مصر تعتزم رفع سقف مطالبها خلال اجتماع سد النهضة المقبل

مستشارة الرئيس للأمن القومي دخلت على خط الأزمة

مصر تعتزم رفع سقف مطالبها خلال اجتماع سد النهضة المقبل
TT

مصر تعتزم رفع سقف مطالبها خلال اجتماع سد النهضة المقبل

مصر تعتزم رفع سقف مطالبها خلال اجتماع سد النهضة المقبل

بدأت القاهرة تحريك ملف سد النهضة الإثيوبي داخليا، قبل اجتماع سداسي، مقرر عقده في العاصمة السودانية الخرطوم الجمعة المقبل، هو الأول منذ توقيع «إعلان المبادئ» بين إثيوبيا (دولة المنبع)، ومصر والسودان (دولتي المصب) في مارس (آذار) الماضي. وبحسب مصادر مطلعة عدلت القاهرة من استراتيجيتها لتضع على رأس أولوياتها وقف العمل في مشروع سد النهضة لحين انتهاء الدراسات المتفق عليها، بعد أن كانت تسعى خلال الاجتماعات السابقة للإسراع في تنفيذ تلك الدراسات.
وفي تطور جديد دخلت فايزة أبو النجا، مستشارة الرئيس المصري للأمن القومي، على خط أزمة مفاوضات سد النهضة، بعقد لقاء بأعضاء من مجموعة حوض النيل، التي تضم أساتذة من جامعة القاهرة، وتسلمت مذكرة تضمنت ملاحظاتهم على أداء المفاوض المصري.
وتتولى لجنة ثلاثية يترأسها وزراء المياه في الدول الثلاث الإشراف على إجراء دراسات اتفقت الدول الثلاث على احترام نتائجها في وثيقة «إعلان المبادئ»، لكن الاجتماع السداسي المرتقب يشارك فيه أيضًا وزراء الخارجية بطلب مصري، في أقوى إشارة على قلق القاهرة من المسار التفاوضي الراهن.
وقال الدكتور علاء ياسين مستشار وزير الري المصري لـ«الشرق الأوسط» أمس: «مشاركة وزراء الخارجية في الاجتماع المقبل يمكن اعتباره تطورًا، نظرا لشعورنا بالقلق، اللجنة الثلاثية معنية فقط بإجراء الدراسات لكن الوضع الراهن يتطلب حوارًا سياسيًا.. على كلٍ يشعر الجانب الإثيوبي بتطور في موقفنا منذ الاجتماعين السابقين».
وتهدف الدراسات المزمع إجراؤها إلى «الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد الملء الأول لسد النهضة (..) بالتوازي مع عملية بناء السد»، و«الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد التشغيل السنوي».
وأضاف الدكتور ياسين أن بلاده «ستعمل خلال الاجتماع السداسي المقبل على ضمان التوصل إلى أسلوب يضمن تنفيذ أو الاستفادة من الدراسات المزمع إجراؤها.. نحن قلقون من معدلات تنفيذ السد في الوقت الراهن، فبهذه المعدلات لن يكون هناك فرصة للاستفادة من نتائج الدراسات».
واتفق وزراء المياه في مصر والسودان وإثيوبيا في أبريل (نيسان) الماضي على اختيار مكتبين استشاريين هما «بي آر إل» الفرنسي كمكتب رئيسي، و«دلتارس» الهولندي كمكتب مساعد يتعاونان معًا في تنفيذ الدراسات اللازمة لمعرفة الآثار المائية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية المترتبة على بناء سد النهضة، لكن منذ ذلك التاريخ لا يزال مسار المفاوضات عالقا في «أزمات فنية» بين المكتبين، فيما تواصل إثيوبيا بناء السد بسعة تخزينية قدرها 74 مليار متر مكعب، وهو ما تراه القاهرة سعة مبالغًا فيها جدا بالنظر إلى الأهداف التنموية التي تعلنها إثيوبيا.
وأوضح مستشار وزير الري المصري أن «الخلافات الحالية بين المكتبين وقضية من سينفذ الدراسات لم تعد على رأس أولوياتنا.. نحن نرفض انفراد المكتب الفرنسي بتنفيذ الدراسات، هذا صحيح، لكن الأولوية الآن أن ضمان الاستفادة من تلك الدراسات، فبغض النظر عن الجهة التي ستعد الدراسات يتطلب الأمر نحو عام ونصف العام للانتهاء منها كيف نضمن تنفيذ توصيات الدراسات، هذا هو السؤال الذي سنحمله في الجولة المقبلة للطرف الإثيوبي».
وتعتمد مصر بشكل شبه حصري على النيل لسد حاجاتها من المياه في الزراعة والصناعة والاستهلاك المنزلي. ويمثل حجم الإنتاج الزراعي ما نسبته 14.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحسب تقديرات البنك الدولي.
وتقول الدول الثلاث إن إعلان المبادئ، الذي يتضمن 10 بنود، يعد أساسا للوصول إلى اتفاقات تفصيلية حول استخدام مياه النيل في تحقيق المصالح المشتركة. ويعول مسؤولون مصريون على التزام أديس أبابا بوثيقة «إعلان المبادئ» رغم انتقادات حادة للنهج الذي تتبناه القاهرة في المفاوضات الشاقة والمتعثرة حول السد.
ويرى مراقبون وخبراء أن إعلان المبادئ يمثل في حد ذاته إهدارا لحقوق مصر التاريخية، كما أنه لا يضع آليات «فض المنازعات»، بالإضافة إلى أن نصوصه تجاهلت الحصص المنصوص عليها في الاتفاقيات التاريخية واستبدلتها بتعبيرات غائمة كـ«الاستخدام العادل»، و«الضرر».
وسلمت مجموعة حوض النيل لمستشارة الأمن القومي أبو النجا مذكرة تحمل ملاحظات المجموعة على المعالجة الحالية للأزمة، والسيناريوهات المتوقعة والمستقبلية. وقالت مصادر مطلعة إن اللقاء استمر لمدة 5 ساعات، طلبت بعده السفيرة أبو النجا عدة دراسات تقييمية لمواضيع مختلفة متعلقة بسد النهضة، والتحرك السياسي والدبلوماسي، وثغرات التفاوض، وتوصيات بالتحرك المستقبلي.
ويتولى الإشراف على الملف بشكل رئيسي حاليا وزارات الري والموارد المائية، والخارجية، والتعاون الدولي، وعدة أجهزة سيادية. وقالت مصادر مطلعة إن فريق المفاوضات لم يتصل بعد بأي صورة من الصور بمستشارة الأمن القومي لكنه يرحب بكل جهد مضاف لتحقيق أقصى استفادة ممكنة للبلاد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».