إسرائيل تؤكد أن لديها ما يثبت ضلوع طهران في سفينة الأسلحة المضبوطة

وزير الخارجية الإيراني يسخر من تزامن العملية مع اجتماع «إيباك»

إسرائيل تؤكد أن لديها ما يثبت ضلوع طهران في سفينة الأسلحة المضبوطة
TT

إسرائيل تؤكد أن لديها ما يثبت ضلوع طهران في سفينة الأسلحة المضبوطة

إسرائيل تؤكد أن لديها ما يثبت ضلوع طهران في سفينة الأسلحة المضبوطة

قالت إسرائيل إنها ستكشف مزيدا من التفاصيل التي تثبت وقوف إيران وراء سفينة الأسلحة «كلوس سي» التي ضبطتها قرب ميناء بورتسودان على الحدود السودانية - الإريترية أول من أمس. وقال رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية، الميجور جنرال أفيف كوخافي، إن لدى إسرائيل أدلة تثبت ضلوع إيران في تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة على ظهر السفينة التي جرى اعتراضها.
وأضاف كوخافي أن «هذه الأدلة تشير بشكل قاطع إلى وقوف الحرس الثوري الإيراني، أو بالأحرى قوة القدس التابعة له، وراء عملية التهريب الأخيرة. والقضية تثبت أن النظام الإيراني يواصل العمل على الإخلال بالاستقرار الإقليمي، كما أنه يدعم العناصر الإرهابية في مناطق مختلفة، ومنها لبنان وسوريا والعراق والبحرين واليمن وليبيا وقطاع غزة، منتهكا قرار مجلس الأمن الدولي 1747 الذي يحظر على إيران الاتجار بالسلاح أو تهريبه بأي شكل من الأشكال».
وأكد ذلك الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، العميد موتي ألموز، لإذاعة الجيش الإسرائيلي قائلا: «لدينا ما يثبت أن إيران هي من يقف وراء شحنة السلاح إلى غزة». وأضاف: «حاولت إيران التنصل، لكن بصماتها واضحة، وذلك أيضا في كل ما يتعلق بنقل السلاح من سوريا إلى إيران».
ووعدت إسرائيل بتوفير معلومات إضافية بخصوص العملية التي استولت من خلالها على السفينة، التي كان من المتوقع أن تصل أمس أو اليوم إلى ميناء إيلات الإسرائيلي. واتهمت إسرائيل إيران بمحاولة إرسال الشحنة إلى قطاع غزة، وقالت مصادر إسرائيلية إن طبيعة الصواريخ التي وجدت على السفينة كان من شأنها كسر التوازن مع القطاع.
من جانبه، سخر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أمس من الرواية الإسرائيلية، وقال على حسابه الشخصي بموقع «تويتر»: «سفينة إيرانية تنقل أسلحة إلى غزة. تضبط في الوقت المناسب تزامنا مع الحملة السنوية المناهضة لإيران في أيباك (لجنة العلاقات الخارجية الأميركية - الإسرائيلية، أبرز لوبي مؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة الذي يعقد مؤتمره مطلع الأسبوع)». وكتب ظريف: «ما هذه المصادفة غير المعقولة؟! دائما الأكاذيب نفسها». وكان نتنياهو الذي يزور حاليا الولايات المتحدة تحدث الثلاثاء أمام مندوبي «أيباك»، وانتقد بشدة توقيع اتفاق مرحلي في نوفمبر (تشرين الثاني) حول البرنامج النووي الإيراني، وطالب بإبقاء العقوبات على طهران لمنعها من امتلاك القنبلة الذرية، وهو مسعى تنفيه طهران بشدة.
لكن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي نفى أن يكون الإعلان عن العملية مرتبطا بزيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة، وقال إن «قرار الاعتراض اتخذ عملا بالظروف العملانية» لدحض الانتقادات التي وجهها معلقون سياسيون في وسائل الإعلام الإسرائيلية أيضا عن طبيعة العملية وتصادفها مع زيارة نتنياهو للولايات المتحدة.
