأعضاء مجلس النواب، ورئيس وأعضاء المؤتمر الوطني العام، وإلى السيد بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة.
* على أي أساس جرى وضع اتفاقية التفاهم؟
- الوثيقة تتماشى مع روح العدل والمصالحة الوطنية وما يدور في بلادنا، وهي أيضا تأتي وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2009 الصادر في 16 ديسمبر (كانون الأول) 2011، القاضي بمساعدة ليبيا على إعادة السلم والأمن وتعزيز سيادة القانون، وكذلك القرار 2174 الصادر في 27 أغسطس (آب) 2014، والقاضي بأن يكون الحوار «ليبيًا - ليبيًا». بناء على هذه الأسس اجتمع مجموعة من الليبيين وذلك بناء على قرار رئاسة مجلس النواب رقم 209 لسنة 2015 بشأن الإيفاد في مهمة رسمية، برئاسة رئيس لجنة العدل والمصالحة بالمجلس، وكذلك قرار رئاسة المؤتمر الوطني العام رقم 124 لسنة 2015، بشأن الإيفاد في مهمة رسمية برئاسة النائب الأول لرئيس المؤتمر. الهدف الرئيسي لهذا البيان هو تحقيق التعاون الصريح والبنَّاء بين كل من مجلس النواب والمؤتمر الوطني، حتى نحقق السلم والسلام.
* قلت إنه يوجد اقتراح بالعمل بدستور 1951 وتعديلاته في 1963، بينما توجد لجنة ليبية تعمل على صياغة دستور جديد. ما تعليقك؟
- أحد أسباب عقد اللقاء والتوصل لوثيقة تفاهم هو تأخر لجنة صياغة الدستور في إنجاز عملها. هذا التأخر أصاب الحياة الليبية بشلل كامل، وبناء عليه طلبنا العودة والاحتكام إلى الشرعية الدستورية المتمثلة في دستور دولة الاستقلال الصادر في 7 أكتوبر (تشرين الأول) سنة 1951 وبتعديلاته في 1963، باعتباره الخيار الأمثل لحل مشكلة السلطة التشريعية في البلاد ولتهيئة المناخ العام لإجراء انتخابات تشريعية وتشكيل حكومة وفاق وطني، وأن نستخلص صلاحيات رئيس الوزراء بوضوح من هذا الدستور وأيضا صلاحيات الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، والشروع في إعادة بناء مؤسسات الدولة وإجراء انتخابات تشريعية جديدة.
* وكيف سيتم البدء في تحويل مقترحات وثيقة المبادئ إلى واقع؟
- تم الاتفاق على تشكيل لجنة من عشر شخصيات من المجلسين، ومن الممكن أن يكون من بينهم قانونيون من خارج المجلسين، إذا اتفقنا.. على أن تقوم هذه اللجنة بإجراء ما يشبه التعديلات في دستور 1951 أو تعديلات الدستور في 1963، مثل اسم الدولة وغيره، وتقدم هذه التعديلات إلى اللجنة لكي تقر هذه المواد، وتضع تقريرها وتسلمه لمجلس النواب حتى تقر العمل به. ثم بعد ذلك تأتي لجنة أخرى وتلتقي لتقترح أسماء رئاسة مجلس الوزراء والوزراء، وتقدم هذه الأسماء لمجلس النواب لإقرارها وحلف اليمين أو تعديلها.
* وما دور المؤتمر الوطني هنا؟
- الإقرار من البرلمان وأيضا من المؤتمر الوطني، باعتبار أن اسمه ورد في الوثيقة الأساسية كهيئة استشارية أو مجلس استشاري.
* هل الاتفاق يشمل عقد لقاء بين رئيس البرلمان صالح، ورئيس المؤتمر الوطني أبو سهمين؟
- هناك مساع قائمة لعقد مثل هذا اللقاء من قَبْل اجتماع اللجنتين في تونس. هذا اللقاء قائم، وبمجرد أن يتم التصديق من الطرفين على إعلان المبادئ هذا، سيتم اللقاء بينهما، ومقترح أن يكون داخل ليبيا. نحن الآن نصر على أن يكون عقد اللقاءات في ليبيا، وأن يكون حل المشاكل ما بيننا كليبيين داخل ليبيا، بعيدا عن الأطراف الدولية، خاصة بعد أن ثبت لنا أن السيد ليون وبعثة الأمم المتحدة لم تقم بدور صحيح، بل كانت منحازة من وقت إلى آخر إلى بعض الأطراف المحلية والإقليمية والدولية. هدفنا الوصول الفعلي لحل «ليبي - ليبي» لتحقيق عملية الاستقرار في ليبيا.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.