منفذة هجوم كاليفورنيا ارتادت مدرسة دينية في باكستان

مدرسة «الهدى» ترتادها نساء من الطبقة المتوسطة.. ولها فروع في أميركا والهند وبريطانيا

تاشفين مالك منفذة هجوم اليفورنيا («الشرق الأوسط»)
تاشفين مالك منفذة هجوم اليفورنيا («الشرق الأوسط»)
TT

منفذة هجوم كاليفورنيا ارتادت مدرسة دينية في باكستان

تاشفين مالك منفذة هجوم اليفورنيا («الشرق الأوسط»)
تاشفين مالك منفذة هجوم اليفورنيا («الشرق الأوسط»)

تابعت تاشفين مالك تعليمها في واحدة من أشهر المدارس الدينية في باكستان، بحسب ما ذكرت المؤسسة أمس. وقال عمران أمير، أحد كوادر المدرسة، لوكالة الصحافة الفرنسية إن تاشفين سجلت في 2013 في مدرسة «الهدى» بمدينة ملتان، وهي مؤسسة ترتادها نساء من الطبقة المتوسطة يرغبن في التعمق في دراسة الإسلام. ولمعهد «الهدى» الباكستاني الخاص بالإناث فروع في الولايات المتحدة والإمارات والهند وبريطانيا. وهو بصدد بناء مقر له في كندا. ولا يعرف عنه أن له صلات بأي تنظيم متطرف.
وتوج مسار تاشفين بمبايعتها تنظيم «داعش» عبر مواقع التواصل الاجتماعي قبل وقت قصير من الهجوم المسلح في سان برناردينو في كاليفونيا.
وقالت المتحدثة باسم معهد «الهدى» في كراتشي، فروخ سليم، لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحاول معرفة ما إذا كانت تاشفين درست في الهدى بصفتها طالبة منتظمة أم طالبة حرة». وأضافت: «لا الحكومة ولا الأجهزة القضائية اتهمتنا بنشر التطرف. ونحن على العكس ندرس التعاليم السمحة للإسلام».
وقالت معلمة في المدرسة قدمت نفسها باسم «مقدس»، إن تاشفين «درست مواد لمدة عامين، لكنها لم تستكملها»، مضيفة: «كانت فتاة جيدة. لا أعرف لماذا غادرت ولا ما حدث لها». وذكرت طالبات كن زميلات لتاشفين بجامعة بهاء الدين زكريا في ملتان إن هذه الأخيرة تابعت دروسا مسائية في معهد «الهدى» بالتوازي مع دراستها الصيدلة بين 2007 و2012.
ويتميز معهد «الهدى» الذي تأسس في 1994 عن المؤسسات التربوية المماثلة التي يرتادها آلاف الطلاب سنويا في باكستان، بتوجهه إلى الطبقات المؤثرة مثل المتوسطة والميسورة.
وبحسب رفيقتين سابقتين في الجامعة، فإن تاشفين كانت تتابع دروس معهد «الهدى» بعد دروس الجامعة، و«تغيرت كثيرا» خلال تلك الفترة. وقالت طالبة سابقة طلبت عدم كشف هويتها: «شيئا فشيئا أصبحت أكثر جدية وتشددا».
وقال الخبير في «معهد الشرق الأوسط» بواشنطن، عريف رفيق:إن «ارتيادها هذه المؤسسة يؤشر إلى أنها اعتنقت قراءة أكثر حداثة للإسلام لكن أكثر تزمتا». وأضاف: «قد يكون ذلك جعلها أكثر حساسية لآيديولوجيا مجموعة إرهابية عابرة للحدود مثل تنظيم داعش»، مشيرا إلى أنه من النادر أن تتحول طالبات معهد «الهدى» إلى متطرفات مسلحات. واعتبر أن «مجرد ارتياد معهد (الهدى) لا يجيب عن سؤال كيف تحولت من مسلمة محافظة إلى متطرفة».
وتعهدت سلطات باكستان بالتصدي للمشكلات التي تطرحها المدارس الدينية التي يشتبه في نشرها عدم التسامح وحتى في تحولها إلى تربة خصبة للتطرف الديني.
لكن جهود الحكومة لاستعادة السيطرة على هذه المدارس أثارت غضب رجال دين يتهمون السلطات بالافتراء على الزعامات الإسلامية بهدف الترويج «لوجهة نظر معادية للإسلام»، بحسب رأيهم.



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».