ووجدت القوات الإسرائيلية صواريخ من نوع «إم 302» صنعت في سوريا وفق تقنية صينية، ويبلغ مداها ما بين 100 و200 كيلومتر، ويبلغ وزن كل واحد منها نحو نصف طن.
وقال خبراء إسرائيليون عسكريون إن الصاروخ غير مجهز بنظام تحديد المواقع «جي بي إس»، أو بوسائل توجيه أخرى، ولذلك فدقته غير كبيرة، ويمكن أن ينحرف عن هدفه بنحو كيلومتر واحد، لكنه كبير الضرر وفتاك على الأهداف غير المحمية، لكونه يحمل رأسا حربيا يزن أكثر من 100 كيلوغرام. ويقدر مسؤولون أمنيون أن الصواريخ كانت في طريقها إلى حركة الجهاد الإسلامي وليس حماس. وقالت مصادر إسرائيلية إنه «نظرا لحالة القطيعة التي أدت إليها الحرب الأهلية السورية بين حماس وإيران، فلم تكن حماس هي وجهة الشحنة، وإنما الجهاد الإسلامي». وأضافت: «من غير المرجح أن تقدم دمشق وطهران على تعزيز قوة حماس، وإنما الجهاد، التي تعد الذراع الأولى لهم في غزة وترعاها إيران وتزودها دوما بأسلحة مختلفة».
وبحسب المصادر، أرادت إيران تعزيز قوة الجهاد وإحباط قدرة منظومتي «القبة الحديدية» العاملة في هذا الوقت، و«العصا السحرية» التي لا تزال قيد التطوير، على مواجهة الصواريخ المنطلقة من غزة. وخبرت إسرائيل هذه الصواريخ في الحرب الأخيرة مع لبنان، بعدما استخدمها حزب الله في قصف الجليل وخلفت دمارا كبيرا في مخازن القطارات في حيفا.
وكشف موشيه يعالون، وزير الدفاع الإسرائيلي، عن تفاصيل أخرى بشأن السفينة، قائلا في مؤتمر صحافي في إسرائيل إن «العملية جرت بناء على معلومات استخبارية دقيقة، وشاركت فيها قوات بحرية وجوية». وأضاف أن «إيران قامت بنقل الصواريخ من سوريا إلى طهران، قبل أن يقوم الحرس الثوري بوضعها في صناديق، وينقلها إلى العراق، ومن هناك إلى ميناء بورتسودان. وتشير تقديراتنا إلى أنهم كانوا سينقلونها إلى إريتريا ومنها إلى سيناء، ثم إلى المنظمات الإرهابية في قطاع غزة».
وأضاف يعالون أن «هذه العملية تثبت أن إيران تواصل القيام بدور كأكبر مصدر للسلاح للإرهابيين في العالم، وذلك بهدف زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط». ودعا الدول الغربية إلى إعادة النظر في سياساتها تجاه إيران، والتي «تقوم بتضليل العالم من خلال الابتسام لهم في الاجتماعات بينما تصدّر الإرهاب من تحت الطاولة».
أما رئيس الأركان الإسرائيلي، بيني جانتز، فتعهد بمواصلة تنفيذ عمليات في الشمال والجنوب لوقف عمليات تهريب الأسلحة مهما كان مصدرها ووجهتها. وكشفت واشنطن عن تعاون بينها وبين إسرائيل في ضبط السفينة، وقال الناطق باسم البيت الأبيض، جاي كارني، إن ضبط سفينة الأسلحة الإيرانية جرى بالتعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة وبالتنسيق بين الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية. وقالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية إن البنتاغون كان يراقب السفينة أولا بأول، وتلقى تعليمات من البيت الأبيض بالتعاون مع إسرائيل.



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.